بوتين يرفض لقاء إردوغان وموسكو تشدد عقوباتها ضد تركيا

موسكو تتجه نحو التصعيد وأوغلو يرد بالمثل

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يصافح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبل انطلاق الجلسة الافتتاحية في باريس أمس (إ. ب. أ)، الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ونظيره التركي رجب طيب إردوغان 
خلال لقاء ثنائي على هامش المؤتمر (إ. ب. أ)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يصافح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبل انطلاق الجلسة الافتتاحية في باريس أمس (إ. ب. أ)، الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ونظيره التركي رجب طيب إردوغان خلال لقاء ثنائي على هامش المؤتمر (إ. ب. أ)
TT

بوتين يرفض لقاء إردوغان وموسكو تشدد عقوباتها ضد تركيا

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يصافح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبل انطلاق الجلسة الافتتاحية في باريس أمس (إ. ب. أ)، الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ونظيره التركي رجب طيب إردوغان 
خلال لقاء ثنائي على هامش المؤتمر (إ. ب. أ)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يصافح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبل انطلاق الجلسة الافتتاحية في باريس أمس (إ. ب. أ)، الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ونظيره التركي رجب طيب إردوغان خلال لقاء ثنائي على هامش المؤتمر (إ. ب. أ)

أكدت مصادر الكرملين، أمس، رفض الرئيس فلاديمير بوتين الاستجابة لطلب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لقاءه في باريس على هامش قمة التغيرات المناخية.
وقال الناطق الرسمي باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، إن جدول أعمال الرئيس بوتين لا يتضمن أي لقاء من هذا النوع، ولا توجد أي اتصالات بين الجانبين.
وكانت الحكومة الروسية كشفت أمس عن تفاصيل العقوبات التي فرضتها روسيا ضد تركيا في مختلف المجالات، ومنها الاقتصادية وما يتعلق بالمنتجات الغذائية والزراعية، وكذلك ما يتعلق بحظر السياحة إلى تركيا، بعد وقف الاتصالات على الصعيد العسكري. ولفت رئيس الحكومة الروسية، ديمتري ميدفيديف، إلى احتمال النظر في توسيع قائمة العقوبات على أن تشمل المزيد من قيود التعامل مع الصادرات التركية من المواد الغذائية والمنتجات الزراعية. وشدّد على ضرورة تقديم إيضاحات حول قرارات الحكومة الروسية إلى رجال الأعمال وخاصة رجال الأعمال الأتراك الذين يعملون في روسيا، مشيرا إلى أنهم غير مذنبين، ووجدوا أنفسهم «رهينة بيد القيادة التركية». كما أعرب ميدفيديف عن دهشته إزاء مواقف القيادة التركية التي «تأمل في أن تتراجع روسيا عن محاسبة تركيا وترفض في الوقت نفسه تقديم اعتذار».
وكان رئيس الحكومة الروسية سبق وأدان ما وصفه بالأعمال الإجرامية للسلطات التركية التي أسقطت الطائرة الروسية. وقال إن هذه الأعمال أسفرت عن جملة من العواقب، ومنها إثارة التوتر في علاقات الناتو مع روسيا، إلى جانب أنها كشفت عن العلاقات التي تربط تركيا بالتنظيمات الإرهابية ومنها «داعش»، فضلا عن تسببها في تدمير العلاقات الروسية - التركية، التي قال الرئيس فلاديمير بوتين إنها كانت تسير في خط صاعد ووصفها بالعلاقات الودية بين البلدين التي كادت ترقى إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية. ومن اللافت أن رجال الأعمال الأتراك في موسكو الذين يبدون أكثر المتضررين من القرارات والقيود التي فرضتها روسيا على التجارة والعلاقات مع تركيا، أصدروا بيانا بعثوا بصورة منه إلى الكرملين، أكدوا فيه تضررهم من هذه القرارات، وأعربوا عن أسفهم تجاه حادث إسقاط الطائرة الروسية الأسبوع الماضي.
من جهتها، أعلنت الهيئة الفيدرالية الروسية لشؤون التعاون العسكري التقني أنها تتوجه إلى تجميد مختلف مشاريع التعاون العسكري التقني مع تركيا. ونقلت وكالة أنباء «نوفوستي» عن مصادر الهيئة تصريحاتها حول أن روسيا وتركيا كانتا تتعاونان في الكثير من المجالات العسكرية رغم كون تركيا عضوا في حلف الناتو. وأشارت المصادر إلى ما بلغته العلاقات الثنائية من مستوى متطور خلال السنوات الأخيرة في مجال بناء عدد من المشروعات الدفاعية، إلى جانب ما وصفته بالنظام الصاروخي المشترك لإنتاج الصواريخ القصيرة المدى من طراز «ايغلا - إس»، وهي عبارة عن «مجمع صاروخي روسي، على منصة تركية في الأصل». ونقلت «نوفوستي» بعضا مما جاء في تقرير معهد أبحاث السلام الدولي في ستوكهولم الذي أشار إلى أن روسيا قامت منذ عام 1992 بتوريد أسلحة إلى تركيا، منها 174 مدرعة عسكرية من طراز «بي تي آر 80»، و23 مدرعة عسكرية مطورة من طراز «بي تي آر 60 بي»، و19 مروحية من طراز «مي 17». وفي عام 2008. مُنحت تركيا عقدًا لتوريد 80 قاذفة صواريخ مضادة للدبابات، و800 منظومة من منظومات صواريخ «كورنيت». كما نصَّ العقد الموقع حينها، على توريد 720 قذيفة من قذائف المدفعية والدبابات، في حال تمَّ طلبها من قبل الجانب التركي.
وحرصت القيادة التركية خلال الأيام القليلة الماضية على تأكيد أسفها تجاه حادث إسقاط الطائرة الروسية، وإعراب الرئيس رجب طيب إردوغان في أكثر من مناسبة عن أنه حاول الاتصال هاتفيا بالرئيس بوتين إلا أنه يرفض الرد عليه، ما جعله يطلب عن طريق الخارجية الروسية إعداد لقاء يجمعهما على هامش قمة التغيرات المناخية في باريس. في المقابل، أبدت موسكو تحفظا شديدا على كل مثل هذه المحاولات والطلبات إلى أن صدر رسميا إعلان الكرملين حول رفض بوتين اللقاء مع إردوغان. ولعل مثل هذا الإعلان من جانب الكرملين، هو ما دفع أحمد داود أوغلو رئيس الوزراء التركي إلى التصعيد بقوله إن أنقرة لن تعتذر لموسكو عن حادثة إسقاط قاذفة (سو – 24) الروسية، وإن أكد استعداد بلاده للمفاوضات.
بهذا الصدد، قال أوغلو في مؤتمر صحافي مشترك عقده أمس مع أمين عام حلف الناتو، يانس ستولتنبرغ، في بروكسل، إن «تركيا لا تنوي التصعيد، لكننا منفتحون على التفاوض على جميع المستويات». ونقلت وكالة أنباء «سبوتنيك» عن أوغلو تصريحه أنه «لا يجوز لأي دولة أن تطلب منا الاعتذار»، وقوله إن الجيش التركي من واجبه الوطني حماية الحدود التركية، إلى جانب تحذيراته من احتمالات تكرار مثل ذلك الحادث: «طالما واصلت روسيا والتحالف الدولي بقيادة واشنطن العمل بشكل منفصل لمحاربة الإرهاب في سوريا»، على حد تعبيره.
ومن اللافت في هذا الصدد أن موسكو تبدو اليوم أكثر إصرارا من ذي قبل على المضي بعيدا على طريق معاقبة تركيا، بعد فترة هدوء دامت قرابة أربعة أيام بعد وقوع الحادث اكتفت خلالها بالإدانة اللفظية، ما كان يعني أنها أبقت الباب مفتوحا أمام اعتذار القيادة التركية والذي لم يصدر رسميا حتى اليوم. وقد بدأت الصحافة وأجهزة الإعلام الروسية في فتح ملفات الفساد والعلاقات التي قالت مصادر كثيرة، ومنها على مستوى الكرملين، بتورط عائلة الرئيس التركي إردوغان في علاقات مشبوهة مع تنظيم داعش. وأشارت بالاسم إلى كل من بلال، ابن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، وصهره الذي جرى تعيينه وزيرا للطاقة في الحكومة التركية الجديدة.
وكان الرئيس بوتين أول من فتح هذه الملفات، حتى قبل حادث إسقاط الطائرة الروسية فوق الأراضي السورية، حين أشار في معرض حديثه في قمة العشرين في أنطاليا إلى وجود بلدان تتعاون وتدعم التنظيمات الإرهابية، ومنها دول مشاركة في قمة أنطاليا، مشيرا إلى قوافل نقل النفط من الأراضي السورية إلى داخل الأراضي التركية. وقال إن الأقمار الصناعية الروسية رصدتها وصورتها. وعاد وأشار إلى جرائم التعاون مع «داعش» خلال المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقده مع نظيره الفرنسي، فرنسوا هولاند، في الكرملين يوم الخميس الماضي.
وتتوقع المصادر الروسية صدور عقوبات جديدة ضد تركيا خلال الأيام القليلة القادمة، والتي قد تشمل وقف خطوط الطيران الدورية إلى تركيا، بعد وقف الطيران العارض وحظر السياحة الروسية إلى المقاصد السياحية والمنتجعات التركية.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».