«الساعات الأخيرة» من المفاوضات مع «النصرة» لم تنته

أهالي الجنود اللبنانيين المخطوفين فرحوا ثم حزنوا ثم ترقبوا ِ

«الساعات الأخيرة» من المفاوضات مع «النصرة» لم تنته
TT

«الساعات الأخيرة» من المفاوضات مع «النصرة» لم تنته

«الساعات الأخيرة» من المفاوضات مع «النصرة» لم تنته

عاش لبنان أمس، وقبل أمس، ساعات من الانتظار والتوتر في انتظار إنهاء تفاصيل صفقة تبادل العسكريين اللبنانيين المخطوفين من قبل جبهة النصرة في جرود بلدة عرسال الحدودية اللبنانية مع سوريا، الذين تحتجز الجبهة 16 منهم (من أصل 18 كانوا لديها وأعدمت اثنين منهم)، بينما يحتجز «داعش» 9 منهم (من أصل 11 كانوا لديه وأعدم اثنين منهم).
وعلى الرغم من أن الأمن العام اللبناني الذي يتولى المفاوضات حاول تجنب الإدلاء بتفاصيل محددة للمفاوضات، فإن كل الأجواء أشارت إلى قرب حصول الصفقة مع «النصرة» بينما لا يزال مصير الموقوفين لدى «داعش» مجهولا بعد أن انقطعت الاتصالات بهم منذ فترة طويلة، وعاش أهالي المختطفين تقلبا في المشاعر، حيث كانت وسائل الإعلام تبث لهم صورا وهم يضحكون ويغنون، ثم صورا أخرى وهم يبكون مقتربين من الانهيار.
قصة المفاوضات يرويها مصدر مطلع على تفاصيلها لـ«الشرق الأوسط»، فيشير إلى أن القصة بدأت منذ أسبوعين تقريبا، مع توقيف الأمن اللبناني لامرأة يعتقد أنها شقيقة أمير جبهة النصرة في القلمون السورية أبو مالك التلي الذي يتخذ من جرود بلدة عرسال اللبنانية مقرا له. تسارعت الأحداث بعدها، ليصل إلى بيروت الأسبوع الماضي موفد قطري، التقى عددا من المسؤولين اللبنانيين، وفي مقدمهم المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، الذي زار تركيا وعقد اجتماعات مع عدد من مسؤولي الاستخبارات فيها.
انتقل الموفد القطري إلى عرسال بحماية أمنية لبنانية، ومن هناك أرسل أحد مساعديه، وهو سوري، إلى الجرود للقاء أمير «النصرة»، الذي أبدى استعدادا لإجراء عملية التبادل، مشترطا إطلاق عدد من الموقوفين من الجبهة، وعدد من المحكومين، ومن بينهم نعيم عباس الذي يحاكم بتهمة زرع سيارات مفخخة في ضاحية بيروت الجنوبية وتجنيد انتحاريين فجروا أنفسهم بحواجز للجيش اللبناني. كما طلب إطلاق كل الموقوفات من النساء، بالإضافة إلى أسماء لموقوفين من السجون السورية.
أتى الرد اللبناني بأن ثمة عراقيل قانونية تقف حائلا دون إطلاق محكومين، صدرت بحقهم أحكام قضائية، وأن هذا يتطلب صدور عفو خاص يصدره رئيس الجمهورية (غير الموجود) أو مجلس النواب (غير القادر على الاجتماع). كما أبلغ المفاوض اللبناني أن ثمة شخصيات محورية لا يمكن إطلاقها لتورطها في قضايا خطيرة كنعيم عباس وموقوفين آخرين.
وقالت المصادر إن الرأي استقر أخيرا على إطلاق 15 شخصا من غير المحكومين، وإطلاق عدد من السيدات السوريات واللبنانية جمانة حميد التي كانت تقود سيارة مفخخة وكشف أمرها باعترافات نعيم عباس. ومن بين السوريات طرح اسم سجى الدليمي طليقة زعيم تنظيم داعش، أبو بكر البغدادي، التي كان لافتا إصرار «النصرة» على تسلمها، خصوصا أنها أطلقت أول مرة من السجون السورية من ضمن صفقة تبادل في عام 2014 لإطلاق سراح راهبات معلولا الذين اختطفتهم جبهة النصرة. حينها طرح اسم الدليمي في اللحظات الأخيرة، وقال أحد المفاوضين من «النصرة» إن الإفراج عنها شرط أساسي وإن الجبهة مستعدة لوقف التبادل إذا لم يفرج عنها. وعلى الرغم من أن الدليمي هي زوجة سابقة للبغدادي، فإن مصادر لبنانية تؤكد أن لديها علاقة قربى مع أحد مسؤولي «النصرة»، وأن شقيقيها قد يكونا من أعضاء التنظيم.
ومع تسريب خبر الصفقة من قبل قناة «الميادين» المقربة من حزب الله والنظام السوري، تعرضت هذه الصفقة لاهتزاز كبير، أدى بالمفاوضين من «النصرة» إلى طرح عدد آخر من المطالب التي اعتبرتها السلطات اللبنانية تعجيزية. فـ«النصرة» اشترطت نقل المساعدات التي تم الاتفاق عليها للنازحين السوريين في المخيمات خارج عرسال وعددهم نحو 15 ألف نسمة بشاحنات إلى مناطق نفوذها، وهو ما رفضه الجيش اللبناني بشكل قاطع، كما اشترطت أن ينفذ الجانب اللبناني أولا عملية إطلاق الموقوفين، ونقل عدد من الجرحى إلى تركيا عبر مطار بيروت، وأضافت 6 أسماء جديدة، بينها اسم نعيم عباس مجددا. عندها قرر المفاوض اللبناني التراجع، فتمت إعادة شاحنات المساعدات التي كانت قد وصلت إلى عرسال، إلى بيروت. كم تم نقل الموقوفين مجددا إلى نظارات الأمن العام.
وتحرك الملف مجددا أمس مع إبلاغ المندوب السوري المنتدب من المفاوض القطري أن جبهة النصرة قد تتراجع عن بعض مطالبها، في ما بدا أن لبنان سيتراجع في المقابل عن شرط عدم نقل المساعدات إلى مناطق نفوذ «النصرة». وقد حاول اللواء إبراهيم تذليل هذه العقبة في اجتماع مطول عقده مع قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي، من دون أن يصدر أي تعقيب رسمي من قبلهما، وتحدثت معلومات صحافية عن «اجتماعات حاسمة» بين المفاوضين حول ملف العسكريين المخطوفين، وعن «أجواء إيجابية» تحيط بها.
وبدا واضحا أن الجانب اللبناني يحاول تجنب التأثيرات الإعلامية على الصفقة، من خلال التكتم الشديد الذي أحاطه بالصفقة، بل إن الأمن العام اللبناني لفت في بيان إلى أن «بعض وسائل الإعلام لا تزال حتى الآن تتداول معلومات مغلوطة تتعلق بمسار التفاوض في ملف العسكريين المخطوفين»، داعيا وسائل الإعلام إلى «عدم نشر أية معلومات تتعلق بهذه العملية، والانتظار حتى إتمامها ليتم الإعلان عنها بشكل رسمي من قبل المعنيين».
من جهتها، أوردت صفحات لمقربين من جبهة النصرة أن «المفاوضات بشأن الأسرى العسكريين لدينا لا تزال في مرحلة الترتيب لوضع آلية جادة لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه وغير ذلك نعتبره مراوغة».
وأصر رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام الذي ألغى مشاركته في قمة المناخ، لمتابعة الصفقة، على إضفاء أجواء إيجابية. ونقل عنه مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي الذي التقاه في السراي الحكومي في بيروت «تفاؤله الشديد». وقال ولايتي بعد اللقاء: «بشرناه بأن إطلاق سراح هؤلاء العسكريين قريب، ويحدونا الأمل بأن يتم هذه الليلة (ليل الاثنين)».



مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

أعلنت وزارة الخارجية المصرية، السبت، أن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة ستشهد إطلاق حركة «حماس» سراح 33 محتجزاً إسرائيلياً مقابل 1890 فلسطينياً.

وعبرت الوزارة، في بيان، عن أملها في أن يكون الاتفاق البداية لمسار يتطلب تكاتف الجهود الإقليمية والدولية لتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني.

ودعت مصر المجتمع الدولي، خاصة الولايات المتحدة، لدعم وتثبيت الاتفاق والوقف الدائم لإطلاق النار، كما حثت المجتمع الدولي على تقديم كافة المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني، ووضع خطة عاجلة لإعادة إعمار غزة.

وشدد البيان على «أهمية الإسراع بوضع خارطة طريق لإعادة بناء الثقة بين الجانبين، تمهيداً لعودتهما لطاولة المفاوضات، وتسوية القضية الفلسطينية، في إطار حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس».

وأشارت الخارجية المصرية إلى التزامها بالتنسيق مع الشركاء: قطر والولايات المتحدة، للعمل على التنفيذ الكامل لبنود اتفاق وقف إطلاق النار من خلال غرفة العمليات المشتركة، ومقرها مصر؛ لمتابعة تبادل المحتجزين والأسرى، ودخول المساعدات الإنسانية وحركة الأفراد بعد استئناف العمل في معبر رفح.

وكانت قطر التي أدت مع مصر والولايات المتحدة وساطة في التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، أعلنت أن 33 رهينة محتجزين في غزة سيتم الإفراج عنهم في إطار المرحلة الأولى من الاتفاق.

وكانت وزارة العدل الإسرائيلية أعلنت أن 737 معتقلا فلسطينيا سيُطلق سراحهم، إنما ليس قبل الساعة 14,00 ت غ من يوم الأحد.

ووقف إطلاق النار المفترض أن يبدأ سريانه الأحد هو الثاني فقط خلال 15 شهرا من الحرب في قطاع غزة. وقُتل أكثر من 46899 فلسطينيا، معظمهم مدنيون من النساء والأطفال، في الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة، وفق بيانات صادرة عن وزارة الصحة التي تديرها حماس وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقا بها.

وأعربت الخارجية المصرية في البيان عن «شكرها لدولة قطر على تعاونها المثمر»، كما ثمّنت «الدور المحوري الذي لعبته الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لإنهاء الأزمة إلى جانب الرئيس الأميركي جو بايدن».