مناهضة عمليات الإجهاض وراء اعتداء كولورادو الدامي

منفّذ الهجوم خمسيني يعارض «قتل الأجنّة»

مناهضة عمليات الإجهاض وراء اعتداء كولورادو الدامي
TT

مناهضة عمليات الإجهاض وراء اعتداء كولورادو الدامي

مناهضة عمليات الإجهاض وراء اعتداء كولورادو الدامي

عبر المشتبه به في عملية إطلاق النار داخل عيادة لتنظيم الأسرة في ولاية كولورادو بعد اعتقاله في أعقاب هجوم استمر خمس ساعات قبل أيام، عن معارضته الشديدة للإجهاض، قائلا: «لن تقتل الأجنة بعد الآن».
وبدأت التفاصيل بالظهور أول من أمس، بعدما قتل ثلاثة أشخاص بينهم شرطي، وأصيب تسعة آخرون ، حين قام روبرت لويس دير (57 عاما) بمهاجمة عيادة لتنظيم الأسرة، حاملا بندقية عسكرية، وبدأ بإطلاق النار على الشرطة والمدنيين، من دون أن يعرف ما إذا كان ذلك مرتبطا بمناهضة الإجهاض.
وتقوم هذه العيادة بعمليات الإجهاض، وهي قضية بالغة الحساسية وتثير انقساما في الولايات المتحدة. وقالت قناة «إن بي سي نيوز»، نقلا عن مسؤولين قضائيين، إن دير قال خلال استجوابه: «لا أجنة مجزأة بعد الآن»، في إشارة إلى عيادة تنظيم الأسرة. وكانت الهيئة المسؤولة عن هذه العيادات مدار جدل في الولايات المتحدة في الفترة الأخيرة، إثر بث تسجيلات فيديو تدعو للاعتقاد أنها متورطة في عمليات بيع خلايا جنينية، لكنها نفت الاتهامات. لكن دير ذكر أيضا الرئيس الأميركي، باراك أوباما، فقالت مصادر إنه ما زال غير واضح إذا ما كان هاجم دير العيادة بسبب عمليات الاجهاض. ورغم ذلك، قالت المتحدثة باسم الهيئة، روكي ماونتن فيكي كوارت، إن الصلة واضحة. وأضافت أن «الشهادات تؤكد أن دير قام بذلك، بدافع معارضته لعملية الإجهاض الآمنة والقانونية». وتابعت كوارت قائلة إن «هذا عمل عنفي يستهدف الرعاية الصحية وترويع المهنيين المختصين في مجال الصحة».
من جانبه، ندد أوباما بالحادثة، قائلا: «لقد طفح الكيل». وقال أوباما في بيان: «علينا القيام بشيء حيال سهولة وصول الأسلحة الحربية في شوارعنا إلى الأشخاص الخطأ، لقد طفح الكيل». وفي الولايات المتحدة، تعتبر عيادات تنظيم الأسرة المراكز الرئيسية التي تعنى بتقديم الرعاية الصحية للنساء في مجال الفحوص الوقائية ووسائل منع الحمل، إضافة إلى إجرائها عمليات إجهاض طوعية. ولهذه الأسباب غالبا ما تكون هذه العيادات هدفا لتظاهرات أو حتى لهجمات يشنها معارضو الإجهاض في الولايات المتحدة. إلى ذلك، حاول مجلس النواب الأميركي، الذي يهيمن عليه الجمهوريون، مرارا خلال التصويت على الموازنة قطع التمويل الحكومي عن هذه الهيئة.
واستمر تبادل إطلاق النار بين المسلح والشرطة ساعات عدة، وقد بثت قنوات التلفزيون الأميركية مشاهد لأشخاص يتم إجلاؤهم على عجل تحت الثلج وسط برد قارس من دون أن يكونوا مرتدين معاطف وبعضهم يبكي. وطيلة الساعات الخمس التي استغرقها الحادث، فرضت قوات الأمن طوقا أمنيا في محيط العيادة، وأمرت أصحاب المتاجر القريبة بإغلاق أبوابهم وملازمة متاجرهم مع زبائنهم. ولم يكن بإمكان الشرطة ولا السلطات المسؤولة عن مراكز تنظيم الأسرة تأكيد ما إذا كان المركز الصحي هو المستهدف بهذا الهجوم.
وقال جون ساذرز، رئيس بلدية كولورادو سبرينغز حيث وقع الحادث: «أريد أن أقول لأقرباء الضحايا إن ما حدث مأساة مروعة في كولورادو سبرينغز»، ثاني مدن الولاية. وأضاف «فقدنا مدنيين اثنين، ونبكي خسارة شرطي شجاع جدا». من جهتها، أفادت جامعة كولورادو سبرينغز في بيان أن الشرطي القتيل، يدعى غاريث سواسي، ويبلغ 44 عاما. وهو يتولى عادة حماية حرم الجامعة، واستدعي الجمعة الماضي في إطار تعزيزات الشرطة البلدية. وصرحت الناطقة باسم الشرطة كاترين باكلي أن تسعة أشخاص بينهم خمسة شرطيين أدخلوا إلى المستشفى، موضحة أن «حالتهم الصحية جيدة في الوقت الحالي». واعترفت السلطات بأنها لا تعرف دوافع المهاجم. وعرضت وسائل الإعلام لقطات أخذت من الخلف لرجل ضخم الجثة يقوم الشرطيون بتوثيقه ويرتدي قميصا أبيض وسروالا عسكريا.
وفي إطار الجدل الحاد الذي يثيره نشاط هذه العيادات، بدأ الناشط في مجال مكافحة الإجهاض، ديفيد داليدين، بنشر سلسلة من أشرطة فيديو مسجلة سرا، تظهر عمال العيادة يناقشون بيع خلايا جنينية وتغيير قواعد لترك بعض أجزاء الجنين المجهض بحالة سليمة، في يوليو (تموز) الماضي. وتصر عيادة تنظيم الأسرة على أنه تم التلاعب بالفيديو، وحذرت من أن هذه الأشرطة تشجع على أعمال العنف.
وأشار النواب المناهضون للإجهاض إلى الفيديو كدليل على وجوب إغلاق عيادة تنظيم الأسرة، لكنهم فشلوا في محاولة قطع التمويل عنها في سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول). وسعى داليدين، أول من أمس، من خلال مجموعته «مركز التقدم الطبي»، إلى أن ينأى بنفسه عن عملية إطلاق النار. وقالت المجموعة إنها «تدين المجزرة الوحشية في ولاية كولورادو سبرينغز التي ارتكبها رجل مجنون».



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.