يستهل المخرج الإسرائيلي عاموس جيتاي فيلمه الجديد بالرصاصات الثلاث التي أطلقت على رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحاق رابين. وكان العرض الرسمي الأول للفيلم الذي يحمل عنوان «رابين اليوم الأخير» مطلع الشهر الجاري في الذكرى الـ20 لاغتيال رئيس الوزراء الراحل.
وقال جيتاي مخاطبا الجمهور عند العرض الأول الفيلم «قتل رابين في هذا الوقت تقريبا، قبل 20 عاما بالضبط، وليس بعيدا من هنا»، وطلب منهم الوقوف دقيقة حداد. وفي نحو الساعة التاسعة والنصف من مساء الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1995 في وسط تل أبيب، هاجم إيجال عامير الإسرائيلي اليميني المتطرف والمعارض للتحرك السلمي مع الفلسطينيين، رابين. بعد لحظات من انتهاء مسيرة تدعو إلى السلام الشامل. ونزل رابين على درج مبنى بلدية تل أبيب، وكان على وشك ركوب سيارته. وتم نقله على الفور إلى المستشفى، حيث لفظ أنفاسه الأخيرة بعد نحو 90 دقيقة من إصابته.ويقول جيتاي إنه قدم الفيلم الآن لأنه بعد مرور عقدين من الزمن، يشعر بالقلق إزاء حالة الدولة التي يحبها كثيرا. ويتابع: «هناك شعور بعدم وجود هدف. هناك شعور أن السياسة تتحكم بها شخصيات، تقرأ استطلاعات الرأي العام في الصباح، ولكن ليس لديها أي أفق»، مشيرا بصورة واضحة إلى رئيس الوزراء المتشدد بنيامين نتنياهو. وقال جيتاي لوكالة الأنباء الألمانية إن «هذا الفيلم لم يكن بالنسبة لي مجرد عمل لمخرج ولكن أيضا باعتباري مواطنا إسرائيليا، مهموما بالاتجاه الذي تسلكه البلاد».
هل ماتت عملية السلام؟ ويضيف «لا أريد أن أقول إنها ماتت، إلا أنها بالتأكيد في وضع سيئ للغاية». ويقول جيتاي إن الشعور بعواقب الرصاصات الثلاث لا يزال قائما حتى يومنا هذا. لم يتم التوقيع على اتفاق السلام النهائي الذي كان يجب أن يتم التفاوض بشأنه في غضون خمس سنوات بعد اتفاقات أوسلو المؤقتة عام 1993. وأجاب جيتاي بشكل واضح عما إذا كان عمير، الذي يقضي حكما بالسجن مدى الحياة إلا أنه تزوج في السجن وأنجب ولدا، حقق هدفه، قائلا: «نعم، حقق هدفه». بعد عشرين عاما، وبعد الكثير من جولات من العنف والجمود ومحاولات فاشلة لاستئناف المفاوضات، أصيب الناخبون الإسرائيليون بخيبة أمل عميقة منعملية السلام وتحولوا على نحو حاد إلى اليمين. والسؤال الذي يتردد على ألسنة الكثيرين في الآونة الأخيرة هو: «ماذا كان يمكن أن يحدث إذا نجا رابين؟» ويقول الرئيس الإسرائيلي الأسبق شيمعون بيريس في الفيلم إنه مقتنع أن منطقة الشرق الأوسط كانت ستكون أكثر استقرارا. ويظهر الفيلم، الوثائقي الذي يتناول سيرة ذاتية، لقطات حقيقية من حادثة القتل نفسها، فضلا عن إعادة تمثيل الحادث حيث جسد ممثل دور عامير خلالالتحضير لعملية إطلاق النار واعترافه أمام السلطات في وقت لاحق،
بالإضافة إلى شهادات فعلية من قبل وزير الخارجية آنذاك شيمعون بيريس وليا، زوجة رابين الراحلة. الأهم من ذلك كله، أن الفيلم أظهر شعورا من الكراهية والتحريض ضد رابين داخل الأوساط اليمينية، وخاصة في أوساط المستوطنين المتطرفين الذين وصفوه بـ«الخائن» و«القاتل» لحديثه واتفاقه لتسليم الأرض إلى الزعيم الفلسطيني وعدوهم اللدود ياسر عرفات.
ويظهر مشهد في الفيلم قيام حاخام متطرف وأتباعه بأداء طقوس مثيرة للجدل تحمل اسم «بولسا دينورا» صبوا خلالها اللعنات على رابين، ودعوا إلى قتله.
وتم التطرق أيضا إلى دور نتنياهو الخطير، حيث تحدث زعيم المعارضة حينها في مسيرة معادية لعملية السلام، حيث حمل المتظاهرون تابوتا يحمل اسم رابين، بالإضافة إلى لافتات لرابين وهو يرتدي زي ضابط من فرق إس إس النازية.
وقال جيتاي إن الجماعات الفلسطينية المتشددة تتحمل أيضا اللوم. فقدتسببت الهجمات الانتحارية الدموية التي كانوا يقومون بها خلال ذروة
عملية السلام في نزع الشرعية من تحركات رابين للسلام بين الكثير منالإسرائيليين.
كل ذلك هو الشعور العام الذي مهد الطريق إلى عملية الاغتيال. وقال جيتاي إن الكثير من القادة الحاليين، وليس فقط في إسرائيل بل أيضافي أماكن أخرى، يلجأون إلى «استخدام الخطب المثيرة» لكسب الأصوات. وخلص إلى أن إسرائيل حتى يومنا هذا تفتقر إلى زعيم مثل رابين قوي وشجاع بما فيه الكفاية لتشكيل، بدلا من اتباع، الرأي العام.
«رابين.. اليوم الأخير» جديد الإسرائيلي عاموس جيتاي
يقول المخرج إن 3 رصاصات غيرت مسار الأحداث في الشرق الأوسط
«رابين.. اليوم الأخير» جديد الإسرائيلي عاموس جيتاي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة