لبنان: «8 آذار» ينتظر ترشيح فرنجية «الرسمي» للرئاسة.. وحركة مشاورات على خط الأحزاب المسيحية

لقاء جمعه بالسفير الأميركي.. ونائب عوني: مفتاحها يجب أن يمر بالرابية وحزب الله

الوزير سليمان فرنجية (غيتي)
الوزير سليمان فرنجية (غيتي)
TT

لبنان: «8 آذار» ينتظر ترشيح فرنجية «الرسمي» للرئاسة.. وحركة مشاورات على خط الأحزاب المسيحية

الوزير سليمان فرنجية (غيتي)
الوزير سليمان فرنجية (غيتي)

بانتظار أن يحمل ترشيح رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، لرئاسة الجمهورية صفة «الرسمي» من قبل فريق «14 آذار»، وتحديدا «تيار المستقبل»، بما يحمله من «ضمانات»، تدور اللقاءات والمشاورات ضمن مختلف الأفرقاء متخطية الاصطفافات السياسية، ولا سيما على خط الأحزاب المسيحية التي تبدو أنها «غير متحمسة» أو «حذرة» من ترشيح فرنجية، كل لأسبابه. ومن جهة ثانية، كان لافتا يوم أمس اللقاء الذي جمع القائم بأعمال السفارة الأميركية السفير ريتشارد جونز بفرنجية في مقر الأخير في بلدة زغرتا، بشمال لبنان.
وفي حين لم يصدر أي تصريح من جانب فرنجية أو الجانب الأميركي، رجحت معلومات لـ«وكالة الأنباء المركزية» أن يكون جونز استطلع الخطوط العريضة التي يمكن أن تحكم عهد فرنجية إذا ما انتخب رئيسا، وتمحور النقاش حول برنامج الأخير وأسلوب مقاربته للملفات البارزة المطروحة محليا. كذلك بحث جونز عن أجوبة حول قدرة الزعيم الزغرتاوي على التحول إلى رئيس جامع لكل اللبنانيين؛ إذ إن المطلوب اليوم - حسب المصادر - «رئيس توفيقي لا رئيس طرف».
في هذه الأثناء، بين من يرى أن أمام هذا الترشيح عقبات كثيرة تبدأ ضمن فريق فرنجية السياسي ولا تنتهي في الانقسام الحاصل تجاهه من قبل حلفاء «المستقبل»، يعتبر البعض الآخر أن كل الأمور تتوقف على ما ستضمنه «السلة المتكاملة» التي من المفترض أن يأتي على رأس بنودها قانون الانتخاب، وهو ما يؤكد عليه النائب وليد خوري من «تكتل التغيير والإصلاح» البرلماني الذي يرأسه النائب ميشال عون زعيم «التيار الوطني الحر».
خوري قال لـ«الشرق الأوسط»، في لقاء معه: «لغاية الآن ليس هناك أي شيء جدي، وترشيح فرنجية الذي تم من قبل رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، ورئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط، لا يزال (إعلاميا) بانتظار ما سيقدمه الفريق الآخر من طرح جدي و(سلة متكاملة) ليبنى عندها على الشيء مقتضاه»، واستدرك النائب العوني قائلا: «مع التأكيد أن عون لا يزال حتى الآن مرشحنا الثابت والرسمي والنهائي».
وفي حين يبدو واضحا أن هناك «امتعاضا» من قبل أوساط «التيار الوطني الحر» حيال ترشيح فرنجية المفاجئ، خصوصا أن الأخير حرص ويحرص على التأكيد على أنه وراء عون، أكد خوري أن لا خلافات في صفوف «8 آذار» والموقف في هذا الإطار سيكون موحدا، ومفتاح الرئاسة يجب أن يمر بالرابية (مقر عون) وحزب الله. ورجح خوري في الوقت عينه أن يكون القرار المسيحي واحدا أيضا في ظل اللقاءات والمباحثات الدورية التي تحصل بين الأفرقاء»، وكان آخرها الاجتماع الذي عقد يوم أمس، بين عون ووفد من حزب «الكتائب اللبنانية» في ظل استمرار التواصل الدائم بين «التيار الوطني الحر» و«حزب القوات اللبنانية». وأوضح النائب خوري أن «الامتعاض ليس من ترشيح فرنجية، الذي نعتبره حليفا أساسيا، إنما من النكد السياسي الذي تجلى في محطات عدة منها رفض عون للرئاسة».
على صعيد آخر، ذكر الوزير السابق سليم الصايغ، أحد قادة «الكتائب» بعد لقائه عون، بما سبق أن أعلنه رئيس الكتائب النائب سامي الجميل على «طاولة الحوار لجهة مواصفات الرئيس الذي يجب أن يكون قادرا على أن يحتكم إلى الدستور وأن يؤتمن على ثوابت الحرية والسيادة والاستقلال». وأوضح الصايغ: «تحدثنا في موضوع قانون الانتخاب واتفقنا على العمل سوية»، كاشفا: «إننا سنوسع حلقة المشاورات لكي نحصل على قانون انتخابي عادل يمثل اللبنانيين على أساس الشراكة الحقيقية».
ومن جهته، أشار النائب في «الكتائب» إيلي ماروني إلى أن «الإعلام يستعجل موضوع ترشيح فرنجية أكثر من الواقع لأن هناك عقبات كثيرة أمامه تبدأ ضمن الصف الواحد»، مضيفا: «لم نعلم بعد موقف حزب الله وعون من هذا الموضوع، إضافة إلى مواقف وأسئلة سياسية تتعلق الاصطفافات وبقناعات فرنجية تحتاج إلى توضيح وشرح وإقناع الآخرين بها».
وعلى خط حزب «القوات اللبنانية» الذي لم يعلن رسميا لغاية الآن عن موقفه من «التسوية المطروحة»، قال نائب رئيس الحزب النائب جورج عدوان، إن «القوات تتعاطى مع أي تسوية انطلاقا من مشروعها الذي هو نفسه مشروع «14 آذار» لجهة قيام الدولة وحصر سلاحها أم لا». وأوضح في حديث تلفزيوني: «ننتظر ما إذا كانت التسوية تتطابق مع مشروعنا، فإذا كانت كذلك سنكون طبعا من المؤيدين، وإذا لم تتطابق فسنرفضها».
وفي موقف تأكيد على جدية «تيار المستقبل» في «التسوية» وما يبدو أنه رد على المشككين بها، قال أمين عام «تيار المستقبل» أحمد الحريري: «عندما نتكلم عن أي توافق أو تسوية، نتكلم بكل شجاعة، بعيدا من أي شعبوية، لأن كل ما يهمنا مصلحة لبنان أولا ومصلحة كل اللبنانيين»، مضيفا: «واليوم الرئيس الحريري باعتداله وبحديثه الشجاع عن التسوية الوطنية الميثاقية، يعان ولا يدان، لأنه لم يعد هناك من خيار أمام اللبنانيين إلا الذهاب إلى تسوية شجاعة، تعطل مفاعيل التعطيل».
بدوره، رأى وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس أن التسوية الرئاسية وترشيح فرنجية من قبل الحريري «تعرضت لنوع من الانتكاسة، وأنها شكلت جسرا عمل البعض على محاولة كسره». وسأل الوزير رشيد درباس عن أهمية إطلالة الرئيس سعد الحريري للإعلان عن ترشيح فرنجية طالما أن لقاء الرجلين في باريس كان واضحا، كما تم طرح الموضوع في اجتماع لقوى 14 آذار الذين وضعوا في صورة الاجتماع الباريسي. وأشار درباس في حديث إذاعي، إلى أن الحريري «يحاول إقناع الأفرقاء، لا سيما وأن ما قام به لا يلقى تأييدا من قوى 14 آذار». ولفت إلى أنه كان من المنتظر بعد خطوة الحريري «الدعوة الفورية للتوجه إلى البرلمان لانتخاب رئيس، خاصة وأن اللحظات التي نعيشها هي الأكثر حرجا وحاجة لانتخاب رئيس للجمهورية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».