واشنطن تنفي تأثر حسابات مسؤولين بمحاولة اختراقات إيرانية إلكترونية

مسؤول بالخارجية الأميركية لـ («الشرق الأوسط»): رصدنا الهجمات وسنكشف المتورطين بها

واشنطن تنفي تأثر حسابات مسؤولين بمحاولة اختراقات إيرانية إلكترونية
TT

واشنطن تنفي تأثر حسابات مسؤولين بمحاولة اختراقات إيرانية إلكترونية

واشنطن تنفي تأثر حسابات مسؤولين بمحاولة اختراقات إيرانية إلكترونية

أشار مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية إلى «علم» الإدارة الأميركية بما تقوم به إيران من هجمات إلكترونية ضد المواقع الحكومية. وقال في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»: «نحن على علم بالتقارير حول الأنشطة المحتملة التي تقوم بها إيران، وليس لديّ تعليق محدد. أؤكد أنه لم يتم المساس بالحسابات الرسمية للمسؤولين، لكننا ندرك أن هناك جهات في إيران وفي أماكن أخرى تستخدم الأنشطة السيبرانية في محاولة للحصول على معلومات حول أهداف تهمها».
وأضاف المسؤول الأميركي: «إننا نأخذ كل هذه الأنشطة الخبيثة في الفضاء الإلكتروني على محمل الجد، وسوف نستمر في استخدام كل الأدوات التي نملكها لردع وكشف تلك الأنشطة ومكافحتها والحد منها».
وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» كشفت عن المحاولات الإيرانية للتجسس على الإدارة الأميركية، واختراق الشبكات الخاصة لبعض الوزارات المهمة والمواقع الحكومية. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين ومجموعات أمنية خاصة أن تلك المحاولات قد تزايدت وبلغت ذروتها خلال الشهر الماضي في سلسلة من الهجمات الإلكترونية الإيرانية ضد مسؤولي وزارة الخارجية الأميركية.
وقالت الصحيفة إن القراصنة الإيرانيين تمكنوا من تحديد هوية بعض المسؤولين في وزارة الخارجية الذين يعملون على الملف الإيراني وملف منطقة الشرق الأوسط، واختراق البريد الإلكتروني الخاص بهم وصفحاتهم على وسائل الاتصال الاجتماعي، وبالذات خدمة «فيسبوك». ونقلت الصحيفة عن مسؤول أميركي قوله إن «محاولات الاختراق الإيرانية صممت بعناية فائقة، وأظهرت فهما لطبيعة عمل الموظفين الذين يتولون الملف الإيراني وملفات الشرق الأوسط».
وأشار المسؤولون الأميركيون للصحيفة إلى أن بعض المتشددين في إيران يعتقدون أن شن الهجمات الإلكترونية للتجسس على الإدارة الأميركية يمكن أن يعطي لطهران قدرة على التأثير. في حين يتشكك الخبراء في مجال الأمن السيبراني في قدرات إيران ومهارات القراصنة الإيرانيين في اختراق المواقع وحسابات المسؤولين الأميركيين، وأشاروا إلى أن إيران لا تملك أسلحة سيبرانية متقدمة تمكنها من القيام باختراق وتجسس إلكتروني ذي مغزى.
ولم تكن صحيفة «نيويورك تايمز» هي الوحيدة التي أشارت إلى تلك المحاولات الإيرانية لاختراق المواقع الحكومية الأميركية، فقد نشرت صحيفة «وول ستريت جورنال» تحقيقا عن الأنشطة الإيرانية والقرصنة السيبرانية، ورصدت محاولات من الحرس الثوري الإيراني لاختراق وشن هجمات ضد البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية.
وقال الناطق باسم الخارجية الأميركية جون كيربي، في تعليقه على تلك التقارير: «إننا نأخذ قضية الأمن السيبراني بجدية، وندرك تعرض أنظمتنا لهجمات من جهات خبيثة في جميع أنحاء العالم، ونعاني من محاولات اختراق كل يوم، ونأخذ الأمر بجدية شديدة، ونتتبع عن كثب تلك المحاولات».
ورفض البيت الأبيض التعليق على تقارير الصحف الأميركية التي تحدثت عن تزايد المحاولات الإيرانية لاختراق وشن هجمات إلكترونية ضد وزارة الخارجية والبيت الأبيض وغيرهما من الجهات الحكومية. وقال الناطق باسم البيت الأبيض جوش إرنست: «نحن نعرف أن الإيرانيين لديهم بعض القدرات في هذا الصدد، ولهذا نأخذ على محمل الجد أي نشاط سيئ في الفضاء الإلكتروني». وأكد وجود محاولات من جهات عدة على مدى سنوات استهدفت مسؤولين في البيت الأبيض وبقية الجهات الحكومية.
وينفي المسؤولون الأميركيون إمكانية أن تؤثر المحاولات الإيرانية للقرصنة والتجسس على الاتفاق النووي الإيراني. وأكد مدير الاستخبارات الوطنية جيمس كلابر، للمشرعين في الكونغرس، أن «محاولات القرصنة الإيرانية التي تتم تحت رعاية الحكومة الإيرانية لم تكن بالحجم الكبير الذي يؤدي إلى تهديد المواقع الأميركية واختراقها».
وأشار الخبير في الأمن السيبراني بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية جيمس لويس إلى أن الإيرانيين لا يملكون المهارات ولا الإمكانيات لشن هجمات سيبرانية مدمرة ضد الولايات المتحدة، لكن محاولاتهم تزايدت وأصبحت أكثر عدوانية، وهم يحاولون شن هجمات إلكترونية بهدف التجسس وليس بهدف التعطيل أو التدمير.
وأشار تقرير صادر عن شركة «آي سايت بارتنرز»، وهي شركة تعمل في مجال الاستخبارات الإلكترونية ومقرها دالاس، إلى أن المحاولات الإيرانية لشن هجمات إلكترونية بدأت منذ مايو (أيار) 2014، وكانت تستهدف المعارضين الإيرانيين، ثم انتقلت إلى استهداف المسؤولين العسكريين في كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وإسرائيل. وقال الخبراء بالشركة إن القراصنة الإيرانيين نجحوا في 25 في المائة فقط من إجمالي تلك الهجمات. ورصد التقرير تزايد الهجمات السيبرانية الإيرانية قبيل المحادثات النووية بين طهران والدول الست الكبرى في يوليو (تموز) الماضي والتي وصل عددها إلى أكثر من 1500 محاولة.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.