مع فقرة «دروس السينما»، تحول مهرجان الفيلم بمراكش، برأي عدد من المتتبعين، إلى أكثر من مجرد إطار للمنافسة والتنشيط السينمائي، عبر سعي متواصل إلى تكريس تقليد النقاش والتبادل الخلاق للأفكار بين المتخصصين وطلاب وعشاق السينما، من جهة، وأسماء وازنة في عالم الفكر والفن السينمائي، من جهة ثانية.
ثماني سنوات من «دروس السينما» بالمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، توالى خلالها على كرسي الدرس عدد من بعض كبار رجال الفكر والسينما في العالم، بينهم المخرج الأميركي مارتن سكورسيزي (2007)، والمخرج الصربي أمير كوستوريتشا (2009)، والمخرج الأميركي فرنسيس فورد كوبولا (2010) والمخرج البريطاني جون بورمان (2012)، والمفكر الفرنسي إدغار موران (2012)، والمفكر الفرنسي ريجيس دوبري (2013)، فضلاً عن المخرج وكاتب السيناريو الدنماركي بيلي أوغيست، والمخرج وكاتب السيناريو والمنتج الإسباني أليكس دي لا إغليسيا، والمخرج السينمائي والمسرحي وكاتب السيناريو الفرنسي بونواجاكو (2014).
وخلال دورته الخامسة عشرة، التي ستنظم من 4 إلى 12 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، سيكون الموعد مع ثلاثة أسماء مشهود لها بالتجربة والقيمة الفنية في عالم السينما: المخرج الإيراني عباس كيارستامي، والمخرج وكاتب السيناريو والمنتج الكوري الجنوبي بارك تشان ووك، والمخرج وكاتب السيناريو والمنتج الألماني من أصول تركية فاتح آكين.
وسبق لكيارستامي أن حصل على عدد من الجوائز في أكبر المهرجانات العالمية، كـ«السعفة الذهبية» لمهرجان «كان» عن فيلمه «طعم الكرز»، والجائزة الخاصة بلجنة التحكيم لمهرجان «البندقية» عن فيلمه «الريح ستحملنا». وبتكريمه سنة 1992 بمهرجان «كان»، عن مجموع أعماله، كان كيارستامي ولا يزال، يبني فنًا راقيًا وكونيًا يمزج فيه وبطريقة شعرية بين القوة والصلابة، من جهة، والهشاشة، من جهة أخرى.
وكان المهرجان المغربي قد كرم كيارستامي في دورته الخامسة، كما ترأس في دورته التاسعة، لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الطويلة، قبل أن يعود، في دورة هذه السنة، إلى مراكش، ليتبادل مع عشاق السينما تصوره للفن السابع، ضمن فقرة «دروس السينما».
من جهته، يتميز بارك تشان ووك، الذي سيتم تكريمه في دورة هذه السنة، إلى جانب الممثلين الأميركيين بيل موراي وويليام دافوو، والنجمة الهندية مادهوري ديكسيت، ومدير التصوير المغربي كمال الدرقاوي، بأعماله القوية التي حازت على عدد من الجوائز العالمية، حيث نال في مهرجان «كان» الجائزة الكبرى لسنة 2004، كما فاز بجائزة لجنة التحكيم سنة 2009.
ويتناول تشان ووك، في أعماله، بكل إحساس ولباقة، وحشية وتعقد العلاقات الإنسانية، فيما يعد فيلمه «ستوكر»، الذي أنجزه سنة 2013، نموذجًا في الإخراج، يعيد من خلاله مراجعة إبداع ألفريد هتشكوك بطريقته الخاصة.
ويعتبر فاتح آكين، الذي سيلقي الدرس الأخير من «دروس السينما» بالمهرجان المغربي، من الأسماء القوية في السينما الألمانية، ترعرع في الضاحية العمالية والشعبية لمدينة هامبورغ، وكان حلمه الأول أن يصبح ممثلاً من طينة «بروس لي»، قبل أن يمر وراء الكاميرا وينجز أفلامًا أثارت الانتباه إليه بسرعة فائقة.
وتتطرق أفلام آكين، الذي سبق له أن حصل على جائزة «الدب الذهبي» في برلين، سنة 2004، عن فيلمه «هيدأون»، للواقع متعدد الثقافات للمجتمعات المعاصرة، بعيدًا عن المقاربات المغلقة من ناحية الهوية، بحماس يذكرنا بسينما المخرج الأميركي مارتن سكورسيزي الذي يعتبره آكين مثالا وقدوة. لذلك، كان طبيعيًا أن يتناول آكين، سنة 2014، في فيلمه «دو كيت»، قضية التطهير العرقي ضد الأرمن، وهو موضوع يعد من أكبر التابوهات في بلده الأصلي، تركيا.
يشار إلى أن اللجنة المنظمة لمهرجان مراكش كانت قد اختارت المخرج الأميركي فرنسيس فورد كوبولا رئيسًا للجنة تحكيم مسابقة الأفلام الطويلة؛ والمخرج وكاتب السيناريو البلجيكي جواكيم لافوس رئيسًا للجنة تحكيم مسابقة سينما المدارس. كما ستتميز دورة هذه السنة من المهرجان المغربي بتكريم السينما الكندية، بحضور وفد مكون من ممثلين ومخرجين ومنتجين كنديين، يعتبرون، اليوم «أفضل مثال عن حيوية هذه السينما التي لا تتوقف عن التطور».
وجرت العادة أن تسلم، في حفل اختتام المهرجان، أربع جوائز، هي الجائزة الكبرى (النجمة الذهبية) وجائزة لجنة التحكيم وجائزة أفضل دور رجالي وجائزة أفضل دور نسائي.
مهرجان مراكش السينمائي يستعرض تجارب كبار المخرجين
أبرزهم الإيراني كيارستامي والكوري تشان ووك والألماني ـ التركي فاتح آكين
مهرجان مراكش السينمائي يستعرض تجارب كبار المخرجين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة