أجّل الائتلاف السوري المعارض البت بالاستقالة التي تقدم بها رئيس الحكومة السورية المؤقتة أحمد طعمة مساء الأحد خلال الاجتماع الدوري للهيئة العامة للائتلاف، التي أنهت أعمال دورتها الـ26 يوم أمس الاثنين، بما بدا أنّه يندرج ضمن إطار مسعى واضح لتهدئة الأمور بعد انقسام شهدته الهيئة بين مؤيدين للاستقالة وأبرزهم رئيس الائتلاف خالد خوجة، ومعارضين لها وأبرزهم «الكتلة الديمقراطية» و«الإخوان المسلمون».
وبينما اكتفى طعمة بالقول لـ«الشرق الأوسط» إنّه وضع استقالته في تصرف الائتلاف وإن هناك جهودًا تبذل للتهدئة، أشار مصدر مقرب منه إلى أن السبب الرئيسي وراء الاستقالة هو «وقف التمويل والدعم»، ولفت إلى أن الحكومة لم تتلقَّ منذ بداية عام 2015 إلا 4 ملايين دولار، علما بأن لديها أكثر من 1000 موظف في الداخل السوري و250 موظفا في الخارج.
وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط»: «كيف يمكن التعاطي مع الحكومة المؤقتة الموكلة بمهام كبيرة جدا في الداخل بهذه الطريقة، ونحن على أبواب منطقة آمنة تتطلب تعبئة الفراغ بعد رحيل (داعش)، للتأكيد للمواطنين أن هناك مؤسسات بديلة ستوفر لهم الخدمات؟».
وتحدث المصدر أيضًا عن «ضغوطات كبيرة» يتعرض لها طعمة دفعته إلى تقديم استقالته، «وهو لم يتردد في ذلك، كما أبلغ المعنيين بأنّه إذا كانت هناك مصلحة وطنية بالاستقالة وتسلم شخصية أخرى مهامه فلن يقف حجر عثرة في طريقها».
ويعول متابعون على حصول متغيرات إن كان على صعيد المنطقة الآمنة أو على صعيد رئاسة الائتلاف، قبل الاجتماع المقبل للهيئة العامة التي ستنتخب رئيسا جديدا مطلع العام المقبل، ما قد يساهم في حلحلة أزمة الحكومة.
وتقاطعت الأسباب التي أوردها المصدر المقرب من طعمة للاستقالة مع ما قاله مصدر معارض بارز لجهة أن المشكلة الأساسية التي أدّت إلى انفجار الأزمة وبالتالي تقديم رئيس الحكومة استقالته، تكمن في «انقطاع الدعم عن الحكومة المؤقتة منذ أشهر، ما أدّى إلى تفاقم الصعوبات التي تواجها للقيام بواجباتها في الداخل السوري».
وأوضح المصدر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «تراجع خدمات الحكومة أدّى لتذمر داخلي، وها نحن اليوم نسعى لاستيعاب الأمور». وأضاف: «لا يزال أمامنا أكثر من شهر قبل اجتماع الهيئة العامة من جديد لمحاولة التواصل مع الدول أصدقاء الشعب السوري لتأمين الدعم المطلوب للحكومة التي تتولى مهام كبيرة في المناطق المحررة لجهة التعليم والصحة والخدمات الأخرى، ما يستدعي التفاتة سريعة من قبلهم لمد يد المساعدة».
وسبق استقالة طعمة خلاف بينه وبين عناصر «الجبهة الشامية» التي منعته ووفد من الحكومة قبل أكثر من أسبوع من الدخول إلى سوريا من معبر باب السلامة، وهو ما اعتبره طعمة «انقلابا عسكريا».
وطالب 27 فصيلاً مقاتلاً في سوريا الأسبوع الماضي الائتلاف بـ«حجب الثقة» عن رئيس الحكومة المؤقتة أحمد طعمة، وإحالته إلى «المحاسبة»، بينما اعتبر رئيس الائتلاف خالد خوجة في حديث سابق لـ«الشرق الأوسط» أن طعمة يتحمل مسؤولية الخلاف مع الفصائل نتيجة «سوء التنسيق» معها.
ووصف رئيس المكتب السياسي لـ«الجبهة الشامية» عبد الله عثمان وضع الحكومة المؤقتة داخل الأراضي «المحررة» بـ«غير المقبول»، لافتا في تصريح سابق لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّها «لم تقدم أبدا خدمات للمواطنين، وأن من يقوم بذلك المجالس المحلية».
من جهته، نفى الأمين العام للائتلاف يحيى مكتبي أن يكون «حادث معبر السلامة» هو السبب الحاسم وراء تقديم طعمة لاستقالته، كاشفا عن تلقي الائتلاف بيانات ومطالبات عدة من الداخل السوري جميعها كانت تطالب بإقالة طعمة.
وقال مكتبي لوكالة الأنباء الألمانية: «الحادث جزء من المشهد.. ونرى أن الخطأ كان مزدوجا فيه من قبل طعمة ومرافقيه ومن الجهة الأخرى.. ولكنه لم يكن السبب الحاسم والنقطة الفيصلية في موضوع الاستقالة». وأضاف: «بالطبع المشكلات والخلل في أداء الحكومة كانت محل اتفاق واعتراف من قبل كل أعضاء الائتلاف.. ولكننا كنا نحاول اختيار التصرف الأمثل في ظل اللحظة الحرجة التي نمر بها اليوم مع ما يطرح من استحقاقات سياسية هامة.. دون أن يعني ذلك تغاضينا عن الأخطاء أو تغاضينا عن المطالبات الشعبية التي نتسلمها من أهلنا بالداخل».
وأشار مكتبي إلى أن الائتلاف سيحسم أمره في موضوع قبول الاستقالة من عدمها خلال أيام قليلة، لافتا إلى أنه في حال قبولها ستكون هناك فترة لتسيير الأعمال ومن ثم البحث عن مرشحين لتولي الموقع.
الائتلاف المعارض يؤجل البت في استقالة طعمة.. ومساعٍ حثيثة للتهدئة
مقربون من رئيس الحكومة: لم نحصل إلا على 4 ملايين دولار منذ بداية العام
الائتلاف المعارض يؤجل البت في استقالة طعمة.. ومساعٍ حثيثة للتهدئة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة