«الموانئ العربية» يسجل نموًا متماسكًا رغم التحديات الأمنية والاقتصادية
سجل قطاع الموانئ في منطقة الشرق الأوسط نموا متماسكا منذ الأزمة المالية العالمية بمعدلات أعلى من المتوسط العالمي، حتى في السنوات الأخيرة التي شهدت ازدياد حدة الصراعات في المنطقة، مما أثر على الناتج الإجمالي للشرق الأوسط؛ إلا أن «الموانئ العربية» أظهرت صلابة في مواجهة هذه التحديات، بالإضافة إلى تحسن أوضاع موانئ كثير من دول الخليج بسبب الاستثمارات الكبيرة التي يتم ضخها في هذا القطاع المهم الذي يتحكم في معظم حركة التجارة. وارتفع عدد الحاويات المتداولة في الموانئ في الشرق الأوسط بـ33 في المائة من 2008 حتى 2013، وفقا لتقارير مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)، وارتفع عدد الحاويات المتداولة في موانئ المنطقة من 42 مليونا إلى 55.8 مليون حاوية في الفترة نفسها، في الوقت الذي ارتفع فيه عدد الحاويات المتداولة في الموانئ حول العالم بـ26 في المائة فقط لتصل إلى 561 مليون حاوية. وتقاس حركة الحاويات بالميناء بتدفق الحاويات من وضع النقل البري إلى الوضع البحري والعكس، بالوحدات المعادلة لعشرين قدمًا، وهو الحجم القياسي للحاوية. وحدث جزء كبير من نمو حركة التداول في موانئ المنطقة في عامي 2010 و2011، حيث وصل معدل النمو إلى 9 في المائة، ولكنه انخفض إلى نحو 5 في المائة في السنوات الأخيرة، ولكن ما زال يمثل نموا متماسكا، وفقا لتقييم دورية «مييد» المتخصصة في مجال الأعمال في منطقة الشرق الأوسط، في عددها الصادر في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. ولكن الملاحظ هو وجود فوارق واضحة بين موانئ المنطقة، وهذا يظهر في موانئ الإمارات التي يصنفها المنتدى الاقتصادي العالمي بين الأفضل عالميا من حيث البنية التحتية، فوفقا لتقرير التنافسية العالمية الأخير 2015 - 2016، كانت الإمارات في المرتبة الثالثة عالميا ضمن 140 دولة شملها التقرير، وحصلت على 6.5 نقطة من أصل 7 نقاط، هذا بينما جاءت دول الخليج الأخرى؛ قطر والبحرين وعمان والمملكة العربية السعودية، ضمن الـ40 الأفضل عالميا. وفي منتصف الترتيب العالمي تأتي المغرب في المركز الـ41، ومصر في المركز الـ55، والكويت الـ74، ولبنان الـ80، وتونس الـ92 عالميا، ولكن دول عربية أخرى استقرت ضمن قائمة الأسوأ في العالم، حيث تحتل الجزائر المركز الـ111 عالميا من حيث جودة البنية التحتية للموانئ، وتقبع موريتانيا في المركز الـ121، بينما خرجت اليمن وليبيا من التصنيف نتيجة عدم توفر البيانات. نتائج مشابهة يمكن استخلاصها من مؤشر «الارتباط بخطوط وممرات الشحن الدولية» الوارد في تقرير الـ«أونكتاد»، الذي يعتمد في تكوينه على 5 عوامل، وهي: عدد السفن التي ترسو في هذه البلد، وسعة تلك السفن، وحجم أكبر السفن الراسية على الميناء، والخدمات والتسهيلات المقدمة لعمليات الشحن، بالإضافة إلى عدد شركات شحن الحاويات العاملة في هذا البلد. في هذا المؤشر، تحتل الصين الصدارة منذ إصداره لأول مرة في عام 2004، كما تحتل دائما الإمارات والسعودية ومصر مكانا بين أفضل 20 دولة، والتحقت بها عمان في 2009 بعد الاستثمار في ميناء صلالة، ثم تراجعت للمركز الـ25 مؤخرا، بينما لم يخرج المغرب من قائمة الـ20 الأفضل منذ عام 2010، بعد التوسعة التي تمت في ميناء طنجة، وهذا من بين 155 دولة شملها المؤشر. ولكن الغريب هو أن ليبيا تقدمت 9 مراكز فيما بين 2010 و2013، إلى المرتبة الـ104 عالميا رغم الاضطراب السياسي، كما سجلت سوريا أعلى تقييم لها هذا العام، مستفيدة من أن الحرب لم تشتد على شريطها الساحلي الضيق في اللاذقية وطرطوس، وتقول «مييد» إنه من السهل تحسين خدمات الشحن في وقت السلم، لكن من الواضح أن التحسن وارد في وقت الحرب أيضا. وكانت هناك علامات أيضا على التحسن في تونس والعراق خلال السنوات الأخيرة، فقد قفزت تونس 13 مركزا في 2013 لتصل إلى المركز الـ100 عالميا، والعراق في المركز الـ121 عالميا الآن، وهو موقع متأخر لكنه أفضل مقارنة بـ10 سنوات سابقة. أما التحسن الأكبر في مؤشر «الارتباط بخطوط وممرات الشحن الدولية» فكان من نصيب البحرين، التي انتقلت بثبات من المركز الـ125 عالميا في 2005، إلى الـ48 في 2014. أما الأخبار السيئة في إقليم الشرق الأوسط فكانت من نصيب قطر وإيران، فقطر كانت أسوأ دول الشرق الأوسط 4 مرات في السنوات الخمس الماضية، واحتلت المركز الـ142 في 2014، وقد يؤدي مشروع بناء ميناء الدوحة الجديد إلى تغيير هذا الوضع. وتبلغ تكلفة مشروع ميناء الدوحة الجديد 7.4 مليار دولار، ومن المخطط أن يتم الانتهاء منه في الربع الثاني من عام 2016. إيران أيضا تنافس على لقب أسوأ ميناء، نتيجة العقوبات الاقتصادية المستمرة لسنوات، مما أدى إلى ضعف التجارة وتراجع إيران من المركز الـ50 عالميا في 2004، إلى المركز الـ114 في 2014، ولكن بالطبع سيؤدي إلغاء أو تقليص العقوبات إلى تغير هذا الوضع في المستقبل. وتقول «مييد» إن تقوية خدمات الشحن في موانئ المنطقة أمر حيوي، مشيرة إلى أن 40 مليار دولار سيتم ضخها في مشروعات مرتبطة بالموانئ في المنطقة، بعضها في مرحلة التنفيذ وبعضها في مرحلة التخطيط، وأهم هذه المشروعات مشروع «شركة موانئ أبوظبي» لتنمية «ميناء خليفة» المرتبط بـ«منطقة خليفة الصناعية»، وتطوير «ميناء الملك عبد الله» في السعودية، ومشروع «ميناء مبارك الكبير» في الكويت، بالإضافة إلى بعض المشروعات في الجزائر، وخطط تطوير 6 موانئ حول إقليم قناة السويس.
قنابل موقوتة تهدد الاقتصاد العالمي في 2025https://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF/5091560-%D9%82%D9%86%D8%A7%D8%A8%D9%84-%D9%85%D9%88%D9%82%D9%88%D8%AA%D8%A9-%D8%AA%D9%87%D8%AF%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A-%D9%81%D9%8A-2025
ترمب وشي في قمة زعماء مجموعة العشرين بأوساكا باليابان عام 2019 (أرشيفية - رويترز)
رئيس أميركي جديد... حرب تجارية مهددة... استمرار تعثر اقتصاد الصين... اضطرابات سياسية في مراكز القوة بأوروبا... توترات جيوسياسية في الشرق الأوسط... يبدو أن عام 2025 سيكون عاماً آخر استثنائياً. فكيف سيشكل كل ذلك الاقتصاد العالمي في عام 2025؟
في عام 2024، اتجه الاقتصاد العالمي نحو التحسن في ظل تباطؤ معدلات التضخم، رغم استمرار المخاطر.
لكن العام المقبل يقف عند منعطف محوري. فمن المرجح أن يرفع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب الرسوم الجمركية، واضعاً حواجز حمائية حول أكبر اقتصاد في العالم، بينما سيستمر قادة الصين في التعامل مع عواقب العيوب الهيكلية داخل نموذج النمو في ثاني أكبر اقتصاد بالعالم. أما منطقة اليورو، فستظل محاصرة في فترة من النمو المنخفض للغاية.
وعلى الرغم من كل هذه التحديات، يُتوقع أن يظل الاقتصاد العالمي ككل مرناً نسبياً في 2025. ويفترض صندوق النقد الدولي بتقرير نشره في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أي قبل حسم نتائج الانتخابات الأميركية، أن يظل النمو ثابتاً عند 3.2 في المائة بالعام المقبل، وهو نفسه الذي توقعه لعام 2024. بينما التوقعات بتباطؤ النمو في الولايات المتحدة إلى 2.2 في المائة في عام 2025، من 2.8 في المائة في عام 2024، مع تباطؤ سوق العمل. في حين توقعت جامعة ميشيغان في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أن يتباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بأميركا إلى 1.9 في المائة في عام 2025.
وفي منطقة اليورو، من المتوقع أن يبلغ النمو 1.2 في المائة في عام 2025، وهو أضعف قليلاً من توقعات الصندوق السابقة. ويشار هنا إلى أن الأحداث السياسية في كل من فرنسا وألمانيا سيكون لها وقعها على نمو منطقة اليورو ككل. فالسياسات الاقتصادية الفرنسية والألمانية تعوقها حالة كبيرة من عدم اليقين السياسي بعد استقالة رئيس الوزراء الفرنسي ميشال بارنييه ضحية الموازنة، وانهيار الائتلاف الحكومي في ألمانيا للسبب نفسه.
أما الصين، فيتوقع الصندوق أن ينمو ناتجها المحلي الإجمالي بنسبة 4.6 في المائة في عام 2025 مع مخاوف تحديات استمرار ضعف سوق العقارات، وانخفاض ثقة المستهلكين والمستثمرين، وذلك في وقت تكافح فيه بكين للتوفيق بين إعادة توجيه استراتيجيتها للنمو والضغوط قصيرة الأجل لإجراءات التحفيز غير المكتملة. لكن وكالة «فيتش» أقدمت منذ أيام على خفض توقعاتها السابقة بالنسبة لنمو الاقتصاد الصيني من 4.5 في المائة إلى 4.3 في المائة.
السياسة النقدية في 2024
لقد كان من الطبيعي أن يمثل تباطؤ التضخم المسجل في عام 2024، أرضية لبدء مسار خفض أسعار الفائدة من قبل المصارف المركزية الكبرى. وهو ما حصل فعلاً. فالاحتياطي الفيدرالي خفّض أسعار الفائدة الفيدرالية مرتين وبمقدار 75 نقطة أساس حتى نوفمبر 2024 - و25 نقطة أساس أخرى متوقعة باجتماع في 17 و18 ديسمبر (كانون الأول) الحالي - لتصل إلى 4.50 - 4.75 في المائة، رغم نمو الاقتصاد بواقع 3 في المائة.
أما المصرف المركزي الأوروبي، فأجرى خفضاً للفائدة 4 مرات في 2024 وبواقع 25 نقطة أساس كل مرة إلى 3.00 في المائة بالنسبة لسعر الفائدة على الودائع.
بنك إنجلترا من جهته، خفّض أسعار الفائدة مرتين بمقدار 25 نقطة أساس (حتى اجتماعه في نوفمبر).
وبالنسبة لبنك الشعب (المصرف المركزي الصيني)، فلقد كان التيسير مع مجموعة أدواته الموسعة حافلاً هذا العام، حيث تم الإعلان عن إصلاح إطار عمل جديد للسياسة النقدية في شهر يونيو (حزيران)، وتخفيضات بمقدار 30 نقطة أساس في سعر إعادة الشراء العكسي لمدة 7 أيام، وتخفيضات بمقدار 100 نقطة أساس في سعر إعادة الشراء العكسي، وبرامج جديدة لدعم أسواق الأسهم والعقارات.
إلا أن المفاجأة كانت في تغيير زعماء الصين موقفهم بشأن السياسة النقدية إلى «ميسرة بشكل معتدل» من «حكيمة» للمرة الأولى منذ 14 عاماً، ما يعني أن القيادة الصينية تأخذ المشاكل الاقتصادية على محمل الجد. وكانت الصين تبنت موقفاً «متراخياً بشكل معتدل» آخر مرة في أواخر عام 2008، بعد الأزمة المالية العالمية وأنهته في أواخر عام 2010.
ولكن ماذا عن عام 2025؟
سوف تستمر المصارف المركزية في خفض أسعار الفائدة على مدى العام المقبل، ولكن في أغلب الاقتصادات الكبرى سوف تمضي هذه العملية بحذر.
بالنسبة للاحتياطي الفيدرالي، يبدو أن التوقف عن الخفض في اجتماع يناير (كانون الثاني) أمر محتمل، حيث إنه سيكون لديه بحلول اجتماع مارس (آذار)، فهم أكثر وضوحاً لخطط الرئيس دونالد ترمب بشأن التعريفات والضرائب والإنفاق والهجرة وغيرها. ومن المؤكد أن احتمالات خفض الضرائب المحلية لدعم النمو التي ستدفع بالطبع التضخم إلى الارتفاع، ستؤيد مساراً أبطأ وأكثر تدريجية لخفض أسعار الفائدة العام المقبل. وهناك توقعات بحصول خفض بمقدار 25 نقطة أساس لكل ربع في عام 2025.
أما المصرف المركزي الأوروبي، فيبدو أنه مصمم الآن على المضي قدماً في إعادة أسعار الفائدة إلى المستوى المحايد بأسرع ما يمكن مع ضعف النمو الشديد وتباطؤ ظروف سوق العمل، وسط توقعات بأن يخفض سعر الفائدة الرئيسي إلى نحو 1.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025. ومن بين العواقب المترتبة على ذلك أن اليورو من المرجح أن يضعف أكثر، وأن يصل إلى التعادل مقابل الدولار الأميركي العام المقبل.
وعلى النقيض من المصرف المركزي الأوروبي، يتخذ بنك إنجلترا تخفيضات أسعار الفائدة بشكل تدريجي للغاية. ومن المتوقع أن تعمل الموازنة الأخيرة وكل الإنفاق الحكومي الإضافي الذي جاء معها، على تعزيز النمو في عام 2025. وهناك توقعات بأن يقفل العام المقبل عند سعر فائدة بواقع 3.75 في المائة، قبل أن ينخفض إلى أدنى مستوى دوري عند 3.50 في المائة في أوائل عام 2026.
أما بنك الشعب، فسوف يبني العام المقبل على الأسس التي وضعها هذا العام، حيث تشير التوقعات إلى تخفيضات تتراوح بين 20 و30 نقطة أساس في أسعار الفائدة، مع مزيد من التخفيضات إذا جاءت الرسوم الجمركية الأميركية في وقت مبكر أو أعلى مما هو متوقع حالياً، وفق مذكرة للمصرف الأوروبي «آي إن جي». ومن المتوقع على نطاق واسع خفض آخر لمعدل الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في الأشهر المقبلة، حتى إنه يمكن حصول تخفيضات تراكمية بمقدار 100 نقطة أساس في معدل الفائدة قبل نهاية عام 2025.
حرب تجارية على الأبواب؟
وبين هذا وذاك، هناك ترقب كبير للتعريفات الجمركية التي تعهد ترمب بفرضها، والتي يرجح على نطاق واسع أن تلعب مرة أخرى دوراً رئيساً في أجندته السياسية، وهو ما ستكون له انعكاساته بالتأكيد على الاقتصاد العالمي.
فترمب هدّد في البداية مثلاً بفرض رسوم جمركية بنسبة 60 في المائة على جميع الواردات الصينية، ورسوم جمركية تتراوح بين 10 في المائة و20 في المائة على الواردات من جميع البلدان الأخرى. ثم توعّد المكسيك وكندا بفرض تعريفات جمركية بنسبة 25 في المائة على جميع الواردات منهما، إذا لم تحلّا مشكلة المخدرات والمهاجرين على الحدود مع الولايات المتحدة، و10 في المائة رسوماً جمركية على الواردات من الصين (تضاف إلى الرسوم الحالية) بمجرد تنصيبه في 20 يناير. ولاحقاً، توعد مجموعة «بريكس» بفرض تعريفات جمركية تصل إلى 100 في المائة، إذا أقدمت على إنشاء عملة جديدة من شأنها إضعاف الدولار.
ويبدو أن ترمب جاد هذه المرة في فرض التعريفات الجمركية التي يصفها بأنها أجمل كلمة في القاموس، بدليل ترشيحه الرئيس التنفيذي لشركة «كانتور فيتزجيرالد» في وول ستريت، هوارد لوتنيك، لتولي منصب وزير التجارة، والذي قال عنه إنه «سيتولى ملف التجارة والتعريفات».
وينص قانون سلطات الطوارئ الاقتصادية الدولية على قدرة الرئيس على إصدار إجراءات اقتصادية طارئة للتعامل مع «أي تهديد غير عادي واستثنائي، يكون مصدره بالكامل أو جزئياً خارج الولايات المتحدة، للأمن القومي أو السياسة الخارجية أو اقتصاد الولايات المتحدة». وهو ما يطلق يد ترمب في إقرار رسوم جمركية جديدة.
من هنا، قد تشكل الحرب التجارية أكبر خطر يهدد النمو العالمي في عام 2025. ورسم المحللون أوجه تشابه مع ثلاثينات القرن العشرين، عندما أدى فرض التعريفات الجمركية الأميركية إلى رد فعل انتقامي من قبل حكومات أخرى، وأدى إلى انهيار التجارة العالمية الذي أدى بدوره إلى تعميق الكساد الأعظم.
وفي أواخر أكتوبر، تناول صندوق النقد الدولي في تقرير له، التأثيرات المترتبة على النمو والتضخم في حرب تجارية محتملة عام 2025. فوضع التقرير سيناريو حرب تجارية مع افتراض فرض تعريفات جمركية أميركية بنسبة 10 في المائة على جميع الواردات، تقابلها إجراءات انتقامية واسعة النطاق من جانب أوروبا والصين تعادل 10 في المائة تعريفات جمركية على الصادرات الأميركية، وعلى جميع التجارة بين الصين والاتحاد الأوروبي، على أن يتم تنفيذها بحلول منتصف عام 2025.
في هذا السيناريو، يتوقع صندوق النقد الدولي أن تؤدي التعريفات الجمركية إلى خفض نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة -0.1 في المائة في عام 2025، مما يخفض توقعاته الأساسية من 3.2 في المائة إلى 3.1 في المائة.
مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) من جهته يحذر من آفاق غير مؤكدة تواجه التجارة العالمية عام 2025، بسبب تهديد الحروب التجارية. ويعدّ أن «آفاق التجارة في عام 2025 مشوبة بتحولات محتملة في السياسة الأميركية، بما في ذلك التعريفات الجمركية الأوسع نطاقاً التي قد تعطل سلاسل القيمة العالمية وتؤثر على الشركاء التجاريين الرئيسين».
وفي استطلاع أجرته «رويترز» مؤخراً مع 50 اقتصادياً، قدّر هؤلاء أن ينخفض معدل النمو الاقتصادي في الصين بمقدار من 0.5 إلى 1.0 نقطة مئوية في عام 2025، حال تم فرض التعريفات الجمركية.
الدين العالمي إلى مستويات قياسية
ولا تقتصر التحديات التي يواجهها الاقتصاد العالمي على ما سبق تعداده، فالعالم يواجه اليوم تحدياً غير مسبوق مع تصاعد الديون العالمية إلى 323 تريليون دولار، بحسب بيانات معهد التمويل الدولي، وهو رقم يصعب تخيله أو استيعابه، والمتوقع ارتفاعه أكثر في 2025 إذا نفذ ترمب تعهداته.
فالتقلبات المتوقعة لسياسات ترمب دفعت بعض الدول إلى إصدار ديون قبل توليه منصبه، عندما قد تصبح الأسواق أقل قابلية للتنبؤ.
وحذر معهد التمويل الدولي من أن التوترات التجارية المزدادة وانقطاعات سلسلة التوريد تهدد النمو الاقتصادي العالمي، مما يزيد من احتمالات حدوث دورات ازدهار وكساد صغيرة في أسواق الديون السيادية مع عودة الضغوط التضخمية وتشديد المالية العامة. وسوف تفاقم زيادة تكلفة الفائدة نتيجة لذلك الضغوط المالية وتجعل إدارة الديون صعبة بشكل مزداد.
وأخيراً لا شك أن التحولات الجيوسياسية تلعب دوراً مهماً في تشكيل الاقتصاد العالمي عام 2025. وهي تفترض مراقبة خاصة ودقيقة ومعمقة لتداعيات التنافس بين الولايات المتحدة والصين، التي قد تزداد وتيرتها حدة لتكون عواقبها الاقتصادية محسوسة على مدى سنوات، وليس أشهراً، بحيث يتردد صداها طوال العام المقبل وما بعده.