السلطات اللبنانية وحزب الله «يضبطان» خطوط التهريب إلى سوريا

الإجراءات تسير وفق مستويين: أمنيًا وعبر الضغط على الحاضنة الاجتماعية للمهربين

السلطات اللبنانية وحزب الله «يضبطان» خطوط التهريب إلى سوريا
TT

السلطات اللبنانية وحزب الله «يضبطان» خطوط التهريب إلى سوريا

السلطات اللبنانية وحزب الله «يضبطان» خطوط التهريب إلى سوريا

قوّضت السلطات اللبنانية، بالتنسيق والتعاون مع حزب الله، حركة التهريب عبر الحدود اللبنانية – السورية، ومن ضمنها المناطق الخاضعة لسيطرة نظام الرئيس السوري بشار الأسد. وجرى ذلك في إطار مجموعة من الإجراءات واكبت تدابير أمنية أخرى تكثفت في الداخل اللبناني، عبر «تنسيق كامل وفعال بين الأجهزة الأمنية الرسمية»، بموازاة تشديد الجيش إجراءاته بين بلدة عرسال والمناطق الحدودية السورية شرق البلاد، واستمراره في ضرب تحركات المسلحين في الجرود. ولقد استهدف الجيش أمس تحركات من وصفوا بـ«المسلحين المتشددين» في جرود عرسال على السلسلة الشرقية، بحسب ما أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام»، بالتزامن مع تشديد إجراءاته الأمنية على الحدود منعا للتسلل في اتجاه الأراضي اللبنانية.
مصادر ميدانية أبلغت «الشرق الأوسط» أن الجيش اللبناني الذي ينتشر على السلسلة الشرقية المقابلة للحدود السورية، «شدد إجراءاته منذ تزايد نشاطات الجماعات المحسوبة على «داعش»، وبدأت قبل أسبوعين باستهداف اجتماع لهيئة العلماء المسلمين، والاعتداء على إحدى آليات الجيش»، مشيرة إلى أن الجيش «منع الصهاريج من العبور إلى الجرود، كما ضبط حركة العبور من الجرود إلى داخل بلدة عرسال». وتزامنت هذه التدابير مع إجراءات مشددة على الحدود لوقف حركة التهريب، إذ أقفلت قوة من الجيش اللبناني أمس، خمسة معابر غير شرعية في محيط منطقة حوش السيد علي، وبلدة القصر التابعة لمحافظة الهرمل والقريبة من الحدود مع سوريا في شمال شرقي لبنان. ووفق «الوكالة الوطنية للإعلام»، فإن قوة الجيش «أزالت كل الجسور والعبارات التي تصل بين الأراضي اللبنانية والسورية في هذه المنطقة».
هذه الإجراءات، تنضم إلى سلسلة أخرى من التدابير التي تواكب رفع مستوى التأهب الأمني على الحدود، لضبط عمليات التهريب عبر الحدود اللبنانية السورية، من بلدات شمال شرقي لبنان، إلى الداخل السوري وبالعكس، وتمر عبر المعابر الشرعية وغير الشرعية، مرورًا أيضًا بمناطق خاضعة لسيطرة القوات النظامية السورية، وذلك بعد تهريب أحد الانتحاريين الذي فجّر نفسه في منطقة برج البراجنة في الضاحية الجنوبية لبيروت يوم 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.
وتعمل هذه الشبكات «لأغراض تجارية»، بدأت بتهريب الوقود ومواد تجارية أخرى عبر الحدود، واتسعت لتهريب الأفراد، وهم «مدنيون»، وذلك مقابل مبالغ مالية، كما قالت المصادر الميدانية. وتابعت المصادر أن عملية الضبط «استهدفت تفكيك شبكة آل سرور التي كانت ضالعة بتهريب الأفراد، ومنهم انتحاريو برج البراجنة». وكانت القوى الأمنية أوقفت عدنان سرور، الذي هرّب أحد انتحاريي برج البراجنة، كما أوقفت والده سعد سرور الذي يقوم بتزوير المستندات للسوريين.
وتعبر خطوط التهريب، بحسب المصادر الميدانية، عبر طريق القصير، في ريف محافظة حمص الجنوبي، نحو بلدة القاع بشمال شرقي لبنان، أو مناطق حدودية في قضاء الهرمل، قائلة إنه «بعد تفجير برج البراجنة حصل تضييق على حركة التهريب على مستويات كبيرة». وأفادت بأن السلطات اللبنانية وحزب الله يتوليان ضبط المعابر غير الشرعية، بينما تكثف الإجراءات بين السلطات من الجهة اللبنانية، والتدابير السورية، من جهتهم، على المعابر الشرعية.
بدورها، ذكرت مصادر لبنانية واسعة الاطلاع لـ«الشرق الأوسط» أن مراقبة الحدود «تفعّلت إلى مستويات كبيرة من قبل الأجهزة الرسمية اللبنانية وحزب الله» الذي ينتشر مسلحوه في المناطق الحدودية في شمال شرقي لبنان، واستطردت أن الإجراءات «طالت مراقبة معابر التهريب وشبكاتها التي تعد شبكات (بيزنس) تهرب بغرض الكسب المادي». وقالت إن الضغط على تلك الشبكات «يسير وفق مستويين؛ الأول أمني عبر مراقبة الحدود وملاحقة المهربين والضغط عليها من قبل الأجهزة الأمنية اللبنانية»، والثاني يتمثل «بالضغط عليهم عبر الحاضنة الاجتماعية، لمنع تهريب الأفراد مقابل مبالغ مادية». وحسب المصادر فإن المهرّب «لا يعي خطورة تهريب الأفراد، حتى لو كانوا مدنيين، لأنه لا يعرف الخلفية الأمنية لكل شخص، وكل ما يسعى إليه هو الكسب المادي»، مشيرة إلى أن بعض الأفراد الذين يجري تهريبهم «قد يكونون على تواصل مع مجموعات متشددة، تنوي الوصول إلى لبنان لتحقيق أهداف تخريبية، ولا يعرف المهرب ذلك».
ومن هنا، «يصبح الضغط الاجتماعي عليهم، لإبراز خطورة الجانب الأمني، ضروريًا، ويتم عبر البيئة الاجتماعية التي ينتمي لها المهرّبون، رغم أن شبكات التهريب في العادة، ليست بالضرورة مرتبطة بأنشطة إرهابية، بل تتعاطى مع التهريب كعملية بيزنس قائمة بحد ذاتها».
وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق، كان دعا خلال مؤتمر صحافي الأحد الماضي، إلى مراقبة الحدود والتصدي لعمليات التهريب التي تتسبب في دخول الانتحاريين إلى الأراضي اللبنانية، كما دعا أهالي القرى الحدودية إلى التعاون بشكل كامل مع الأجهزة الأمنية لمواجهة المهربين، لافتًا إلى أن المهرّبين الذين يسهّلون دخول الانتحاريين من أجل المال، «يسهّلون القتل، ومسؤوليتهم عن قتل اللبنانيين ليست أقل من مسؤولية الانتحاريين».
إلى ذلك، أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بأن القوى الأمنية والعسكرية اللبنانية عززت ملاحقة وتوقيف مشتبه بهم في الداخل اللبناني، إذ أوقفت استخبارات الجيش في عكار بأقصى شمال لبنان كلاً من مصطفى خ. في بلدة فنيدق، وعبد الباسط ب. في قرية العمارة، وأحيل الموقوفان إلى القضاء المختص للاشتباه بانتمائهما لمجموعات مسلحة. وجاء هذا التطور بعدما كانت شعبة المعلومات في الأمن العام، قد أوقفت محمد خ. في بلدة تلحياة في عكار أيضًا، مشيرة إلى أن «التحقيقات قائمة».
ومن جهة أخرى، أعلن الجيش اللبناني تنفيذ «قوى الجيش عمليات دهم عدة في مناطق مختلفة، أوقفت خلالها 63 شخصا من التابعية السورية، لتجوّلهم داخل الأراضي اللبنانية بطريقة غير شرعية»، كما «أوقفت السوري عبد الله بديع الكليب لارتباطه بأحد التنظيمات الإرهابية». وأشار بيان صدر عن مديرية التوجيه، إلى أن قوات الجيش «ضبطت خلال عمليات الدهم 17 دراجة نارية وشاحنة بيك آب من دون أوراق قانونية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.