تصاعد الحملة ضد المسلمين في أميركا عقب هجمات باريس

ترامب قال إنه يفكر بإجراءات مشددة لمراقبة الجالية المسلمة

أشرطة «داعش» الدعائية تثير الخوف في الولايات المتحدة (واشنطن بوست)
أشرطة «داعش» الدعائية تثير الخوف في الولايات المتحدة (واشنطن بوست)
TT

تصاعد الحملة ضد المسلمين في أميركا عقب هجمات باريس

أشرطة «داعش» الدعائية تثير الخوف في الولايات المتحدة (واشنطن بوست)
أشرطة «داعش» الدعائية تثير الخوف في الولايات المتحدة (واشنطن بوست)

نشرت صحيفة «واشنطن بوست»، أمس (الجمعة)، في صدر صفحتها الأولى خبرًا بعنوان كبير: «هجمات قاسية ضد المسلمين»، وقالت إن الحملة ضد المسلمين في الولايات المتحدة تصاعدت كثيرًا بسبب هجمات باريس في الأسبوع الماضي. وإنها لم تعد تقتصر على الجمهوريين، وذلك لأن نوابًا ديمقراطيين صوتوا، ليلة الخميس، مع الجمهوريين في مجلس النواب لمشروع قانون يشدد دخول اللاجئين السوريين والعراقيين.
وقالت الصحيفة إن هذا العداء يختلف مع تصريحات الرئيس السابق بوش الابن، بعد هجمات 11 سبتمبر عام 2001، عندما قال: «الإسلام دين السلام».
ليلة الخميس، قال دونالد ترامب، ملياردير العقارات، ومن مرشحي الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية، إنه لا يعارض «وضع قائمة بيانات لكل المسلمين» في الولايات المتحدة. وأضاف في مقابلة في موقع «ياهو»، إنه يفكر في «إجراءات مشددة» لمراقبة الجالية المسلمة في الولايات المتحدة.
وردًا على سؤال إذا ستتضمن هذه الإجراءات تسجيل المسلمين في قوائم خاصة بهم، أو إصدار بطاقات هوية خاصة بهم، قال إنه لا يستثني أيًّا من هذين الإجراءين. وأضاف: «سيتعين علينا أن نفعل أشياء لم نفعلها من قبل على الإطلاق. ربما ستغضب هذه الخطوات والإجراءات بعض الناس. لكن، أعتقد أن جميع الناس يشعرون الآن بأن القضايا الأمنية هي التي تتحكم في التطورات الحالية».
وقال: «لم نكن نحلم باتخاذ مثل هذه الإجراءات في هذه البلاد. كانت، بصراحة، من الأمور التي لم نجرؤ على التفكير بها قبل عام واحد فقط». وشن بن كارسون، جراح الخلايا الدماغية الأسود، ومن مرشحي الحزب الجمهوري للرئاسة الأميركية أيضًا ليلة الخميس، هجومًا عنيفًا على الرئيس باراك أوباما بسبب قراره باستقبال 10 آلاف لاجئ سوري في الولايات المتحدة في العام المقبل.
وقال، أثناء توقفه في مونتغمري (ولاية ألاباما) خلال حملته الانتخابية، إنه لا بد من ابتكار آلية رقابية يمكن من خلالها فرز «الكلاب المسعورة» وسط اللاجئين السوريين. وذلك لأن دخول هؤلاء الأراضي الأميركية «خطر كبير على أمن الولايات المتحدة».
وشرح: «إذا لوحظ كلب مسعور في الحي، فلن ترى فيه خيرًا، وستبعد أولادك عن طريقه. لكن، لا يعنى ذلك أنك تكره الكلاب».
وقال ماركو روبيو، عضو مجلس الشيوخ عن ولاية فلوريدا، ومن مرشحي الحزب الجمهوري للرئاسة، إن هجمات باريس جزء من «صراع الحضارات»، وإن الذين اشتركوا في الهجمات يمثلون «حضارة معينة»، وليسوا فقط متطرفين.
غير أن النائبين المسلمين الوحيدين في مجلس النواب انتقدا هذه الحملة. وقال أندريه كارسون (ديمقراطي من ولاية إنديانا): «يجب ألا يضع سياسيون مرشحون لرئاسة البلاد مجموعة من الناس في قالب منفصل. لكن، هذا هو ما يفعلون».
بالإضافة إلى السياسيين، قال، أمس (الجمعة)، اريك اريكسون، رئيس تحرير موقع «ريد ستيت» الذي يميل نحو الحزب الجمهوري: «لن أقدر على أن أذهب إلى دار السينما لأشاهد فيلم «حروب النجم» الجديد لأنه لا توجد إجراءات أمنية عند أبواب دور السينما».
ووافق مجلس النواب، الذي يسيطر عليه الجمهوريون، بأغلبية 289 صوتًا مقابل 137 ليلة الخميس، على مشروع قانون بتجميد دخول اللاجئين من سوريا والعراق، ومن دول إسلامية أخرى حتى وضع إجراءات أمنية متشددة. زادت هذه النسبة على نسبة أغلبية الثلثين المطلوبة لتجاوز حق الفيتو الذي هدد الرئيس باراك أوباما باتخاذه ضد مشروع القانون.
وقالت وكالة «رويترز» إن التصويت جاء بعد أن زار مسؤولون من البيت الأبيض الكونغرس لحشد النواب الديمقراطيين للوقوف ضد مشروع القانون، لكن، صوت عشرات منهم مع النواب الجمهوريين.
وقال واحد من الديمقراطيين المعارضين إن مسودة القانون «ليست إلا مزايدات سياسية»، بينما قال واحد من الجمهوريين إن «الشعب الأميركي قلق، ويريد مزيدا من الحماية ضد الإرهاب».
وحسب مشروع القانون، لا بد من موافقة كل من مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، ووزير الأمن الداخلي، ومدير الاستخبارات الوطنية على كل طلب يتقدم به أي لاجئ «للتأكد من أنه لا يشكل خطرًا على أمن الولايات المتحدة»، كل ذلك بعد أن تدقق الشرطة الفيدرالية والمحلية في خلفية اللاجئ.
وقال رئيس مجلس النواب الجمهوري المنتخب حديثا، النائب بول ريان: «نحن أمة رحيمة. لكن، يجب أن نتذكر أيضًا أن الأولوية لدينا هي حماية الشعب الأميركي».
في الوقت نفسه، نقل تلفزيون «سي إن إن» صباح الجمعة مشاهد لإجراءات أمنية في المطارات ومحطات القطار استعدادًا لاحتفالات عيد الشكر الأميركي، في الأسبوع المقبل، وبالإضافة إلى الشرطة الفيدرالية، وشرطة واشنطن العاصمة، انتشرت شرطة خاصة بالمطارات، وشرطة خاصة بالقطارات، وشرطة خاصة بالمترو (تحت الأرض). وقال مسؤول في قطارات: «سيكون الأسبوع المقبل (قبيل يوم عيد الشكر، يوم الخميس المقبل) شيئًا لم نفعله من قبل، ولم نتوقعه. سنكون صارمين بينما مئات الآلاف من الناس سيستعملون المترو في تنقلاتهم، وكجزء من سفرهم إلى خارج واشنطن».



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.