أربكت برقية عسكرية روسية لبنان وقبرص، بعد أن طلبت من البلدين، في رسالة لم تمر عبر وزارتي الخارجية أو سفارتيها في البلدين، وقف الرحلات الجوية في منطقة غرب المتوسط لثلاثة أيام بذريعة قيامها بمناورات عسكرية بحرية.
ورغم أن لبنان أعلن «رفضه» القرار الروسي، فإنه تجاوب معه عبر تعديل مسارات الطائرات القادمة والمغادرة من دون أن يلغيها، خصوصا بعدما أبلغته قبرص أنها ستقفل مجالها الجوي، الذي يعد بمثابة ممر إلزامي للطائرات اللبنانية المتجهة إلى أوروبا. وأكد وزير الأشغال العامة والنقل غازي زعيتر رفض السلطات اللبنانية، الطلب الروسي بتحويل مسار رحلات جوية مدنية في بعض المناطق «لأنه يتعارض مع مصالحه». ورغم ذلك الرفض، فإن السلطات اللبنانية، اتخذت مجموعة قرارات عملية لتواكب فيها القرار الروسي. وأكد رئيس شركة «طيران الشرق الأوسط» اللبنانية محمد لـ«الشرق الأوسط» أنه لا مشكلة في الموضوع، رغم الإرباك الحاصل، مشيرا إلى أن شركته تلتزم بالمسارات التي تحددها الدولة اللبنانية باعتبارها صاحبة القرار السيادي في هذا الموضوع.
وقال رئيس لجنة الأشغال والنقل في البرلمان اللبناني النائب محمد قباني لـ«الشرق الأوسط» إن لبنان «يرفض بالمبدأ، لكنه عمليا لا يستطيع الرفض على الصعيد التنفيذي»، قائلاً: «من الواضح أن هذا الإعلان المفاجئ، والطلب من لبنان بإغلاق مجاله الجوي لثلاثة أيام، أحدث إرباكا لأن المطار هو بوابة لبنان على الخارج خاصة بعد أحداث سوريا التي أغلقت الحدود البرية، وبالتالي مدخل لبنان ومخرجه إلى العالم». وأكد قباني أنه «حتى الآن، ما زالت التفاصيل غير واضحة للجميع، إذ بدأت بعض التدابير، مثل تعديل مسارات عدد من رحلات الناقلة الوطنية (شركة طيران الشرق الأوسط) باتجاه الجنوب، ثم تذهب غربا إلى البحر ثم للتحليق فوق مصر، وتدور فوق البحر الأحمر لتدخل أجواء السعودية ومنها إلى الخليج، وبالتالي يأخذ ذلك مزيدا من الوقت والتكلفة». وأضاف: «بلا شك هناك إرباك.. علينا أن ننتظر لنرى كيف سيتعاطى الجميع مع القرار المفاجئ»، لافتًا إلى أن «السياسي وليد جنبلاط كان المبادر إلى الكتابة أن لبنان ليس حيا من موسكو، ومعناه أنه لا يأتمر بقرار مباشر بلا حوار معه». داعيًا إلى «التعاطي بجدية مع هذا القرار». كما أشار إلى أن «هناك اجتماعا في المطار للتشاور مع منظمة سلامة الطيران المدني، وربما ستبقى وجهة الطيران عبر مصر لأجل سلامة الطيران».
واللافت أن البرقية الروسية، لم تمر عبر السفارة الروسية في بيروت، إذ أكد مصدر دبلوماسي لـ«الشرق الأوسط» أن السفارة الروسية «لا تمتلك أي معلومات حول هذه البرقية». ورفض المصدر التعليق على البرقية «نتيجة عدم وجود أي أخبار رسمية أو غير رسمية بحوزتها حول برقية مشابهة»، قائلا إن معلوماته تفيد بأن السفارة الروسية «لم تتلق خبرًا بالموضوع لا عبر الهاتف ولا عبر برقية مكتوبة».
ولم تتبلغ وزارة الخارجية والمغتربين رسميا من القنوات الرسمية الدبلوماسية الروسية موضوع الطلب من إدارة الطيران المدني عدم استخدام المجال الجوي المقابل للأراضي اللبنانية، بحسب «الوكالة الوطنية». وقال مصدر لبناني رسمي لـ«الشرق الأوسط»: «لم يقدم أي طلب رسمي عبر القنوات الدبلوماسية، وكل ما حصل هو برقية من البحرية الروسية إلى سلطات الطيران المدني اللبناني».
وبعد تلقي السلطات اللبنانية القرار، أعلنت إدارة شركة «طيران الشرق الأوسط» (ميدل إيست) أنه «استنادا إلى التعميم الصادر عن إدارة الطيران المدني اللبناني في شأن سلوك مسار جوي جديد بين لبنان وقبرص، فإن كل رحلاتها ليوم غد (اليوم) السبت ستقلع في المواعيد المحددة لها كالمعتاد، وأن بعض الرحلات الجوية المتوجهة إلى دول الخليج العربي والشرق الأوسط سوف تستغرق وقتا أطول، بسبب سلوكها مسارات جوية جديدة». في حين أعلنت شركة الطيران الفرنسية France Air أنه «تم تقديم موعد الرحلة المتوجهة فجرا من بيروت إلى باريس 50 دقيقة، نظرا للطلب الروسي».
وحاول لبنان إيجاد بدائل فورية، لمنع تأثير القرار على الرحلات الجوية اللبنانية. وقال سفير لبنان في قبرص يوسف صدقة أن «المفاوضات بين مدير شركة الميدل إيست في قبرص الدكتور نبيل أبو جودة مع مديرية الطيران المدني في قبرص، انتهت إلى تحديد مسار طيران آمن للطيران اللبناني، إثر المناورات البحرية الكبيرة التي ستجريها البحرية الروسية في منطقة الشرق الأوسط»، موضحًا في تصريحات للوكالة الوطنية للإعلام، أنه «يتحدد هذا الخط من المنطقة الجنوبية».
ويعني ذلك، أن القرار انعكس على حركة الملاحة الجوية اللبنانية، على ضوء تغيير مسارات الرحلات، دون العبور في منطقة المناورات الروسية التي تقع إلى الغرب من لبنان، وهو الممر الإلزامي للرحلات إلى أوروبا. وتحدثت مصادر عن اتجاه نحو إلغاء 5 مسارات من أصل 6 لخطوط الطيران المدني وقد يتم تحويل الرحلات إلى خط الطيران الجنوبي وتعديل التوقيت. في حين ذكرت مصادر أخرى أن «كل الطيران المتوجه من لبنان نحو أوروبا سيتطلب وصوله نحو 45 دقيقة إضافية مع تغيير المسار واعتماد مسلك الجنوب فوق الصرفند» التي تبعد نحو 60 كيلومترًا إلى الجنوب من بيروت.
ومن المعلوم أن مسارات الرحلات من لبنان محدودة لأن الناقلة الوطنية لا تطير فوق إسرائيل. وكانت «ميدل ايست» من الشركات القليلة التي تطير فوق سوريا، بعد عزوف شركات عربية وأوروبية عن التحليق فوق الأراضي السورية، خوفًا من المخاطر الأمنية.
وأعلنت وزارة النقل والأشغال العامة تشكيل خلية عمل طارئة لاتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان استمرارية حركة الإقلاع والهبوط في مطار بيروت الدولي وفقًا لشروط السلامة العامة.
برقية عسكرية روسية تربك لبنان وقبرص
تعديل مسار الطائرات القادمة والمغادرة من لبنان وقبرص.. بعد إرباك كاد يعزلهما عن العالم 3 أيام
برقية عسكرية روسية تربك لبنان وقبرص
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة