سلم الإسرائيليون الأسبوع الماضي، محمد عليان، والد بهاء الذي نفذ عملية الحافلة في القدس في 13 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وقتل فيها 2 من الإسرائيليين وجرح آخرون، قرارا بهدم منزله كعقاب للعائلة. فردد الرجل جملة مختصرة، استوحاها من وصية ابنه الذي قضى في العملية، تقول: «لا يعلو الحجر على الروح». الجملة نفسها، رددها مرارا، أغلب من استهدفت إسرائيل منازلهم ودمرتها، ضمن سياسة «الردع» التي تثير، منذ سنوات طويلة، جدلا كبيرا حول جدواها.
وفجرت إسرائيل، حتى الآن على الأقل، 12 منزلا تعود لمنفذي عمليات في القدس ونابلس ورام الله والخليل. وإذا تواصلت عملية الهدم، فقد يصل الرقم إلى عشرات المنازل في غضون أسابيع، إذ تستهدف عمليات الهدم كذلك منازل منفذي عمليات في العام الماضي. ومن ضمن الذين استهدفهم الهدم، عائلات أبو جمل، والجعابيص، وحجازي، التي نفذ أبناؤها عمليات في 2014، وعائلات المصري، وأبو شاهين، وحمد، وحامد، ونفذ أبناؤها عمليات في الشهرين الماضيين. وتركت الخطوة الإسرائيلية عائلات بأكملها من دون مأوى، ما دفع السلطة الفلسطينية إلى التعهد بإعادة بناء المنازل، بحسب ما قال أمين عام مجلس الوزراء، علي أبو دياك، الذي وصف الأمر بارتكاب جرائم حرب وعدوان وجرائم ضد الإنسانية بحق شعبنا.
ولم يقتصر الأمر على الموقف الفلسطيني الرافض، بل انتقدت الأمم المتحدة، أمس مواصلة (إسرائيل) تنفيذ سياسات هدم منازل الفلسطينيين في الأراضي العربية المحتلة. وقال المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوغريك، إن «منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، روبرت بيبر، أعرب عن الأسى حيال تقارير الهدم العقابي الذي قامت به قوات الأمن الإسرائيلية لخمسة منازل في القدس ونابلس ورام الله، في الأيام القليلة الماضية». وأضاف دوغريك في مؤتمر صحافي في مقر المنظمة الدولية في نيويورك، أن الأمم المتحدة «تدرك التحديات الأمنية الخطيرة التي تواجهها (إسرائيل) اليوم، لكن يجب أن يتفق أي رد لإنفاذ القانون مع القانون الدولي». ونوه دوغريك، إلى التصريح الذي قال فيه المنسق الأممي «بيبر» إن «الهدم العقابي غير عادل بطبيعته، كما هي معاقبة الأبرياء عن أعمال الآخرين».
وجاءت هذه الخطوات الإسرائيلية التي شملت الانتقام من عائلات منفذي عمليات قديمة وجديدة، بعد أوامر من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلى وزيرة العدل ايليت شاكيد (البيت اليهودي) بوضع آلية لتسريع إجراءات هدم منفذي الهجمات الفلسطينيين، كخطوة من بين خطوات أخرى لمواجهة الانتفاضة الحالية. ومع العودة المكثفة لهذه السياسة لم يبد أصحاب المنازل أي ندم، رغم أنهم يضطرون إلى التشتت بعض الوقت. وقال عليان: «لا يعلو الحجر على الروح». وقالت أم كرم المصري، بعد هدم منزلهم في نابلس: «ما بيهمنا أبدا».
وما يعتقده عليان وأم كرم، هو ما يفجر جدلا كبيرا داخل إسرائيل، حول جدوى هذه السياسة التي يتحفظ عليها مسؤولون أمنيون وسياسيون ومؤسسات حقوقية.
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق، شاؤول موفاز، قد قرر في عام 2005، وقف سياسة هدم منازل الفلسطينيين، بعد توصيات من اللجنة العسكرية بالتوقف عن هدم بيوت أبناء عائلات منفذي العمليات ضد إسرائيليين، لأن «هدم البيوت ليس بالوسيلة المجدية لردع الفلسطينيين عن تنفيذ مثل هذه العمليات». وجاء قرار موفاز بعد أن جربت إسرائيل، كما وثقت منظّمة بتسيلم، هدم ما يقارب 628 بيتًا، كان يعيش فيها 3983 مواطنًا، منذ بداية الانتفاضة الثانية عام 200 وحتى 2004. وبحسب المنظمة الإسرائيلية، فإن عدد الأشخاص الذي بسببهم تمَّ تنفيذ الهدم هو 333، وحسب المعدل، فإن 12 فلسطينيا بريئا هدم بيته مقابل واحد اشترك أو اشتبه به بالمشاركة في العمليات.
كما جاء أن نحو نصف مجموع البيوت المهدّمة، 295 بيتا، كانت بيوتًا لم يُدع مطلقًا أنها كانت تُؤوي مُنَفِّذي عمليات. ونتيجة لذلك، فقدَ 1286 شخصًا بيوتهم، وطبقًا للتصريحات الرسمية الإسرائيلية لم يكن من المفترض عقابهم.
سياسة هدم منازل الفلسطينيين.. قديمة جديدة لم تثبت جدواها إسرائيليًا
عادت إليها إسرائيل.. والأمم المتحدة تدعو إلى وقفها فورًا
سياسة هدم منازل الفلسطينيين.. قديمة جديدة لم تثبت جدواها إسرائيليًا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة