قطاع الطيران العالمي يعبر أجواء اقتصادية وأمنية مضطربة

«السماء المفتوحة» باتت مهددة وحادثة واحدة تخلف خسائر بالمليارات

قطاع الطيران العالمي يعبر أجواء اقتصادية وأمنية مضطربة
TT

قطاع الطيران العالمي يعبر أجواء اقتصادية وأمنية مضطربة

قطاع الطيران العالمي يعبر أجواء اقتصادية وأمنية مضطربة

يمر قطاع الطيران العالمي الفترة الأخيرة باضطراب كبير مع زيادة الحوادث، من جهة ومعركة «السماوات المفتوحة» من جهة أخرى، رغم أن وسائل النقل الجوي أكثر أمانًا من أي وسيلة أخرى، إلا أن الحادثة الواحدة تودي بحياة المئات من ركابها فضلاً عن تهديد مصير المسؤولين عن قطاع الطيران في الدولة التي تقع فيها الحادثة، والتي قد تمتد إلى دول أخرى متورطة.
فتحت طائرة «إيرباص» الأوروبية الصنع، التي كانت تقل ركابًا روسيين ووقعت على الأراضي المصرية، 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الحديث حول حوادث قطاع الطيران ومدى تأثيره على اقتصادات الدول، إذ أوضح اتحاد النقل الجوي (آياتا)، الذي يمثل نحو 250 شركة خطوط جوية حول العالم، في تقريره السنوي عن السلامة في قطاع الطيران التجاري، أن عام 2014 شهد 12 حادثًا مميتًا خلفوا 641 قتيلاً مقارنة مع الفترة بين 2009 و2013 التي شهدت 19 حادثًا خلفوا 517 قتيلاً في العام.
ولم يشمل التقرير لعام 2014 تحطم طائرة الخطوط الجوية الماليزية «إم إتش 17» التي أسقطها صاروخ أرض - جو مضاد للطائرات فوق أوكرانيا في يونيو (حزيران) الماضي وبالتالي لا يصنف في خانة الحوادث.
حقق قطاع الطيران أرباحًا تصل لـ16.4 مليار دولار العام الماضي، بينما توقع اتحاد النقل الجوي (آياتا) تحقيق 29.3 مليار دولار العام الحالي، رغم مخاوف تباطؤ التجارة العالمية وتراجع النمو الاقتصادي في الصين، بينما تساعد أسعار النفط المنخفضة على نمو قطاع الطيران.
ورغم التطور التكنولوجي الكبير، والصيانة المستمرة والدورية، لأي طائرة قبل إقلاعها، فإن هناك حوادث خطف وتفجير وتغيير مسارات واختفاء عن الرادارات في القطاع، كان من أبرزها على مستوى العالم: حادث 11 سبتمبر 2001 في أميركا، الذي خُطف فيه ثلاث طائرات لتنفيذ عملية إرهابية أودت بحياة نحو 3000 شخص.
ونتيجة مشكلة في الجزء الخلفي لمحرك الطائرة التابعة للخطوط اليابانية رقم 123، لقي نحو 515 شخصًا في 12 أغسطس (آب) 1985 حتفهم، وهم في طريقهم إلى مدينة أوساكا، وهي الكارثة الأسوأ في القطاع وقتئذ، أما الرحلة رقم 182 بالخطوط الجوية الهندية التي انطلقت في 23 يونيو 1985، في طريقها إلى نيودلهي، فقد انفجرت فوق آيرلندا بسبب قنبلة زرعها إرهابي أدت إلى وفاة 268 كنديًا و27 بريطانيًا و24 هنديًا.
وعن الرحلة رقم 004 التابعة لشركة لاودا، تحطم المحرك الأيسر بالكامل بسبب عطل ميكانيكي أدى إلى انفجار الطائرة، وهي في طريقها إلى فيينا، ووفاة 223 شخصًا، بينما لم يتم التعرف على 27 جثة منهم حتى الآن.
في 22 ديسمبر (كانون الأول) 1992، تحطمت طائرة «بوينغ» تابعة لشركة الخطوط الجوية العربية الليبية قرب مطار طرابلس خلال رحلة لها من بنغازي، مما أدى إلى مقتل 157 شخصًا. وفي 12 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1996 اصطدمت طائرتان في الجو، إحداهما تنتمي للخطوط السعودية والأخرى لكازاخستان، أدت إلى وفاة 349 شخصًا، ويعود السبب لطاقم الطائرة الكازاخستاني الذي يستقبل التنبيهات على الراديو ولا يعرف اللغة الإنجليزية بشكل كامل. وفي 31 أكتوبر 1999، تحطمت طائرة «بوينغ B767» تابعة لشركة مصر للطيران، قبالة ساحل ماساتشوستس الأميركي بعد نحو ساعة من إقلاعها، ولم ينجُ من الحادث أي من الركاب الـ217. وفي 30 يونيو 2009، سقطت طائرة تابعة للخطوط اليمنية في المحيط الهندي بعد إقلاعها من مطار صنعاء الدولي قبل موعد هبوطها بربع ساعة بالقرب من جزر القمر، وقتل نحو 150 شخصًا من ركابها.
وبينما توفي 641 شخصًا العام الماضي في حوادث جوية، سافر نحو 3.3 مليار شخص بأمان على 38 مليون رحلة عام 2014. وأوضح «آياتا»، أن «2014 شهد تراجعًا في عدد الحوادث المهلكة، وهذا الأمر حقيقي حتى لو أضفنا كارثة (إم إتش 17) الماليزية إلى نتيجة الحوادث الإجمالية»، موضحًا أنه على الرغم من الكوارث الجوية المميتة المسجلة، فإن معدل حوادث الطائرات العالمي عام 2014 سجل أدنى مستوى له في التاريخ، ومن المتوقع أن يسجل عام 2015 أيضًا تراجعًا في معدل الحوادث.
واقترحت منظمة الطيران المدني التابعة للأمم المتحدة التي تنظم قطاع الطيران العالمي، بعد اختفاء طائرة الخطوط الجوية الماليزية، بأن يفصح الطيران التجاري عن موقعه كل 15 دقيقة بدلاً من 40 دقيقة. وقد واجهت 73 طائرة العام الماضي حوادث متنوعة، مقارنة بـ81 حادثة في 2013، وقد تعرضت 12 طائرة لحوادث مميتة مقابل 16 طائرة في العام 2013.
وشهد العام الحالي عدة حوادث جوية منها: تحطم طائرة تابعة لسلاح الجو اليوناني في إسبانيا في 26 يناير (كانون الثاني) قتل على أثرها 11 شخصًا، وفي 4 فبراير (شباط) قتل 53 شخصًا في تحطم طائرة في تايوان، كما تحطمت طائرة تابعة لشركة طيران «جيرمن وينجز» في 24 مارس (آذار) الماضي أثناء قيامها برحلة من إسبانيا إلى ألمانيا، وكانت تقل 142 مسافرًا، وفي 30 يونيو سقطت طائرة «Hercules C - 130B» على حي سكني في جزيرة سومطرة الإندونيسية، وقتل جميع 122 شخصًا كانوا على متنها و19 شخصًا على الأرض.
وفي 31 أكتوبر اختفت طائرة تابعة لشركة طيران «كوغاليمافيا» متجهة من شرم الشيخ إلى مدينة سان بطرسبرغ الروسية من على شاشات الرادار، وتم العثور على حطامها في شبه جزيرة سيناء، نتيجة تفجير قنبلة يدوية أودت بحياة نحو 224 شخصًا. وتوقع وزير السياحة المصري هشام زعزوع خسائر 2.2 مليار جنيه (281 مليون دولار) شهريًا جراء قرار تعليق الرحلات الجوية من بريطانيا وروسيا.
وفقدت أسهم المؤشر الفرنسي لقطاع السفر والطيران بعد حادث باريس الإرهابي، الذي أودى بحياة 132 شخصًا، نحو 2.3 مليار يورو (2.46 مليار دولار) وسط مخاوف من تضرر القطاع جراء تراجع ثقة المستهلكين، كما هبطت أسهم مجموعة أكور الفندقية الفرنسية 4.7 في المائة «واير فرانس» 5.7 في المائة.
على صعيد آخر باتت اتفاقية «السماوات المفتوحة»، التي تتيح تحرير الطيران التجاري وتخفيف القيود على حقوق الهبوط، مهددة نوعًا ما نتيجة ما يحدث، خشية استغلال شركات الطيران الأجنبية بعض الحوادث بمنطقة الشرق الأوسط، لوقف أو تعديل الاتفاقية، ما يضر بطائرات الخليج، إذ طلبت «دلتا إيرلاينز» و«يونايتد إيرلاينز» و«أميركان إيرلاينز» من البيت الأبيض فحص البيانات المالية لشركات الطيران المنافسة في قطر ودولة الإمارات العربية المتحدة، رغم تأكيد الناقلات الخليجية عدم تلقيها أي دعم.
وتدعي الشركات الأجنبية أن «طيران الإمارات» و«الاتحاد للطيران» و«الخطوط الجوية القطرية» تلقت دعمًا حكوميًا يزيد على 40 مليار دولار، وهو ما يمنحها ميزة غير عادلة. وتقول بعض الشركات الأميركية مثل «بوينغ»، وهي مورد كبير لشركات الطيران الخليجية مع منافستها الأوروبية «إيرباص»، إن اتفاقيات «السماوات المفتوحة» تعزز الفوائد الاقتصادية والمنافسة العادلة، وأدى نمو الناقلات الخليجية الثلاث على مدى العشرين عامًا الماضية إلى تآكل نصيب الشركات الأجنبية في السوق.
ومن المتوقع أن تزيد المنافسة أكثر مع دخول روسيا والصين، صناعة الطائرات، إذ تخطط موسكو لاستئناف الإنتاج المتسلسل لطائرات الركاب «IL - 96 - 300» بعد توقف لسنوات. وعرضت الصين في 2 نوفمبر الحالي، أول طائرة ركاب كبيرة من صنعها للرحلات القصيرة، التي تشكل رمزًا لطموحات بكين في مجال الطيران، ومنافسة لعملاقي الطيران «بوينغ» و«إيرباص».
ويصل حد الإنفاق العالمي على النقل الجوي إلى 750 مليار دولار تقريبًا سنويًا أي ما يعادل نحو 1 في المائة من إجمالي الناتج المحلي العالمي. ويلعب القطاع السياحي دورًا كبيرًا في دعم قطاع الطيران من خلال إنفاق نحو 620 مليار دولار، بحسب توقعات لـ«آياتا»، قالت أيضًا إن نحو 6.8 مليار دولار قيمة السلع المشحونة جوًا، فيما يوفر القطاع 58 مليون وظيفة في جميع أنحاء العالم، وتبلغ الضرائب على القطاع في 2014 ما يقارب 121 مليار دولار مقارنة بـ113 مليار دولار في 2013.
* الوحدة الاقتصادية لـ«الشرق الأوسط»



«فاو»: نطمح إلى مخرجات مهمة من «كوب 16» بالسعودية

جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)
جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)
TT

«فاو»: نطمح إلى مخرجات مهمة من «كوب 16» بالسعودية

جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)
جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)

قال الدكتور عبد الحكيم الواعر، المدير العام المساعد لمنظمة الأغذية والزراعة (فاو)، إن المنظمة ستُشارك بقوة خلال فعاليات مؤتمر الأطراف «كوب 16» لمواجهة التصحر، الذي ينعقد في السعودية مطلع شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أنه يتوقع خروج المؤتمر -وهو الأول من نوعه الذي يعقد في منطقة الشرق الأوسط- بمخرجات مهمة.

تعليقات الواعر جاءت على هامش لقاء «مائدة مستديرة»، أعده المكتب الإقليمي لـ«فاو» في مقره بالعاصمة المصرية، القاهرة، بحضور ممثلين محدودين لوسائل إعلام مختارة، وذلك لشرح شكل مشاركة المنظمة في المؤتمر المقبل، وتأكيد أهمية ما يُعرف باسم «ثالوث ريو» (Rio trio)، وهي الاتفاقية التي تربط مؤتمرات الأطراف الثلاثة لحماية الأرض التابعة للأمم المتحدة في مجالات تغيُّر المناخ، وحماية التنوع البيئي، ومكافحة التصحر.

وقالت فداء حداد، مسؤول برامج إعادة تأهيل الأراضي والتغيُّر المناخي في منظمة الفاو، إن اتفاقيات الأطراف الثلاثة غاية في الأهمية والتكامل، وإن المؤتمر المقبل في السعودية سيركز على الأراضي والمياه، وإعادة تأهيلهما والإدارة المستدامة لهما.

الدكتور عبد الحكيم الواعر المدير العام المساعد لمنظمة فاو يتوسط لقاء «مائدة مستديرة» مع خبراء وصحافيين في مقر المنظمة بالقاهرة (الشرق الأوسط)

وأشارت فداء حداد إلى أن نحو 90 بالمائة من منطقة الشرق الأوسط تعاني الجفاف، إلا أنه على الرغم من ذلك، تمكَّنت المجتمعات المحلية والحكومات العربية في كثير منها في اتخاذ إجراءات لمواجهة الجفاف والتصحر.

وكشفت فداء حداد أن «فاو» نجحت للمرة الأولى في وضع موضوع النظم الغذائية على أجندة اجتماعات مؤتمر الأطراف لمواجهة التصحر، الذي يعقد في السعودية، لتتم مناقشة أهمية إعادة تأهيل الأراضي في تحسين السلاسل الغذائية وأنظمتها.

من جانبه، أوضح الواعر أن «فاو» لديها دور كبير في تحقيق الهدف الثاني الأممي من أهداف التنمية المستدامة، وهو القضاء على الجوع، ومن ثم فهي تشارك بقوة وفاعلية في مؤتمرات الأطراف لمواجهة تغيُّر المناخ والتصحر وحماية التنوع، التي تخدم ذات الهدف.

وأكد الواعر أن المنظمة تحاول إبراز دور الغذاء والزراعة وتحول النظم، بحيث تكون أكثر شمولاً وكفاءة واستدامة، من أجل تحقيق إنتاج وتغذية أفضل لحياة أفضل، مشيراً إلى نجاح المنظمة في إدخال هذه الرؤية إلى أجندة الاتفاقيات الثلاث التي تهدف لحماية الأرض، والإسهام مع عدد من الدول المستضيفة في بعض المبادرات.

جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)

وأضاف المسؤول الأممي أن هناك تواصلاً كبيراً مع السعودية لدعم بعض المبادرات خلال استضافتها «كوب 16»، خصوصاً أن هذه الاستضافة تعد مهمة جدّاً من أجل دول المنطقة، كونها الأكثر معاناة فيما يتعلق بندرة المياه والجفاف والتصحر، إلى جانب مشكلات الغذاء والزراعة وغيرهما... ولذا فإن أمام هذه الدول فرصة لعرض الأزمة وأبعادها والبحث عن حلول لها، وإدراجها على لوائح المناقشات، ليس في الدورة الحالية فقط؛ ولكن بشكل دائم في مؤتمرات «كوب» التالية.

وأكد المدير العام المساعد لمنظمة الفاو، أن العالم حالياً أكثر انتباهاً واهتماماً بمشكلة التصحر، لكونها بدأت في غزو مناطق لم يسبق لها أن شهدتها في تاريخها أو تصورت أن تشهدها، على غرار جنوب أوروبا أو مناطق في أميركا اللاتينية مثلاً، وهذه الدول والمناطق بدأت تلاحظ زحف التصحر وانحسار الأراضي الزراعية أو الغابات بشكل مقلق، ومن ثم بدأت النظر إلى المنطقة العربية تحديداً لتعلُّم الدروس في كيفية النجاة من هذه الأزمة عبر قرون طويلة.

وأفاد الواعر بأن «فاو» ستشارك في «كوب 16» بجناحين، أحدهما في المنطقة الزرقاء والآخر في المنطقة الخضراء، وذلك حتى يتسنى للمنظمة التواصل مع الحكومات، وكذلك الأفراد من المجتمع المدني ورواد المؤتمر.

كما أوضح أن «فاو»، بالاتفاق مع السعودية والأمم المتحدة، ستقوم بقيادة التنسيق في يومي «الغذاء» و«الحوكمة» يومي 5 و6 ديسمبر، إضافة إلى مشاركتها القوية في كل الأيام المتخصصة الباقية خلال فعاليات «كوب 16» لمكافحة التصحر.

الدكتور عبد الحكيم الواعر المدير العام المساعد لمنظمة فاو يتوسط لقاء «مائدة مستديرة» مع خبراء وصحافيين في مقر المنظمة بالقاهرة (الشرق الأوسط)

وحول أبرز الموضوعات والمحاور التي جرى إدراجها للنقاش في أروقة «كوب 16» بالرياض، أوضح الواعر أن من بينها «الاستصلاح والإدارة المستدامة للأراضي» في منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، والتي تعد مسألة مهمة وأساسية في محاولة استرجاع وإعادة تأهيل الأراضي المضارة نتيجة التصحر، خصوصاً من خلال المبادرات المتعلقة بزيادة رقعة الغابات والمناطق الشجرية، على غرار المبادرات السعودية الخضراء التي تشمل خطة طموحاً لمحاولة زراعة 50 مليار شجرة بالمنطقة العربية.