النظام السوري يستعيد بلدتين في القلمون.. والمعارضة تؤكد تماسك جبهة ريما

ناشطون يؤكدون استهداف بلدة عدرا بالغازات السامة للمرة الخامسة

مقاتلون من المعارضة السورية بجانب دبابتين في منطقة خناصر شمال حلب أمس (أ.ف.ب)
مقاتلون من المعارضة السورية بجانب دبابتين في منطقة خناصر شمال حلب أمس (أ.ف.ب)
TT

النظام السوري يستعيد بلدتين في القلمون.. والمعارضة تؤكد تماسك جبهة ريما

مقاتلون من المعارضة السورية بجانب دبابتين في منطقة خناصر شمال حلب أمس (أ.ف.ب)
مقاتلون من المعارضة السورية بجانب دبابتين في منطقة خناصر شمال حلب أمس (أ.ف.ب)

أحرزت القوات السورية النظامية، أمس، تقدما في بلدة السحل الواقعة شمال مدينة يبرود بريف دمشق وبلدة العقبة، بالتزامن مع تكثيف القصف النظامي في محيط المدينة. وفي حين ذكرت دمشق أن القوات النظامية سيطرت بالكامل على بلدة سحل، قلل ناشطون معارضون من أهمية التقدم النظامي، مشيرين إلى أنه حصل في جزء خال من البلدة، التي نزح غالبية سكانها في الأسابيع الأخيرة.
وتعد بلدة السحل الملاصقة لمزارع ريما خط الدفاع الأخير عن مدينة يبرود، وهي المدينة الكبرى الأخيرة التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة في منطقة القلمون الجبلية، الحدودية مع لبنان، وتقع على الطريق الاستراتيجي الذي يصل العاصمة دمشق بمدينة حمص في وسط البلاد.
ونقلت وكالة الأنباء السورية «سانا» عن مصدر عسكري قوله أمس إن «وحدات من جيشنا الباسل أحكمت سيطرتها الكاملة على بلدة السحل شمال يبرود ومنطقة العقبة في القلمون وقضت على أعداد من الإرهابيين في سلسلة عمليات نفذتها ضد أوكارهم وتجمعاتهم في قرى وبلدات عدة بريف دمشق». وأوضح أن القوات النظامية «أعادت الأمن والاستقرار بعد أن قضت على آخر تجمعات الإرهابيين فيهما وأحرزت تقدما في مزارع ريما».
وفي السياق ذاته، بثت قناة «المنار»، الناطقة باسم حزب الله اللبناني، مشاهد حية من السحل تظهر وجود القوات النظامية السورية في إحدى مناطقها. وأشارت نقلا عن مراسلها الميداني إلى أن البلدة «تعتبر عصب الدفاع المتقدم للمسلحين المتحصنين في يبرود»، لافتة إلى أن وحدات الجيش السوري «أصبحت مشرفة بالنار والرؤية على جميع جوانب البلدة التي يتحصن فيها المسلحون». وذكرت «المنار» نقلا عن «مصادر سورية» أن «الجيش السوري أحرز مزيدا من التقدم في مزارع ريما المتاخمة ليبرود». في المقابل، قال مدير المكتب الإعلامي في تنسيقية القلمون التابعة للمعارضة السورية عامر القلموني لـ«الشرق الأوسط» إن «التقدم الطفيف الذي حققته القوات النظامية لا يعني استعادة السحل، بدليل تصوير إعلام النظام المنطقة من موقع عسكري مرتفع معروف باسم (كتيبة 23)»، مؤكدا أن «المنطقة التي اقتحمها الجيش النظامي خالية من السكان وهي تتعرض منذ 20 يوما لرمي مكثف بمدافع (23)».
ولم ينكر الناشط المعارض أن «الاشتباكات باتت حاليا على مسافات متقاربة جدا، وثمة التحام مباشر مع القوات النظامية»، لافتا إلى «عراك بالسلاح الأبيض شهدته تخوم السحل قبل يومين وأوقع خسائر في صفوف النظام، وتحديدا ألوية الحرس الجمهوري».
وشدد القلموني على أن اقتراب المعركة من مزارع ريما «لا يحبط كتائب المعارضة باعتبار أن جبهتها متماسكة جدا ولا يستطيع الجيش النظامي التقدم إليها»، لافتا في الوقت ذاته إلى أن «يبرود لا تزال بعيدة، وكتائب المعارضة تصد كل محاولات التقدم إليها».
وكانت يبرود، التي بقيت بمنأى عن المعارك لفترة طويلة، مركزا للمعارضة السلمية للنظام السوري، الذي أطلق في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي حملة واسعة، سيطر بموجبها على 16 مدينة وقرية على طول الطريق السريع الذي يربط دمشق وحمص. ودخلت «جبهة النصرة»، الذراع الرسمية لتنظيم القاعدة، إلى يبرود في مطلع ديسمبر (كانون الأول) الماضي، في حين سيطرت القوات النظامية بمؤازرة عناصر حزب الله اللبناني على عدد من البلدات المهمة في القلمون، أبرزها قارة والنبك ودير عطية والجراجير وغيرها من القرى الصغيرة.
وفي سياق متصل، أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية، مدعمة بقوات الدفاع الوطني ومقاتلي حزب الله، من جهة، ومقاتلي «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) و«جبهة النصرة» وعدة كتائب إسلامية، من جهة أخرى، في منطقة تلال السحل ومنطقة ريما، ترافقت مع قصف نظامي لمناطق الاشتباك.
وفي ريف دمشق، أعلن «مجلس قيادة الثورة السورية» تعرض بلدة عدرا لقصف مركز بالغازات السامة، أول من أمس، للمرة الخامسة على التوالي، مما أدى إلى مقتل أربعة أشخاص على الأقل وإصابة أكثر من 30 آخرين. وقال ناشطون إن القتلى «من عناصر الجبهة الإسلامية السورية». وبحسب مصادر طبية ميدانية، فإن الأعراض التي ظهرت على المصابين هي ضيق التنفس والهذيان والغثيان والتقيؤ، إضافة إلى زيغ البصر وتضيُّق حدقة العين.
ورجحت المصادر أن تكون المواد المستخدمة هي غاز السارين، الذي قالت إن النظام استخدمه على نطاق ضيق عدة مرات قبل مجزرة الكيماوي في الغوطة في أغسطس (آب) العام الماضي.
وذكرت مصادر المعارضة العسكرية أن «الصواريخ استهدفت النفق الفاصل بين قوات تابعة لـ(جيش الإسلام) التابع لـ(الجبهة الإسلامية) في عدرا، وقوات النظام، وذلك بعد عملية تمشيط نفذتها قوات (جيش الإسلام) لمعامل ونقاط عسكرية سيطرت عليها».
وفي دير الزور، شرق سوريا، سيطرت القوات النظامية على بلدة حويجة المريعية قرب مطار دير الزور العسكري، عقب اشتباكات عنيفة مع الكتائب الإسلامية المقاتلة، وفق المرصد، في حين نقلت وكالة «سانا» عن مصدر عسكري أن «وحدات من جيشنا الباسل أعادت الأمن والاستقرار إلى بلدة حويجة المريعية بعد القضاء على أعداد كبيرة من الإرهابيين ومصادرة أسلحتهم».
وتقع حويجة المريعية في محيط مطار دير الزور العسكري، حيث شهدت منذ أيام أعمال قصف واشتباكات، بين القوات النظامية وكتائب المعارضة.
وفي حلب، أعلن المرصد السوري أن «القوات النظامية فتحت نيران رشاشاتها الثقيلة على مناطق في حي مساكن هنانو»، تزامنا مع «انفجار عبوة ناسفة عند حاجز الحيية شرق مدينة منبج بالقرب من جسر قرقوزات بسيارة مقاتلين من الكتائب الإسلامية المقاتلة، مما أدى لمصرع مقاتل وسقوط جرحى». واتهم مقاتلو الكتائب الإسلامية تنظيم «داعش» بزرع العبوة الناسفة، وفق المرصد.
وفي حماه، قال ناشطون إن نحو 25 جنديا من القوات النظامية قتلوا على الجبهة الجنوبية بريف حماه الشمالي، الذي يسيطر عليه الجيش الحر، وذلك إثر اشتباكات جرت بين الطرفين. وذكر مركز حماه الإعلامي أن «الجيش الحر» تمكن من تدمير دبابة لقوات النظام بصاروخ حراري على حاجز تل عثمان بريف حماه الشمالي وسط استهداف من الجيش الحر لتجمعات النظام على حاجزي الجنابرة والحماميات بريف حماه.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.