حذر تقرير للبنك الدولي، الذي نُشر ليتزامن مع الاجتماعات التمهيدية الحالية في باريس تحضيرًا لمؤتمر المناخ، من أن عدم اتخاذ أي إجراءات للحد من تأثير الاحتباس الحراري سيؤدي إلى زيادة عدد من يعيشون في الفقر المدقع بواقع مائة مليون بحلول عام 2030.
يذكر أن ممثلين رفيعي المستوى عن حكومات نحو 70 دولة يبحثون في باريس منذ أول من أمس (الأحد) عن حلول توافقية للنقاط الخلافية في معاهدة المناخ التي يجري التخطيط لها لتخلف اتفاقية كيوتو.
وأورد تقرير البنك الذي نُشر قبل شهر من انعقاد مؤتمر باريس حول المناخ «من دون تنمية ذكية في ملف المناخ، فإن التبدل المناخي قد يجر أكثر من مائة مليون شخص إلى الفقر بحلول عام 2030».
وقال البنك الدولي أيضًا: «على المدى الأبعد، وحده تحرك دولي فوري ومدعوم بهدف تقليص الانبعاثات العالمية للغازات الدفيئة سيتيح حماية ملايين الأشخاص من الفقر»، داعيًا الدول الثرية إلى مساعدة دول الجنوب في تمويل إجراءات تخفف من وطأة الاحتباس الحراري.
وذكرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، أمس (الاثنين)، أن حجم غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي ارتفع إلى مستوى غير مسبوق العام الماضي، ليزيد معدل ارتفاع درجة حرارة الأرض بدرجة أكبر.
وقالت المنظمة التابعة للأمم المتحدة إنه منذ عام 1990 ارتفع صافي درجة الحرارة في الغلاف الجوي بواقع 36 في المائة، ويرجع ذلك في الأساس إلى انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من صنع الإنسان، ولكن أيضًا بسبب غازات أخرى، مثل الميثان أو أكسيد النيتروس.
وقال سكرتير عام المنظمة العالمية للأرصاد الجوية ميشال جارود: «إننا سوف نعيش قريبًا في ظل تجاوز المتوسط العالمي لثاني أكسيد الكربون 400 جزء في المليون كحقيقة دائمة».
وقال لوران فابيوس وزير الخارجية الفرنسي في مستهل المحادثات التمهيدية غير الرسمية في باريس: «يجب فعل كل شيء لضمان نجاح مؤتمر باريس». وقد يفضي مؤتمر باريس الدولي الذي يبدأ في 30 نوفمبر (تشرين الثاني) إلى اتفاق دولي يحد من انبعاثات الغازات الدفيئة.
وحثت ألمانيا، أمس، على تسريع وتيرة المحادثات التمهيدية لمؤتمر قمة المناخ في العاصمة الفرنسية باريس. وفي تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية، قال يوخن فلاسبارت وكيل وزارة البيئة الألمانية: «كل تأخير جديد في المحادثات التمهيدية سيكون بمثابة أمر غير مسؤول».
وأضاف مصدر البنك الدولي نفسه أن التأثير الأكبر سيطال القارة الأفريقية حيث قد يتسبب الاحتباس الحراري بارتفاع كبير في أسعار المواد الغذائية قد يبلغ 12 في المائة العام 2030.
وتابعت المؤسسة المتخصصة في التنمية الاقتصادية أن هذا الأمر سيشكل «ضربة قاسية جدا لمنطقة يشكل فيها الاستهلاك الغذائي في المساكن الأكثر فقرًا أكثر من 60 في المائة من النفقات».
والتأثير سيطال أيضًا جنوب آسيا؛ ففي الهند، قد تدفع الأزمات الزراعية والانتشار السريع للأمراض الناتجة من الاختلال المناخي 45 مليون شخص إلى الفقر المدقع، مما يعني أنهم سيعيشون بأقل من 1.9 دولار يوميا. والتأثيرات ستكون أيضًا صحية.
فارتفاع حرارة الأرض بما يتجاوز سقف الدرجتين، الذي حدده المجتمع الدولي، بدرجتين أو ثلاث، قد يزيد بنسبة خمسة في المائة عدد السكان المعرضين للإصابة بالملاريا، مما يعني 150 مليون شخص إضافيين، بحسب البنك الدولي.
وتابع التقرير أن أمراض الإسهال قد تزيد بنسبة عشرة في المائة خلال الأعوام الخمسة عشر المقبلة، داعيا إلى تنمية «سريعة ومتضامنة تأخذ (أزمة) المناخ في الاعتبار».
وأظهرت الرسوم التوضيحية التي أصدرتها الأمم المتحدة أن مستويات ثاني أكسيد الكربون، وهو الغاز الرئيسي المسبب لظاهرة الاحتباس الحراري، ترتفع بشكل مطرد وتحقق رقمًا قياسيًا جديدًا كل عام، منذ بدء تسجيلها بشكل له مصداقية عام 1984.
وقال ميشال جارو من منظمة الأرصاد الجوية «هذا يعني ارتفاعًا عالميًا لدرجة الحرارة والمزيد من مظاهر الطقس المتطرف مثل موجات الحر والفيضانات وذوبان الجليد وارتفاع مستويات البحار وزيادة حموضة المحيطات. هذا يحدث الآن ونحن نتحرك بسرعة مخيفة صوب المجهول».
ويجتمع نحو ستين وزيرًا للبيئة والطاقة لليوم الثاني أمس الاثنين في باريس لتحريك المفاوضات من أجل التوصل إلى اتفاق عالمي حول المناخ. وقال وزير خارجية فرنسا الذي سيترأس مؤتمر المناخ للوزراء إن «الحياة على أرضنا هي المهددة تحديدا والأمر ملح بالمطلق».
ويتوقع التوصل إلى اتفاق لمكافحة ارتفاع حرارة الأرض في ختام هذا المؤتمر الذي سيفتتح بقمة يشارك فيها رؤساء دول وحكومات أكثر من مائة بلد.
وصدرت التحذيرات المناخية الدولية غداة تأكيد باحثين أميركيين أن مدنًا كبرى، مثل شنغهاي وبومباي وهونغ كونغ، مهددة بسبب الخلل المناخي بالزوال جزئيًا على الأمد الطويل، بعد أن تغمرها المياه إذا لم يتوصل العالم إلى الحد من ارتفاع حرارة الأرض بواقع درجتين.
وعند ارتفاع الحرارة أكثر من درجتين، سيواصل مستوى مياه البحر الارتفاع لتغطي أراضٍ يقطنها اليوم 280 مليون شخص، حسب الدراسة التي نشرها مركز الأبحاث «كلايمت سنترال». وإذا ارتفعت أكثر من أربع درجات، فستشمل الظاهرة عندها أكثر من 600 مليون شخص.
ويمثل وزراء البيئة والطاقة المجتمعون في العاصمة الفرنسية كل مجموعات الدول المشاركة في المفاوضات، التي لا تزال تقوم بينها خلافات كثيرة.
وخلال دورتهم الأخيرة من المفاوضات السابقة لمؤتمر المناخ في باريس، وافق مفاوضو الأمم المتحدة في أكتوبر (تشرين الأول) على نص من 55 صفحة يتضمن الكثير من الخيارات المتناقضة في بعض الأحيان.
ويفترض أن يسمح الاتفاق الذي يؤمل في التوصل إليه في مؤتمر باريس بإبقاء ارتفاع حرارة الأرض ضمن درجتين بالمقارنة مع الوضع قبل الثورة الصناعية. وبعد هذا السقف يتوقع العلماء انعكاسات خطيرة على الأنظمة البيئية والاقتصادات مثل فيضانات متكررة وموجات جفاف.
والدول الرئيسية المسببة لانبعاث الغازات الدفيئة، ممثلة في فرنسا، إلى جانب عدد كبير من الدول الأفريقية والجزر الصغيرة، من ضحايا اضطرابات المناخ.
البنك الدولي يحذر: الاحتباس الحراري سيزيد عدد الفقراء مائة مليون
يصدر تقريره تزامناً مع الاجتماعات التمهيدية لمؤتمر المناخ في باريس
البنك الدولي يحذر: الاحتباس الحراري سيزيد عدد الفقراء مائة مليون
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة