هاربون من معارك الأنبار ينتقدون إجراءات الحكومة عند «جسر الذل»

يواجهون أوضاعًا صعبة في معبر «بزيبز» على الفرات غرب بغداد

نازحون من الأنبار في مخيم جنوب بغداد (إ.ب.أ)
نازحون من الأنبار في مخيم جنوب بغداد (إ.ب.أ)
TT

هاربون من معارك الأنبار ينتقدون إجراءات الحكومة عند «جسر الذل»

نازحون من الأنبار في مخيم جنوب بغداد (إ.ب.أ)
نازحون من الأنبار في مخيم جنوب بغداد (إ.ب.أ)

شكا نازحون من محافظة الأنبار من استمرار إغلاق جسر بزيبز الرابط بين محافظة الأنبار وبغداد (30 كيلومترا غرب العاصمة) أمام العوائل النازحة والهاربة من تنظيم داعش الذي يسيطر على الرمادي والفلوجة ومدن وبلدات أخرى في الأنبار.
وانتقد النازحون استمرار الحكومة العراقية في وضع العقبات أمام دخولهم إلى بغداد للسكن فيها أو المرور عبرها إلى محافظات إقليم كردستان، مطالبين بتقديم الخدمات لهم وتسهيل إجراءات الدخول على أساس أنهم عراقيون وعدم تركهم تحت سيطرة تنظيم داعش.
وقال المواطن أحمد خلف (43 سنة): «خرجت من بيتي من مدينة الرمادي أنا وعائلتي هربًا من المعارك الحالية ضد تنظيم داعش قبل ثلاثة أيام لكني تفاجأت بعدم إمكانية العبور من على جسر بزيبز من قبل القوات الأمنية». وأضاف أن جسر بزيبز كان مفتوحا أمام كل العوائل إلا أن القوات الأمنية بدأت تضع العراقيل ولا تسمح بعبور النازحين إلا لبعض الحالات النادرة، لكن أغلب العوائل افترشت الأرض أمام الجسر كونها هربت من تنظيم داعش، والحكومة أغلقت أبواب المساعدة أمامهم، وعدم السماح لهم بالدخول وكأنهم غير عراقيين، حسبما أفادت به وكالة الأنباء الألمانية.
والى جانب هذه الانتقادات بتجاهل حقوق العائلات وعدم إدخالهم للعاصمة وتقديم الرعاية، فإن هناك انتقادات أخرى وجهت للقوات الأمنية من قبل مواطنين عند جسر بزيبز، حيث أكد بعضهم أن من لديه صداقات وأقارب من أفراد القوات الأمنية يعبر بسهولة تامة، بينما لا يسمح لحالات إنسانية صعبة بالدخول.
وقال ضابط في القوات الأمنية العراقية المسؤولة عن منفذ بزيبز رفض ذكر اسمه إن «الأوامر التي تصدر بفتح أو إغلاق الجسر هي إما من قيادة العمليات العسكرية أو من قبل رئاسة الوزراء». وأكد الضابط: «إننا نتساهل أمام الحالات الطبية التي تتطلب العبور لأجل العلاج، لكن ليس لدينا أمر بعبور كل العوائل»، مضيفا أن عددا من عناصر القوات الأمنية تقدم المساعدات اللازمة تجاه العوائل القاطنة أمام الجسر.
وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أمر مطلع الأسبوع الحالي بفتح جسر بزيبز أمام كل المواطنين القادمين من محافظة الأنبار للعبور إلى العاصمة بغداد، لكن هذا التوجيه لم يطبق وبقي العبور فقط أمام الحالات المرضية الحرجة.
وقالت الحاجة أم علي (69 سنة): «خرجنا أنا وأبنائي من بيتنا في مدينة هيت حفاظا على أرواحنا، وفوجئنا بعدم السماح لنا بعبور جسر بزيبز الذي يجب تسميته جسر الذل». وأضافت أنها نصبت خيمتها وافترشت الأرض بالقرب من الجسر بانتظار إشارة الدخول لبغداد هي وعائلتها.
وألقت أم علي باللوم على محافظ الأنبار صهيب الراوي ومجلس محافظة الأنبار قائلة: «لقد انتخبناهم، ولم يقدموا لنا شيئًا، وتجاهلونا، وتركونا تحت الأمطار والفيضانات، ولم يحركوا ساكنًا تجاهنا ونجدد مطالبتنا بمساعدتنا المادية المعنوية وفتح جسر بزيبز أمامنا كونها من أبسط المطالب».
وكرر نواب ومسؤولو محافظة الأنبار دعواتهم للحكومة المركزية بفتح الجسر أمام كل العوائل الهاربة من المعارك. وقال جاسم العسل عضو مجلس محافظة الأنبار: «قد طالبنا الحكومة المركزية مرارًا وتكرار بفتح الجسر بوجه العوائل وعدم عرقلة دخولهم كونهم هربوا من خط المعارك في المحافظة».
وأكد أن «رئيس الوزراء أمر بفتح المعبر في وقت سابق، لكنه، وكما يبدو، مجرد طرح للتسويق الإعلامي ليس إلا».
ويعد جسر بزيبز المنفذ الوحيد على نهر الفرات لعبور الأشخاص والسيارات من محافظة الأنبار إلى بغداد منذ انطلاق العمليات العسكرية بين القوات الأمنية وتنظيم داعش العام الماضي، وشهد وفاة الكثير من النازحين بسبب الزحام والحر الشديد صيفا والأمطار والبرد شتاء، بسبب صرامة إجراءات العبور، حيث تخشى السلطات العراقية تسلل بعض عناصر «داعش» إلى العاصمة العراقية بغداد.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».