مصادر بريطانية: أبو أسامة المصري العقل المدبر والمخطط لإسقاط الطائرة

زعيم «أنصار بيت المقدس»: نحن من أسقطها في يوم بيعتنا للبغدادي

مصادر بريطانية: أبو أسامة المصري العقل المدبر والمخطط لإسقاط الطائرة
TT

مصادر بريطانية: أبو أسامة المصري العقل المدبر والمخطط لإسقاط الطائرة

مصادر بريطانية: أبو أسامة المصري العقل المدبر والمخطط لإسقاط الطائرة

أصابع الشبهة بتفخيخ وتفجير الطائرة الروسية تتجه الآن إلى مصري عمره 42 سنة، ولا يظهر إلا «مموه الوجه» في الصور ولقطات الفيديو، بحيث لا يعرف ملامحه ولا اسمه أحد، سوى متطرفين معه في تنظيم «ولاية سيناء» الذي أعلن الولاء في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي للخليفة «الداعشي» أبو بكر البغدادي.
وكشفت معلومات لدى المخابرات البريطانية عن أن العقل المدبر في إسقاط الطائرة الروسية فوق سيناء، مطلع الأسبوع الماضي، ومقتل 224 كانوا على متنها، قيادي أصولي يدعى أبو أسامة المصري، زعيم «أنصار بيت المقدس»، الذي أعلن الولاء لـ«داعش» في نوفمبر الماضي وغير اسمه «لولاية سيناء».
من جهتها، أشارت صحيفة «صنداي تايمز» البريطانية، التي نقلت الخبر أمس، إلى أن مسؤولين بريطانيين أعلنوا عن «الاستعداد لمساعدة مصر أو روسيا في مهمة قتل أو اعتقال قد تستدعي إنزال عناصر من قوات النخبة البريطانية الخاصة» في شبه جزيرة سيناء، لمواجهة «أبو أسامة».
ونقلت الصحيفة أن «المخابرات البريطانية تعتبر المصري منذ فترة طويلة شخصية مهمة، وجديرة بالمتابعة ضمن التنظيمات المتطرفة في المنطقة، وذلك خاصة بعد تمدد (داعش) في مصر».
وأوضحت أن «المصري نجح في دسّ مادة متفجرة أو قنبلة من صنع بعض التابعين له، على متن الطائرة المنكوبة بفضل علاقاته، أو شراء ذمة أو بالتهديد».
ويعتبر أبو أسامة المصري زعيم تنظيم بيت المقدس الذي تحول اسمه إلى «ولاية سيناء»، كل ما وضح عنه، ليس مؤكدا، كون الجهات الأمنية لم تعلن بشكل رسمي عن هويته، إلى جانب أن المصري لا يزال يخرج إلى الآن وقد تم طمس وجهة حتى لا يعرفه أحد».
وأوضحت الصحيفة أن «المخابرات البريطانية التي تملك بصمة صوتية نادرة للمصري، نجحت في تأكيد تطابق البصمة مع الصوت الذي تلا البيان الصوتي الذي تبنى فيه (داعش) العملية».
وذكرت أن مسؤولين في المخابرات، مقتنعون بأن «أبو أسامة المصري» تلقى مساعدة من داخل مطار شرم الشيخ لتسريب قنبلة ودسها في حقيبة أحد المسافرين على متن الطائرة.
وأشارت إلى أن «مسؤولين» في المخابرات كانوا منهمكين مساء السبت في التحقق من تورط بريطانيين حلفاء للتنظيم «الداعشي» بعملية تفجير الطائرة، بعد أن اتضح من عمليات رصد وتنصت قامت بها الاستخبارات على اتصالات إلكترونية بين متطرفين يتحادثون عن الطائرة بلهجة مدينتي لندن وبرمنغهام.
من جهته، كشف شريط فيديو تحت عنوان «نحن من أسقطها، فموتوا بغيظكم» نشرت مؤسسة «البتار» الإعلامية التابعة لتنظيم داعش تفريغا نصيا لكلمة صوتية بثها تنظيم ولاية سيناء يؤكد فيه أنه الذي قام بإسقاط الطائرة المدنية الروسية فوق شبه جزيرة سيناء المصرية.
وكان لافتا في رسالة «ولاية سيناء» هذه المرة نبرة التحدي التي اشتملت عليها الرسالة، بحسب «المرصد الإسلامي» بلندن، وهو هيئة حقوقية تهتم بأخبار الأصوليين حول العالم فخاطب التنظيم من وصفهم بـ«المكذبين المشككين» إعلانه إسقاط الطائرة بالقول: «مُوتُوا بِغيظِكُم؛ نَحنُ بِفضلِ اللهِ مَنْ أسقطهَا. ولسنا مجبرين عن الإفصاح عن آلية سقوطها. فهاتوا حطام الطائرة فتشوه. وأحضروا صندوقكم الأسود وحللوه، اخرجوا علينا بخلاصة أبحاثكم، وعصارة خبرتكم؛ واثبتوا أننا لم نسقطها».
وقال التنظيم على لسان أبو أسامة المصري: «سنفصح إن شاء الله عن آلية سقوطها في الوقت الذي نريده وبالشكل الذي نراه». وأضاف: «هل لاحظتم أنها سقطت في اليوم السابع عشر من شهر المحرم؛ هل تدرون أن هذا اليوم هو الموافق ليوم بيعتنا للبغدادي».
من جهته، أكد ياسر السري مدير «المرصد الإسلامي» بلندن لـ«الشرق الأوسط»، أن أبو أسامة المصري زعيم «أنصار بيت المقدس» هو خطيب شرعي، ظهر في مناسبات عدة من قبل وله خطبة مشهورة «هذا منهجنا»، ثم بيان، تلاه فيديو في مايو (أيار) هذا العام، عنوانه «بيعة الأُباة» وظهر فيه زعيم التنظيم أبو أسامة المصري وسط مسلحين يرتدون الزي العسكري.
وأكد السري لـ«الشرق الأوسط» أبو أسامة ليس هو كما يتردد «يسري عبد المنعم نوفل»، القيادي السابق بتنظيم «الناجون من النار» وهو تنظيم ظهر أواخر الثمانينات مزج بين الدعوة والقتال المسلح قام به عدد من الشباب الذي لا يتجاوز عمره الـ20 والمنتمي لتنظيم «الجهاد»، مشيرًا إلى أن «نوفل ما زال معتقلا في سجن العقرب في مصر».
ويسري عبد المنعم نوفل الذي أشارت المصادر البريطانية إلى أنه أبو أسامة المصري زعيم أنصار بيت المقدس، متزوج ولديه 12 ولدا وحفيدان. اعتقل في 30 أغسطس (آب) 1987م في قضية «الناجون من النار» بتهمة محاولة اغتيال حسن أبو باشا وزير الداخلية المصري الأسبق، إلا أن الاسلامي المصري ياسر السري مدير «المرصد الإسلامي» بلندن يؤكد أنه ما زال محتجزا في سجن العقرب، وكان نوفل ضمن تنظيم «الناجون من النار» الذي اكتشفته السلطات المصرية بالمصادفة بعد ثلاث محاولات لاغتيال مكرم محمد أحمد رئيس تحرير الهلال عام ١٩٨٧، وذلك بعد قيام التنظيم بمحاولة اغتيال حسن أبو باشا والنبوي إسماعيل وزيري الداخلية الأسبقين في العام نفسه.



تقلبات المناخ تهدد الأمن الغذائي في اليمن

الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)
الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)
TT

تقلبات المناخ تهدد الأمن الغذائي في اليمن

الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)
الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)

يشتكي غالبية مزارعي الحبوب في اليمن من تراجع إنتاجهم سنوياً بسبب تقلبات المناخ وتغير مواسم الأمطار وما تسببه غزارتها غير المتوقعة من جرف للتربة وتخريب للأراضي، وهو ما يتسبب لاحقاً في الإضرار بأمنهم الغذائي خلال الأشهر المقبلة التي تدخل فيها البلاد حالة من الجفاف الموسمي.

وينتهي، منتصف الخريف، موسم زراعة الحبوب في غالبية أنحاء اليمن، بالتزامن مع انخفاض درجات الحرارة وانقطاع الأمطار الموسمية ودخول البلاد في حالة من الجفاف، ويبدأ المزارعون حصر إنتاجهم من الحبوب وتخزينها للاستهلاك، كما يتم تخزين الزرع كأعلاف للمواشي التي تعاني من جفاف المراعي وشح الحشائش والأعشاب التي تتغذى عليها.

وبقدر ما يشعر المزارعون بالفرح خلال فترة جمع محصول موسم زراعة الحبوب، التي تشهد احتفاليات متوارثة تتعدد فيها الأغاني والأهازيج، يخالطهم شعور بالحزن بسبب اضطرارهم لانتظار موسم الأمطار المقبل لأشهر طويلة، وأملهم بهطول أمطار شتوية تساعدهم في زراعة أنواع أخرى من الحبوب.

امرأتان يمنيتان في محافظة تعز تنقلان العلف لتخزينه كغذاء للمواشي بعد انتهاء موسم الحصاد وبدء مواسم الجفاف (البنك الدولي)

يقول سعيد محمد، وهو مزارع مخضرم في مديرية الشمايتين جنوب محافظة تعز (جنوب غرب) إن فصلي الخريف والشتاء يشهدان في الغالب تراجعاً كبيراً في الإنتاج الزراعي، لكن بعض الأعوام قد تشهد سقوط أمطار خفيفة تساعد بعض المزارعين في إنتاج كميات محدودة من حبوب مختلفة عن تلك التي أنتجوها خلال الموسم السابق.

ويوضح المزارع السبعيني في رسالة نقلها لـ«الشرق الأوسط» أحد أبنائه، بسبب عدم خبرته في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، أن بعض المزارعين يحتاطون لمواسم الجفاف بتجميع مياه السيول في خزانات مبنية من الحجارة والأسمنت لزراعة أنواع من الخضراوات، بينما ينتظر آخرون هطول الأمطار الشتوية الخفيفة، وهي نادرة ويقضي المزارعون شتاءهم في انتظارها.

الأمل بأمطار الشتاء

ينتج المزارعون خلال موسم الأمطار الصيفية الذرة الشامية والذرة الرفيعة بأنواعها ومن البقوليات اللوبياء، أما في الشتاء فيكتفون بالذرة الشامية والشعير والعدس والخضراوات.

لكن المزارع حسين أحمد، من مديرية القبيطة التابعة لمحافظة لحج (جنوب)، يشير إلى أن أمطار الشتاء عادة ما تكون وخيمة على المزارعين، خصوصاً مالكي المواشي التي قد تعاني لأسابيع وأشهر طويلة من الجوع وانقطاعها عن المرعى، واعتمادها على ما جرى تخزينه من أعلاف.

مزروعات حبوب يبست في انتظار الأمطار بسبب عدم خبرة المزارعين اليمنيين بتغير مواسم الأمطار (غيتي)

ويبين أحمد، لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الشتوية تأتي خفيفة وعلى مدى أيام طويلة متصلة مصحوبة بانتشار ضباب كثيف، خصوصاً في المرتفعات الجبلية، ويمنع المزارعون من استخدام الأراضي بشكل جيد، بينما لا تتمكن المواشي من مغادرة مأواها بسبب هذه الأمطار.

إلا أنه، وبعد انقشاع الضباب وتوقف الأمطار، تعود الحياة إلى المراعي التي تعود الحشائش للنمو فيها، وهو ما يفيد المزارعين في الحصول على المزيد من الألبان ومنتجاتها.

وتساهم أمطار الشتاء، على ندرتها، في زيادة المياه الجوفية بفضل هطولها البطيء والطويل مما يساهم في تغلغلها داخل طبقات الأرض وفقاً للخبراء الجيولوجيين، كما تعمل على تحسين جودة الإنتاج الحيواني.

وتراجعت المساحة التي تحتلها زراعة الحبوب في اليمن من أكثر من 585 ألف هكتار قبل الحرب الدائرة في البلاد منذ عام 2014، إلى أقل من 529 ألف هكتار بحسب بعض البيانات والتقديرات عن هيئات حكومية وأخرى تحت سيطرة الجماعة الحوثية، أي بما يزيد على 56 ألف هكتار، من إجمالي المساحة المحصولية المقدرة بـمليون و 124 ألف هكتار.

استثمار بلا ضمانات

يستمر موسم زراعة الحبوب أكثر من 5 أشهر، ويبدأ غالباً منتصف مايو (أيار) الذي يشهد إلقاء البذور في التربة، لينتهي في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) وبدايات نوفمبر (تشرين الثاني) بحصد السنابل، ثم نزع الزرع.

مزارع يمني يحصّل منتوجاً قليلاً من قصب السكر الذي يزرع على نحو محدود في البلاد (رويترز)

ويرى الخبير الزراعي محمد سيف ثابت أن أوضاع المزارعين في السنوات الأخيرة تتشابه في جميع الفصول، خصوصاً مع تبدل مواسم الأمطار الصيفية وتغير مواقيتها، ما يصعِّب عليهم تحديدها أو توقعها، إلى جانب التغير الكبير في كمياتها وما تتسبب به من جرف للتربة وتخريب للأراضي.

ويقول ثابت في إيضاحاته لـ«الشرق الأوسط» إن ما يعاني منه المزارعون في الصيف خلال الأعوام الأخيرة، يشبه إلى حد كبير ما يمرون به في الشتاء، حيث يلجأ الكثير منهم إلى بذل جهد كبير وإنفاق أموال في تسوية الأرض ودفن البذور متوقعاً هطول الأمطار. إلا أن تلك البذور قد تتحلل قبل هطول الأمطار، أو تنبش الطيور التربة لتناولها، وهو ما يدفع بعضهم إلى دفن بديل عنها. أما إذا هطلت الأمطار ولم تنبت تلك البذور بسبب تحللها أو نبشها من قبل الطيور، فإنه يستحيل على المزارعين إعادة التجربة قبل أن تعود التربة إلى الجفاف مرة أخرى.

الذرة الرفيعة من أكثر أنواع الحبوب التي يفضلها المزارعون اليمنيون لسهولة الحصول على منتوج وفير منها (إكس)

وأبدى مصدر في وزارة الزراعة اليمنية انزعاجه من لجوء غالبية المزارعين إلى حصد سنابل الحبوب قبل نضجها وتناولها بعد شيها أو سلقها بوصفها وجبات إضافية، فيما يُعرف محلياً بـ«الجهيش»، وهو ما يتسبب في إهلاك الكثير من المحصول والإضرار بالأمن الغذائي للمزارعين خلال الأشهر اللاحقة.

وتابع المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن هذه العادة المتوارثة أصبحت غاية لغالبية المزارعين، لكن الفارق أن المزارعين في السابق، قبل عشرات وربما مئات السنين،كانوا يعتمدون على «الجهيش» بوصفها وجبات أساسية، إلى جانب قلة استهلاكهم لها، في الوقت نفسه الذي يملكون فيه كميات من ناتج الحبوب يغطي موسم الجفاف.

أما في الوقت الراهن؛ فإن غالبية المزارعين يكتفون بالحصول على «الجهيش» ولا يقومون بتخزين سوى كميات قليلة من الحبوب.