معارك كر وفر في الضالع.. والتحالف يمد المقاومة الجنوبية بأسلحة وذخائر

«خلايا نائمة» سهلت عمليات اغتيالات وسقوط أجزاء من مدينة دمت

عناصر من المقاومة الموالية للشرعية يستخدمون دبابة على تخوم مدينة مأرب أمس (رويترز)
عناصر من المقاومة الموالية للشرعية يستخدمون دبابة على تخوم مدينة مأرب أمس (رويترز)
TT

معارك كر وفر في الضالع.. والتحالف يمد المقاومة الجنوبية بأسلحة وذخائر

عناصر من المقاومة الموالية للشرعية يستخدمون دبابة على تخوم مدينة مأرب أمس (رويترز)
عناصر من المقاومة الموالية للشرعية يستخدمون دبابة على تخوم مدينة مأرب أمس (رويترز)

تشهد مدينة دمت، ثاني مدن محافظة الضالع اليمنية الجنوبية، والمجاورة لمحافظة إب بوسط البلاد، أعنف المواجهات بين قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، من جهة، والميليشيات الحوثية والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، ممثلة في الحرس الجمهوري المنحل، من جهة أخرى.
وذكرت المعلومات أن الحوثيين وقوات صالح تمكنوا من السيطرة على أجزاء من المدينة، بعد قتال عنيف، استُخدمت فيها كل أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، وجاء هجوم الحوثيين على دمت، في وقت متأخر من مساء أول من أمس، بعد ساعات على مقتل قائدي المقاومة الشعبية في دمت، نائف الجماعي، وفي قعطبة، صالح ريشان.
وذكرت مصادر مطلعة في الضالع لـ«الشرق الأوسط» أن مجاميع من الحرس الجمهوري والقوات الخاصة الموالية لصالح، تمكنت من التسلل إلى مدينة دمت بزي مدني، كون المدينة سياحية ويزورها آلاف المواطنين يوميا للاستشفاء بمياهها الكبريتية، وأشارت المصادر، التي تحفظت عن الإشارة إلى هويتها، إلى أن «خلايا نائمة» داخل المدينة، سهلت عملية اغتيال القائد الجماعي، كما سهلت عملية تفجير الوضع العسكري داخل المدينة وسقوط أجزاء واسعة منها.
وفي حين استمرت عمليات الكر والفر في دمت بين طرفي القتال، أرسلت المقاومة الشعبية الجنوبية تعزيزات عسكرية كبيرة إلى المنطقة لمنع خروج الحوثيين منها باتجاه مدينة الضالع، عاصمة المحافظة، التي تمثل البوابة الرئيسية إلى العاصمة المؤقتة عدن، وذكرت مصادر في المقاومة أن طيران التحالف نفذ عملية إنزال لأسلحة للمقاومة في الضالع، إذ أنزلت الأسلحة والذخائر في منطقة سناح، ووفقا لمصدر قيادي، فإن المقاومة «تخطط لعملية عسكرية شاملة تستعيد بها المدينة من أيدي الميليشيات الحوثية وقوات الرئيس المخلوع»، وجاءت عملية إنزال التحالف للأسلحة، بالتزامن مع غارات مكثفة نفذها طيران التحالف على مواقع الميليشيات الحوثية وقوات المخلوع صالح في محيط مدينة دمت.
من جانبه، توعد المتحدث الرسمي للمقاومة الشعبية الجنوبية، علي شايف الحريري ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح التي تحاول التوغل في منطقة دمت برد مزلزل، وقال الحريري لـ«الشرق الأوسط» إن المقاومة الشعبية الجنوبية في الضالع «سوف تقتلع تلك الميليشيات الإرهابية وسوف تقدم الدعم العسكري للمقاومة في دمت وقعطبة لدحر تلك الميليشيات. ولديها القدرة على اجتياح تلك الجبهات لتامين المنطقة»، وأضاف: «لقد هزمنا الحوثيين في الضالع وهم في أعتى جبروتهم، وسوف تستمر المقاومة الشعبية الجنوبية إلى جانب دول التحالف العربي في استئصال ميليشيات الحوثي الإيرانية من اليمن حتى نطهر المنطقة من هذا الوباء»، مشيرا إلى أن «الحرب القائمة إيرانية - عربية ونحن ضمن قوات التحالف العربي وتحت قيادة السعودية»، وتابع متحدث المقاومة الشعبية الجنوبية قائلا إنه «تم دحر التمدد الحوثي من الجنوب وكانت إمكانياتنا بسيطة، أما اليوم فيختلف عن الأمس تمامًا، فلن تجد تلك الميليشيات في الجنوب غير (رصاص حمر) تحصدهم عن آخرهم».
من ناحية ثانية، وفي حين استنفرت المقاومة الشعبية الجنوبية قواتها في الضالع والمناطق القريبة من دمت، فقد كشف محافظ الضالع، جنوب البلاد، فضل الجعدي، عن توجه لإنشاء جيش وطني في المحافظة يعمل على حماية وتأمين مؤسسات الدولة، مؤكدا نجاح عمليات التصدي للميليشيات الانقلابية، متهما تلك الميليشيات بممارسة حرب ضد الأبرياء، وقال الجعدي، في تصريح بيان له، إنه «لا تزال ميليشيات الحوثي تمارس حربا عدوانية على مدينة دمت ومحافظة الضالع ولا تدع شيئا إلا وكان عرضة للقصف والتخريب والقتل»، وأكد المحافظ الجعدي أن «المقاومة تقوم بدورها في القضاء على تلك التهديدات التي تمارسها الميليشيات الحوثية، موضحا أن الحوثي ليس لديه أي قيمة لحياة الإنسان وتمارس الاعتداء على الأبرياء بشكل متعمد»، مؤكدا أن «المقاومة نجحت في تكبيد الحوثي خسائر فادحة بالمعدات والأرواح وسقط من القتلى الحوثيين قيادات كبيرة لتلك الميليشيات»، لافتا إلى أنه يجري حاليا إعادة بناء مؤسسات الدولة التي دمرتها الميليشيات في الضالع، وأكد محافظ الضالع أن عملية «إعادة تأهيل وتأسيس مؤسسات الدولة لا تزال في بدايتها، بعد أن دمرتها ميليشيات الحوثي وصالح، موضحًا أنه لا يوجد في الضالع جيش وما يجري حاليا هو لتأسيس لواء عسكري من المقاومة الشعبية، ولفت إلى أن عملية الإغاثة مستمرة سواء من مركز الملك سلمان أو من مختلف المنظمات الأخرى.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.