المعارضة تحقق أول تقدم ميداني منذ انخراط روسيا العسكري في الحرب السورية

سيطرت على بلدة مورك الاستراتيجية على خط حلب.. ووجهتها المقبلة مدينة حماه

دبابتان غنمتها قوات المعارضة من جنود النظام في ريف حماه ({غيتي})
دبابتان غنمتها قوات المعارضة من جنود النظام في ريف حماه ({غيتي})
TT

المعارضة تحقق أول تقدم ميداني منذ انخراط روسيا العسكري في الحرب السورية

دبابتان غنمتها قوات المعارضة من جنود النظام في ريف حماه ({غيتي})
دبابتان غنمتها قوات المعارضة من جنود النظام في ريف حماه ({غيتي})

سيطرت قوات المعارضة السورية، أمس، على بلدة مورك الاستراتيجية الواقعة على الطريق السريع الذي يربط بين محافظة حلب في شمال البلاد ومحافظة حماه في وسطها الغربي، ليكون التقدم الأول لقوات المعارضة منذ بدء الضربات الروسية في الأراضي السورية.
«المرصد السوري لحقوق الإنسان» أكد في بيان له سيطرة قوات تنظيم «جند الأقصى» وفصائل إسلامية ومعارضة أخرى على مورك التي تتبع محافظة حماه، إثر هجمات عنيفة، وهو ما يمهد الطريق أمام مهاجمة مدينة حماه، بحسب ما قالت مصادر المعارضة السورية. وأكد القيادي المعارض في الشمال محمد الشامي لـ«الشرق الأوسط» إن العملية «تلت اتفاقًا جديدًا جرى توقيعه لإعادة ضم تنظيم جند الأقصى إلى تنظيم جيش الفتح، الأسبوع الماضي»، مشيرًا إلى أن «أولى العمليات المشتركة، تمت للسيطرة على بلدة مورك». وتابع الشامي أن العملية بدأت بتمهيد مدفعي بكل الرمايات، تلاها الاقتحام. وأشار إلى أن حاجزين عسكريين من أكبر النقاط العسكرية التابعة للقوات الحكومية في المنطقة «لم يصمدا أكثر من ربع ساعة»، مع أن هناك أكثر من 20 حاجزًا عسكريًا في البلدة ومحيطها.
وأفاد الشامي كذلك أن أكثر من ألف مقاتل يتبعون «جيش الفتح» في الشمال، شنوا الهجوم، تتقدمهم عناصر النخبة والانغماسيين، ويليهم الانتحاريون، قبل أن تتقدم فرق التمشيط والتمركز والمرابطة. وشرح أن الهجوم انطلق من الجهتين الشمالية والشرقية، مستطردًا أن العملية «مخطط لها سابقا، وأثبتنا في التقدم بمورك أنه رغم الكثير من الجيوش التي تقاتل إلى جانب النظام، وطلعات الطيران الروسية والنظامية، أننا قادرون على تحقيق الإنجازات». واختتم كلامه بالقول: إن العملية تندرج ضمن إطار «غزوة حماه» المخطط لها سابقًا.
من جانبه، أفاد «المرصد» أن الفصائل الإسلامية و«جند الأقصى» تمكنت من السيطرة بشكل كامل على مورك، عقب هجومها العنيف وقصفها المكثف بمئات القذائف والصواريخ على البلدة، وسط محاولات من قوات النظام استعادة السيطرة على المناطق التي خسرتها في البلدة. ولفت إلى أن الطيران الحربي نفذ عدة غارات على مناطق في بلدتي مورك واللطامنة وقريتي لطمين ولحايا بريف حماه الشمالي، ومناطق أخرى في بلدة كفرنبودة بريف حماه الشمالي الغربي، في حين استهدفت الفصائل الإسلامية والمعارضة المقاتلة تمركزات لقوات النظام في حاجز العبود وبلدة صوران بريف حماه الشمالي. وتأتي خسارة قوات النظام لمورك التي يمر فيها الطريق الدولي الواصل بين مدينتي حلب ودمشق، غداة استعادتها السيطرة على طريق خناصر - إثريا الذي يربط بين مدينة حمص في وسط البلاد وحلب بعدما كان تنظيم داعش المتطرف قد نجح في السيطرة على أجزاء منه قبل أسبوعين.
وحسب مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن فإن الاشتباكات تتواصل في جنوب وشرق مورك حيث قتل وأصيب العشرات من جنود قوات النظام، على حد قوله، بينما شدد تنظيم «جند الأقصى» على حسابه في «تويتر» أن «تحرير مورك ما هو إلا جزء من معركة قد أعد لها إخوانكم في جند الأقصى فانتظروا ما يسركم في الساعات القادمة بإذن الله».
ما يستحق الإشارة أنه خلال أكثر من أربع سنوات من النزاع السوري المسلح، تبدلت السيطرة على مورك مرات عدة بين الفصائل المقاتلة وقوات النظام، إلا أن الأخيرة استعادتها بالكامل في أكتوبر (تشرين الأول) 2014. ولكن مع التطور الأخير، أي السيطرة على مورك، جاء ليبدّل في الحسابات الميدانية في ريف حماه، نظرًا إلى أنه يأتي بعد محاولات الهجوم الفاشلة التي نفذتها القوات الحكومية ضد مواقع المعارضة في ريف حماه، انطلاقًا من الجهة الغربية، باتجاه كفرنبودة وخان شيخون، قبل أن تشن قوات المعارضة هجومًا مباغتًا على الأوتوستراد الدولي.
وتسعى قوات المعارضة راهنًا للوصول إلى مدينة حماه، كما قال الشامي، مؤكدًا أن المدينة «ستكون الوجهة الرئيسية بالنسبة لنا»، من غير أن ينفي صعوبات تكتنف العملية النهائية. وفي هذا السياق أوضح أن المشكلة الأهم على هذه الجبهة تتمثل في الدعم البشري والجوي الذي تلقاه النظام، إضافة إلى عقدة قرية طيبة الإمام التي تشرف على مدينة حماه من جهة الشمال، وهي منطقة عسكرية مغلقة تتضمن مستودعات الذخيرة التابعة للنظام، وتتضمن موقعًا دينيًا يزوره العلويون، ما يصعب مهمة السيطرة عليها. وتابع: «رغم ذلك، نعتبر أنفسنا قادرين على التقدم، خلافًا للنظام الذي لا يقتحم أي قرية من دون غطاء جوي كثيف، يصل أحيانًا إلى قصف بسرب من الطائرات».
وكما سبق الشرح، يخسر النظام الآن السيطرة على أوتوستراد حماه – حلب، في حين يقاتل في جنوب حلب لاستعادة السيطرة على الطريق نفسه من جهة حلب، حيث أحرز تقدمًا ملموسًا لإعادة فتح طريق حلب – حماه الدولي. ولقد بدأ النظام منذ السابع من أكتوبر الماضي، عمليات برية في محافظات عدة بدعم من الطائرات الحربية الروسية. وكان أحد الأهداف الرئيسية لهذه العملية استعادة السيطرة على كامل الطريق الدولي الذي تقع عليه مورك، والتي هي بمجملها في أيدي المعارضة.
إلى ذلك، سيطرت القوات النظامية على قرية ألبانة في سهل الغاب (غرب محافظة حماه وجنوب محافظة إدلب وشرق محافظة اللاذقية) عقب اشتباكات عنيفة مع الفصائل الإسلامية والمعارضة المقاتلة، وسط استهداف الفصائل المقاتلة بصاروخ «تاو» أميركي دبابة لقوات النظام في القرية ما أدى لإعطابها.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.