«أسواق بيروت» متعة التسوق في قلب العاصمة اللبنانية

أهم الماركات العالمية ومجموعة مطاعم ومتحف علمي

أسواق بيروت التجارية لا تزال تحافظ على تاريخها العريق بنكهة عصرية
أسواق بيروت التجارية لا تزال تحافظ على تاريخها العريق بنكهة عصرية
TT

«أسواق بيروت» متعة التسوق في قلب العاصمة اللبنانية

أسواق بيروت التجارية لا تزال تحافظ على تاريخها العريق بنكهة عصرية
أسواق بيروت التجارية لا تزال تحافظ على تاريخها العريق بنكهة عصرية

التسوق في لبنان أحد أبرز أهداف الزوار الأجانب والعرب. فهذه الهواية التي ترافق السائح عادة في أي بلد يزوره، تصل إلى ذروتها في عاصمة الشمس بيروت، ولذلك ما إن تطأ قدماك هذا البلد المعروف بطبيعته الخلابة وبأهله المضيافين، حتى تهرع بصورة تلقائية إلى أسواقه التجارية الموزعة على مختلف مناطقه.
فمن أسواق جونية والكسليك، مرورا بأسواق جبيل ووصولا إلى أسواق بيروت، يملك السائح في لبنان لائحة غنيّة بالمراكز والمحلات التجارية التي تقدّم له أفضل خدمة تسوق في هذا المجال.
وتستقطب المراكز التجارية الضخمة كالـ«إيه بي سي» في منطقتي الأشرفية وضبية و«لو مول» في سن الفيل، إضافة إلى «سيتي سنتر» في منطقة غاليري سمعان و«سيتي مول» في منطقة الدورة وغيرها، أكبر نسبة من هواة التسوق. ففي هذه الأماكن تحلو تمضية يوم كامل في مساحات واسعة فيها، إضافة إلى أفضل عناوين الماركات العالمية، مساحة للتسلية والترويح عن النفس من خلال المطاعم والمقاهي وصالات السينما الموجودة فيها.

* موقع «أسواق بيروت» وأهميته
تقع «أسواق بيروت» أو (Beirut Souks) في وسط العاصمة، يمكن الوصول إليها من ناحية الطريق البحرية أو من ناحيتي منطقة الأشرفية والحمراء. وتُعدّ أحد أهم وأجمل المراكز التجارية في لبنان.
تتضمن هذه السوق 300 محلّ تجاري على مساحة 128 ألف متر مربع.. تتألف من ثلاثة طوابق وفيه مواقف للسيارات تتوزّع على أربعة طبقات تحت الأرض. ولأن هذا المكان بالذات كان قبل عام 1975 عبارة عن مجموعة شوارع وأزقّة صغيرة تشكّل نقطة ارتكاز تجارية مهمة للبنانيين، فإن شركة «سوليدير»، التي أخذت على عاتقها إعادة بنائه ضمن هندسة حديثة، ارتأت الحفاظ على بعض تسمياتها القديمة. فالطابق الأول يعرف بسوق «فخري بيك»، أما الثاني فأطلق عليه أسماء لثلاث أسواق اشتهرت في حقبة السبعينات «قيّاس والطويلة والجميل»، بينما اتخذ الطابق العلوي اسم «سوق أروام».
وعلى جوانب السوق، نلاحظ مراكز علمية «المتحف العلمي الدائم»، وصالات سينما، وأيضا مساحة واسعة خُصّص قسم منها لإقامة مهرجانات «أسواق بيروت» الفنيّة، وآخر لاستضافة معارض حيوية أسبوعية أو دورية كـ«سوق الطيّب»، التي يبتاع منها زائره «المونة اللبنانية» على أنواعها، وأيضا الخبز اللبناني القروي (المرقوق). كما تشهد بين وقت وآخر مسابقات جماعية لربّات المنازل، حول صناعة أفضل صحن «تبّولة»، وغيرها من المواضيع التي لها علاقة مباشرة بالتقاليد اللبنانية القديمة.

* نوعية محلّاته التجارية وخصوصيتها
كل ما يخطر على بال زائر هذه السوق من ألبسة نسائية ورجالية وخاصة بالأطفال، إضافة إلى محلات تعتني بجمال المرأة وبتقديم عروض لتدليك الجسم أو السولاريوم لتسمير البشرة، وغيرها من الخدمات الاستهلاكية والتجارية (سوبر ماركت السلطان) يمكن أن نجدها في هذا المركز التجاري الضخم.
ومن الماركات العالمية التي تتضمنها هذه الأسواق للألبسة النسائية والرجالية محلات «لوي فيتون» و«آيزون» و«تومي هيلفيغر» و«بول أند شارك» و«بالانسياغا» و«إيف سان لوران» و«ستيللا ماكارتني» و«بوس أورانج»، إضافة إلى أخرى تهتم بالإكسسوارات الجلدية من أحذية وحقائب مثل «لو بوتين» و«جيمي شو» و«كلوي» و«هيرميس» و«آرماني» وغيرها من المحلات المتخصصة بالمجوهرات والساعات، مثل «شوبار» و«آلان فيليب» و«مون بلان» و«بوشرون» و«هوبلو» و«معوّض» و«بوميلاتو».
ولمن يهمّه اختيار إكسسوارات أخرى، مثل النظارات الشمسية والأساور والعقود وأقراط الأذن، في استطاعته أيضا أن يجد لائحة لا يستهان بها من المحلات الموجودة في «أسواق بيروت»، وبينها «مون سون» و«بليزير داريان» و«سان غلاس هوت» وغيرها.
أما هواة شراء الألبسة الرياضية، فتقدّم لهم هذه السوق باقة من المحلات المتخصصة بها مثل «ريبوك» و«أديدياس» و«نايكي»، التي تثابر دائما على عرض كل ما هو جديد في عالم هذه الأزياء في واجهات محلاتها.
ومن المحلات التجارية التي يمكنك أن تجدها أيضا في «أسواق بيروت» تلك المعروفة كسلسلة عالمية مثل «H&M» و«زارا» و«مانغو» و«ماسيمو دوتي» و«بيرشكا» و«ستراديفيريوس» و«بول أند بير» و«جاك أند جونز» و«فيرو مودا» و«مازر كير» وغيرها من المحلات التجارية التي تقدّم أسعارا معقولة لزبائنها. كما نجد في هذا السوق محلات خاصة بالألبسة الداخلية كـ«كالفن كلاين» و«أويشو» و«لاسنزا» و«كالين». عادة ما تشهد هذه الأسواق في شهر شباط (فبراير) تنزيلات كبيرة في الأسعار، مما يسمح لروّادها بأن يتبضعوا أغلى الماركات بتكلفة أقل تصل أحيانا إلى حسوم بنسبة 70 في المائة.

* أكل واستراحة
ولم ينسَ القيمون على هذه السوق إدراج مجموعة من المطاعم في أرجائها، بحيث يستطيع زائرها أن يستمتع باستراحة جميلة مع أصدقائه أو أفراد عائلته. ومن بين هذه المطاعم التي تقدم الأطباق اللبنانية كما الغربية والوجبات السريعة «The met» و«كاسبير أند غامبينيز» و«سيتي كافيه» و«بيرغر وبيتزا كو» و«العنتبلي» و«بالي باليما». أما الأشخاص الذين يهتمون بالمشتريات الثقافية كالكتب مثلا فباستطاعتهم أن يقصدوا مكتبة «أنطوان» التي تؤمن لهم المجلات والصحف العالمية والمحلية إضافة إلى أحدث الكتب والمؤلفات. وفي هذا الإطار أيضا يستطيع زوّار السوق أن يشاهدوا معارض رسم وسيارات ومجوهرات وغيرها أثناء تجولهم فيه، إذ رغبت شركة «سوليدير» أن تهدي زوّار السوق ما يمكن أن يساهم في تثقيفهم بطريقة غير مباشرة، كون هذه المعارض تمتد على طول السوق أحيانا وفي زوايا مخصصة لها مرات أخرى.
ليس هناك من متعة للتسوق تضاهي تلك التي يجدها السائح في «أسواق بيروت» ففيها يتبضّع ويشاهد فيلما سينمائيا ويمضي جلسات مسلّية مع أصدقائه، بحيث يشعر بأنه في شبه مدينة كاملة الأوصاف والخدمات.



سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».