هذا هو الثمن السياسي والاقتصادي للعملية العسكرية الروسية في سوريا

في دراسة نشرتها «نيزافيسمايا غازيتا»

هذا هو الثمن السياسي والاقتصادي للعملية العسكرية الروسية في سوريا
TT

هذا هو الثمن السياسي والاقتصادي للعملية العسكرية الروسية في سوريا

هذا هو الثمن السياسي والاقتصادي للعملية العسكرية الروسية في سوريا

شكلت التكلفة الاقتصادية للعملية العسكرية الروسية في سوريا جزءا من الموضوع الرئيسي الذي حاول الخبراء والمحللون البت فيه. أما السبب الرئيسي المحرك لهذه المحاولات فهو الرغبة في تقدير ما إذا كان الاقتصاد الروسي - الذي يواجه أزمة حادة راهنا - سيتمكن من تحمل أعباء تلك العملية، وقراءة النتائج التي قد يخلفها الإنفاق العسكري الروسي في سوريا على الاقتصاد الوطني.
وبعد تقارير أعدّتها مراكز متخصصة في التسلح، عرضت فيها التكلفة التقديرية لما تنفقه موسكو على عملياتها في سوريا، وضع الخبير الروسي أليكسي مالاشينكو، العضو في المجلس العلمي لمركز كارنيغي في موسكو، دراسة عرض فيها الثمن الاقتصادي والسياسي للعمل العسكري في سوريا بقرار من الكرملين.
في الدراسة التي نشرتها صحيفة «نيزافيسمايا غازيتا» الروسية، يستهل مالاشينكو حديثه بإطلاق وصف «الحرب السورية الثانية» على العملية العسكرية الروسية الحالية في سوريا، ويُذكّر بأن القوات الجوية السوفياتية، وسلاح الدفاع الجوي السوفياتي، كانا قد شاركا مباشرة إلى جانب القوات السورية والمصرية «في زمن تدمير طائرات الفانتوم»، ويقصد «حرب عام 1973».
ومن ثم، ينتقل الخبير الروسي إلى الحديث عن «الثمن السياسي» للعملية في سوريا، ويشير في هذا السياق إلى استطلاعات رأي مستقلة أظهرت ارتفاع شعبية بوتين حتى 90 في المائة لدى الرأي العام الروسي على خلفية العمليات التي تنفذها القوات الجوية الروسية على الأراضي السورية. ويقول مالاشينكو إن الكرملين قد حصل بهذا الشكل على كل ما يريد، بما في ذلك صفة دولة كبرى لديها مصالح في مختلف بقاع العالم.
ومن هذا المنظور فإن سوريا تقف على صف واحد مع الحرب في جورجيا عام 2008 والأزمة في أوكرانيا، ذلك أن كل هذه النزاعات التي قدّمها الإعلام الروسي على أنها جاءت ضمن المواجهة مع الغرب أسهمت في تضامن الرأي العام والتفافه حول السلطة الروسية، وفق ما كتب مالاشينكو في دراسته حول «الثمن السياسي» داخليا. ومن ثم يحذر الكاتب من الثمن السياسي خارجيا، فيلفت أولا إلى تهديدات «داعش» لروسيا، والتي يقول إنها جدية لا سيما أن «هذه الجماعة الإرهابية تعمل على تقوية شبكة أتباعها من السكان المحليين، حسبما تظهر العمليات الأمنية في المدن الروسية». كذلك يتوقف مالاشينكو عند تعاطي غالبية المسلمين في روسيا مع النشاط العسكري الروسي في سوريا دعما للأسد، ويحذّر من أن البعض ينظرون للعملية العسكرية، والدعم الروسي للأسد، على أنهما عمل يستهدف المسلمين.
لكن ماذا عن «الثمن الاقتصادي المالي» للعملية العسكرية الروسية في سوريا؟
هنا يقول مالاشينكو إنه «لا توجد حروب من دون كلفة اقتصادية»، ويشير إلى أن العملية في سوريا تكلف الاقتصاد الروسي يوميا 2.3 مليون دولار أميركي. ثم يعرض بعض النفقات، ومنها على سبيل المثال وصول تكلفة الاستخدام اليومي للدبابة إلى 5 آلاف دولار، و3 آلاف للعربة المدرعة. ومعروف أن هناك دبابات وعربات مدرعة تقوم على حماية القاعدة الجوية الروسية في مطار حميميم بمحافظة اللاذقية. وبالنسبة للطائرات فإن تكلفة الاستخدام القتالي لمدة ساعة واحدة للهليكوبتر من طراز «مي 24» يصل إلى قرابة 10 آلاف دولار، بينما تتراوح تكلفة طلعات أصناف المقاتلات من طراز «سوخوي» ما بين 20 و50 ألف دولار أميركي.
وبعد عرضه هذه الأرقام يذكر مالاشينكو بأن المقاتلات الروسية نفذت حتى لحظة إعداده هذه الدراسة قرابة ألف طلعة جوية، مما يعني بناء على الأرقام التي ذكرها أن هذه الطلعات الجوية كلفت الخزينة الروسية ما بين 20 إلى 50 مليون دولار أميركي، وهذا دون حساب ثمن صواريخ «كاليبر إن كا» التي أطلقتها السفن من بحر قزوين، والإنفاق على عمليات الهليكوبترات، والوقود والإمداد للقاعدة، ودون حساب المستحقات الشهرية للعسكريين والعاملين في القاعدة، والكثير غيرها من أوجه الإنفاق على العملية العسكرية الروسية في سوريا.
وكان مركز جينز البريطاني المتخصص في إعداد التقارير في المجالات العسكرية والفضائية والنقل قد أعد نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) المنصرم دراسة قال فيها إن روسيا تنفق يوميا على عملياتها العسكرية في سوريا 2.4 مليون دولار على أقل تقدير. وهو ما يعني حسب تقديراتهم أن روسيا أنفقت منذ إطلاق عمليتها بتاريخ 30 سبتمبر (أيلول) وحتى تاريخ إعداد الدراسة نهاية أكتوبر، ما بين 80 إلى 115 مليون دولار، ويشمل هذا المبلغ الإنفاق على الأسلحة والصواريخ والقنابل المستخدمة في القصف، فضلا عن الخدمة التقنية والصيانة للمعدات المشاركة في العمليات، وكذلك البنى التحتية ونفقات الكادر البشري.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.