«داعش» تنفي مسؤوليتها عن اغتيال أبو خالد السوري.. والعلاقات مع «النصرة» إلى الصفر

قالت إن اتهامها يقع في خانة «الشائعات».. وترقب لرد الظواهري

مقاتلون في خندق على خط الجبهة الأمامية بحي الشيخ نجار بمدينة حلب أمس (أ.ف.ب)
مقاتلون في خندق على خط الجبهة الأمامية بحي الشيخ نجار بمدينة حلب أمس (أ.ف.ب)
TT

«داعش» تنفي مسؤوليتها عن اغتيال أبو خالد السوري.. والعلاقات مع «النصرة» إلى الصفر

مقاتلون في خندق على خط الجبهة الأمامية بحي الشيخ نجار بمدينة حلب أمس (أ.ف.ب)
مقاتلون في خندق على خط الجبهة الأمامية بحي الشيخ نجار بمدينة حلب أمس (أ.ف.ب)

يأتي نفي تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» المعروف بـ«داعش»، مسؤوليته عن مقتل قائد تنظيم «أحرار الشام» في حلب أبو خالد السوري، في لحظة حرجة من الصراع بين التنظيم وكتائب إسلامية أخرى في شمال البلاد، بعد انتهاء المهلة التي منحتها «جبهة النصرة» للتنظيم لتسوية الخلافات بينهما. وينظر خبراء في الحركات الجهادية إلى أن «من شأن مقتله أن يعيد الخلافات إلى نقطة الصفر، أو يزيد تسعيرها».
وكانت أصابع الاتهام وجهت إلى «داعش» في اغتيال أبو خالد السوري، وهو قيادي في «الجبهة الإسلامية» التي تخوض مواجهات ضدها منذ نحو شهرين، وأحد «رفاق درب» زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري ومؤسسه أسامة بن لادن.
وقالت «الدولة الإسلامية» في بيان نشرته مواقع إلكترونية جهادية: «رغم أننا في حرب محتدمة مع الجبهة الإسلامية بكل مكوناتها على الأرض بعد أن صاروا جزءا من المؤامرة في قتال الدولة الإسلامية (...)، إلا أننا لم نأمر بقتل أبي خالد ولم نُستأمر»، مشيرة إلى «أننا منقطعون كليا عن الموطن الذي كان يوجد فيه بعد انحيازنا من مدينة حلب» في شمال سوريا، التي انسحبت منها «الدولة الإسلامية» الشهر الماضي إثر معارك مع مقاتلي المعارضة.
ورأت «الدولة الإسلامية» أن اتهامها بقتله يقع في خانة «الشائعات (...) التي تهدف إلى تشويه صورة (الدولة) وتبرير قتالها في خضم مؤامرة الصحوات على المشروع الجهادي في الشام».
وقتل أبو خالد السوري بتفجير انتحاري في مدينة حلب (شمال) الأحد الماضي. وبعد يومين من مقتله، أمهل أبو محمد الجولاني، زعيم «جبهة النصرة»، التي تعد ذراع «القاعدة» في سوريا، «الدولة الإسلامية» خمسة أيام انتهت السبت للاحتكام إلى «شرع الله» في حل الخلافات، متوعدا بقتالها في سوريا والعراق في حال رفضها ذلك.
ولا يستبعد الخبير في الحركات الجهادية عمر بكري فستق، أن يكون اتهام «داعش» باغتياله، رغم نفيها، يهدف إلى «إحداق فتنة»، قائلا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «لا يمكن الحسم ما إذا كان سيسعّر الخلاف مع (النصرة) أم يهدئه، قبل خروج زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري ببيان يرثي فيه أبا خالد السوري». وأعرب عن اعتقاده بأن اغتيال السوري «من شأنه أن يعيد توحيد الصف وينهي الخلافات بين (النصرة) و(داعش)»، على الرغم من «كل السلبيات وما صدر من أنصار (الدولة) و(النصرة) عقب اغتياله».
وقال: «أنا ميّال إلى القول بأن طابورا خامسا أراد أن يحدث فتنة بين الطرفين، لأن (الدولة) لا تسمح بالنيل من رموز جهادية طويلة»، لافتا إلى أن الطرفين «سيدركون أن هناك طابورا خامسا أراد تسعير الخلاف بينهما، من خلال اغتيال الوسيط لحل خلافاتهما، مما يساهم في تحريك الوساطة بجمع الطرفين على ثوابت يلتزمان بها». وبعد قتال مع تنظيمات المعارضة شمال سوريا، كلف نحو 3300 قتيل على الأقل من الطرفين، بحسب حصيلة أخيرة أصدرها المرصد السوري لحقوق الإنسان، الأسبوع الماضي، انسحبت «داعش» من مناطق واسعة في شمال سوريا، ومنها منطقة أعزاز الحدودية مع تركيا، عشية انتهاء مهلة «النصرة» للتنظيم، فيما اتخذت «داعش» في مناطق نفوذها، ومنها مدينة الباب شرقي حلب، تدابير أمنية وأقامت حواجز أمس، وذلك جزءا من تحصينات عسكرية لها.
وتدور منذ مطلع يناير (كانون الثاني) الماضي معارك عنيفة في مناطق عدة بين «الدولة الإسلامية» من جهة، وتشكيلات أخرى من المعارضة السورية أبرزها «الجبهة الإسلامية». ووقفت «جبهة النصرة» إلى جانب مقاتلي المعارضة في بعض هذه المعارك.
وكان أيمن الظواهري زعيم «القاعدة» عين أبو خالد السوري وهو صديق مقرب لزعيم «القاعدة» الراحل أسامة بن لادن، للوساطة بين «جبهة النصرة» و«الدولة الإسلامية في العراق والشام». وبعد فشل الوساطة انضمت جماعة «أحرار الشام» التي يتزعمها إلى ألوية إسلامية أخرى في شمال وشرق سوريا الخاضعين لسيطرة المعارضة، لمحاربة «داعش» مما أسفر عن مقتل مئات المقاتلين وأضعف الحملة العسكرية الأوسع ضد قوات الرئيس السوري بشار الأسد.
وبحسب مواقع جهادية، أصدر أبو خالد بيانا في يناير الماضي، في إطار مهمة التحكيم، أسدى فيه ما سماه «نصائح إلى جماعة (دولة الإسلام في العراق والشام)»، دعا فيها أفراد «داعش» إلى «التوبة»، مرتئيا أن ادعاءهم «الانتساب إلى مشايخ الجهاد» كأسامة بن لادن والظواهري وأبو مصعب الزرقاوي (الزعيم السابق لتنظيم القاعدة في العراق)، «بعيد كل البعد عن المنهج السوي». ووصف نفسه بأنه «الناصح الذي أمضي عمره مع هؤلاء الأكابر وعرفهم حق المعرفة».
وتدين «جبهة النصرة» بالولاء للظواهري، وتجنبت الدخول في صراع علني مع «داعش» التي تشترك معها في الأفكار الجهادية المتشددة نفسها على الرغم من تنافس وتوترات شديدة بين الجماعتين. ونأت «القاعدة» بنفسها عن «داعش» بعد أن رفض زعيمها أبو بكر البغدادي، وهو من أصل عراقي، أمرا للظواهري العام الماضي لحل الجماعة والعودة إلى العراق.
ورثى الجولاني في تسجيل صوتي أبو خالد السوري، قائلا إنه «صاحب الشيخ أسامة بن لادن والدكتور الشيخ أيمن الظواهري (...) وغيرهم من خيرة الفضلاء من قادة الجهاد وعلماء الأمة». وأمهل الدولة الإسلامية خمسة أيام «لنحكم شرع الله على أنفسنا قبل أن نحكمه على الناس»، محذرا من أنه في حال «رفضتم حكم الله مجددا ولم تكفوا بلاءكم عن الأمة، لتحملن الأمة على الفكر الجاهل المتعدي، ولتنفينه حتى من العراق». ولم تشر «الدولة الإسلامية» في بيانها المؤرخ السبت، إلى هذه المهلة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».