حملة مليونية لكشف جرائم الحوثيين

بعد صرخة صبي يمني

حملة مليونية لكشف جرائم الحوثيين
TT

حملة مليونية لكشف جرائم الحوثيين

حملة مليونية لكشف جرائم الحوثيين

تحولت الصرخة المشهورة «لا تقبروناش»، التي أطلقها الطفل اليمني فريد الذماري الذي قتل بقذيفة هاون، أطلقها الانقلابيون على منزله في محافظة تعز، إلى حملة مليونية شعبية دشنها ناشطون يمنيون لمناهضة جرائم ميليشيات الحوثي وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح.
وذكر صفوان سلطان، رئيس الحملة، لـ«الشرق الأوسط»، أن الحملة جمعت في أيامها الثلاثة الأولى أكثر من عشرة آلاف توقيع، من 10 دول، بالإضافة إلى التوقيعات في الداخل، وكذا التوقيع الإلكتروني، مضيفا: «(لا تقبروناش) انطلقت من فم الشهيد فريد الذي أراد الحياة وأرادت له ميليشيا الحوثي وصالح الموت». وأشار إلى أن الصرخة أصبحت لسان كل اليمنيين كدعوة للحياة في مواجهة آلة الموت الإرهابية التي شنتها الميليشيات، التي لم تستثنِ طفلا أو امرأة. وتابع: «من هنا جاءت الحملة التي لقيت رواجا كبيرا في أوساط أبناء الشعب في الداخل والخارج».
ولفت فياض النعمان، الناطق الرسمي للحملة، إلى أن الحملة تهدف إلى الضغط على المنظمات الدولية لتصنيف ميليشيات صالح والحوثي ضمن الجماعات الإرهابية.
في سياق آخر، نظم عدد من الحركات النسوية وأسر المختطفين وقفة احتجاجية أمام مكتب النائب العام في العاصمة صنعاء، للمطالبة بإطلاق سراح المختطفين في سجون ميليشيا الحوثي وصالح الانقلابية. وعبرت الوقفة الاحتجاجية التي شاركت فيها هيئة الدفاع عن المختطفين في «يوم المختطف» عن استنكارها الشديد لاستمرار الميليشيا الانقلابية في إخفاء العشرات من السياسيين والصحافيين والناشطين ومنع زيارة عدد منهم.
وحمّلت المشاركات في الاحتجاج الميليشيا المسؤولية الكاملة عن سلامة المختطفين، أو ما قد يتعرضون له في سجونها من أذى أو مخاطر، وطالبن المنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ موقف إيجابي وإنساني بحق المختطفين. وناشدن الشخصيات والجهات ذات العلاقة التحرك الفوري والعمل الجاد على إطلاق سراح المختطفين كافة لدى سجون الميليشيا الانقلابية.
وكانت الطائرات الحربية لقوات التحالف العربي قد شنت غارات كثيفة على مواقع ومقرات الميليشيات الحوثية وقوات صالح في صنعاء، حيث استهدفت معسكرات الحماية الرئاسية في جبل النهدين المطل على دار الرئاسة جنوب صنعاء، إضافة إلى مخازن سلاح في قاعدة الديلمي الجوية ومعسكرات دائرة الأشغال العسكرية، إضافة إلى مقر المجلس السياسي لجماعة الحوثي في منطقة الجراف شمال العاصمة، التي تقطنها غالبية حوثية، واستغلتها الميليشيات لإخفاء أسلحة ومدرعات نهبتها من معسكرات الفرقة أولى مدرع.
وهاجمت المقاومة الشعبية في إقليم آزال، في وقت متأخر أول من أمس، مقرا لميليشيات الحوثي وصالح، بمدينة ذمار، جنوب العاصمة صنعاء. وذكر مكتب إعلام مقاومة آزال، في بيان صحافي، لـ«الشرق الأوسط»، أن رجال المقاومة هاجموا أحد المقرات التابعة للميليشيات، خلف محطة الأزرق بالدائري الغربي بمدينة ذمار، بقنبلة يدوية، وأن دوي الانفجار سمع في المنطقة.
وفي محافظة مأرب، قال شهود عيان إن مدنيا قتل وأصيب ثلاثة آخرون، في قصف عشوائي بصواريخ الكاتيوشا، التي أطلقها مسلحو الحوثي وقوات صالح من منطقة جبل هيلان. وسقط أحد الصواريخ على سيارتهم بمدينة مأرب، مشيرين إلى أن المدنيين كانوا ينتظرون دورهم للتزود بالوقود، قبل أن يسقط على سيارتهم الصاروخ. فيما شنت مقاتلات التحالف غارات على مواقع الميليشيات في صرواح ومجزر وهيلان.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.