ذهبت «جائزة مؤسسة ابن رشد للفكر الحر»، المخصصة لأدب السجون هذا العام، للكاتبة الفلسطينية عائشة عودة، المولودة في فلسطين عام 1944 في قرية دير جرير قضاء، رام الله. وقد أودعت السجن في الأول من مارس (آذار) عام 1969، ونسف الاحتلال منزل أسرتها إثر اعتقالها، وكانت ضمن الفوج الأول من النساء المعتقلات في فلسطين بعد حرب 1967، وفي عام 1970 أصدر الاحتلال بحقها حكمين بالسجن المؤبد مضافًا إليهما عشر سنوات بتهمة المشاركة في وضع القنابل في السوبر سول في القدس الغربية والانتماء إلى «منظمة غير مشروعة». ولم تحصل على حريتها إلا عبر عملية تبادل للأسرى (النورس)، حيث أطلق سراحها في 14-3-1979 وأبعدت إلى الأردن. لكنها عادت إلى فلسطين بعد توقيع اتفاقات أوسلو عام 1994.
حرصت عائشة عودة على كتابة تجربتها ونقلت الكثير عن فظاعة التعذيب الجسدي والنفسي خلال الاستجواب والحبس المتواصل في سجون الاحتلال في كتابيها «أحلام بالحرية» و«ثمنًا للشمس».
وعن ذلك يقول الكاتب إبراهيم نصر لله:
«قدمت عائشة عودة كتابين استثنائيين عن المعاناة الشخصية للمرأة الفلسطينية في السجون الإسرائيلية، بأسلوب فني جميل وعميق. ويسجل لهذه السيرة أنها استطاعت أن تقدم لنا ببساطة خالية من الشعارات صورة الآخر المغتصب المدجج بأساطيره، كما استطاعت أن تفضح عنصريته وقسوته. لقد دخلت عائشة السجنَ مناضلة وخرجتْ منه رمزًا».
وأعلنت المؤسسة أيضًا عن فوز كل من مصطفى خليفة من سوريا وأحمد المرزوقي من المغرب بالجائزة الثانية التقديرية
وهذه هي المرة الأولى التي تعلن المؤسسة فيها عن أسماء من فاز من المرشحين بالدرجة الثانية.
وكانت مؤسسة ابن رشد قد رصدت جائزتها «لكاتب - أو كاتبة - أنتج أو أنتجت في مجال أدب السجون وحفز بإنتاجه أو إنتاجها المكتوب باللّغة العربية نقاشًا عامًا وواسعًا حول السجون والقمع وانتهاك الحريات، وساهم في الكشف عن أوضاع السجناء السياسيين، وعزز بذلك قيم الحرية والكرامة الإنسانية في العالم العربي».
لمصطفى خليفة حكاية أخرى مع السجون في سوريا. فقد ولد في مدينة جرابلس ثم انتقل إلى حلب، حيث شارك خلال فترة شبابه في الكثير من النشاطات السياسية التي سجن على أثرها مرتين، امتدت في المرة الثانية 15 عامًا؛ تنقل خلالها بين الكثير من السجون، أبرزها سجن تدمر وسجن صيدنايا اللذين استمد منهما روايته «القوقعة».
وتسرد هذه الرواية يوميّات سجين يغدو داخل السجن عينًا ترى وأذنًا تسمع ليشرح تفاصيل الأحداث الدقيقة والمؤلمة لتصبح شاهدة على مدى العنف والظلم في سجون الطغاة.
أما أحمد المرزوقي الضابط المغربي فقد قضى في السجن عشرين عامًا، منها 18 عامًا في معتقل تزممارت. ولم يفرج عنه إلا في 15 أكتوبر (تشرين الأول) عام 1991، وتجربته هذه نقلها لنا في كتابه «تزممارت.. الزنزانة رقم 10».
واختير الفائزون هذا العام من بين ثماني عشرة شخصية من ست دول عربية تمّ ترشيحها لنيل جائزة ابن رشد للفكر الحر لسنة 2015، وصدر قرار اختيار الفائزين عن لجنة تحكيم مستقلة عن المؤسسة مكونة من خمسة وهم: محمد الأشعري (المغرب)، رزان إبراهيم (الأردن)، خالد خليفة (سوريا)، سامية محرز (مصر)، صموئيل شمعون (العراق).
وتكونت مؤسسة ابن رشد للفكر الحر كجمعية في ألمانيا، يتوزع أعضاؤها بين مختلف الأقطار العربية والمهجر. أطلقت على نفسها اسم الفيلسوف ابن رشد (1126 - 1198) تيمنًا به وبفكره ورسالته، وأخذت على عاتقها دعم الفكر الحر والديمقراطية وقواها في العالم العربي عبر تقديم جائزة سنوية باسم جائزة ابن رشد، وهي جائزة أهلية مستقلة، تمول من اشتراكات أعضائها وتبرعات الداعمين لها ولا ترتبط بأي اتجاهات سياسية أو عقائدية مُقيِّدة. تتغير مواضيع الجائزة في كل عام تبعًا للموضوع الذي تغطيه، فشملت جوائزها حتى الآن المواضيع التالية: الأدب، الأعمال الفنية، حقوق المرأة، الإصلاح الديني، التنوير في العالم العربي، الاقتصاد، المدونين وصفحات الإنترنت، الصحافة.
وستقدم الجائزة الأولى كما جرت العادة في احتفال رسمي سيقام هذا العام في برلين بتاريخ 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 2015.
كاتبة فلسطينية تحوز جائزة مؤسسة «ابن رشد للفكر الحر»
كاتبة فلسطينية تحوز جائزة مؤسسة «ابن رشد للفكر الحر»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة