بيروت تغرق بالنفايات مع أول يوم ممطر.. ومراوحة الأزمة مكانها قد تطيح الحكومة

وزير الزراعة يلوح بكشف «المستور» إذا لم يتم السير بخطته

تراكم النفايات عند ضفاف نهر بيروت نتيجة أزمة النفايات التي يعانيها لبنان (رويترز)
تراكم النفايات عند ضفاف نهر بيروت نتيجة أزمة النفايات التي يعانيها لبنان (رويترز)
TT

بيروت تغرق بالنفايات مع أول يوم ممطر.. ومراوحة الأزمة مكانها قد تطيح الحكومة

تراكم النفايات عند ضفاف نهر بيروت نتيجة أزمة النفايات التي يعانيها لبنان (رويترز)
تراكم النفايات عند ضفاف نهر بيروت نتيجة أزمة النفايات التي يعانيها لبنان (رويترز)

تحوّلت نعمة الأمطار إلى نقمة في اليوم الأول للعاصفة التي ضربت معظم المناطق اللبنانية، حيث امتزجت المياه بالنفايات المتراكمة، ما أدى إلى زحمة سير خانقة وإقفال للطرقات.
ولا تزال أزمة النفايات المستمرة منذ نحو 4 أشهر عصية على الحل لأسباب سياسية بالدرجة الأولى وعدم انعقاد الحكومة لإقرار ما بات يعرف بـ«خطة وزير الزراعة أكرم شهيب» في ظل عدم التوافق على اعتماد مطامر في المناطق والمتوقفة بشكل أساسي عند عقدة تسهيل إيجاد موقع للطمر في منطقة البقاع الشمالي.
وكان رئيس الحكومة تمام سلام قد هدّد بالاستقالة هذا الأسبوع إذا استمر التعطيل، لا سيما لجهة إقرار الخطة، وهو ما لمح إليه شهيب أيضًا إذا لم يتم التوافق على الإطار التنفيذي المتوازن مناطقيًا على صعيد تطبيق خطة النفايات، أي اعتماد المطامر في مختلف المناطق، علما بأنه إلى الآن لم يتم تحديد موعد لجلسة مقبلة لمجلس الوزراء.
ويوم أمس، قال وزير الصحة وائل أبو فاعور: «وصلنا إلى المحظور الذي لطالما حذرنا منه والمخاطر الصحية ازدادت، وسيكون لشهيب جولة تداول أخيرة سيكشف بعدها المستور إذا لم يتم السير بخطة النفايات». ولفت كذلك إلى أنه سيكون على وزارة الصحة مسؤولية كبيرة لتفادي الأسوأ، وهناك أضرار صحية وبيئية لم يعد من الممكن تداركها، بل التخفيف من ضررها نتيجة التأثير على المياه والمزروعات.
من جهته، شدد وزير الأشغال العامة والنقل غازي زعيتر، على أن «ملف النفايات كان يجب أن يعالج قبل الشتاء وهطول الأمطار، معتبرا أن «ما نشهده اليوم أمر مؤسف».
وأكد في حديث إذاعي استعداده «للتعاون مع الجميع بأي وسيلة حتى لا يدفع المواطن الثمن»، مشيرا إلى أنه «على تواصل مع المعنيين بالنسبة إلى نفق المطار، والفرق الفنية موجودة على الأرض للتدخل تجنبا لأي طارئ». وقال: «أتحمل المسؤولية من موقعي كوزير للأشغال، لكنني منذ أشهر أحذر من كارثة بيئية ستحل عند هطول الأمطار»، لافتا إلى أن «البلديات عمدت إلى رمي النفايات وسط الطرق العامة، وبالتالي تتحمل جزءا من المسؤولية». وشدد زعيتر على «ضرورة أن تتعاون اللجنة الوزارية الخاصة بملف النفايات، وتتخذ قرارا فوريا لأن موسم الشتاء لا يزال في بدايته».
وناشدت النائب في «القوات اللبنانية» ستريدا جعجع، «رئيس الحكومة والوزراء من مختلف الأطراف، وبمعزل عن الانتماءات الفئوية والخلافات السياسية، أن يبادروا فورا إلى إيجاد حل عاجل لقضية النفايات، التي أظهرت الأمطار الغزيرة مدى خطرها على الصحة والمياه الجوفية والبيئة، بحيث لا تميز بين إنسان وآخر وطائفة وأخرى ومنطقة وأخرى، مهددة بتفشي الأمراض الخطرة والأوبئة وتلوث مياه الشفة».
وكانت مناطق لبنان قد استفاقت يوم أمس على عاصفة قوية أدت إلى تساقط الأمطار الغزيرة، انكشف بنتيجتها حجم الكارثة البيئية. وفي خطوة منهم للحد قدر الإمكان منها، عملت مجموعات من الحراك المدني على تولي مهمة تنظيف وإزالة النفايات من الطرقات. وقد عمدت حملة «طلعت ريحتكم» على تنظيف مجرى نهر بيروت. وقال لوسيان ابو رجيلي، أحد الناشطين في الحملة: «ما يحصل في مجرى نهر بيروت من تجمع للنفايات كارثة خطيرة تهدد سلامة الحياة في لبنان على المستوى الصحي ومشاهد النفايات تسبح في النهر تمثل أكبر تهديد للبلد، والحملة الآن تقوم بإمكاناتها من أجل تجميع النفايات».
وشهدت مناطق عدة في بيروت وجبل لبنان غرق طرقاتها بمياه الأمطار بسبب انسداد المجاري بالنفايات، إضافة إلى جرف مياه الأمطار للنفايات في الشوارع.
وقد غرقت المناطق على امتداد الأوتوستراد الساحلي الشمالي بالمياه بسبب انسداد العبارات، وفق ما ذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام»، مشيرة كذلك إلى اجتياح السيول عددا من المناطق في طرابلس وجوارها في الشمال، وأدى ذلك إلى إقفال الطرقات وتعذر سلوكها، بينما حاول قاطنو هذه المناطق فتح الأقنية لخفض منسوب المياه وفتح الطرقات.
وفي عكار فاضت أقنية تصريف المياه الشتوية بما فيها من قاذورات ووحول لتحول الطرقات الرئيسية والفرعية إلى بحيرات لم يعد بالإمكان التمييز بينها والأراضي الزراعية المجاورة، وتعذر على السيارات اجتيازها وجهد الأهالي وأصحاب المحال التجارية على الطريق الممتد من العبدة وصولا إلى حلبا لدفع المياه ومنع دخولها إلى ممتلكاتهم.
كذلك غمرت مياه الأمطار الغزيرة أوتوستراد البداوي الدولي، وجعل حركة المرور عليه للعابرين من طرابلس في اتجاه البداوي والمنية وعكار صعبة جدا، بعدما تعطل عدد من السيارات وسط البحيرات التي تشكلت عليه. كما غمرت المياه شوارع مخيم البداوي وأزقته، ودخلت إلى البيوت والمحال التجارية، ملحقة خسائر وأضرارا بالمواطنين. وفي الضنية أدت الأمطار إلى إغراق جسر بخعون - طاران بالمياه التي تجمعت فوقه، ووصل ارتفاعها إلى قرابة 30 سنتيمترا، ما أدى إلى تعطل عدد من السيارات وعرقلة حركة العبور لساعات، ما ألحق أضرارا بمواطني جرد المنطقة الذين يسلكونه، كونه يشكل صلة وصل رئيسية بين وسط الضنية وجردها.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.