في ذكرى عيد ميلادها الـ70.. الأمم المتحدة تتغطى بالأزرق

المنتقدون لأدائها يعتبرونها فاشلة بسبب عدم قدرتها على وقف الحروب

في ذكرى عيد ميلادها الـ70.. الأمم المتحدة تتغطى بالأزرق
TT

في ذكرى عيد ميلادها الـ70.. الأمم المتحدة تتغطى بالأزرق

في ذكرى عيد ميلادها الـ70.. الأمم المتحدة تتغطى بالأزرق

غطى الضوء الأزرق أمس مبنى رئاسة الأمم المتحدة في نيويورك، وذلك بمناسبة مرور 70 عامًا على تأسيس الأمم المتحدة، وسيظل مضاءً أيضًا خلال عطلة نهاية الأسبوع الحالي، كما ستشترك مبان عالمية عملاقة في هذا الاحتفال، بعضها أثري وبعضها الآخر حديث، وذلك من خلال تسليط الضوء الأزرق عليها، أبرزها أهرامات مصر، وبرج إيفل في باريس، ودار الأوبرا في سيدني، وسور الصين العظيم، ومبنى البتراء في الأردن، ومتحف أرميتاج في روسيا، بالإضافة إلى قصر الحمراء في إسبانيا، وتمثال المسيح في ريو دي جانيرو، وقرابة مائتي معلم في أكثر من 60 دولة حول العالم.
وحسبما أوردت صحيفة «نيويورك تايمز»، فقد احتشد انطلاقا من ليلة الجمعة آلاف المواطنين قرب مبنى رئاسة الأمم المتحدة في نيويورك، عندما ضغط الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون على زر أشعل اللون الأزرق في كل المبنى، وفي نيويورك أيضا، حيث كسى الضوء الأزرق مبنى إمباير ستايت.
وبهذه المناسبة ألقى كي مون خطابا قال فيه إن يوم 24 من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي هو «يوم الذكرى السنوية لبدء سريان ميثاق الأمم المتحدة عام 1945. ففي ذلك الوقت صوتت على الميثاق بالإجماع 50 دولة في مؤتمر بسان فرانسيسكو».
ويوم الجمعة أيضًا وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع، وحسب عادة سنوية، على إصدار بيان مشترك «يؤكد من جديد ثقة الدول الأعضاء (193 دولة) في الأمم المتحدة، وهي تحتفل بعيدها السبعين، ويؤكد عزم الأمم المتحدة على إنقاذ الأجيال المقبلة من ويلات الحروب».
وحتى اليوم يدور نقاش حول كيفية قدرة الأمم المتحدة على إنهاء الحروب والاشتباكات، دون أن تكون لها قوات مسلحة. لكن منذ البداية تعمدت الدول المؤسسة أن تكون الأمم المتحدة «أسدًا دون أنياب»، حسب ما جاء في كتاب (جنود الدبلوماسية) الذي كتبته جوسلين كولون بخصوص عمل وطريقة اشتغال الأمم المتحدة.
ولهذا السبب بالذات، فضلت الأمم المتحدة الحل الوسط: أي توفير قوات تتكون من الدول الأعضاء، «ترسي السلام، ولا توقف الحروب، مما يعني أن وقف الحرب يتم عن طريق الاتصالات الدبلوماسية، وعندما تتوقف الحرب (إذا توقفت)، تتولى قوات الأمم المتحدة حفظ السلام». لكن إذا عادت الحرب لا تتدخل قوات الأمم المتحدة، بل تتدخل الدبلوماسية مرة أخرى.
ولا ينص ميثاق الأمم المتحدة على استخدام قوات مسلحة. لكن مجلس الأمن قد يلجأ إلى قوات من الدول الأعضاء. وقد حدث ذلك أول مرة عام 1956، بعد انسحاب القوات البريطانية والفرنسية والإسرائيلية التي كانت غزت مصر، وسيطرت على قناة السويس التي أممها الرئيس المصري جمال عبد الناصر. واليوم تنتشر قوات الأمم المتحدة في 20 دولة.
وحسب اقتراح من الرئيس الأميركي دوايت آيزنهاور سنة 1960 فقد تولت الأمم المتحدة مسؤولية أخرى لا توجد في الميثاق، لكنها لا تخالفه، وهي مسؤولية برنامج الغذاء العالمي (دبليو إف بي)، وهي تقدم في الوقت الحاضر الطعام لقرابة مائة مليون جائع حول دول العالم.
وبعد عام من تأسيسها في سنة 1946، أسست الأمم المتحدة صندوق الأمم المتحدة للطفولة بهدف توفير الغذاء والملابس والرعاية الصحية لأطفال أوروبا بسبب دمار الحرب العالمية الثانية، وهو ما خول لها الفوز سنة 1965 بجائزة نوبل للسلام.
وفي عام 1968، أجازت الأمم المتحدة معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، وكانت تشكل نجاحا كبيرا لدعاة الحد من التسلح، خاصة خلال قمة الحرب الباردة. وبعد ذلك بسبع سنوات، أي في عام 1975، نظمت الأمم المتحدة أول مؤتمر عالمي عن حقوق المرأة.
وفي عام 2010، وصل عدد المواقع الأثرية التي تحميها منظمة اليونيسكو إلى قرابة ألف موقع في جميع أنحاء العالم. كما بادرت الأمم المتحدة بإعلان برنامج عالمي لمكافحة مرض «الإيدز، مثلما فعلت لمكافحة مرض الإيبولا.
لكن رغم ذلك لم تسلم الأمم المتحدة من الانتقادات، ففي الأسبوع الماضي على سبيل المثال، نشرت مجلة «تايم» تقريرا عن الأمم المتحدة تضمن عدة انتقادات، مثل قولها إن «الأمم المتحدة لم تفشل فقط في محاربة الفساد العالمي، بل لم تحاول محاربته. ربما لأنها هي نفسها بؤرة فساد».
وانتقدها التقرير لأنها تمارس أساليب غير ديمقراطية بسبب سيطرة خمسة أعضاء دائمين في مجلس الأمن عليها، وأيضا لأنها تتبنى الحرب باسم السلام، حيث تناقض نفسها بإرسال قوات تقتل وتدمر تحت شعار حفظ السلام، ولأنها فشلت خلال العشرين عاما الماضية، في وقف الإبادة الجماعية والتطهير العرقي في عدة دول، مثل «مذبحة سربرنيتسا» في البوسنة والهرسك، والإبادة الجماعية للمسلمين في بورما، والمذابح في أفريقيا الوسطى، والشيشان، وفي الشرق الأوسط. خاصة في العراق، وسوريا، وفلسطين.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.