الجيش الأميركي يتأهب للتهديدات في أوروبا

رغم خفض ميزانية البنتاغون.. وتقليص عديده في ألمانيا

الجيش الأميركي يتأهب  للتهديدات في أوروبا
TT

الجيش الأميركي يتأهب للتهديدات في أوروبا

الجيش الأميركي يتأهب  للتهديدات في أوروبا

بعد أقل من 3 سنوات من إعادة الجيش الأميركي للمجموعة الأخيرة من دباباته التي كانت متمركزة بشكل دائم في أوروبا، اضطر قادة أميركيون إلى الاعتماد على أسلحة أعيد شحنها مؤقتًا أو معدات جرى اقتراضها من الدول الحليفة، في إطار المسعى المتنامي لردع أحدث التهديدات الروسية، باستخدام جزء من القوات التي كانت تنشرها الولايات المتحدة في الماضي في مختلف أنحاء القارة.
ويأتي ذلك أيضًا في إطار مهمة آخذة في التشكل، بينما يستعد القادة الأميركيون هنا في ألمانيا، في حال دعوتهم، للتصدي لمجموعة جديدة من التهديدات، ليس فقط من سياسات موسكو العدائية، ولكن أيضًا من تنامي الجماعات المتشددة المسلحة والفوضى في منطقة الشرق الأوسط. لكن في ظل تخفيضات الإنفاق الشاملة التي تضغط على ميزانية وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، وفي بلد سئم من الحرب ولا يتطلع إلى الاحتفاظ بوضعية الاستعداد الدائم للحرب على الصعيد العالمي، كان وجود الجيش في أوروبا، وهو قوة برية كثيفة في منطقة قتال تتزايد فيها الأسلحة الرقمية، أحد أهم الأهداف الأميركية في السنوات الأخيرة.
ويقول القائد العام للقوات البرية الأميركية في أوروبا الليفتنانت جنرال بن هودجز، إن حشد القوات والمعدات اللازمة للمهمة يمكن أن يمثل تحديًا. وانخفض عديد الجنود الأميركيين المتمركزين بشكل دائم على الأراضي الأوروبية بواقع 35 في المائة منذ عام 2012، كما قلص الجيش بضعًا من المركبات والأسلحة ومعدات الدعم في القارة أو نقلها إلى قواعد أخرى.
وقال الجنرال هودجز إن مروحيات «بلاك هوك»، والتي استخدمت في تدريب نفذته قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) هنا في شهر أغسطس (آب) الماضي، على سبيل المثال، جرى جلبها لمدة 9 أشهر من فورت ستيورات بولاية جورجيا. ويتطلب جلب المزيد من المروحيات إما أسابيع عدة لنقلها على متن سفن بحرية أو إنفاق أموال إضافية لإحضارها بواسطة طائرات شحن. وبسبب ذلك لجأ الجنرال الأميركي إلى الاقتراض.
وأضاف «لا أمتلك الجسور، لا أمتلك الشاحنات التي يمكن أن تحمل الدبابات، لا نمتلك عددًا كافيًا من المروحيات لكي ننجز ما نحتاج إلى إنجازه. إن المشاركة بمروحيات بريطانية هنا هو جزء مهم من الأمر. كما أن استخدام الجسور البريطانية والألمانية، واستخدام الدفاع الجوي المجري جزء منه أيضًا».
يذكر أن التدريب الذي جرى في أواخر الصيف الماضي كان أكبر تدريب متعدد الجنسيات تشهده أوروبا منذ نهاية الحرب الباردة، وهي الفترة التي كان يمتلك الجيش الأميركي خلالها نحو 300 ألف فرد تمركزوا في القارة إبان ذروة التوترات مع الاتحاد السوفياتي السابق.
وشارك أكثر من 4800 جندي عامل من 11 بلدًا في حلف «الناتو» في التدريب الذي استمر شهرًا، والذي قال قادة عسكريون إنه برهن على قدرة القوات المتحالفة على الانتشار رغم تخفيض النفقات، وضغط الحروب الدائرة في الشرق الأوسط، وتململ الرأي العام من المهمات الخارجية.
وبينما جرى إنزال عشرات الجنود بالمظلات من خلفهم، اصطف مسؤولون أميركيون وألمان وبريطانيون وجنسيات أخرى من الحلفاء كتفًا إلى كتف في الريف البافاري ليبعثوا رسالة إلى الدولة التي تابع مراقبوها التدريب عن قرب، وهي روسيا، مفادها ألا تسيئوا الحكم علينا.
ورغم ذلك، تواجه وزارة الدفاع الأميركية تحدي إدارة مهمة متنامية بقوة متناقصة، بينما يتعين على الجيش في أوروبا أن يدرب الحلفاء ويردع أي أعداء بواحد على عشرة فقط من عدد الجنود الذي كان يمتلكه في الماضي.
ويقول الجنرال هودجز، بينما كان يتابع قواته التي تنضم إلى الجنود الألمان والإيطاليين الذين يهرعون من طائرتي «في - 22 أوسبري»، إن «المهمة تظل هي ذاتها.. لذا ينبغي علينا أن نفكر في طريقة تجعل 30 ألف جندي يبدون مثل 300 ألف».
*خدمة «نيويورك تايمز»



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.