تراجع شعبية القيادة الأفغانية مع تقدم طالبان

مراقبون: قرار تمديد بقاء القوات الأميركية في أفغانستان يمنح البلاد طوق نجاة مؤقتا

تراجع شعبية القيادة الأفغانية مع تقدم طالبان
TT

تراجع شعبية القيادة الأفغانية مع تقدم طالبان

تراجع شعبية القيادة الأفغانية مع تقدم طالبان

يمنح قرار الولايات المتحدة تمديد وجودها العسكري في افغانستان الى ما بعد 2016 الحكومة المضطربة، طوق نجاة هي بأمس الحاجة اليه، رغم عدم كفاءتها نظرا لعودة بروز حركة طالبان.
ويأتي ذلك بعد نحو عام على تولي أشرف غني رئاسة البلاد في اطار حكومة وحدة تم تشكيلها بوساطة الولايات المتحدة مع خصمه الرئيسي في الانتخابات عبد الله عبد الله، الذي قاتل الاتحاد السوفياتي سابقا.
وفيما اعتبر اتفاق تشكيل الحكومة في افغانستان اختراقا منع اندلاع حرب اهلية اثنية، إلا ان الخبراء يقولون ان المأزق السياسي الناجم عن تشكيل هذه الحكومة سمح لطالبان باكتساب المزيد من الزخم واطلاق موجة عنف لم تشهدها البلاد منذ سنوات.
وشكل استيلاء طالبان الشهر الماضي على مدينة قندوز الشمالية رغم انه لم يستمر لفترة طويلة، ضربة موجعة للقوات الافغانية التي دربها الغرب للحفاظ على الأمن بعد انتهاء مهمة قوات حلف شمال الاطلسي في ديسمبر (كانون الاول).
ولذا، فقد استقبل المسؤولون والسكان بالارتياح قرار الرئيس الاميركي باراك اوباما الابقاء على 5500 جندي الى ما بعد 2016، حيث يأملون في ان يحول ذلك دون ان تصبح البلاد مركزا للارهاب والعنف.
من جانبه، قال الجنرال المتقاعد عتيق الله امر خيل ان "الاعلان هو دفعة مهمة لمعنويات الجيش الافغاني، ويظهر ان العالم لن يتركه لوحده" في مواجهة المسلحين.
إلا ان قلة تعتقد ان ذلك يمكن ان يرجح كفة الميزان لصالح القوات الحكومية، حيث يرى البعض ان احد السيناريوهات المحتملة هو جمود مطول في الموقف، بينما يرى الغير ان السيناريو المحتمل الآخر هو اندلاع معارك بالوكالة بين القوى الاجنبية.
كما أدى ضعف اداء غني وعبدالله الى خسارتهما التأييد الشعبي بشكل كبير؛ فبعد حصولهما على نسبة 60% من التأييد طبقا لاستطلاع أجراه موقع "تولو نيوز" الاعلامي الافغاني، انحدرت شعبيه غني وعبد الله الى نحو 20% بحلول اغسطس (آب).
من جهتها، قالت بيبي حومة (43 عاما) وهي من سكان قندوز، لكنها موجودة حاليا في كابول للمشاركة في تجمع احتجاجي يوميا، انها فقدت الثقة في قادة بلادها. واضافت "منذ ان غادر كرزاي السلطة والامور تتدهور. لقد اخطأنا بالتصويت لهما (غني وعبد الله)"، وتابعت "ابناؤنا عاطلون عن العمل، وشرطتنا لا تحصل على رواتب (...) اننا نخسر بلادنا".



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».