قتلت إسرائيل 6 فلسطينيين، أمس، مع دخول الهبة الجماهيرية الفلسطينية أسبوعها الثاني، وأصابت العشرات بالرصاص، فيما هاجم فلسطينيون جنودا وإسرائيليين بالسكاكين في منطقة القدس، وخلفوا عدة جرحى بينهم جندي في حالة خطرة، في المواجهات المتصاعدة منذ أسبوع، ليرتفع العدد الإجمالي إلى 20 «شهيدا» وألف مصاب.
وقتلت قوة إسرائيلية، فجر السبت، الشاب «أحمد صلاح» (19 عاما)، وأصابت 3 آخرين، بعد أن حاولت تنفيذ عملية خاصة داخل مخيم شعفاط للاجئين شمال القدس، فتصدى لها عشرات الشبان، قبل أن تشتعل المواجهات وتتحول إلى كر وفر في شوارع المخيم المحاصر في القدس.
في واشنطن، اعتبرت الولايات المتحدة عمليات الطعن التي نفذها أخيرا فلسطينيون في إسرائيل والأراضي الفلسطينية هجمات «إرهابية»، لكنها امتنعت عن استخدام نفس المصطلح لتوصيف عملية طعن نفذها الجمعة شاب يهودي إسرائيلي ضد فلسطينيين وعرب إسرائيليين. وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية جون كيربي، ردا على سؤال في نهاية مؤتمره الصحافي اليومي عن عمليات الطعن العديدة التي نفذها خلال الأيام الأخيرة ناشطون فلسطينيون ضد إسرائيليين، إن واشنطن «تعتبر أعمال العنف هذه (...) أعمالا إرهابية». وأضاف أن «الهجمات بالسلاح الأبيض وإطلاق النار هي إرهاب، نعم».
لكن كيربي رفض استخدام التوصيف نفسه لعملية الطعن التي نفذها شاب يهودي طعن يوم الجمعة الماضي أربعة أشخاص، هم فلسطينيان واثنان من عرب إسرائيل، في أول هجوم بسكين يقدم عليه يهودي منذ بدء موجة العنف في مطلع الشهر الحالي. وقال: «ليست لديّ التفاصيل، وأفضل عدم الدخول في هذه المسألة. لنعالج كل حادث على حدة».
وأكد كيربي أن الولايات المتحدة «تدين بأشد العبارات» موجة العنف الراهنة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وتطالب بـ«وقفها» و«عودة الهدوء» إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية.
وفي تطور ميداني آخر، أعلن الجيش الإسرائيلي أن فلسطينيين أطلقوا فجر أمس صاروخا من قطاع غزة على إسرائيل سقط في أرض خلاء جنوبا، من دون أن يسفر عن إصابات، وذلك بعد ساعات من مقتل ستة فلسطينيين برصاص جنود إسرائيليين على الحدود مع القطاع. وقال الجيش في بيان إن «صاروخا أطلق على جنوب إسرائيل سقط على ما يبدو في أرض غير مأهولة في منطقة أشكول. ليس هناك جرحى».
وأعلنت الشرطة الإسرائيلية لاحقا عن تمكن عناصرها من قتل شابين بزعم أنهما حاولا تنفيذ عمليتين منفصلتين بمدينة القدس، مدعيةً أن الفتى «إسحاق بدران» (16 عاما) من قرية كفر عقب إلى الشمال من المدينة المحتلة قد أصاب إسرائيليين بجروح ما بين المتوسطة إلى الطفيفة، قبل أن ينجح عناصر من الشرطة بقتله في حي المصرارة المجاور لباب العمود. ومن ثم أعلنت عن قتل الشاب «محمد علي» (25 عاما) من مخيم شعفاط، في منطقة باب العمود، بعد أن نفذ عملية طعن لـ3 جنود من حرس الحدود الإسرائيلي، أحدهم أصيب بجروح خطيرة بعد أن أصابته رصاصة بالخطأ من زميل له، وفق بيان الشرطة الإسرائيلية.
وتشهد القدس أعنف المواجهات منذ أسبوع. واقتحمت قوات خاصة إسرائيلية، أمس، مستشفيي المطلع والمقاصد في القدس، بحثا عن مصابين ومعتقلين.
وأدان وزير الصحة الفلسطيني جواد عواد «اقتحام قوات الاحتلال لمستشفيي جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية والمطلع». وقال الوزير عواد، في بيان صحافي، إن «اقتحام الاحتلال حرم هذين المستشفيين يعد مؤشرا خطيرا يؤكد تنكر إسرائيل لكل ما هو إنساني، وتنصلها من كل الاتفاقيات الدولية واتفاقيات حقوق الإنسان». وأشار إلى أن القانون الدولي الإنساني يشدد على ضرورة احترام الحياد الطبي، وتمكين الفرق الطبية من العمل بأمان، كما ينص على منع مهاجمة المسعفين بما في ذلك الأماكن الطبية. وناشد الوزير عواد دول العالم والمنظمات الأممية والحقوقية «ضرورة التدخل لوقف العدوان الإسرائيلي على كل ما هو فلسطيني، وحماية أبناء شعبنا من رصاص جنود الاحتلال وقنابلهم».
وفي قطاع غزة، قتلت إسرائيل فلسطينيين وقضى ثالث متأثر بجراحه. وأفاد مراسل «الشرق الأوسط» بغزة بأن طفلين سقطا في مواجهات السبت، هما «مروان بربخ» (13 عاما) و«خليل عثمان» (17 عاما)، وكلاهما من خان يونس جنوب قطاع غزة، فيما أصيب بالمنطقة ذاتها نحو 13 شابا من بينهم 4 بحالة خطرة.
وبينما شيع آلاف من الفلسطينيين جثامين 3 شبان قضوا في المواجهات الأخيرة، في الخليل وشعفاط، تواصلت المواجهات في مناطق مختلفة في الضفة الغربية في الخليل ورام الله وبيت لحم ونابلس.
ودخل عرب 48 على خط المواجهات في تطور لافت، وانطلقت ليلة الجمعة - السبت مسيرات كبيرة في مدينة الرملة بمشاركة الآلاف من فلسطينيي الداخل، قبل أن تحدث مواجهات مع عشرات الشبان الذين رشقوا بالحجارة سيارات الشرطة الإسرائيلية التي تصدت لهم واعتقلت 15 منهم، وتمتد إلى مواجهات في الطيبة والرملة والناصرة.
وشهدت مناطق سخنين وقانا وقلنسوة وأم الفحم وعرعرة ورهط والجليل مسيرات حاشدة أحرق خلالها الشبان إطارات للسيارات. وأعلنت الشرطة الإسرائيلية، أمس، عن اعتقال 13 فلسطينيا من الطيبة والناصرة بزعم تورطهم «بأعمال شغب» خلال المسيرات التي يعتقد أن نشر فيديو لعملية إطلاق نار متعمد على سيدة عربية لم تكن تحمل أي سلاح في محطة بمدينة العفولة قد أججها.
وبدت إسرائيل في ورطة مع تمدد المواجهات ومواصلة ما بات يعرف بـ«ثورة السكاكين». وأقر ضابط إسرائيلي كبير بفشل إسرائيل في منع العمليات قبل وقوعها كما جرت العادة في السنوات الأخيرة، قائلا إن ذلك بسبب أنها فردية التخطيط والتنفيذ. وقال الضابط إن «العمليات التي وقعت حتى الآن لا تقف خلفها أي مجموعات منظمة، عدا الهجوم الذي استهدف سيارة للمستوطنين قرب ايتمار منذ أكثر من أسبوعين»، مضيفا «جميع العمليات الأخرى كانت ناتجة عن تخطيط وتنفيذ فردي من قبل شبان غالبيتهم يفعلون ذلك نتيجة تحريض سياسي وإعلامي فلسطيني».
وتوقع الضابط أن تستمر موجة العمليات لفترة قصيرة أخرى، مشيرا لإجراءات إسرائيلية مكثفة بتعزيز القوات الأمنية في كل المناطق لمنع مزيد من العمليات وإحباط أي محاولة لتنفيذ هجمات.
وتتهم إسرائيل الرئيس الفلسطيني محمود عباس بتحريض الشبان الفلسطينيين على المواجهات. لكن الحكومة الفلسطينية حملت حكومة دولة الاحتلال الإسرائيلي «المسؤولية الكاملة عن الجرائم والانتهاكات التي يرتكبها جيش الاحتلال والمستوطنون بحق شعبنا في الأرض الفلسطينية المحتلة». وقالت الحكومة، في بيان لها أمس، إن «جيش الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين يمعنون في ارتكاب الجرائم بحق شعبنا الأعزل على مرأى ومسمع من العالم، بل إن جرائم الاحتلال تَحدُث تحت غطاء وحماية من حكومة الاحتلال التي تُشَرعِن جرائم وانتهاكات جيش الاحتلال بحق شعبنا».
ودعت الحكومة «مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لتشكيل لجنة تحقيق دولية على وجه السرعة؛ للتحقيق في جميع الجرائم والانتهاكات التي ترتكبها إسرائيل بحق شعبنا، والتي تمثل خرقا للقانون الدولي والإنساني واتفاقيات جنيف وحقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة».
وجددت الحكومة مطالبة المجتمع الدولي والأطراف الدولية المتعاقدة على اتفاقيات جنيف بالتدخل العاجل من أجل الضغط على حكومة الاحتلال الإسرائيلي، لوقف جرائمها وانتهاكاتها التي تمارسها على أرضنا المحتلة، ومنح حماية دولية لشعبنا، وذلك في إطار دعم الجهود السياسية والدبلوماسية الفلسطينية، من أجل إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
ومع قتل إسرائيل 6 فلسطينيين أمس ارتفع عدد الفلسطينيين الذين قضوا خلال 24 ساعة إلى 13، وأكثر من 220 مصابا بالرصاص الحي والمطاطي. وقالت وزارة الصحة الفلسطينية في بيان رسمي: «بلغ عدد (الشهداء) منذ بداية أكتوبر (تشرين الأول) 20 (شهيدا)، منهم 11 في الضفة الغربية، وأكثر من ألف مصاب بالرصاص الحي والمطاطي، حتى ظهر أمس».
ومن بين المصابين يوجد 48 طفلا، بحسب «الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال» التي قالت في بيان إن 48 طفلا على الأقل أصيبوا بنيران قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين خلال الأسبوع الأخير الذي شهد مواجهات عنيفة، وفق البيانات الأولية التي حصلت عليها الحركة.
وقال مسؤول برنامج المساءلة في الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال عايد أبو قطيش «إن دعوة المسؤولين الإسرائيليين للمستوطنين إلى حمل السلاح الذي ترخصه حكومتهم وتشجيعهم على ذلك، إضافة إلى تسهيل قواعد إطلاق الرصاص الحي، عدا عن تعزيز ثقافة الإفلات من العقاب لدى جنود الاحتلال، كل ذلك سهل وأسهم في إلحاق أكبر الضرر بالمدنيين الفلسطينيين، خاصة الأطفال».
ويضاف إلى ذلك اعتقال إسرائيل لـ650 فلسطينيا منذ بداية الهبة الحالية. وقالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين إن حالات الاعتقال وصلت إلى 650 حالة منذ بداية شهر أكتوبر الحالي، أغلبهم من منطقة القدس ومن الشبان والأطفال، وإن من بين المعتقلين جرحى ونساء، بعضهم لا يزالون يقبعون في المستشفيات الإسرائيلية. وقالت الهيئة في تقريرها إن أغلب المعتقلين اعتقلوا ميدانيا، إضافة إلى مداهمات ليلية للمنازل واعتقال الشبان بتهم مقاومة الجنود والمستوطنين.
وقد اقتيد المعتقلون إلى مراكز التحقيق في المسكوبية والجلمة وعسقلان وبيتيح تكفا، والبعض احتجزوا في معسكرات عصيون وكريات اربع وحوارة، وأغلبهم، حسب شهادات أدلوا بها، قد تعرضوا للضرب الشديد خلال اعتقالهم. وقالت الهيئة إن عددا من المعتقلين احتجزوا في معسكرات للجيش والمستوطنات ساعات طويلة وهم مقيدو ومعصوبو الأعين، وتعرضوا للتنكيل والشتائم والإهانات على يد الجنود.
وذكرت الهيئة حالة الأسرى الجرحى أحمد وليد حامد وعبد الرحمن أبو الذهب ومحمد زيادة، الذين تعرضوا لإطلاق الرصاص الحي عليهم على يد قوات المستعربين ويقبعون في مستشفى هداسا وتشعار تصيدق، وتم اقتيادهم إلى التحقيق رغم تدهور وضعهم الصحي. وقالت الهيئة إن الأسيرة الجريحة شروق دويات تقبع في هداسا عين كارم بعد أن أصيبت بجراح بليغة في القدس.
وأشارت الهيئة إلى مماطلات وتسويفات تقوم بها حكومة إسرائيل للسماح للمحامين بالتقاء المعتقلين الجدد خاصة الجرحى. وأوضحت الهيئة أن كل الأسرى الجرحى تم التحقيق معهم في المستشفيات وهم مقيدون في أسرة المستشفى في ظروف صحية صعبة، وأن عددا من المعتقلين استخدموا دروعا بشرية خلال عمليات الاعتقال.
انتفاضة {المدى} تتمدد فلسطينيا.. وضغوط دولية على السلطة لإيقافها
عمليتا طعن في القدس وإسرائيل تقتل 6 فلسطينيين.. و«عرب 48» يدخلون على خط المواجهات
انتفاضة {المدى} تتمدد فلسطينيا.. وضغوط دولية على السلطة لإيقافها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة