حذر سياسيون يمنيون من لعبة سياسية جديدة للمتمردين الحوثيين والرئيس السابق علي عبد الله صالح، يقومون بها مع اقتراب السيطرة على مناطق جديدة تخضع لسيطرتهم وقرب حسم الحرب. وجاء هذا التحذير في ضوء الرسالتين اللتين بعث بهما الحوثيون وحزب المؤتمر الشعبي العام، الذي يتزعمه صالح، إلى الأمين العام للأمم المتحدة، وتتعلق بموافقتهم على تطبيق القرار 2216، الصادر عن مجلس الأمن الدولي بشأن اليمن.
ورأى مراقبون في الساحة اليمنية أن الحوثيين انقلابيون ويريدون، من خلال تفعيل ملف التسوية السياسية، كسب المزيد من الوقت لفرملة تقدم قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية المسنودة بقوات التحالف، في عدد من جبهات القتال. وقال نجيب غلاب، رئيس منتدى الجزيرة والخليج للدراسات لـ«الشرق الأوسط» إن الرسالتين اللتين بعث بهما الحوثيون وحزب صالح إلى أمين عام الأمم المتحدة، لا جديد فيهما، وإنهم (الحوثيين وصالح) ما زالوا «ثابتين على موقفهم السابق، فالبنود السبعة التي قدمها جناحا الانقلاب في السابق، والتي تم رفضها من قبل الحكومة الشرعية، ما زالت هي المحدد الأساسي الذي يرونه المدخل لتطبيق قرار مجلس الأمن ويتم تسويقها وهدفها الأساسي إيقاف الحرب ورفع الحصار ثم إعادة بناء معركتهم الداخلية التصفوية». وأكد غلاب أن البنود السبعة التي يتحدث عنها الحوثيون أو مبادئ مسقط: «تلغي القرار وتفرغه من محتواه وتدمر بنوده كلها لصالح الانقلاب، بل إن البنود لا تعترف بالشرعية وتلغيها»، واعتبر غلاب تلك البنود بأنها «أشبه بآلية تنفيذية لإعلانهم الانقلابي بل وشرعنته من خلال الأمم المتحدة من خلال خلق وثائق بديلة تؤدي إلى جعل قرارات مجلس الأمن بنودا غير قابلة للعمل وإن اشتغلت فمآلها نتيجة ربطها بالبنود السبعة إنجاز كل أهداف الانقلاب». واعتبر الباحث اليمني غلاب تركيز الحوثيين على إلغاء العقوبات الواردة في قرار مجلس الأمن الدولي: «ليس إلا مقدمة لبناء حصانة لهم وحمايتهم من أي حساب، ناهيك أنه يجعل مجلس الأمن كراضخ لضغوطهم، فالبنود السبعة تبدو أنها تدعو للسلام وذات بعد إنساني وتوافقي، إلا أنها كجحيم يحرق الجميع ليفوز الانقلاب وحده». وأكد غلاب أن الحوثيين يتعاملون باستخفاف مع المفاوضات و«يراهنون على غباء الآخرين كما حدث في وثيقة السلم والشراكة التي أصبحت مدخلهم للانقلاب وأصبحت أداة لتصفية الجميع واستتباع البعض». كما يؤكد الباحث اليمني أن الشرعية في اليمن تدرك مخاطر المناورات الحوثية. ورأى غلاب أن «قبول تلك البنود سيفكك مقررات مجلس الأمن ويساعدهم على بناء قوتهم من خلال وضع آلية تنفيذية لمقررات المجلس، ما يعني أن القرار أصبح محل تفاوض سياسي من خلال الآلية، وهذا سيقود إلى عملية طويلة تمكنهم من إعادة بناء قوتهم والتخلص من التدخل العربي وتحميل التحالف مشاكل اليمن ودفعه لتمويل التحول بما يجعل التحالف ممولا أساسيا للانقلاب باسم تنفيذ القرار الأممي واستعادة الدولة عبر صناعة الوهم واستغلال المأساة الإنسانية بل والعمل على توسيع نطاق هذه المأساة فهي مدخلهم الأساسي للخروج من معضلة الهزيمة التي تلاحقهم يوميًا».
من جهته، اعتبر عبد الباري طاهر، نقيب الصحافيين اليمنيين تشبث الحوثيين بما تسمى البنود السبعة، بأنه عرقلة واضحة لأي تسوية سياسية، ودعا، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى الالتزام الصريح بتطبيق القرار الأممي، واعتبر أن ما ورد في تلك البنود «هي تفاصيل يمكن الحديث عنها في إطار حوار الأطراف برعاية أممية». أما يحيى عبد الرقيب الجبيحي، المستشار في مجلس الوزراء اليمني، فقد أكد لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين «إذا كانوا جادين، فعليهم البدء أولا بإطلاق سراح المعتقلين وتطبيع الحياة العامة والانسحاب، على الأقل، من المحافظات التي لا تشهد مقاومة أو قتالاً».
ومن أبرز بنود قرار مجلس الأمن الدولي الصادر في أبريل (نيسان) 2015، مطالبته لجميع الأطراف «لا سيما الحوثيين بالتنفيذ الكامل للقرار رقم 2201 والقرار 2015 والامتناع عن اتخاذ المزيد من الإجراءات الأحادية التي يمكن أن تقوض عملية الانتقال السياسي في اليمن ويطالب الحوثيين بالقيام فورا دون قيد أو شرط بالآتي: الكف عن استخدام العنف، وسحب قواتهم من جميع المناطق التي استولوا عليها بما في ذلك العاصمة صنعاء، والتخلي عن جميع الأسلحة التي استولوا عليها من المؤسسات العسكرية والأمنية بما في ذلك منظومات القذائف، والتوقف عن جميع الأعمال التي تندرج ضمن نطاق سلطة الحكومة الشرعية، والامتناع عن الإتيان بأي استفزازات أو تهديدات للدول المجاورة، والإفراج عن وزير الدفاع محمود الصبيحي وعن جميع السجناء السياسيين وجميع الأشخاص رهن الإقامة الجبرية، وإنهاء تجنيد الأطفال وتسريح جميع الأطفال المجندين في صفوفهم».
كما نص القرار على «دعوة جميع الأطراف اليمنية، لا سيما الحوثيين إلى الالتزام بمبادرة مجلس التعاون الخليجي ونتائج مؤتمر الحوار الوطني الشامل وقرارات مجلس الأمن وتسريع المفاوضات للتوصل إلى حل توافقي والتنفيذ الكامل للاتفاقات المبرمة والالتزامات التي تم التعهد بها لبلوغ هذا الهدف والتعجيل بوقف العنف، وطالب القرار جميع الأطراف اليمنية بالالتزام بتسوية الخلافات عن طريق الحوار والامتناع عن الأعمال الاستفزازية». وأكد القرار على «ضرورة قيام جميع الأطراف بكفالة سلامة المدنيين وضمان أمن موظفي الإغاثة وموظفي الأمم المتحدة وتيسير إيصال المساعدات الإنسانية على نحو سريع وآمن دون عوائق، وإلى تيسير قيام الدول المعنية بإجلاء المدنيين من اليمن».
ويلزم القرار «جميع الدول اتخاذ تدابير لمنع القيام بشكل مباشر أو غير مباشر بتوريد أو بيع أو نقل أسلحة لصالح علي عبد الله صالح، وعبد الله يحيى الحاكم وعبد الخالق الحوثي، والكيانات والأفراد الواقعين تحت العقوبات انطلاقا من أراضيها أو بواسطة مواطنيها أو باستخدام سفن أو طائرات تحمل علمها. وتشمل حظر السلاح الذخائر والمركبات والمعدات العسكرية والمعدات شبه العسكرية وقطع الغيار والمساعدات التقنية والتدريب والمساعدات المالية وكل ما يتصل بالأنشطة العسكرية أو توفير أي أسلحة أو توفير أفراد مرتزقة مسلحين سواء كان مصدرهم أراضيها أم لا. وتتولى الدول لا سيما المجاورة لليمن تفتيش جميع البضائع المتجهة إلى اليمن والقادمة منه إذا توافر معلومات للاعتقاد أن البضائع تحمل أصنافا يحظر توريدها. يأذن لتلك الدول عند الكشف عن أصناف محظورة التصرف فيها من خلال إتلافها أو تخزينها أو نقلها إلى دول أخرى من أجل التخلص منها».
وخلال الأشهر الماضية، عقد المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد سلسلة لقاءات مع الحوثيين وممثلين عن الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح في العاصمة العمانية مسقط، وقد تبلورت لديهم جملة من المقترحات سميت «البنود السبعة» أو «مبادئ مسقط»، وهي نفس النقاط التي سبق ورفضتها القيادة الشرعية في اليمن. ووفقا لما نشر، فإن هذه البنود هي: «الالتزام بتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بما فيها القرار 2216 من جميع الأطراف وفق آلية تنفيذية يتم التوافق عليها، وبما لا يمس بالسيادة الوطنية مع التحفظ على العقوبات الصادرة بحق المواطنين اليمنيين»، «وقف دائم وشامل لإطلاق النار من جميع الأطراف وانسحاب كل الجماعات والميليشيات المسلحة من المدن وفقًا لآلية تؤدي إلى سد الفراغ الأمني والإداري ورفع الحصار البري والبحري والجوي».
سياسيون يمنيون: الحوثيون يحاولون الالتفاف على القرار الدولي وإفراغه من محتواه
قالوا لـ {الشرق الأوسط}: إن البنود السبعة المطروحة تشرعن للانقلاب وتورط التحالف في تبعاته

سياسيون يمنيون: الحوثيون يحاولون الالتفاف على القرار الدولي وإفراغه من محتواه

لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة