بطون المجريين طريق المهاجرين إلى قلوبهم

«الزبادي» السوري و«بولاني» الأفغاني و«أنجيرا» الإريتري أشهر الوجبات الوافدة

طفلة من بين اللاجئين الذين وصلوا امس الى ميناء جزيرة ليسبوس اليونانية بعد عبورهم بحر إيجه آتين من تركيا (أ ف ب)
طفلة من بين اللاجئين الذين وصلوا امس الى ميناء جزيرة ليسبوس اليونانية بعد عبورهم بحر إيجه آتين من تركيا (أ ف ب)
TT

بطون المجريين طريق المهاجرين إلى قلوبهم

طفلة من بين اللاجئين الذين وصلوا امس الى ميناء جزيرة ليسبوس اليونانية بعد عبورهم بحر إيجه آتين من تركيا (أ ف ب)
طفلة من بين اللاجئين الذين وصلوا امس الى ميناء جزيرة ليسبوس اليونانية بعد عبورهم بحر إيجه آتين من تركيا (أ ف ب)

اكتشفت مجموعة من المطاعم في العاصمة المجرية بودابست طريقة مبتكرة لتغيير موقف المواطنين المجريين من أزمة المهاجرين في أوروبا، بتقديم أطباق شهية من سوريا ودول أخرى يأتي منها الكثير، حسب وصفات شعبية من اللاجئين.
وتعرضت حكومة المجر اليمينية لانتقادات بسبب حملتها ضد المهاجرين الفارين من الصراعات والفقر في الشرق الأوسط ومناطق أخرى. وتركزت تلك الانتقادات على بناء سياج حديدي على طول حدودها الجنوبية مع صربيا، بيد أن المجريين يشتهرون بولعهم بالطعام الشهي، مما دفع المطاعم إلى القيام بمبادرة تستهدف تقديم صورة أكثر حميمية وإنسانية للثقافات التي تركها خلفهم عشرات الآلاف من المهاجرين الذين يتدفقون على أوروبا.
وقالت هانا مايكس منسقة مشروع الطهي الذي تنظمه مؤسسة «ارتيميسيو»: «عندما نتعرف على المظاهر المختلفة لحياة الناس أو نتذوق الأطعمة والأطباق التي كانوا يتناولوها في مواطنهم، فإن ذلك قد يؤدي إلى إزالة الحواجز النفسية في أذهان الناس».
وتوفر هذه المبادرة التي تستمر أسبوعًا معلومات عن مفردات الحياة اليومية في أربع دول هي سوريا وأفغانستان والصومال وإريتريا وتتضمن إجراء مقابلات مقتضبة مع مهاجرين يعيشون في المجر. وقال إيفان ساندور مدير مطعم «مانجا كاوبوي» في إحدى الضواحي التي تعج بالحركة في وسط بودابست أن المشروع الذي يقوم من خلاله المهاجرون بتقديم وصفات للمطاعم لإعدادها قد يساعد على تخفيف حدة التوتر الذي أججته أزمة المهاجرين في المجر.
وقال ساندور الذي يشارك مطعمه ضمن عشرة مطاعم في المشروع: «على مدى الأسابيع القليلة المنصرمة حاولت كل الأطراف استغلال التوتر لتحقيق مكاسب (سياسية). أعتقد أننا نستطيع نزع فتيل هذا التوتر على مائدة عامرة بالطعام الشهي».
وكانت عقيلة سابونا البالغة من العمر 27 عامًا، وهي من المهاجرين الذين يساهمون في المشروع قد قدمت مع أسرتها إلى المجر من أفغانستان قبل أعوام عدة. وقالت: «لأني نباتية تحدثت معهم عن أطباق نباتية مثل (بوراني بانجان)، وهو طبق تقليدي يعد من الباذنجان. وكانت سابونا تتحدث وقد ارتسمت على وجهها ابتسامة عريضة بعد أن حصلت لتوها على الجنسية المجرية».
من جهتها، ساعدت سابا تيسفاي (37 عامًا) وهي مولودة لأم مجرية وأب إريتري مطعمين على اختيار أطباق إريترية تقليدية، منها مثلا طبق «أنجيرا»، وهو عبارة عن خبز شبيه بالفطائر يقدم مع اللحم بالصلصة الحار ويخنة الدجاج مع البيض والعدس. وتقول: «هذا طبق وطني لكنه ليس مثل (الجولاش) بالنسبة للمجريين، وهي طبخة يخنة لحم وخضراوات تقدم مع الأرز والمعكرونة، لأن الناس يتناولونه في إريتريا حتى في الإفطار وبالتأكيد مرة في اليوم على الأقل».
وتضيف تيسفاي وهي عالمة أنثروبولوجيا ثقافية أنها لم تتعرض لأي مشكلات على الإطلاق كمهاجرة من الجيل الثاني نشأت في المجر، لكنها قالت إن أزمة المهاجرين في الوقت الراهن تجعل الحياة أصعب. وقالت: «يمكنك أن تشعر بذلك عندما يتساءل الناس متى وصلت إلى المجر؟ قد يقولون ذلك ليس رغبة في تقديم مساعدة لكن للسخرية بإحساس مفاده هنا لدينا مهاجر آخر. حدث ذلك لي في السوق في الآونة الأخيرة ولم يسبق أن حدث من قبل. شعرت بإحساس سيئ للغاية».
وعلى الرغم من أن معظم المهاجرين الذين يحاولون دخول المجر لا يعتزمون الإقامة فيها لكنهم ينوون السفر غربًا ولا سيما إلى ألمانيا، فإن رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان يقول إنه يعمل على إنقاذ «القيم المسيحية» لأوروبا بإغلاق الطريق البري الرئيسي. ومعظم المهاجرين من المسلمين.
وأثار موقفه المتشدد غضب جماعات حقوق الإنسان وبعض الحكومات التي ترى أن السياج الحدودي الجديد سيعيد أوروبا إلى حقبة من الانقسام كالتي سادت خلال الحرب الباردة. لكن أوربان يتمتع أيضًا بتأييد من الأوروبيين الذين يقولون إن تدفق المهاجرين سيزيد الضغط على الخدمات العامة وسيزيد من حدة التوتر العرقي.
وينقسم محبو الطعام في بودابست الذين يستمتعون بالطعام الأفغاني والإريتري بشأن قضية المهاجرين. وقال مستثمر يدعى أنتال كارولي (44 عامًا): «أرى أن علينا على المدى القصير أن نساعد أولئك الذين لا ينامون جيدًا ويعانون الجوع والعطش ولا سيما أولئك القادمين من مناطق حرب وتعرضوا لمواقف عصيبة لا يمكن تصورها بالنسبة لنا».
وأضاف كارولي الذي انتهى لتوه من تناول وجبة من المعجنات الأفغانية الرقيقة المحشوة بالبطاطس والبصل، التي تسمى «بولاني»، والتي قُدمت له مع سلاطة زبادي سورية إن «حل الأزمة على المدى البعيد يقع على عاتق الدول الأصلية للمهاجرين».
ولم يكن بمقدور صديقه سولت فاركاس، الجالس على الجانب الآخر من الطاولة، أن يؤكد أن كانت فكرة إقامة السياج جيدة أم لا، لكنه قال إن الحكومة المجرية اضطرت للتحرك لإدارة الأزمة. وأضاف: «التاريخ سيحكم إن كانت الحكومة قد تصرفت بشكل صحيح».



ثلثهم على أيدي الجيش الإسرائيلي... مقتل 54 صحافياً في عام 2024

مراسلات يتحدثن أمام الكاميرات خلال تغطية صحافية في البرازيل (رويترز)
مراسلات يتحدثن أمام الكاميرات خلال تغطية صحافية في البرازيل (رويترز)
TT

ثلثهم على أيدي الجيش الإسرائيلي... مقتل 54 صحافياً في عام 2024

مراسلات يتحدثن أمام الكاميرات خلال تغطية صحافية في البرازيل (رويترز)
مراسلات يتحدثن أمام الكاميرات خلال تغطية صحافية في البرازيل (رويترز)

قُتل 54 صحافياً حول العالم أثناء قيامهم بعملهم أو بسبب مهنتهم في عام 2024، ثلثهم على أيدي القوات الإسرائيلية، وفق ما أظهر تقرير سنوي لمنظمة «مراسلون بلا حدود» صدر اليوم (الخميس)، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

وبحسب هذه المنظمة غير الحكومية المعنية بحرية الصحافة، كان الجيش الإسرائيلي مسؤولاً عن مقتل 18 صحافياً هذا العام، 16 في غزة واثنان في لبنان.

وقالت «مراسلون بلا حدود»، في تقريرها السنوي الذي يغطي بيانات حتى الأول من ديسمبر (كانون الأول)، إن «فلسطين هي البلد الأكثر خطورة على الصحافيين، حيث سجّلت حصيلة قتلى أعلى من أي دولة أخرى خلال السنوات الخمس الماضية».

وأقامت المنظمة 4 شكاوى أمام المحكمة الجنائية الدولية تتعلق بـ«جرائم حرب ارتكبها الجيش الإسرائيلي ضد صحافيين».

وأضافت «مراسلون بلا حدود» أن «أكثر من 145» صحافياً قُتلوا على أيدي القوات الإسرائيلية في غزة منذ بدء الحرب في القطاع في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 عقب هجوم «حماس» على إسرائيل، منهم 35 كانوا يعملون وقت مقتلهم.

ووصفت المنظمة عدد عمليات القتل بأنها «حمام دم لم يسبق له مثيل».

وفي تقرير منفصل نُشر الثلاثاء، أفاد الاتحاد الدولي للصحافيين بأن 104 صحافيين قتلوا في أنحاء العالم عام 2024، أكثر من نصفهم في غزة.

وتختلف الحصيلتان اللتان وفّرتهما المنظمتان بسبب اختلاف النهجين المستخدمين في تعداد الضحايا.

فالعدد الذي قدّمته «مراسلون بلا حدود» لا يشمل إلا الصحافيين الذين «ثبت أن مقتلهم مرتبط بشكل مباشر بنشاطهم المهني».

نفي إسرائيلي

وتنفي إسرائيل تعمّد إيذاء الصحافيين، لكنها تقر في الوقت نفسه بأن بعضهم قُتل بغارات جوية شُنّت على أهداف عسكرية.

وقال الناطق باسم الحكومة الإسرائيلية ديفيد منسر، في مؤتمر صحافي، الأربعاء: «نحن نرفض هذه الأرقام. لا نعتقد أنها صحيحة».

وأضاف: «نحن نعلم أن معظم الصحافيين في غزة يعملون على الأرجح تحت رعاية (حماس)، وأنه حتى يتم القضاء على الحركة، لن يُسمح لهم بنقل المعلومات بحرية».

من جهتها، قالت آن بوكاندي، مديرة تحرير «مراسلون بلا حدود» لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «الصحافة مهددة بالانقراض في قطاع غزة».

وأشارت إلى «تعتيم ذي أبعاد متعددة». فبالإضافة إلى «الانتهاكات المرتكبة بشكل مباشر ضد الصحافيين»، ما زال «الوصول إلى غزة ممنوعاً منذ أكثر من عام»، كما أن «مناطق بكاملها أصبح الوصول إليها غير متاح» وبالتالي «لا يعرف ما يحدث هناك».

من جهته، ندّد أنتوني بيلانجر، الأمين العام للاتحاد الدولي للصحافيين، بـ«المذبحة التي تحدث في فلسطين أمام أعين العالم». وقال لوكالة الصحافة الفرنسية إن «العديد من الصحافيين يُستهدفون» عمداً.

وبعد غزة، كانت باكستان أكثر البلدان فتكاً بالصحافيين في عام 2024، حيث سُجل مقتل 7 صحافيين، تليها بنغلاديش والمكسيك بـ5 لكل منهما.

وفي عام 2023، بلغ عدد الصحافيين الذين قُتلوا في كل أنحاء العالم 45 صحافياً في الفترة نفسها من يناير (كانون الثاني) إلى ديسمبر.

وحتى الأول من ديسمبر، كان هناك 550 صحافياً مسجوناً في كل أنحاء العالم مقارنة بـ513 في العام الماضي، وفقاً لأرقام «مراسلون بلا حدود».

أمّا الدول الثلاث التي لديها أكبر عدد من الصحافيين المحتجزين فهي الصين (124 من بينهم 11 في هونغ كونغ) وبورما (61) وإسرائيل (41).

بالإضافة إلى ذلك، يوجد حالياً 55 صحافياً محتجزاً بوصفهم رهائن، اثنان منهم اختُطفا في عام 2024، نحو نصفهم (25) لدى تنظيم «داعش».

كذلك، تم الإبلاغ عن 95 صحافياً مفقوداً، من بينهم 4 تم الإبلاغ عنهم في عام 2024.