القمة الرباعية في باريس.. بلا قرارات و{خيبة} من غياب الرد الغربي

مصادر دبلوماسية أوروبية لـ {الشرق الأوسط}: لا تنازلات روسية في المستقبل القريب بانتظار تحقيق نجاحات ميدانية

زعماء فرنسا وروسيا وأوكرانيا والمستشارة الألمانية خلال قمتهم في باريس أمس (رويترز)
زعماء فرنسا وروسيا وأوكرانيا والمستشارة الألمانية خلال قمتهم في باريس أمس (رويترز)
TT

القمة الرباعية في باريس.. بلا قرارات و{خيبة} من غياب الرد الغربي

زعماء فرنسا وروسيا وأوكرانيا والمستشارة الألمانية خلال قمتهم في باريس أمس (رويترز)
زعماء فرنسا وروسيا وأوكرانيا والمستشارة الألمانية خلال قمتهم في باريس أمس (رويترز)

وسط إجراءات أمنية مشددة وانتشار مكثف للشرطة في محيط قصر الإليزيه الرئاسي بالعاصمة الفرنسية باريس، والطرق المفضية إليه انعقدت ابتداء من ظهر أمس، ثلاث قمم، اثنتان منها ثنائية طغت عليها تطورات الحرب في سوريا وجمعت الأولى الرئيسين الفرنسي فرنسوا هولاند والروسي فلاديمير بوتين والثانية المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الروسي، فيما خصصت الثالثة (الرباعية بمشاركة الرئيس الأوكراني بترو بوروشينكو) لتطورات الأزمة الأوكرانية وسبل تنفيذ كافة بنود اتفاق مينسك 2 الموقع في فبراير (شباط) من العام الماضي.
وجاءت القمتان الثنائيتان، وهما الأوليان من نوعهما مع بوتين منذ بدء الضربات العسكرية الجوية الروسية في سوريا، عقب أسبوع كامل من القمم واللقاءات والاجتماعات على كل المستويات في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. وحقيقة الأمر أنها لم تسفر عن أي تطور إيجابي بشأن المسألة السورية، لا بل إن الحرب في سوريا ولجت مرحلة جديدة مع انخراط روسيا بقوة في العمليات العسكرية واندلاع الجدل الذي تثيره بشأن أهدافها الحقيقية.
مصادر قصر الإليزيه كانت قد استبقت القمتين الثنائيتين بالتأكيد أن الرئيس هولاند والمستشارة ميركل «سيسعيان لاستيضاح بوتين عن نياته وخططه في سوريا، وعن إمكانيات ردم الهوة القائمة بين المقاربتين الغربية والروسية لموضوع المرحلة الانتقالية، فضلا عن النظر في القلق الغربي من استهدافات الطيران الحربي الروسي لقوى معارضة لا تمت بصلة لتنظيم داعش، لا بل إنها تحاربه ميدانيا».
ومن جانبه، عمد هولاند قبل اجتماعه مع بوتين، إلى إعادة التأكيد على مواقف بلاده ورؤيتها لواقع الحرب في سوريا وسبل الخروج منها. ولقد عبر الرئيس الفرنسي عن القلق بشأن الأهداف التي تضربها طائرات السوخوي الروسية، داعيًا إلى حصرها بـ«مواقع داعش وليس أي شيء آخر»، وطرح مجددا تصوره للحل في سوريا وللمرحلة الانتقالية التي «لا يمكن أن تمر بالرئيس الأسد»، مطالبًا النظام السوري بوضع حد لعمليات القصف «الكريهة» التي يقوم بها ضد المدنيين.
وأفادت مصادر قصر الإليزيه، عقب قمة هولاند بوتين مباشرة أن الطرفين ركزا اهتمامهما على «محاولة تقريب وجهات النظر بشأن موضوع الانتقال السياسي»، حيث الهوة عميقة بين باريس وموسكو. وترى فرنسا، وإن قبلت بالأسد في بداية المرحلة الانتقالية على طاولة التفاوض، أنه لا بد من خروجه من المشهد السياسي في نهايتها. أما موسكو، فإن دعمها للأسد من غير حدود، وهي سائرة معه حتى النهاية وترى فيه سدا بوجه الإرهاب وتنظيم داعش، وترفض الحديث عن خروجه من السلطة.
وأضافت المصادر الفرنسية التي تحدثت لمجموعة من الصحافيين، بينها «الشرق الأوسط»، أنه كانت للرئيسين بوتين وهولاند «مشاورات معمقة حول الموضوع السوري وخصوصًا العملية الانتقالية» انطلاقًا من الرؤية الفرنسية وانطلاقًا من المحاور الثلاثة التالية: حقيقة الضربات العسكرية الروسية في سوريا، وحماية المدنيين، وشروط تحقيق عملية الانتقال السياسي. ونقل عن مصادر ألمانية قولها إن الملف السوري حاز القسم الأكبر من المحادثات بين بوتين وميركل أيضًا وأن مواقف المستشارة الألمانية «تتوافق» مع مواقف هولاند. بيد أن المصادر الفرنسية لم تشر إلى أن هولاند وبوتين حققا تقدمًا ما بشأن الموضوع الأكثر صعوبة - أي الانتقال السياسي - أو بشأن الموضوعين الآخرين، وما إذا تم الاتفاق على استمرار المشاورات أو على خطوات أو مبادرات مشتركة في الأيام والأسابيع القادمة.
وأن بوتين قد وصل ظهرا إلى القصر الرئاسي الفرنسي، حيث كان هولاند في استقباله في الباحة القصر وأسفل الدرجات المفضية إلى الداخل. وأدت التحية العسكرية للرئيس الروسي ثلة من الحرس الجمهوري وتصافح الرجلان أمام عدسات الكاميرات التي تجمعت بالعشرات في الباحة القصر وبينها كثير من العدسات الروسية وسط طقس صيفي استثنائي. وبينت صور أفرج عنها الإليزيه لبداية القمة، التي استغرقت ساعة وربع الساعة وشارك فيها وزيرا الخارجية لوران فابيوس وسيرغي لافروف ومستشارون، «برودة» بوتين وتوتر هولاند. وكانت باريس أبدت اعتراضا شديدا على الرؤية الروسية ودعوة موسكو تشكيل تحالف جديد لمحاربة داعش يضم الأسد وقوات النظام. وأمس، قال فابيوس، وزير الخارجية، في حديث لصحيفة «لوموند» إن الدعوة الروسية «ستفضي إلى طريق مسدود إذ علينا ألا ننسى أنه إلى الجانب الأخلاقي، فإن بشار الأسد مسؤول عن 80 في المائة من القتلى واللاجئين ولذا، فإن رحيله أصبح ضرورة إذا أخذنا بالاعتبار فعالية (التحرك)». واستطرد فابيوس قائلا: «الفوضى واليأس اللذان يسببهما الأسد هما أكثر الأمور قوة التي تتغذى منها داعش».
كذلك أدلى رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس بدلوه فاعتبر أن الترويج للاعتماد على الأسد من أجل محاربة الإرهاب «خطأ أخلاقي وسياسي مزدوج »، مشككًا بنيات موسكو في سوريا. هذا، وسعت باريس لقطع الطريق على الخطة الروسية عن طريق فتح تحقيق قضائي بحق الرئيس الأسد، استنادًا إلى 55 ألف صورة أخرجها «سيزار» - أو «قيصر» - وهو الاسم المستعار لمصور سوري كان يعمل للمخابرات العسكرية وهرب من سوريا صيف عام 2013. لكن هذه الرغبة لا تغير شيئا بالنسبة لفالس، الذي أكد مجددا أمس أن الرئيس الروسي «شريك للوصول إلى الحل السياسي الدائم وإلى حصول العملية الانتقالية»، التي يفترض أن تضم المعارضة المعتدلة وعناصر من النظام. ويتوافق قول فالس مع ما أكدته المستشارة الألمانية التي قالت أول من أمس: «نعرف جميعًا منذ سنوات أنه يمكن أن يتم التوصل إلى حل في سوريا فقط في حال وجود روسيا وليس من دون وجودها».
من ناحية أخرى، تقول مصادر دبلوماسية أوروبية في باريس تحدثت إليها «الشرق الأوسط» إنها «لا تتوقع تنازلات» من موسكو في الملف السوري في الوقت الحاضر أو حصول اختراق ما، مضيفة أنه إذا كانت ستفعل فإن أمرا كهذا «لن يتم قبل أن تحقق عددا من الإنجازات الميدانية». وفي أي حال، عبرت هذه المصادر عن «خيبتها» من غياب الرد الغربي، وخصوصًا الأميركي، إزاء التصعيد الروسي، حيث يبدو الغرب «عاجزا عن تصور استراتيجية سياسية عسكرية فاعلة» يطرحها بوجه موسكو فيما يحصر اهتمامه في الوقت الحاضر بتلافي حصول أي حادث بين قوى جوية لثلاث دول نووية ودائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي - روسيا وفرنسا والولايات المتحدة الأميركية - في الأجواء السورية، وهو ما لا يريده أي طرف. و«خيبة» الغرب بحسب هذه المصادر أن «الليونة» التي أظهرها الغرب حينما تخلى عن شرط إبعاد الأسد للدخول في الحل السياسي «لم تقابلها ليونة روسية لا بل ما حصل هو العكس تماما» في إشارة إلى الانخراط العسكري الروسي واسع النطاق وفي استهداف حركات معارضة تحظى بدعم ورعاية الغرب.
وتتساءل هذه المصادر عما إذا كان الرئيس الروسي سيطلب في مرحلة ما «مقايضة» مواقف لينة له في سوريا بمبادرات غربية في الملف الأوكراني، وتحديدا، رفع العقوبات المالية والاقتصادية المفروضة على بلاده منذ أحداث أوكرانيا وضم شبه جزيرة القرم أو أن يسعى إلى العكس. ورغم أن مصادر رئاسية فرنسية رفضت، أول من أمس، وجود رابط بين الموضوعين، فإنها اعترفت بتأثير الموضوع الأول على الثاني والعكس بالعكس.



مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

أعلنت وزارة الخارجية المصرية، السبت، أن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة ستشهد إطلاق حركة «حماس» سراح 33 محتجزاً إسرائيلياً مقابل 1890 فلسطينياً.

وعبرت الوزارة، في بيان، عن أملها في أن يكون الاتفاق البداية لمسار يتطلب تكاتف الجهود الإقليمية والدولية لتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني.

ودعت مصر المجتمع الدولي، خاصة الولايات المتحدة، لدعم وتثبيت الاتفاق والوقف الدائم لإطلاق النار، كما حثت المجتمع الدولي على تقديم كافة المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني، ووضع خطة عاجلة لإعادة إعمار غزة.

وشدد البيان على «أهمية الإسراع بوضع خارطة طريق لإعادة بناء الثقة بين الجانبين، تمهيداً لعودتهما لطاولة المفاوضات، وتسوية القضية الفلسطينية، في إطار حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس».

وأشارت الخارجية المصرية إلى التزامها بالتنسيق مع الشركاء: قطر والولايات المتحدة، للعمل على التنفيذ الكامل لبنود اتفاق وقف إطلاق النار من خلال غرفة العمليات المشتركة، ومقرها مصر؛ لمتابعة تبادل المحتجزين والأسرى، ودخول المساعدات الإنسانية وحركة الأفراد بعد استئناف العمل في معبر رفح.

وكانت قطر التي أدت مع مصر والولايات المتحدة وساطة في التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، أعلنت أن 33 رهينة محتجزين في غزة سيتم الإفراج عنهم في إطار المرحلة الأولى من الاتفاق.

وكانت وزارة العدل الإسرائيلية أعلنت أن 737 معتقلا فلسطينيا سيُطلق سراحهم، إنما ليس قبل الساعة 14,00 ت غ من يوم الأحد.

ووقف إطلاق النار المفترض أن يبدأ سريانه الأحد هو الثاني فقط خلال 15 شهرا من الحرب في قطاع غزة. وقُتل أكثر من 46899 فلسطينيا، معظمهم مدنيون من النساء والأطفال، في الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة، وفق بيانات صادرة عن وزارة الصحة التي تديرها حماس وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقا بها.

وأعربت الخارجية المصرية في البيان عن «شكرها لدولة قطر على تعاونها المثمر»، كما ثمّنت «الدور المحوري الذي لعبته الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لإنهاء الأزمة إلى جانب الرئيس الأميركي جو بايدن».