وصف خالد خوجة رئيس الائتلاف السوري التدخل العسكري الروسي في ريف حمص بسوريا، بأنه يستهدف إطالة عمر النظام السوري والقضاء على الثورة السورية ولا يستهدف محاربة التنظيمات الإرهابية مثل «داعش». واعتبر خوجة روسيا قوة احتلال في سوريا بعد قيامها بضربات لقصف المدن السورية، وأوضح أن هذا يعطي الائتلاف والجيش السوري الحر الحق في محاربة هذه القوة المحتلة كحركة تحرير شعبية لطرد المحتل من الأراضي السورية.
وقال خوجة في حوار خاص لـ«الشرق الأوسط»، بأن التدخل الروسي العسكري سيصب الزيت على النار المشتعلة، وأن روسيا تنزلق إلى سيناريو أقرب إلى سيناريو أفغانستان. وطالب رئيس الائتلاف بالعمل بشكل أسرع لإنشاء مناطق آمنة وإجبار الأسد على القبول بالمرحلة الانتقالية وتعزيز المساعدات للمعارضة السورية المعتدلة التي تواجه الآن قوة عظمى متمثلة في روسيا، وقوة إقليمية وميليشيات عسكرية متمثلة في إيران، ونظام متمرس في القتل، إضافة إلى تهديدات التنظيمات الإرهابية.
* في ظل التعزيزات العسكرية الروسية في سوريا والبدء بشن ضربات جوية على بعض المدن السورية بناء على طلب الأسد، كيف سيكون تأثير هذه التحركات على سوريا وموقف الائتلاف السوري من الضربات الروسية؟
- كافة الخطوات التي قامت بها روسيا خلال الأسابيع الماضية كانت تشير إلى أن الروس يريدون تعزيز وجودهم في القواعد الثماني التي يملكونها في دمشق والساحل. وما جلبوه من نوعية الأسلحة والطائرات الحربية والتكنولوجيا المعقدة تؤكد أن الروس لا يستهدفون ضرب «داعش» فقط، وإنما مساندة الأسد، وهي خطة تصب الزيت على النار المشتعلة بالفعل في سوريا وتدفع الإرهابيين إلى توظيف عناصر أكثر لمحاربة الروس، وربما نشهد قوات خاصة روسية على الأرض.
وما تقوم به روسيا من ضربات عسكرية سيجعلها تنزلق إلى سيناريو أقرب إلى سيناريو أفغانستان. ومع استمرار معاناة السوريين من البراميل المتفجرة والصواريخ متوسطة المدى، ستزيد من موجات الهجرة. وقد واجه الائتلاف والجيش السوري الحر تحدي مواجهة النظام ومواجهة الميليشيات الإيرانية، وحاربنا عناصر الحرس الثوري الإيراني، والآن بعد دخول لاحتلال الروسي كمكمل للاحتلال الإيراني، فإن ذلك سيزيد من مستوى التحدي مع الجيش السوري الحر، وسيكون الوضع أكثر تأزما، وستزيد موجات الهجرة مع استمرار النظام في قتل شعبه.
* الجانب الروسي يبرر هذه الضربات الجوية بأنها تستهدف فقط التنظيمات الإرهابية، ويدعو إلى تحالف واسع يشكل نظام الأسد وإيران لمحاربة تنظيم داعش فما رأيك في هذه المبررات؟
- التدخل الروسي لا يستهدف محاربة «داعش» وإنما يهدف إلى إطالة عمر النظام السوري، والقضاء على الثورة السورية. والآن بعد أن أصبحت روسيا قوة احتلال في سوريا فإن الهدف أمامنا هو كيفية إخراج الروس من سوريا. وقيام الروس بضربات جوية ضد المدن السورية يعطينا الحق كحركة تحرير شعبية في محاربة الروس كقوة احتلال، وطردهم من الأراضي السورية. وتورطهم في سوريا سيكون أكبر من تورطهم في أفغانستان، وستتكون هزيمتهم سريعة في فترة أقل بكثير من الفترة التي استغرقها الأمر لهزيمة السوفيات في أفغانستان.
* الروس يسوقون الحجج على أن مساندة الأسد وبقاءه في السلطة، أفضل من سقوط الدولة السورية في يد تنظيم داعش فما رأيك؟
- هذه هي المغالطة التي روج لها بشار الأسد وقال: «إما أنا أو الإرهاب»، ولم يعد أحد يقبلها. والجميع يعلم أن من خلق «داعش» داخل سوريا هو نظام الأسد بعدما أخرج الإرهابيين من السجون. إن ضربات نظام الأسد ضد «داعش» لا تشكل سوى 10 في المائة، بينما 90 في المائة من الضربات تستهدف المناطق المدنية. وكذلك تستهدف ضربات «داعش» المناطق المدنية. وكل من الأسد و«داعش» يهاجمون المناطق المدنية والمناطق التي حررها الجيش الحر.
استمرار الأسد في السلطة هو الذي يسبب حالة الفوضى وانتشار الإرهاب، وقد تراجعت سيطرة «داعش» على بعض المناطق في سوريا بعد ضربات التحالف الدولي، فالأسد يسيطر على 14 في المائة فقط من الأراضي و«داعش» يسيطر على 11 إلى 13 في المائة فقط من المناطق المحيطة بنهر الفرات، والطرق الرئيسية بينما يسيطر الجيش الحر على 17 في المائة. وهناك المناطق الشرقية التي تبلغ 38 في المائة من سوريا وهي مناطق صحراوية لا تخضع لسيطرة أحد.
* كيف ترى الموقف الأميركي والموقف الأوروبي من تلك التحركات العسكرية الروسية، وماذا كانت فحوى النقاشات التي عقدها وفد الائتلاف السوري مع المسؤولين الأميركيين والأوروبيين على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة خاصة فيما يتعلق بمصير الأسد؟
- أجرينا عدة لقاءات مهمة مع توني بلانكين مساعد وزير الخارجية الأميركي، والأمين العام للأمم المتحدة، ووزير الخارجية السعودي، والرئيس الفرنسي، ووزراء خارجية الكويت والإمارات وتركيا وقطر. ولدينا لقاء مرتقب مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري.
وقد طرحنا خلال تلك الاجتماعات ضرورة إنشاء مناطق آمنة لتغيير الحلقة المفرغة التي دخلت فيها سوريا، وأدت إلى مشكلتين كان النظام السوري هو المتسبب فيهما، وهما، الإرهاب، بعدما قام النظام السوري بإخراج الإرهابيين من السجون في بداية الثورة، وجذب عناصر متطرفة من خارج البلاد.
والمشكلة الثانية هي الهجرة الجديدة تجاه أوروبا. والآن بعد التدخل العسكري والضربات الجوية الروسية فإن الموقف يزداد تعقيدا. والأوروبيون يدركون أن الضربات الروسية تشكل خطرا على المنطقة، وستؤدي إلى مزيد من موجات الهجرة بما يشكل أزمة، وهم أقرب الآن لقبول ما نطرحه من أفكار بإنشاء مناطق آمنة خالية من القصف في المناطق المحررة، حيث تقوم قوات الثوار المعتدلة والمجالس المحلية بحماية وإدارة تلك المناطق الآمنة بما يوفر الأمن ويفتح المجال لعودة اللاجئين، ومحاربة الإرهاب، وتوفير الحوكمة المدنية وممارسة سيناريوهات المرحلة الانتقالية حتى قبل الدخول في مفاوضات المرحلة الانتقالية.
المسؤولون الأميركيون لا يرفضون تماما فكرة إنشاء مناطق آمنة، لكنهم يعطون تسميات مختلفة مثل مناطق خالية من «داعش»، أو مناطق خالية من القصف، ولا يهمنا المسميات وإنما توافر هذا المفهوم. والأميركيون يحسبون قضية المناطق الآمنة من حيث التكلفة، لكني أعتقد أنه بعد اجتماع الرئيس أوباما مع الرئيس بوتين وإصرار الأخير على دعم الأسد - ولدت حالة من الإحباط لمن كان يأمل في إحداث مرونة في والموقف الروسي.
أما مصير الأسد، فواشنطن والدول الأوروبية متمسكة بضرورة رحيل الأسد. والتصريحات التي خرجت حول احتمالات قبول بقائه أثناء المرحلة الانتقالية، لم تكن تهدف إلى البقاء على الأسد، وإنما التوصل لحل سياسي يمنع الأسد من الاستمرار مثلما دعت المحققة في المحكمة الدولية التي شبهت بقاء الأسد ببقاء الرئيس الصربي ميلوسوفيتش، أي أنه سيواجه محاكمة دولية في نهاية المطاف. ولكن حتى هذه المرونة التي أبدتها الدول الأوروبية لم يقبل بها الروس.
* مع شن روسيا لضربات جوية داخل سوريا وقيام التحالف بقيادة الولايات المتحدة بشن ضربات جوية.. هل هناك مخاوف من حدوث خطأ يؤدي إلى مواجهة عسكرية مباشرة على الأراضي السورية؟
- ما رأيناه من لقاء وزير الخارجية الأميركي جون كيري ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أنهما يعملان على ألا يحدث تصادم عسكري بين القوات الجوية الروسية التي تشن ضربات في سوريا والقوات الجوية للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة والتي تقوم أيضا بشن ضربات جوية داخل سوريا. ونتائج اجتماع كيري ولافروف تضمن ألا يكون هناك تصادم عسكري بين الروس والأميركيين. وما نخشاه هو أن تقوم روسيا بضربات ضد المعارضة السورية ثم يقولون: إن تلك الضربات كانت تهدف لقتل «داعش».
* وزير الخارجية الأميركي في تصريحات سابقة أشار إلى أنه يمكن استغلال النفوذ الإيراني والروسي للضغط على الأسد لوقف إلقاء البراميل المتفجرة، هل ترى إمكانية حدوث ذلك؟
- يبدو واضحا أنه على مدى أربع سنوات لم تستطع إيران أو روسيا الضغط على الأسد، وإذا كان وزير الخارجية الأميركي جون كيري حريصا على منع الأسد من إلقاء البراميل المتفجرة على السوريين، فعليه أن يدفع باتجاه توفير المناطق الآمنة للسوريين بما يؤدي إلى بدء مرحلة انتقالية وحل الأزمة السورية.
* كيف سيؤدي الدفع لإقامة منطقة آمنة إلى إجبار الأسد على القبول بالمرحلة الانتقالية والتفاوض لتحقيق عملية سياسية لحل الأزمة؟
- إذا انتقلنا من حالة الفوضى إلى حالة الاستقرار، فلا الإرهاب ولا النظام السوري سيكون لديهما إمكانية الاستمرار. كما ستمكن المناطق الآمنة من عودة اللاجئين والمهاجرين الذين بلغوا 7 ملايين لاجئ. وسيكون توفير البيئة الآمنة للسوريين هي البديل المدني الديمقراطي في المناطق المحررة، وستتوفر للعالم القدرة على تحقيق حلول إيجابية للأزمة، حيث يقوم الجيش الحر والمجالس الوطنية بإدارة وحماية تلك المناطق الآمنة.
* هناك انتقادات كثيرة للبرامج الأميركية لتدريب وتجهيز قوات المعارضة السورية التي تقاتل نظام الأسد وتنظيم داعش وشهد البرنامج انتكاسات كثيرة مع مقتل وخطف عناصر القوات السورية، وقيامهم بتسليم أسلحتهم إلى جبهة النصرة.. فكيف يمكن أن تقوم المعارضة السورية وسط هذه الانتكاسات بالاضطلاع بمهمة حماية المناطق الآمنة المقترحة؟
برنامج التدريب الأميركي ليس البرنامج الوحيد لتدريب قوات المعارضة السورية المعتدلة، وهناك برامج أخرى كثيرة في الشمال والجنوب ويوجد 11 دولة من مجموعة أصدقاء سوريا تقوم بالإشراف على تدريب وتجهيز الجيش السوري الحر، أما البرنامج الأميركي فهو برنامج نخبوي يقوم بتجهيز أعداد قليلة من القوات السورية، وقد طلبنا أن يكون البرنامج أكثر سرعة وأكثر توظيفا لكي يكون فعالا.
كما أننا لا نشهد انتكاسات، ففي بداية الأزمة السورية كان لدى النظام السوري 350 ألف جندي مقاتل وبعد ثلاث سنوات ونصف من بدء الثورة المسلحة انحصرت قوات النظام وانخفض عدد الجنود إلى 68 ألف جندي. بينما تزايد عدد جنود الجيش الحر إلى 70 ألف جندي، وأصبحنا قوة موازية بينما يخسر النظام سيطرته على الأرض ويستند على القوات الجوية.
وهناك تقدم حقيقي لقوات التحالف في ملاحقة «داعش» داخل سوريا، لكنه يفتقد إلى التنسيق مع القوات العسكرية على الأرض فلا يمكن تحقيق انتصار بضربات جوية فقط. ويجب التنسيق مع قوات الجيش الحر فنحن لا نريد قوات أجنبية على الأرض والجيش السوري الحر يواجه ثلاث جبهات وقادر على هزيمة «داعش» في فترة قياسية إذا تحقق التنسيق الاستخباراتي مع قوات التحالف.
* الرئيس الإيراني حسن روحاني قال في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بأنه مستعد للمساعدة في إرساء الديمقراطية في سوريا والعراق فما تعليقك؟
- إذا كان الرئيس الإيراني صادقا في ذلك فعليه الانسحاب من سوريا والتوقف عن مساندة قوة ديكتاتورية، فعلى مدى 100 عام لم يشهد العالم منذ الحرب العالمية الأولى والثانية نظاما يقتل شعبه في حالة حرب. لدينا 300 ألف قتيل وملايين من السوريين النازحين والمهجرين وبنية تحتية يدمرها النظام. لذا نقول: إن إيران تساند قوة طاغية، وانتهاكات حقوق الإنسان في إيران معروفة وفاقد الشيء لا يعطيه وإذا كان الرئيس الإيراني صادقا فلينسحب من سوريا.
* ما تعليقك على تصريحات رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي من أخذ خطوات لمزيد من التنسيق والتعاون مع كل من إيران وروسيا لمكافحة «داعش»؟
- حرب العبادي ضد «داعش» كانت فاشلة، والاعتماد على الحشد الشعبي في مكافحة «داعش» هو شرعنة لإرهابي يهاجم إرهابيا آخر. وقد ارتكب الحشد الشعبي جرائم إرهابية بمثل ما ارتكب «داعش»، وهو جزء من الميليشيات الإيرانية الإرهابية. وقد أثبتت أنها تولد المزيد من الدواعش ولا تقضي عليهم ومن كان سببا في المشكلة لا يمكن أن يكون جزءا من الحل.
* كيف ترى مواقف دول مثل السعودية ومصر وإيران في الأزمة السورية؟
- موقف السعودية واضح ومناصر للشعب السوري وللائتلاف. وكان للجانب السعودي موقف قوي في لقاء وزير الخارجية السعودي عادل الجبير مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، وتساند السعودية موقف الائتلاف ومطالبته بإنشاء مناطق آمنة ومعاقبة الأسد في حال عدم استجابته لقرارات مجلس الأمن.
وقد كان لمصر موقف داعم من الثورة السورية في البداية، لكن مع مرور الوقت اتجه الموقف المصري إلى الحياد، ثم انتقل الموقف من الحياد إلى وضع أقرب إلى مساندة النظام السوري والتصريح بأهمية الحفاظ على مؤسسات الدولة، في الوقت الذي يقوم النظام نفسه بتدمير تلك المؤسسات، ويلقي القنابل على المشافي والمدارس والجامعات. الدولة السورية على المستوى الفعلي انهارت.
أما إيران فهي تعد دولة موازية داخل سوريا والقرارات الفعالة يتخذها السفير الإيراني في دمشق. وأبرز الأمثلة هو دور الإيرانيين في هدنة الزبداني، فقد تفاوض الثوار وقتها مع فريق كامل من الإيرانيين الذين أصبحوا يفاوضون عن النظام. هذا هو الانهيار الحقيقي للدولة.
رئيس الائتلاف السوري لـ {الشرق الأوسط}: روسيا تنزلق إلى «سيناريو أفغانستان»
خالد خوجة قال إن الضربات الجوية التي تشنها موسكو تعطينا الحق في محاربة روسيا كقوة محتلة لسوريا
رئيس الائتلاف السوري لـ {الشرق الأوسط}: روسيا تنزلق إلى «سيناريو أفغانستان»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة