محمود عباس يرفع العلم الفلسطيني في مبنى الأمم المتحدة.. ويعلن وقف «أوسلو»

الرئيس الفلسطيني: نواصل السعي للانضمام للمنظمات الدولية واللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية

الرئيس الفلسطيني محمود عباس يحمل العلم الفلسطيني بتأثر واضح قبل رفعه على منصة داخل الأمم المتحدة (رويترز)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس يحمل العلم الفلسطيني بتأثر واضح قبل رفعه على منصة داخل الأمم المتحدة (رويترز)
TT

محمود عباس يرفع العلم الفلسطيني في مبنى الأمم المتحدة.. ويعلن وقف «أوسلو»

الرئيس الفلسطيني محمود عباس يحمل العلم الفلسطيني بتأثر واضح قبل رفعه على منصة داخل الأمم المتحدة (رويترز)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس يحمل العلم الفلسطيني بتأثر واضح قبل رفعه على منصة داخل الأمم المتحدة (رويترز)

في مشاهد احتفالية مبهجة وتصفيق كبير ومشاركة لأعداد كبيرة من المسؤولين ووزراء خارجية دول عربية وغربية، قام الرئيس الفلسطيني محمود عباس برفع العلم الفلسطيني على منصة أقيمت بشكل خاص بحديقة الزهور داخل منظمة الأمم المتحدة تحت سماء نيويورك الغائمة. ورفرف العلم الفلسطيني للمرة الأولى فوق منظمة الأمم المتحدة.
قال الرئيس الفلسطيني إن «هذه اللحظة لحظة تاريخية، ونعتمد يوم الثلاثين من سبتمبر (أيلول) يوم العلم الفلسطيني». وشارك في الاحتفال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي ووزير الخارجية السعودي عادل الجبير ووزير الخارجية الأردني ناصر جودة ووزير خارجية فرنسا لوران فابيوس، وعدد كبير من الوفود العربية والغربية والأفريقية.
وقبل الاحتفال برفع العلم الفلسطيني، أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة وقف الاستمرار في التزام السلطة الفلسطينية بالاتفاقات التي وقعتها مع إسرائيل ما دام إسرائيل مصرة على عدم الالتزام بتلك الاتفاقات وارتكاب الانتهاكات وخرق القانون والاستمرار في سياسات الاستيطان.
ووسط موجات من التصفيق من وفود الدول المشاركة في الجمعية العامة للأمم المتحدة ألقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس خطابه الحماسي صباح الأربعاء.
وقال عباس في خطابه «نعلن أنه ما دامت إسرائيل مصرة على عدم الالتزام بالاتفاقات معنا وإصرارها على تحويلنا لسلطة دون سلطات حقيقية، وترفض وقف الاستيطان فإنها لا تترك لنا خيارا سوى التأكيد أننا لن نبقى الوحيدين الملتزمين بتنفيذ الاتفاقات. وأعلن هنا أننا لن يمكننا الاستمرار في الالتزام بالاتفاقات، وعلى إسرائيل أن تتحمل مسؤوليتها كسلطة احتلال وهذا هو قرار البرلمان الفلسطيني».
وأشار عباس إلى اعتراف 137 دولة بفلسطين. وسخر قائلا «إن هذا العدد هو أربعة أضعاف الدول التي اعترفت بإسرائيل».
وكرر الرئيس الفلسطيني بعض العبارات في خطابة للتأكيد على مضي السلطة الفلسطينية في السعي للانضمام للمنظمات الدولية واللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية، وكرر عباراته فيما يتعلق بالدفاع عن الشعب الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال بكل الوسائل السلمية والقانونية وشدد بشكل خاص على كلمات السلمية والقانونية، معلنا أنه لن يلجأ للعنف وأنه لا يزال يمد يده للسلام.
وطالب الرئيس الفلسطيني إسرائيل بإنهاء الاحتلال وحل قيام الدولتين. وقال بلهجة حاسمة «على إسرائيل إنهاء الاحتلال والقبول بدولة فلسطينية تعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل، لأن الوضع الحالي غير قابل للاستمرار وسوف نبدأ في تنفيذ الإعلان بوقف التزامنا بالاتفاقات الموقعة بكل السبل السلمية والقانونية، ولن نلجأ إلى العنف». وأضاف «إما أن تكون السلطة الفلسطينية سلطة ناقلة من الاحتلال إلى الاستقلال وإما أن تتحمل سلطة الاحتلال مسؤوليتها».
ولم يبد على الوفد الإسرائيلي الذي رأسه سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، أي رد فعل، وجال بنظره إلى الوفود المشاركة داخل الجلسة التي صفقت عدة مرات لعبارات الرئيس الفلسطيني.
وقال الرئيس الفلسطيني «لقد حاولنا إلزام إسرائيل بتطبيق الاتفاقات الموقعة والتفاوض وفق حل الدولتين من خلال الاتصالات المباشرة مع الحكومة الإسرائيلية وعبر الولايات المتحدة والاتحاد الروسي والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة. وقد نصت اتفاقية أوسلو على تنفيذها خلال خمس سنوات بالاستقلال التام لدولة فلسطين وزوال الاحتلال الإسرائيلي عنها، إلا أن إسرائيل توقفت عن استكمال عملية انسحاب قواتها من أراضي الضفة الغربية والقدس وزادت نشاطها الاستيطاني، وتحكمت في الاقتصاد الفلسطيني، وبذلك تكون إسرائيل قد قامت بتدمير الأسس التي بنيت عليها الاتفاقات السياسية والأمنية».
وشدد عباس على أن استمرار الوضع الراهن يعني الاستسلام لمنطق القوة الغاشمة للحكومة الإسرائيلية التي تواصل الاستيطان بشكل غير قانوني في الضفة الغربية والقدس الشرقية، غير عابئة بقرارات الأمم المتحدة والاتفاقات الموقعة بين الجانبين، مشيرا إلى جرائم المتطرفين والانتهاكات الإسرائيلية والتنكيل بالمتظاهرين السلميين الفلسطينيين. وقال «إننا لا نرد على الكراهية والوحشية الإسرائيلية بمثلها، بل نعمل على نشر ثقافة السلام والتعايش، وهذا لا يتحقق مع استمرار الاحتلال والاستيطان وحرق البشر وأماكن العبادة وقتل الأطفال والاعتقال، دون محاكمة». وتساءل عباس «أما لهذا النظام أن ينتهي؟ أما لهذه العذابات أن تتوقف»؟ وأضاف أنه «على الرغم كل ما يضعه الاحتلال من عقبات، إلا أن السلطة الفلسطينية تعمل من أجل إرساء أسس الدولة وبناها التحتية ومؤسساتها الوطنية لجعل قيام الدولة حقيقة واقعة. ونطمع أن نرى دولة فلسطين المستقلة تأخذ مكانتها بين الأمم».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.