قضايا حقوق الإنسان والقرصنة الإلكترونية تهيمن على لقاء الرئيس الأميركي والصيني

أوباما أشاد بدور الصين في التوصل إلى اتفاق مع إيران حول برنامجها النووي

الرئيس أوباما وزوجته ميشيل خلال استقبال الرئيس الصيني وزوجته في البيت الأبيض صباح أمس (أ.ب)
الرئيس أوباما وزوجته ميشيل خلال استقبال الرئيس الصيني وزوجته في البيت الأبيض صباح أمس (أ.ب)
TT

قضايا حقوق الإنسان والقرصنة الإلكترونية تهيمن على لقاء الرئيس الأميركي والصيني

الرئيس أوباما وزوجته ميشيل خلال استقبال الرئيس الصيني وزوجته في البيت الأبيض صباح أمس (أ.ب)
الرئيس أوباما وزوجته ميشيل خلال استقبال الرئيس الصيني وزوجته في البيت الأبيض صباح أمس (أ.ب)

أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما والرئيس الصيني تشي جينبينغ خلال مؤتمر صحافي مشترك في البيت الأبيض التوصل إلى اتفاق حول تخفيض انبعاثات الكربون المسببة للاحتباس الحراري، وتطوير مصادر الطاقة النظيفة، وتخصيص 100 مليار دولار سنويا بحلول عام 2010 بهدف تلبية احتياجات البلدان النامية لمشروع الطاقة النظيفة، بالإضافة إلى التعاون في القضايا الإقليمية الأخرى، لكن رغم هذه التفاهمات فقد فشل الرئيسان في إخفاء خلافاتهما العميقة حول الهجمات الإلكترونية، وأطماع الصين الإقليمية في بحر الصين، وقضايا حقوق الإنسان في الصين.
وحاول الرئيس أوباما التركيز على إيجابيات المحادثات التي وصفها بالمثمرة والصريحة، في وقت تعالت فيه صيحات الصينيين المتظاهرين المعارضين لسياسات الصين بهتافات ضد الرئيس الصيني، وضد الممارسات القمعية لحكومته.
وقال أوباما خلال المؤتمر الصحافي إنه اتفق مع الرئيس الصيني على تعزيز العلاقات الاقتصادية والاستثمارية، وعلى ترسيخ التعاون لإعادة الإعمار وتحقيق التنمية الاقتصادية في أفغانستان، وتعزيز الحوار الثلاثي بين الولايات المتحدة والصين وأفغانستان، إضافة إلى زيادة الالتزامات الخاصة بجهود حفظ السلام الدولية. كما أشاد أوباما بدور الصين في مشاورات مجموعة الخمس زائد واحد، والتوصل إلى اتفاق مع إيران حول برنامجها النووي، معلنا عن عقد حوار ثنائي سنوي حول الأمن النووي.
وبخصوص البيئة وقضية الانحباس الحراري، أعلن أوباما عن وجود التزامات مشتركة بين البلدين تتعلق بحماية البيئة والحد من الانبعاثات، كما أعلن عن وجود نقاش حول تهدئة الأوضاع المشحونة في بحر الصين، وموقف البلدين المشترك لرفض كوريا الشمالية كدولة نووية، مشيرا إلى أن كلا البلدين وقعا مذكرة تفاهم للتعاون في مجال القضاء على الفقر المدقع، ودفع عجلة التنمية العالمية، وحماية البيئة، إلى جانب تعزيز الأمن الغذائي، ووضع مبادئ للتجارة وحماية الملكية الفكرية، والتوسع في تعليم اللغة الإنجليزية داخل الصين.
من جانبه، أشار الرئيس الصيني تشي جينبينغ في معرض حديثه عن الهجمات الإلكترونية التي كانت سبب احتجاجات الجانب الأميركي، إلى أن الصين تقع أيضا ضحية لهجمات إلكترونية، وتعهد بمزيد من التعاون مع الولايات المتحدة في تحقيق تعزيز جهود التنمية، والانفتاح الاقتصادي، وتحسين البيئة لتشجيع الاستثمارات الأجنبية، وبصفة خاصة الاستثمارات الأميركية في بلاده.
لكن قضايا تغير المناخ هي التي تصدرت مباحثات الرئيس أوباما مع نظيره الصيني، كما أثيرت عدة مواضيع مثيرة للجدل، ومن ضمنها الهجمات الإلكترونية على الشركات الأميركية والوكالات الحكومية، وسياسات الصين حول الجزر المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي، إضافة إلى سجل الصين السيئ في مجال حقوق الإنسان.
وحسب محللين، يبدو أن مباحثات الرئيس أوباما مع الرئيس الصيني حول قضية التغير المناخ، والتعاون لإعادة إعمار أفغانستان، إلى جانب القضايا الدولية قد نجحت إلى حد بعيد، لكنها شهدت توترا في القضايا الأخرى المتعلقة بالقرصنة الإلكترونية على المواقع الأميركية، والحشد العسكري الذي تقوم به الصين في بحر الصين الجنوبي، والذي يثير مخاوف جيرانها مثل اليابان وكوريا الجنوبية.
وقد اعترف الرئيس الأميركي أن قضية القرصنة والأمن الإلكتروني كانت محور لقائهما، مشيرا إلى أنه أعرب صراحة عن قلق بلاده من تلك الهجمات الإلكترونية، وأنه قال للرئيس الصيني إن الولايات المتحدة ستلاحق المجرمين والمنظمات التي تقوم بالقرصنة حول العالم، لكنه أوضح بالمقابل أن المحادثات كانت فرصة لكي يتعرف كل طرف على وجهة نظر الطرف الآخر، واعترف أن هذا المجال ما زال يحتاج إلى الكثير من العمل في المستقبل.
واستقبل الرئيس أوباما وزوجته ميشيل الرئيس الصيني وزوجته في البيت الأبيض صباح أمس، وأقيمت مراسم احتفالية كبيرة في الحديقة الجنوبية تم خلالها استعراض حرس الشرف، والفرق الموسيقية العسكرية، وإطلاق 21 طلقة مدفعية.
وكان عدد من المسؤولين الأميركيين والصينيين قد شاركوا في مفاوضات خلال الأسابيع الماضية حول الهجمات الإلكترونية التي تعرضت لها الشركات والمصالح الحكومية الأميركية، والتي يعتقد أنها انطلقت من الصين. وتقول التقارير الأميركية إن تلك القرصنة الإلكترونية سرقت 22 مليونا من ملفات الأمن، و5.6 مليون من ملفات الموظفين الحكوميين التي تضم بصماتهم الشخصية. ولذلك تسعى الإدارة الأميركية للتوصل إلى التزام متبادل يقضي بعدم مهاجمة البنية التحتية والمواقع ذات الحساسية العالمية، لكن بعض المسؤولين الأميركيين يقرون بصعوبة التوصل إلى تفاهم مشترك حول الحماية من القرصنة، وسرقة الملكية الفكرية والمعلومات الشخصية.
وتسعى كل من الولايات المتحدة والصين إلى استخدام نفوذهما على الصعيد الدولي خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وذلك لحث الدول الأخرى على اتخاذ خطوات مماثلة لحماية البيئة، والتحضير لاتفاق باريس في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، والذي يلزم كل دولة بالحد من انبعاثاتها. لكن حسب بعض المراقبين، فإنه ليس من الواضح ما إذا كانت الصين قادرة على سن وتنفيذ قوانين لتقليل الانبعاثات الضارة بحلول عام 2030. حيث يعتمد الاقتصاد الصيني بشكل كبير على الصناعات التي تعمل بالفحم.
وقال مسؤولون في إدارة أوباما إن وضع نظام للحد الأقصى لانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، يعد خطوة كبيرة من جانب الصين التي تعد أكبر ملوث في العالم، بعد أن اعتمدت خطة لخفض الانبعاثات من الصناعات الرئيسية لديها، بما في ذلك صناعات الصلب والإسمنت والورق والطاقة الكهربائية.
ويأتي الإعلان الصيني بعد أن كشف الرئيس أوباما عن مجموعة من اللوائح لحماية البيئة، تجبر محطات الطاقة على الحد من انبعاثات الكربون، وإغلاق مئات المصانع التي تعمل بالفحم شديد التلوث.
وكان الرئيس أوباما قد استقبل الرئيس الصيني شي جينبينغ مساء الخميس، حيث أقام حفل عشاء خاص في مبنى بلير. وعلى مدى ثلاث ساعات تبادل أوباما مع نظيره الصيني وجهات النظر حول العلاقات الثنائية، وقضايا تغير المناخ والحد من الانبعاث الحراري، فيما قال الرئيس الصيني إن الإصلاح والانفتاح هما السياسة التي تتبعها الصين لتحقيق التنمية، وتعهد ببيئة أكثر انفتاحا وشفافية لرجال الأعمال الأجانب قصد الاستثمار والعمل في الصين.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.