لبنان: دائرة مرشحي الرئاسة تضيق بعد انطلاق البحث بأوصاف {الرئيس العتيد}

دفع باتجاه «سلة» حلول متكاملة تشمل قانون الانتخاب

صورة أرشيفية لاجتماعات أعضاء مجلس النواب اللبناني في أبريل الماضي  (غيتي)
صورة أرشيفية لاجتماعات أعضاء مجلس النواب اللبناني في أبريل الماضي (غيتي)
TT

لبنان: دائرة مرشحي الرئاسة تضيق بعد انطلاق البحث بأوصاف {الرئيس العتيد}

صورة أرشيفية لاجتماعات أعضاء مجلس النواب اللبناني في أبريل الماضي  (غيتي)
صورة أرشيفية لاجتماعات أعضاء مجلس النواب اللبناني في أبريل الماضي (غيتي)

للمرة الثانية على التوالي، يُشارك رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام في الجمعية العمومية للأمم المتحدة بديلاً عن رئيس الجمهورية نظرا لاستمرار الشغور الرئاسي منذ مايو (أيار) 2014. إلا أن المعطيات التي رافقت مشاركته الأولى ليست نفسها المعطيات المتوافرة اليوم، والتي توحي بأن دائرة المرشحين لرئاسة الجمهورية باتت تضيق بعد انطلاق البحث بأوصاف الرئيس على طاولة الحوار الوطني التي يدفع راعيها رئيس المجلس النيابي نبيه برّي باتجاه «سلّة» حلول متكاملة تشمل الرئاسة وقانون الانتخاب وغيرها من الملفات.
ولقد توصّل رؤساء الكتل النيابية خلال جلستي الحوار الثانية والثالثة إلى «شبه اتفاق» على وجوب احترام الدستور في عملية انتخاب الرئيس، مما أطاح، وفق قوى «14 آذار» بطرح رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون أن تجري هذه العملية مباشرة من الشعب، ومما أدّى تلقائيا، حسب “قوى «8 آذار» لتراجع حظوظ مرشحي الفئة الأولى الذين يتطلب انتخابهم تعديلاً دستوريًا، وهذا ما ينطبق بالتحديد، على قائد الجيش جان قهوجي وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
وعليه، في حال إسقاط اسمي قهوجي وسلامة من لائحة مرشحي الرئاسة، تضيق دائرة المرشحين الجديين لتضم عون والوزير السابق جان عبيد ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية، علما أن قوى «14 آذار» تصرّ على أن الظروف الحالية التي تمر بها البلاد تُسقط إمكانية انتخاب رئيس محسوب وبشكل مباشر عليها أو على قوى «8 آذار». وفي هذا السياق، أوضحت مصادر مواكبة لطاولة الحوار من قوى «8 آذار» أنّه جرى التوافق في الجلستين الأخيرتين للأقطاب ورؤساء الكتل على تحديد أوصاف الرئيس المقبل للبلاد على أن يصار على أساسها إلى استبعاد أسماء بعض المرشحين. وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «كما يمكن الحديث عن شبه إجماع على استبعاد المرشحين الذين يتطلب انتخابهم تعديل الدستور».
بدورها، أشارت مصادر قيادية في تيار المستقبل لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الاتفاق العام هو على التمسك بالدستور في الانتخابات الرئاسية، علما أن ما يعنينا وبشكل أساسي في هذا الاتفاق رفض اقتراح انتخاب الرئيس من الشعب، أما وبما يتعلق بموضوع موظفي الفئة الأولى فلرئيس المجلس النيابي وجهة نظر تقول إنّه لا لزوم لتعديل دستوري لانتخاب موظف من الفئة الأولى في حال أمكن التوصل لاتفاق سياسي حوله». وتابعت المصادر «نحن كقوى (14 آذار) نفضل عدم تعديل الدستور كل مرة لانتخاب رئيس، ونسعى للدفع باتجاه الاتفاق على مرشح لا يتعرض مع الشروط الدستورية، ولكننا لا شك لن نعرقل أي حل سياسي للأزمة يتفق عليه جميع الفرقاء». وعكست مواقف مختلف الكتل السياسية الاتفاق الضمني الحاصل على وجوب التمسّك بعدم تعديل الدستور في الانتخابات الرئاسية المرتقبة، وهو ما عبّر عنه رئيس حزب الكتائب سامي الجميل حين شدّد أخيرًا على أن أي حل للرئاسة يمر بالدستور اللبناني.
وأظهرت المداخلة التي قام بها النائب ميشال عون في الجلسة الأخيرة للحوار والتي لم يتطرق فيها لطرح انتخاب رئيس من الشعب، أنّه اقتنع بعدم إمكانية مرور اقتراحه هذا، مما اضطره للدفع باتجاه اتفاق على قانون جديد للانتخاب تجري على أساسه الانتخابات النيابية المقبلة التي يسعى لأن تجرى قبل الانتخابات الرئاسية.
وأوضحت مصادر مقربة من الرئيس برّي أن ما يدفع باتجاهه رئيس البرلمان، راعي الحوار، ويؤيده فيه عدد كبير من رؤساء الكتل هو السعي لاتفاق على سلة حلول متكاملة تشمل بشكل خاص الرئاسة وقانون الانتخاب، وأضافت: «إذا ما حصل اتفاق على بند قبل آخر فذلك لا يضر، حتى ولو كانت الأولوية للملف الرئاسي». ولفتت المصادر إلى وجوب أن يلاقي السياسيون المتحاورون مطالب الحركة الشعبية وأبرزها إقرار قانون جديد للانتخابات يعتمد النسبية، مستطردة «نحن لا نسعى من خلال الطاولة للاتفاق على مجمل تفاصيل القانون إنما على الآلية، أي تحديد ماهية القانون، نسبي أو أكثري، كما عدد الدوائر ليُحال بعدها الاتفاق إلى اللجان النيابية المشتركة لإخراجه بصيغته النهائية».
في هذا الإطار، يتزامن الحراك الداخلي لحل الأزمة الرئاسية مع حراك دولي من المتوقع أن يكتسب زخمًا أكبر قبيل الزيارة المرتقبة للرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إلى لبنان والتي لم يتم تحديد موعدها النهائي بعد. لكن على الرغم من الأجواء الإيجابية التي لفحت الجلسة الحوارية الأخيرة وما يوحي بقرب حل الأزمة الرئاسية استنادا إلى التطورات التي تشهدها الأزمة السورية، لا يزال فريقا «8 آذار» و«14 آذار» يسعيان لرفع سقف المطالب في لعبة تحسين شروط التفاوض، وهو ما ينتهجه وبشكل خاص حزب الله من خلال إصراره بالعلن على دعم ترشيح عون للرئاسة. وفي هذا الإطار، اعتبر الشيخ نبيل قاووق، نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله، أن المسؤولية والضرورة الوطنية الملحة تفرض على جميع اللبنانيين المسارعة لإيجاد مخارج لهذه الأزمة من خلال انتخاب المرشح الأقوى وطنيًا ومسيحيًا لرئاسة الجمهورية ألا وهو العماد ميشال عون. وتابع قاووق في تصريح له قبل يومين: «هذا هو الطريق الأقصر والأقرب لحل الأزمة السياسية الراهنة، وإن كان يؤسفنا أن هناك من يراهن على تقطيع الوقت بانتظار متغيرات في المنطقة».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.