شاشة الناقد

«عداء المتاهة 2»
«عداء المتاهة 2»
TT

شاشة الناقد

«عداء المتاهة 2»
«عداء المتاهة 2»

ثورة بلا قضية
(**)‪Maze Runner: The Scorch Trials ‬
«عداء المتاهة: تجارب احتراق» يكاد أن يكون أفشل عنوان أطلق على فيلم وترجمته إلى العربية هي أسوأ من العبارة الأصلية التي تقصد الحديث عن تجارب هروب خطرة تحرق القائمين بها منذ بداية الفيلم وحتى النهاية (المفترضة) له.
كان الجزء الأول أشاد فكرة مثيرة للاهتمام على الأقل: مجموعة من الشبان معتقلون في قرية يعيشون فيها أبدًا. هناك فرصة للخروج من القرية المنعزلة عن العالم عندما يتم فتح الباب الهائل حجمًا الذي يحجب الشبان عن العالم الخارجي. هناك في تلك المنطقة العازلة خطر الضياع، لأن المنطقة مصممة على شكل متاهات متعاقبة، وإذا خرجت إليها ولم تعد قبل إقفال الباب في ساعة معيّنة تستطيع أن تعتبر نفسك خارج لعبة الحياة بأسرها. التحدي، في ذلك الفيلم، هو كيفية الهرب من المكان وعدم الضياع في المتاهة والوصول إلى الماوراء.
التحدي الذي يجلبه الجزء الثاني هو كم ستتحمّل ساقَي كل هارب الركض للنجاة من مكان أقرب إلى مختبر علمي سيعرّض المستوطنين (وجلهم شبان دون الثانية والعشرين) إلى تبدلات جيولوجية خطيرة تحت إشراف الطبيبة التي لا ترتدع عن مكروه (باتريشا كلاركسون). المتمرد الذي سيقود الثورة على هذا الوضع هو توماس (دايالان أو برايان) الذي سيجمع من حوله بعض الشبّان المهددين بالفناء إذا ما صدّقوا مدير المؤسسة جانسن (آيدن غيلن) واستسلموا للتجارب العلمية المبرمجة لهم.
هذا الإدراك سوف يقود المجموعة إلى الهرب بعد نحو ثلث ساعة من الفيلم، والهرب بعد ذلك طوال مدة عرضه تقريبًا. «سكورتش» التي في العنوان هي صحراء بهذا الاسم، والكلمة تعني إصابة المادة باحتراق ظاهر يطال البشرة. ومفاد الفيلم أن أبطاله سيعانون الأمرّين عند الوصول إلى تلك الصحراء، لكنهم لن يستسلموا أو يحاولوا العودة من حيث جاءوا. هنا يقع هؤلاء تحت قبضة زعيم عصابة تعيش في المكان اسمه جورج (جيانكارلو إسبوزيتو)، الذي يخطر له أن يسلّمهم إلى جانسن. مزيد من المصادمات ومزيد من الهرب.
كتابة فاشلة من تي إس ناولين وإخراج (يقوم به الجديد وس بول) يلعبها سالكة وآمنة صوب جمهور الشباب. الكثير من الأصوات، وأكثر من ذلك من الحركات المتدافعة، والقليل جدًا من بروز ضرورة أن يسمح الفيلم لشخصياته أن تتطوّر، كما كان الحال في الفيلم السابق، ولو بحدود.
كون الصدام بين شبان في مطلع العمر وحفنة من الذين تجاوزوا السن القانونية للمراهقة (أساسًا جنسن والطبيبة وبعض العاملين الآخرين في المؤسسة الغامضة) ينتظر المرء أن يستعير الفيلم قضية تعبّر عن شيء أثري من مجرد الأصوات والمشاهد المتلاحقة دون تنسيق كافٍ. شيء قريب، ربما، من سلسلة «ألعاب الجوع»، لكن أفضل ما يقع للفيلم على هذا النطاق هو الإيحاء بأن ماد ماكس ربما قريب من مواقع هؤلاء الفتيان وهم بحاجة إليه.

(*) : لا يستحق | (**) : وسط| (***) : جيد |
(****) : ممتاز | (*****) : تحفة‬



8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.