تقرير: رهان كبير على انخفاض هائل جديد في قيمة العملة الصينية

احتياطيات بكين بـ3.5 تريليون دولار قد لا تكون كافية للحيلولة دون اضطراب واسع النطاق

نسبة الاحتياطي النقدي الأجنبي في الصين المتاح للدفاع ضد المضاربين على عملتها - تتجاوز 20 في المائة بقليل (رويترز)
نسبة الاحتياطي النقدي الأجنبي في الصين المتاح للدفاع ضد المضاربين على عملتها - تتجاوز 20 في المائة بقليل (رويترز)
TT

تقرير: رهان كبير على انخفاض هائل جديد في قيمة العملة الصينية

نسبة الاحتياطي النقدي الأجنبي في الصين المتاح للدفاع ضد المضاربين على عملتها - تتجاوز 20 في المائة بقليل (رويترز)
نسبة الاحتياطي النقدي الأجنبي في الصين المتاح للدفاع ضد المضاربين على عملتها - تتجاوز 20 في المائة بقليل (رويترز)

يفضل مارك ل. هارت الثالث، المستثمر في صناديق التحوط، أن يخوض رهانات استثمارية كبرى، على غرار ولاية تكساس الأميركية التي يسكنها.
ومنذ عام 2007، ضمت قائمة مراهنات هارت عالية المخاطر ومرتفعة العوائد في الوقت نفسه، انهيار سوق العقارات في الولايات المتحدة وإفلاس اليونان.
لكن ربما تكون أجرأ مقامرة يقدم عليها حتى الآن هي تلك التي يعول فيها على الصين. ويراهن السيد هارت على أن التخفيض المحدود للعملة الصينية، الذي نفذته بكي الشهر الماضي، ليس إلا مقدمة وفاتح شهية لتراجع هائل بنسبة 50 في المائة في سعر الرينمنبي. ويتوقع حدوث ذلك عندما يسحب المستثمرون أموالهم من الصين.
ومن شأن هذه الخطوة أن تسفر عن تفاقم الاضطرابات في عملات الأسواق الناشئة - بدءًا من كوريا الجنوبية إلى تركيا والبرازيل - وتؤدي إلى تراجع عالمي مستدام مع توقف الصين عن الاقتراض النهم.
وبحسب تقرير لـ«نيويورك تايمز»، فقد خلص عدد متنام من المستثمرين، من أمثال هارت، إلى أن قوة الدولار سيكون لها تأثير مدمر ليس على الصين فحسب، بل على الأسواق الناشئة في العموم. ويرى هؤلاء المستثمرون أن تريليونات الدولارات التي هرولت وراء الفرص الاستثمارية المحفوفة بالمخاطر في الصين والبرازيل وتركيا وبلدان أخرى تخرج سريعًا. كما يتوقعون أن تزداد وتيرة خروج هذه الأموال عندما يقرر بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي رفع أسعار الفائدة في نهاية المطاف.
ويقولون إن النتيجة ستكون انهيار العملات وإفلاس الشركات وتباطؤا مستمرا في النمو على مدار الأعوام القليلة المقبلة. وكانت عملات الأسواق الناشئة، وفي مقدمتها البرازيل وتركيا والمكسيك وجنوب أفريقيا، قد واصلت تراجعها هذا الأسبوع.
وحقق جون. بربانك الثالث، وهو مستثمر مخضرم في الأسواق الناشئة في صندوق التحوط «باسبورت كابيتال»، أرباحًا طائلة هذا العام، عندما راهن على تراجع أسعار السلع وانهيار عملات وبورصات الأسواق الناشئة.
وذكر تقرير أعده «إتش إس بي سي» عن كبار مديري صناديق التحوط أن صندوق «غلوبال استراتيجي» الذي يديره بربانك ارتفع بواقع 29 في المائة حتى يوليو (تموز) من هذا العام. وسجل صندوق الفرص الخاصة ارتفاعا بلغ 14.5 في المائة حتى شهر أغسطس (آب) المنصرم. وصرح بربانك في مقابلة منفصلة مع محطة «ريال فيجن» بأن «الأسواق الناشئة يجري تسييلها»، متوقعًا استمرار هذا التوجه مع مواصلة سحب المستثمرين لأموالهم من تلك الاقتصادات.
ويقوم هذا الطرح الاستثماري على الاعتقاد بأن خفض قيمة العملة الصينية بنسبة 3 في المائة الشهر الماضي ليس مجرد إجراء لمرة واحدة، كما يشير الكثير من المحللين.
وعوضًا عن ذلك، يعتقد هؤلاء المستثمرون أن الصين التي سجلت نشاطًا محمومًا من الاقتراض والاستثمار - مول معظمه مقرضون بالدولار - تشهد هرولة إلى سحب الأموال من البنوك على غرار ما حدث في الدول الآسيوية عام 1997 عندما انهارت عملاتها شبه المرتبطة بالدولار.
في الربع الأول من هذا العام، خرجت 109 مليارات دولار من البنوك الصينية إلى مؤسسات في الخارج، حسبما يكشف بنك التسويات الدولية الذي يعد دار المقاصة للبنوك المركزية في العالم. كما يعتقد المستثمرون أن احتياطيات الصين من النقد الأجنبي والتي تبلغ 3.5 تريليون دولار، مقابل 4 تريليونات دولار العام الماضي، لن تكون كافية للحيلولة دون اضطراب واسع النطاق في عملتها.
ويقول تيم لي من شركة الأبحاث «بي إكونوميكس»، ومقرها غرينويتش بولاية كونيتيكت الأميركية، إن المقترضين في الأسواق الناشئة استدانوا 3 تريليونات دولار من القروض الدولارية الرخيصة خلال العقد الأخير الذي شهد تساهلاً تنظيميًا مفرطًا من جانب البنوك المركزية.
لقد كانت الصين في صدارة هذا النشاط المعروف باسم «تجارة المناقلة»، والذي تستدين بموجبه الشركات والدول من مقرضين دولاريين، ثم تستثمر تلك الأموال في أصول ذات عوائد مرتفعة بالعملات المحلية، مثل العقارات والسلع والاستثمارات الضخمة.
وتتسم هذه الأنشطة بالربحية العالية، ما دامت معدلات الفائدة في الولايات المتحدة حافظت على انخفاضها، وعملات الأسواق الناشئة حافظت على قوتها. لكن هذه الأرباح تتبخر مع زيادة معدلات الفائدة الأميركية وتراجع قيم العملات المحلية، مما يتسبب في هروب المستثمرين، كما هو الحال في بلدان مثل تركيا والبرازيل وجنوب أفريقيا.
ويقدر السيد هارت حجم «تجارة المناقلة» في الصين بنحو تريليوني دولار، في ما يعد الرقم الأعلى بين المقترضين في الأسواق الناشئة. وتقوم رؤيته منذ البداية على أن الدولارات التي ضخت داخل الصين - لتمول معدل استثمار يبلغ 50 في المائة من إجمالي الاقتصاد - ينبغي في النهاية أن تذهب مرة أخرى في الاتجاه العكسي. ويقول السيد هارت إنها «أكبر تجارة مناقلة في التاريخ الحديث.. لا يوجد نظير لها ولو من بعيد».
ومن أجل حساب قدرة الصين على الحيلولة دون انهيار الرينمنبي، ركز السيد هارت على معيار مالي غامض اجتذب مؤخرًا اهتمامًا متزايدًا من جانب المحللين الذين يحاولون قياس الضعف الذي أصبحت عليه عملات الأسواق الناشئة.
ويراجع هذا المقياس نسبة الاحتياطيات الدولارية في بلد ما إلى جميع الأموال قصيرة الأجل التي يتعين عليها سدادها عند الطلب، مثل الودائع المصرفية.
وفي حالة نشوب أزمة عملة، تلوذ مثل هذه الودائع بالفرار. وهكذا تصبح الاقتصادات، التي تمتلك نسبة كبيرة من الاحتياطيات النقدية مقارنة بتلك الخصوم الكبيرة، في أفضل وضعية للدفاع عن عملاتها المحلية.
ويشير تقرير صدر مؤخرًا عن مجموعة من خبراء الاقتصاد في وحدة السندات في شركة «برودينشيال» إلى أن نسبة الاحتياطي الأجنبي في الصين - أو الصافي النقدي المتاح للدفاع ضد المضاربين على عملتها - تتجاوز 20 في المائة بقليل، مما يضعها إلى جوار بلدان من المعروف أنها عرضة لهروب رؤوس الأموال، مثل البرازيل وتركيا وجنوب أفريقيا.
ويقول يورغين أوينوس، كبير الخبراء الاقتصاديين في «برودينشيال فيكسيد إنكم»: «إذا حدثت هرولة لسحب العملة، فسيرغب الجميع في تحويل ما يمتلكونه من اليوان إلى دولارات». واليوان هو إشارة مختصرة إلى العملة الصينية. ويضيف: «وعلى ذلك الأساس، الصين بما تملكه من احتياطيات للنقد الأجنبي ليست مصنفة بين البلدان الأقوى في هذا المجال».
ومنذ بدأ الدولار رحلة الصعود قبل نحو عام، فقدت الليرة التركية 35 في المائة من قيمتها، بينما انخفض الريال البرازيلي 65 في المائة، وهبط الدولار الجنوب أفريقي 20 في المائة.
لكن الكثير من المحللين يدفعون بأن ضعف عملات البلدان التجارية المنافسة للصين هو إشارة دالة أخرى على أن بكين سوف تمعن في تخفيض لعملتها المحلية. لقد تراجع الين الياباني بواقع 60 في المائة أمام الدولار منذ 2012، بينما خسر كل من الوون الكوري الجنوبي والدولار التايواني أكثر من 10 في المائة من قيمتهما على مدار العام الماضي.
وفي ضوء هذه المعطيات، لا يكون تعديل سعر العملة الصينية بنسبة 3 في المائة ذا أي جدوى على صعيد تحسين تنافسية صادراتها، حسبما يؤكد جوليان بريغدين من شركة الأبحاث المستقلة «ماركو إنتيليجينس 2 بارتنرز» ومقرها ولاية كولورادو الأميركية.
بالطبع، لا يضمن امتلاك المرء لفكرة لامعة أن تدر عليه المال. فهارت، الذي جنى عائدات بلغت 500 في المائة و200 في المائة من مضارباته العقارية والأوروبية، لم يطلق بعد رهانه الصيني رغم الإعلان عنه في 2010. وربما يضعف إحجام بنك الاحتياطي الفيدرالي عن زيادة معدلات الفائدة الدولار الأميركي، ويرفع الضغط عن كاهل الصين وبقية عملات الأسواق الناشئة.
لكن هارت (43 عامًا) لديه نهج مختلف مقارنة بغالبية مديري صناديق التحوط الآخرين، إذ يتمركز في موطنه بتكساس الذي ينسب إليه الفضل في إبعاده وفريقه عن فخاخ التفكير الجمعي التي تميز مراكز صناديق التحوط التقليدية في نيويورك ولندن.
ويعد هارت مستثمرًا كليًا تقليديًا، حيث يحدد الفكرة الرئيسية ويجمع المال من الأفراد الأثرياء والمؤسسات ثم يرد المال، بغض النظر عما إذا كان رهانه قد عاد عليه بالربح أم لا.
وهكذا لا يربح الرجل الأربعيني من مجرد الجلوس فوق كومة من الأصول، ولكن عندما يفلح الرهان ويحق له أن يأخذ نسبة من العائد. ويدور رهانه الصيني بالأساس حول شراء مشتقات العملة والتي تدر عليه الربح عندما يفقد الرينمنبي قيمته أمام الدولار. ويقول هارت: «أعتقد أنه لا يزال هناك الكثير من التراجع في اليوان».



صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
TT

صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)

كشف الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش أن الولايات المتحدة تخطط لفرض عقوبات على المورد الرئيسي للغاز لصربيا الذي تسيطر عليه روسيا.

وقال الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش لهيئة الإذاعة والتلفزيون الصربية إن صربيا أُبلغت رسمياً بأن قرار العقوبات سيدخل حيز التنفيذ في الأول من يناير (كانون الثاني)، لكنه لم يتلقَّ حتى الآن أي وثائق ذات صلة من الولايات المتحدة، وفق «رويترز».

تعتمد صربيا بشكل شبه كامل على الغاز الروسي الذي تتلقاه عبر خطوط الأنابيب في الدول المجاورة، ثم يتم توزيع الغاز من قبل شركة صناعة البترول الصربية (NIS)، المملوكة بحصة أغلبية لشركة احتكار النفط الحكومية الروسية «غازبروم نفت».

وقال فوسيتش إنه بعد تلقي الوثائق الرسمية، «سنتحدث إلى الأميركيين أولاً، ثم نذهب للتحدث إلى الروس» لمحاولة عكس القرار. وأضاف: «في الوقت نفسه، سنحاول الحفاظ على علاقاتنا الودية مع الروس، وعدم إفساد العلاقات مع أولئك الذين يفرضون العقوبات».

ورغم سعي صربيا رسمياً إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، فقد رفضت الانضمام إلى العقوبات الغربية ضد روسيا بسبب غزوها أوكرانيا، ويرجع ذلك جزئياً إلى شحنات الغاز الروسية الحاسمة.

وقال فوسيتش إنه على الرغم من التهديد بالحظر، «لست مستعداً في هذه اللحظة لمناقشة العقوبات المحتملة ضد موسكو».

وعندما سئل عما إذا كان التهديد بفرض عقوبات أميركية على صربيا قد يتغير مع وصول إدارة دونالد ترمب في يناير، قال فوسيتش: «يجب علينا أولاً الحصول على الوثائق (الرسمية)، ثم التحدث إلى الإدارة الحالية، لأننا في عجلة من أمرنا».

ويواجه الرئيس الصربي أحد أكبر التهديدات لأكثر من عقد من حكمه الاستبدادي. وقد انتشرت الاحتجاجات بين طلاب الجامعات وغيرهم في أعقاب انهيار مظلة خرسانية في محطة للسكك الحديدية في شمال البلاد الشهر الماضي، ما أسفر عن مقتل 15 شخصاً في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني). ويعتقد كثيرون في صربيا أن الفساد المستشري والمحسوبية بين المسؤولين الحكوميين أديا إلى العمل غير الدقيق في إعادة بناء المبنى، الذي كان جزءاً من مشروع سكة ​​حديدية أوسع نطاقاً مع شركات حكومية صينية.