يتوجه اليوم نحو 9.8 مليون ناخب يوناني إلى صناديق الاقتراع لاختيار أعضاء البرلمان والحكومة الجديدة، من بين 19 حزبا وائتلافا تتنافس في هذه الانتخابات، ولكن من الصعب جدا أن يحصل أحد الأحزاب في هذه الانتخابات على الأغلبية المطلقة، نظرا للمنافسة الشديدة، ولذلك يتوقع أن يتم تشكيل حكومة ائتلافية على غرار الحكومة السابقة المستقيلة، التي قادها أليكسيس تسيبراس، وكانت تضم حزب سيريزا اليساري، وحزب اليونانيين المستقلين، وهو حزب يميني.
وفتحت مراكز الاقتراع أبوابها اليوم في السابعة صباحا بالتوقيت المحلي، وستستمر عملية التصويت حتى السابعة مساء، لكن يتوقع أن تقل نسبة التصويت عن الانتخابات البرلمانية المبكرة السابقة، التي وصلت نسبة المشاركة فيها إلى 63.6 في المائة، فيما تخيم أجواء القلق والإحباط والشعور بالخوف من المستقبل على الناخبين اليونانيين، بسبب الصراع المحتد بين اليسار المتطرف، المتمثل في حزب سيريزا، وبين الأحزاب اليمينية ممثلة في حزب الديمقراطية الجديدة المحافظ، الذي يؤيد خطط التقشف والإصلاحات التي انتهجها خلال فترة حكم أندونيس ساماراس قبيل تولي اليسار الحكم في يناير (كانون الثاني) الماضي، والذي كاد يخرج اليونان من نفق الأزمة، لكن الوعود الوردية لليسار وتسيبراس، بما فيها وعوده بإلغاء مذكرات الدائنين وعدم سداد أرباح القروض، جعلت الشعب يختاره ويطيح بحكومة ساماراس.
ومن المتوقع أن تتجاوز سبعة أحزاب ضمن تلك التي تخوض هذه الانتخابات عتبة الـ3 في المائة، والتي تمكن من دخول البرلمان، وستبدأ عملية فرز الأصوات مباشرة بعد إغلاق صناديق الاقتراع، فيما يتوقع أن تعلن النتائج بعد عدة ساعات من انتهاء التصويت.
في غضون ذلك، أظهر آخر استطلاع للرأي أجرته شركة «GPO» لحساب قناة «ميغا» تقدما لحزب سيريزا بنسبة 2.5 في المائة على حزب الديمقراطية الجديدة. وجاءت النتائج على النحو التالي: سيريزا 28.5 في المائة، وحزب الديمقراطية الجديدة 26 في المائة، وحزب الفجر الذهبي 6.1 في المائة، وباسوك الاشتراكي واليسار الديمقراطي 6 في المائة، والحزب الشيوعي اليوناني 5.7 في المائة، وحزب النهر بنسبة 4.8 في المائة، والوحدة الشعبية 3.9 في المائة، واليونانيون المستقلون بنسبة 3 في المائة، فيما حقق حزب اتحاد الوسط 2.8 في المائة.
وحسب مراقبين فإنه من المتوقع أن تسفر نتائج هذه الانتخابات المبكرة عن تشكيل حكومة ائتلاف وطني، قادرة على تنفيذ الاتفاق بشأن خطة الإنقاذ، لكن بغض النظر عن الفائز في هذه الانتخابات فإن المنتصر سوف يكون مرغما على وضع تدابير جديدة للتقشف، والدفع بإصلاحات من شأنها أن تجعل الحياة اليومية أكثر صعوبة بالنسبة للمواطن اليوناني.
وكان المرشحان الأساسيان قد تواجها في هذه الانتخابات، وهما زعيم حزب سيريزا اليساري أليكسيس تسيبراس، وزعيم حزب الديمقراطية الجديدة اليميني إيفانجيلوس ميماراكيس، في مناظرة حاسمة مساء الاثنين الماضي أظهرت سلبيات وإيجابيات الحكومة اليونانية، سواء اليسارية التي حكمت البلاد خلال الشهور الأخيرة، أو تلك اليمينية التي حكمت البلاد طيلة السنوات الأربعين الماضية.
وكرر رئيس الوزراء اليوناني السابق وزعيم سيريزا أنه لن يسعى لتشكيل حكومة ائتلافية مع حزب الديمقراطية الجديدة المحافظ، لأنه سيكون تحالفا «غير طبيعي»، من وجهة نظره. وقال تسيبراس لمؤيديه «لن تكون هناك حكومة تقدمية أو حكومة مع المحافظين لأن الاختلافات مع ميماراكيس كبيرة جدا»، في حين قال ميماراكيس إنه لن يكون هناك عدم استقرار في حال فوز اليسار في الانتخابات.
وأكد ميماراكيس في الوقت نفسه دعوته لزعيم سيريزا بالمشاركة في حكومة المحافظين، وقال بهذا الخصوص إنه «من الواضح أننا لا نستطيع أن نتفق على كل شيء، لكن يمكن أن نتوافق على خطة لمستقبل البلاد ولتكوين فريق تفاوض وطني»، مؤكدا في كلمته الرئيسية للشعب أنه سوف يفوز في الانتخابات ويواصل التعاون مع كل الأحزاب في البلاد.
وسعى أليكسيس تسيبراس، في كلمته الرئيسة الجمعة قبل بدء الصمت الانتخابي، إلى تعبئة مؤيديه مجددا، مؤكدا ثقته بالعودة إلى السلطة في انتخابات اليوم. وقال إن فوزه هذا سيكون بمثابة «رسالة إلى أوروبا»، وذلك بعد ثمانية شهور من الموجة التي حملت حزب سيريزا إلى السلطة للمرة الأولى.
وأضاف تسيبراس أمام جموع من المناصرين، وفي طليعتهم رئيس حزب بوديموس الإسباني «إننا نناضل من أجل الانتصار الكبير لليسار في اليونان حتى يبقى الأمل في أوروبا»، مضيفا أن «رسالة انتصارنا ستكون موجهة إلى بابلو (إيغليزياس) في إسبانيا و(جيري) آدامز في آيرلندا، وإلى رئيس وزراء تقدمي في البرتغال»، وذلك قبل بضعة أشهر من إجراء الانتخابات في هذه البلدان.
ولم يحسم العديد من أنصار تسيبراس أمرهم لمعرفة ما إذا كان ينبغي اعتبار تسيبراس خائنا أم منطقيا، بسبب رضوخه لمطالب الجهات الدائنة، أي الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، من أجل تجنيب البلاد سيناريو خروج من اليورو يرفضه اليونانيون بغالبيتهم العظمى، غير أن الخيار كان واضحا أول من أمس في أثينا أمام الحشود التي يحظر القانون الانتخابي على الشرطة إعلان تعدادها.
وسيترتب على الفائز في الانتخابات، سواء كان سيريزا أو حزب الديمقراطية الجديدة، الشروع ابتداء من الغد في التفاوض على تحالفات من أجل الحصول على غالبية متينة في البرلمان، مع أحزاب مثل باسوك (اشتراكي) والنهر (وسطي). وفي هذا السياق، سيترتب على الحكومة الشروع بنحو 15 إصلاحا، يعتبرها الدائنون الدوليون «ذات أولوية»، وسيتحتم إقرارها بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وهي تتضمن مزيجا أليما من الاقتطاعات من معاشات التقاعد، وزيادة في ضريبة القيمة المضافة، وزيادات في ضريبة الدخل، وتشديد الضرائب على المزارعين.
ولا شك في أن هذه الانتخابات المتلاحقة أصبحت تتضمن خيارات أكثر يأسا، حيث تحاول الأحزاب اليسارية واليمينية التفوق على بعضها البعض في تحدي الدائنين الدوليين، الذين أصبحوا يعتبرون عدوا بالنسبة لليونان، والشيء المثير للقلق هو أن الشبان أصبحوا الآن يتخلون عن حزب سيريزا اليساري، متجهين نحو حزب الوحدة الشعبية اليساري، وحزب الفجر الذهبي اليمني المتطرف.
اليونانيون يقترعون اليوم وسط مخاوف من المستقبل
تسيبراس: فوزي في الانتخابات سيكون بمثابة رسالة إلى أوروبا
اليونانيون يقترعون اليوم وسط مخاوف من المستقبل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة