دمشق تعلن بدء استخدام أسلحة روسية جديدة.. و«البنتاغون» يشير إلى «مركز عمليات جوية»

خبير عسكري لـ {الشرق الأوسط}: هدف موسكو تثبيت القوات المرابضة حول العاصمة والساحل

صورة عبر الأقمار الصناعية التقطتها شركة ستراتفور للاستخبارات الجيوسياسية والاستشارات في أوستن، تكساس، تظهر طائرة النقل الروسية AN-124 كوندور في قاعدة جوية في اللاذقية على الساحل السوري الذي تسيطر عليه الحكومة (رويترز)
صورة عبر الأقمار الصناعية التقطتها شركة ستراتفور للاستخبارات الجيوسياسية والاستشارات في أوستن، تكساس، تظهر طائرة النقل الروسية AN-124 كوندور في قاعدة جوية في اللاذقية على الساحل السوري الذي تسيطر عليه الحكومة (رويترز)
TT

دمشق تعلن بدء استخدام أسلحة روسية جديدة.. و«البنتاغون» يشير إلى «مركز عمليات جوية»

صورة عبر الأقمار الصناعية التقطتها شركة ستراتفور للاستخبارات الجيوسياسية والاستشارات في أوستن، تكساس، تظهر طائرة النقل الروسية AN-124 كوندور في قاعدة جوية في اللاذقية على الساحل السوري الذي تسيطر عليه الحكومة (رويترز)
صورة عبر الأقمار الصناعية التقطتها شركة ستراتفور للاستخبارات الجيوسياسية والاستشارات في أوستن، تكساس، تظهر طائرة النقل الروسية AN-124 كوندور في قاعدة جوية في اللاذقية على الساحل السوري الذي تسيطر عليه الحكومة (رويترز)

قال مصدر عسكري سوري، أمس، إن القوات الحكومية السورية بدأت في الآونة الأخيرة استخدام أنواع جديدة من الأسلحة الجوية والأرضية المقدمة من روسيا، ما يمثّل تأكيدًا للدعم الروسي المتنامي لدمشق الذي شكّل مصدر قلق للولايات المتحدة. وقال مسؤولون في موسكو: «على واشنطن إجراء محادثات بين عسكريين» تفاديًا لأي احتكاك ميداني بين الدولتين.
وأكد مصدر عسكري أميركي، إن الولايات المتحدة رصدت بضع طائرات هليكوبتر روسية في مطار سوري في أحدث علامة على ما تعتقد واشنطن أنه وجود عسكري روسي في البلد الذي تعصف به حرب أهلية.
وقال المسؤول لـ«رويترز»، إنه تم التعرف على أربع طائرات هليكوبتر روسية بعضها قتالية رغم أنه من غير الواضح متى وصلت إلى سوريا. هذا في الوقت الذي لم يوضح فيه المصدر السوري طبيعة الأسلحة التي تحدث عنها، وفي ما إذا كانت من ضمن المجموعة التي أعلنت وسائل إعلام روسية أخيرًا، أنها قدمت لقوات نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وهي عبارة عن 6 طائرات حربية من نوع «ميغ – 31»، وصواريخ «كورنيت» من الجيل الخامس، ومدفعية من عيار 130 ملليمترًا.
ويتحدث ناشطون عن أسلحة جديدة أدخلها النظام إلى الميدان السوري، بينها كاسحة الألغام الروسية UR - 77 التي انتشرت فيديوهات تثبت استخدامها في معركة جوبر، قائلين إنها من الأسلحة الروسية النوعية التي دخلت الميدان السوري عام 2014.
في غضون ذلك، وصف المصدر العسكري السوري، أمس، الأسلحة، بأنها ذات فعالية ودقة عالية. وقال في تصريحات لوكالة «رويترز» إن الجيش بدأ استخدامها خلال الأسابيع القليلة الماضية بعد أن تدرب على استخدامها في سوريا في الشهور الأخيرة.
وقال المصدر ردًا على سؤال بشأن الدعم العسكري الروسي لسوريا: «يتم تقديم أسلحة جديدة وأنواع جديدة من السلاح. يتلقى الجيش السوري تدريبًا على استخدام هذه الأسلحة. في الحقيقة بدأ الجيش باستخدام بعض هذه الأنواع». وتابع: «الأسلحة ذات فعالية كبيرة ودقيقة للغاية وتصيب الأهداف بدقة».
وفي ظل إحجام عن الإعلان عن طبيعة الأسلحة، يؤكد خبراء أن السلاح الروسي، لن يقتصر على صفقة الطائرات والصواريخ الأولى. وقال رئيس مركز «الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية» الدكتور هشام جابر، إن التقارير الأميركية تشير بوضوح إلى وصول عربات مدرعة، وصواريخ وذخائر ولوجستية تنقل عبر الطائرات، مشيرًا في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «القوات الحكومية وبعد 4 سنوات من الحرب، خسرت أكثر من 40 في المائة من قدراتها البرية، بينما خسرت أكثر من 20 في المائة من قدراتها الجوية، نتيجة خسارة مطارات، وهو ما تحاول موسكو تعويضه في الصفقات الجديدة».
وأشار إلى أن روسيا «ستزود القوات السورية بمروحيات هجومية من نوع (مي 28) المخصصة للهجمات الليلية، فضلاً عن صواريخ متطورة ومتقدمة تدخل منظومة الدفاع الجوي مثل sa22 لزيادة فعالية السلاح الجوي»، فضلاً عن صواريخ مضادة للدروع وصواريخ جوية ذات الإصابات الدقيقة. ورأى جابر أن الإعلان الروسي، يليه الإعلان السوري «يدخل في إطار الحرب النفسية وإرسال رسائل روسية بأن سوريا خط أحمر بالنسبة لها»، معتبرًا أن الإعلان عن الأسلحة «هو عرض عضلات يشير إلى أن موسكو لن تتخلى عن حصتها في سوريا ووجودها في طرطوس، في حال انهيار مفاجئ للنظام».
وقال جابر، وهو عميد متقاعد من الجيش اللبناني، إن هذه الترسانة «تعوّض عن التراجع بالكادر البشري المقاتل في صفوف القوات النظامية»، مشددًا على أن هدف موسكو هو «تثبيت القوات المرابضة حول العاصمة والساحل، كون دمشق مهددة نتيجة معارك تحيط بها، كما أن اللاذقية مهددة في حال أي خرق من جهة جسر الشغور».
وأوضح جابر أن القوات الحكومية «تعاني نقصًا في العديد نتيجة عدم الالتحاق بالخدمة، وخسارة النظام لنحو 60 ألف مقاتل في صفوفه»، يُضاف إلى أنها «فقدت التفوق بالأسلحة البرية أمام أسلحة المعارضة التي كشفتها معركة إدلب»، مشيرًا إلى أن «جبهة النصرة كانت تمتلك 250 صاروخ تاو، استخدمت منها 120 في معركة السيطرة على إدلب وجسر الشغور، مما أدى إلى إعطاب آليات القوات الحكومية، وهو ما دفع بروسيا إلى رفده أيضًا بأسلحة متطورة للقوات البرية». وإلى جانب الإمدادات العسكرية الروسية للجيش السوري تزيد موسكو من عدد قواتها البرية في سوريا التي سقط في حربها الأهلية على مدى أربع سنوات نحو 250 ألف قتيل.
وعلق مصدر سوري معارض بريف حلب لـ«الشرق الأوسط»، بقوله، إن القوات النظامية «لا تنقصها الأسلحة المتطورة، وتتفوق ترسانتها بأضعاف على ترسانة المعارضة، ومع ذلك لم تستطع أن تحقق تقدمًا في الميدان السوري». وقال إن الإعلان عن أسلحة جديدة «هو دعائي بالمقام الأول، لتطمين جمهوره بعد سلسلة انتكاسات تعرض لها».
من ناحيتها، قالت وزارة الدفاع الأميركية، إن إرسال روسيا معدات وأفراد، يشير إلى استعدادات لإقامة مركز عمليات جوية في سوريا، حيث يشن ائتلاف تقوده الولايات المتحدة ضربات جوية ضد تنظيم داعش.
وتضمنت تقييمات أميركية سابقة بأن روسيا أرسلت نحو 200 من مشاة البحرية ودبابات قتالية ومدفعية ومعدات أخرى إلى مطار قرب مدينة اللاذقية الساحلية وهي معقل للرئيس السوري بشار الأسد.
وكان الجنرال لويد أوستن قائد القيادة المركزية الأميركية في الحرب على «داعش»، قد قال أول من أمس، في جلسة أمام لجنة الشؤون العسكرية بمجلس الشيوخ، في إجابة حول التحركات الروسية في سوريا، قال الجنرال أوستن: «نشهد زيادة في بناء الإمكانات الروسية داخل سوريا ونحاول معرفة نياتهم، وهم يقولون إنهم يريدون مكافحة (داعش) لكننا لا نعرف على وجه الدقة نياتهم».
وأضاف قائد القيادة المركزية الأميركية: «نحن في مرحلة مبكرة لتفسير أسباب التحركات الروسية وهناك قنوات كثيرة للاتصال معهم وسنبقي يقظين لأننا نستخدم المجال الجوي السوري في ضربات جوية أميركية ضد (داعش) وسنحاول تجنب أي صدامات أو اشتباكات محتملة».
وشدد الجنرال أوستن على أن نظام الرئيس بشار الأسد لا يواجه أي تهديدات تهدد استمراره في حكم سوريا، وأضاف، أن النظام السوري لديه قدرة على البقاء بسبب الإمدادات العسكرية على الأرض والدعم الذي يحصل عليه من كل من روسيا وإيران.
وفي رد على سؤال، قال إن أربعة إلى خمسة مقاتلين سوريين فقط يقاتلون على أرض المعركة في سوريا من إجمالي 60 مقاتلاً سوريًا قامت واشنطن بتدريبهم. وأكد أوستن، أن البنتاغون يعمل على بحث خيارات وخطط لكيفية إعادة وضع برنامج لتدريب القوات السورية المعارضة لمحاربة «داعش»، وهو البرنامج الذي تم رصد 500 مليون دولار لتنفيذه، لكن المقاتلين السوريين الذين دربتهم واشنطن (عددهم يصل إلى 54 مقاتلاً سوريًا) تعرضوا للخطف والقتل على يد جبهة النصرة في يوليو (تموز) الماضي، وهو ما اعتبرته الدوائر السياسية فشلاً كبيرًا ونكسة في سياسية الإدارة الأميركية تجاه سوريا.
وفي إجابته عن أسئلة أعضاء اللجنة رفض الجنرال أوستن، فكرة إقامة منطقة حظر طيران في شمال سوريا أو منطقة آمنة لحماية اللاجئين السوريين، مشيرًا إلى أن ذلك سيتطلب وجود جنود أميركيين على الأرض.
وأثارت شهادة الجنرال أوستن غضب السيناتور جون ماكين رئيس اللجنة الذي وصف شهادة أوستن بإحراز تقدم أميركي في الحرب ضد «داعش» بأنها منفصلة عن الواقع، وكرر مرتين أنه خلال عمله ثلاثين عامًا لم يسمع شهادة مثل ذلك.
وقال ماكين: «لا يوجد توافق بين ما يقوله الجنرال أوستن من تقدم ضد (داعش) وما يقوله الجنرال مارتن ديمبسي رئيس هيئة الأركان المشتركة الذي اعترف بعدم إحراز تقدم أميركي كبير ضد (داعش) ووصف وضع أميركا بأنه مأزق تكتيكي».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.