في الماضي كان اختيار المرء لحافظة نقوده أمرا يسيرا، فما عليه إلا أن يختار ما إذا كانت ذات جيوب كثيرة أو قليلة، مصنوعة من جلد طبيعي أو مادة صناعية، لكن خيارا جديدا وربما مثيرا للارتباك ظهر مؤخرا؛ ألا وهو الحافظة المانعة لسرقة الهوية.
ويزعم مصنعو تلك الحافظات والأكمام من ماركات مثل «سويس ألباين» و«باكستون» أنها تحافظ على سلامة البيانات الشخصية لعملائها من لصوص التقنية الفائقة، لكن هل تفي تلك المنتجات بما تعد به حقا؟ أو هل هي ضرورية بالأساس؟
* حماية إلكترونية
الحافظات الجديدة مصممة للحماية من نوعية خاصة من السرقات الإلكترونية، وتدعى الحافظة المانعة لسرقة رموز التعرف على الهوية الشخصية بواسطة الموجات الراديوية RFID - blocking wallets، خصوصا أن بعض بطاقات الائتمان وجوازات السفر ورخص القيادة أصبحت الآن مزودة برقائق لتحديد الهوية بهذه التقنية، التي تبث لاسلكيا عند تنشطيها عبر جهاز قارئ خاص، بيانات معينة لتتحقق من هويتك أو تقوم بعملية شراء دون الاضطرار إلى استخدام بطاقتك الائتمانية مباشرة.
الجانب السلبي يكمن في أن أي شخص يحمل قارئا لهذه الرقائق يمكنه تنشطيها ليلتقط المعلومات التي تبثها دون علم الضحية، لا سيما إذا التزم الحذر والحيطة في إتمام فعلته.
ولطالما تصدر قراصنة المعلومات عناوين الصحف على مدار السنوات الماضية عبر إظهارهم أن قارئا بحجم كف اليد يمكنه «اختلاس» معلومات حساسة من بطاقات الناس من مسافة تبلغ عدة أقدام. وبوسع هؤلاء القراصنة أن يعرفوا اسمك وبلدك من جواز سفرك، بل إنهم في بعض الحالات المثيرة للقلق تمكنوا من التقاط أرقام كاملة لبطاقات ائتمانية من جيوب المارة. وتعمل الحافظات المانعة لقراءة شرائح الهوية على عرقلة الإشارات التي تبثها بطاقاتك، مما يجعل من الصعب على «اللصوص» التقاطها من بعيد، لكن التجارب التي أجرتها مؤسسة «كونسيمور ريبورتس» (تقارير المستهلكين) الأميركية وغيرها وجدت أن بعض هذه الحافظات تعمل على نحو أفضل من غيرها. أما الأمر الأقل وضوحا فهو ما إذا كان اختلاس المعلومات عبر قارئ هذه الرقائق يمثل تهديدا يستحق القلق حقا؛ إذ رغم الضجة الهائلة حول الخطر النظري لهذه التصرفات، فإنه بالكاد ترد تقارير حول ارتكاب جرائم بواسطة اختلاس الـ«RFID». ويبدو أن هذا الأسلوب أكثر شهرة بين الباحثين في مجال الأمن المعلوماتي عنه في أوساط اللصوص، والسبب ببساطة أن هناك أساليب أكثر سهولة وفعالية في سرقة نقود الناس وبياناتهم.
* لا حاجة للحافظات
وبينما بثت النسخ المبكرة من أنظمة الدفع عبر البطاقات المزودة بهذه الرقائق بيانات حساسة مثل أرقامها دون تشفير، إلا أن الشركات الكبرى المصدرة لبطاقات الائتمان تصر أن الحال تغيرت، حيث تبث الرقائق الآن شفرة لمرة واحدة مع كل صفقة تجري بواسطتها.
وهكذا فإن اللص الدؤوب قد يستطيع أن يقوم بعملية شراء واحدة عبر تسجيل واستنساخ الإشارة التي يلتقطها من أي بطاقة. وفي حال حدوث ذلك، فإن حامل البطاقة لن يكون مسؤولا عن هذه العملية بموجب السياسات التي تتبعها معظم شركات الائتمان. ومن منظور اللص، فإن ذلك يتطلب جهدا شاقا في مقابل ربح هزيل.
على النقيض، تسمح ماكينات الصراف الآلي أو البيع المباشر التي يخترقها اللصوص بجمع قدر هائل من البيانات المفيدة من عدد أكبر وأوسع من البطاقات. وعلى عكس اختلاس بيانات رقائق الـ«RFID»، فإن الاحتيال عبر ماكينات الصراف الآلي يمثل مشكلة أوسع انتشارا في الولايات المتحدة الأميركية وبلدان أخرى. ولا توجد حافظة في العالم يمكنها أن تحميك من ذلك. على أي حال، لم تعد أنظمة الدفع باستخدام بطاقات البث اللاسلكي تحظى باهتمام شركات بطاقات الائتمان الأميركية؛ إذ باتت تركز على تطبيق نظام أوروبي يقوم على الشرائح وأرقام التعريف الشخصية، ويعرف باسم «إي إم في»، الذي يستخدم تقنية مختلفة ويعد أقل عرضة للاختلاس عن بعد. وبناء على ذلك، ربما تنجز الحافظات الجديدة مهمتها في حماية بياناتك في ظروف نظرية معينة، لكن ذلك لا يعني أنك بحاجة إليها.