تواجه مدينة ميونيخ في جنوب ألمانيا تدفقا للاجئين يفوق طاقتها عشية اجتماع لوزراء الداخلية والعدل الأوروبيين، ينعقد اليوم في بروكسل، لمحاولة امتصاص أزمة الهجرة «غير المسبوقة» التي تطال الاتحاد الأوروبي.
وأعلنت ميونيخ أمس أنها وصلت إلى «الحد الأقصى» من قدراتها على استقبال اللاجئين وذلك غداة إطلاقها نداء لطلب المساعدة لإيوائهم، مؤكدة أنها «لا تستطيع هي وبافاريا التصدي لهذا التحدي الكبير بمفردهما». وقالت الشرطة المحلية أمس بأن المدينة وصلت إلى «الحد الأقصى» من قدراتها على استقبال اللاجئين، موضحة أن 12 ألفا و200 شخص وصلوا نهار السبت وحده.
وصرح ناطق باسم قيادة شرطة ميونيخ أنه «نظرا للأرقام التي سجلت (السبت)، من الواضح أننا بلغنا الحد الأقصى لقدراتنا» لتولي طالبي اللجوء الذين يتدفقون من البلقان عن طريق المجر ثم النمسا.
وفي المدينة التي تشكل نقطة دخول المهاجرين عن طريق البلقان إلى الأراضي الألمانية وبات عدد الواصلين يفوق طاقتها، اضطر عشرات اللاجئين للنوم في الخارج على فرش عازلة للحرارة لأنه لم يعد هناك أماكن كافية لهم، كما ذكرت محطة التلفزيون البافارية «بي.أر». كما أكدت المحطة ذاتها على موقعها الإلكتروني أن المدينة «اقتربت بشكل كبير من كارثة إنسانية».
وقررت ألمانيا أن تعيد بصورة مؤقتة عمليات المراقبة على الحدود مع النمسا التي يصل منها عشرات آلاف اللاجئين، فأوقفت بذلك تطبيق اتفاقات شنغن حول حرية التنقل في أوروبا، كما ذكرت الأحد صحيفتا «بيلت» و«شبيغل» الألمانيتان. وقالت صحيفة «شبيغل» الألمانية بأن كل الشرطيين الفيدراليين وضعوا في حالة تأهب وأنه «سيتم إرسال كل الشرطيين المتوافرين إلى بافاريا لإغلاق الحدود». من جهتها كتبت «بيلد» على موقعها الإلكتروني «ألمانيا تغلق حدودها مع النمسا».
وفي المجر، سجل رقم قياسي جديد أول من أمس تمثل بوصول 4330 لاجئا إلى هذا البلد الذي تحول إلى رمز للتشدد في مواجهة تدفق المهاجرين، خلافا لألمانيا. وتنوي بودابست إغلاق حدودها مع صربيا اعتبارا من الثلاثاء 15 سبتمبر (أيلول) بخطين من الأسلاك الشائكة.
وسيبحث وزراء العدل والداخلية الأوروبيون اليوم في بروكسل في اجتماع طارئ أزمة الهجرة التي «اتخذت أبعادا غير مسبوقة» كما ورد في بيان لحكومة لوكسمبورغ التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد. وتمهيدا لهذا الاجتماع، دان وزير النقل الألماني الكسندر دوبرينت الأحد «الإخفاق الكامل» للاتحاد الأوروبي في السيطرة على حدوده الخارجية في مواجهة تدفق اللاجئين وطالب «بإجراءات فعالة» في هذا المجال. وقال دوبرينت إنه «من الضروري اتخاذ إجراءات فعالة لوقف تدفق» المهاجرين في مواجهة «الإخفاق الكامل للاتحاد الأوروبي» الذي «لم تعد حماية حدوده الخارجية تعمل».
وكانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التي يسميها عدد كبير من اللاجئين «ماما» منذ أن قررت فتح البلاد لاستقبالهم، طلبت من اليونان بذل مزيد من الجهود لحماية الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي. كما تأمل ألمانيا التي تتوقع استقبال 800 ألف لاجئ هذه السنة في أن يتم «بسرعة» تعزيز الحوار مع تركيا التي يمر عبرها عدد كبير من المهاجرين القادمين خصوصا من سوريا.
ومن لندن إلى كوبنهاغن، تظاهر عشرات الآلاف من الأوروبيين أول من أمس السبت دعما للاجئين، إلا أن آلافا آخرين خصوصا في وارسو وبراغ نزلوا إلى الشارع أيضا مطالبين بالحد من هذه الهجرة. وفي العاصمة البريطانية سار عشرات الآلاف وراء لافتات مثل «نعم لفتح الحدود» و«اللاجئون إلى الداخل والمحافظون إلى الخارج»، بينما أكد الرئيس الجديد لحزب العمال البريطاني جيريمي كوربن في كلمة ألقاها أمام المتظاهرين أن «هدفنا يجب أن يكون إيجاد حلول سلمية لمشاكل هذا العالم».
وفي الدنمارك التي تسعى سلطاتها إلى وقف تدفق المهاجرين، سار نحو ثلاثين ألف شخص في شوارع كوبنهاغن ومئات آخرون في مدن دنماركية أخرى. وفي مدريد كان المتظاهرون الداعمون للهجرة بضعة آلاف ونحو ألف في كل من استوكهولم وهلسنكي ولشبونة.
أما في فرنسا، فكان عدد المشاركين قليلا إذ جمعت مظاهرة مدينة نيس في جنوب البلاد نحو 700 متظاهر، بينما لم تجمع مظاهرة باريس سوى مائة شخص.
في المقابل، كان الوضع مختلفا وراء الستار الحديدي السابق. ففي وارسو سار آلاف الأشخاص (عشرة آلاف حسب المنظمين) وراء لافتات مناهضة للإسلام مثل «الإسلام يعني الموت لأوروبا». وقال أحد منظمي المظاهرة مخاطبا المشاركين فيها «نحن هنا لكي تتخلى الحكومة عن قرارها باستقبال لاجئين مسلمين». ووافقت وارسو على استقبال ألفي لاجئ، إلا أنها ترفض نظام الحصص الذي يريده الاتحاد الأوروبي مدعوما بألمانيا.
كما جرت مظاهرات مناهضة مماثلة ضمت مئات الأشخاص في كل من براتيسلافا وبراغ، حيث دعا المتظاهرون الحكومة إلى الخروج من الاتحاد الأوروبي.
من جهته، أعلن رئيس وزراء المجر أوربان المؤيد لانتهاج سياسة متشددة إزاء الهجرة دعمه لخطة مساعدة بقيمة ثلاثة مليارات يورو للدول المجاورة لسوريا (تركيا ولبنان والأردن) التي تستضيف وحدها أربعة ملايين لاجئ سوري في محاولة لحل الأزمة. وتأمل المجر التي سجلت مرور أكثر من 180 ألف مهاجر عبر حدودها بوقف تدفق اللاجئين اعتبارا من 15 سبتمبر الحالي بعد إقامة سياج شائك مزدوج على الحدود مع صربيا.
وعلى صعيد آخر، أعلن خفر السواحل اليوناني الأحد وفاة 28 شخصا، من بينهم طفل، غرقا قبالة سواحل اليونان إثر غرق مركب كان يقل أكثر من مائة مهاجر غير شرعي. وغرق المركب قبالة شواطئ جزيرة فرماكونيس التي تبعد بمسافة 15 كيلومترا عن تركيا. وتمكن خفر السواحل من إنقاذ 68 راكبا، بينما نجا 29 آخرون سبحوا حتى شاطئ الجزيرة الواقعة جنوب شرقي بحر ايجه.
من جانب آخر، فشلت أعمال البحث التي أطلقت السبت للعثور على خمسة أشخاص بينهم أربعة أطفال فقدوا قبالة جزيرة ساموس في شرق بحر ايجه. وبحسب المنظمة الدولية للهجرة، فإن أكثر من 2700 مهاجر قتلوا في المتوسط منذ مطلع السنة الحالية من أصل نحو 430 ألفا عبروا البحر على أمل تأمين حياة أفضل في أوروبا. ونحو 310 آلاف منهم مروا عبر اليونان.
بدورها، رفضت أثينا أمس الانتقادات حول الطريقة التي تدير بها البلاد أزمة الهجرة معتبرة إياها «غير مقبولة». وقالت فاسيليكي ثانو، رئيسة الوزراء بالوكالة، أثناء زيارة إلى ميتيلين في جزيرة ليبسوس، الوجهة الأولى للقادمين الجدد: «إن اليونان تتقيد تماما بالاتفاقيات الأوروبية والدولية من دون تجاهل البعد الإنساني».
تحذير من كارثة إنسانية في ميونيخ.. واجتماع أوروبي لبحث الأزمة
وفاة عشرات المهاجرين إثر غرق مركبهم قبالة السواحل اليونانية
تحذير من كارثة إنسانية في ميونيخ.. واجتماع أوروبي لبحث الأزمة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة