ميركل: ألمانيا بحاجة للتعلم من أخطائها في تعاملها مع العمالة الزائرة

برلين مقبلة على «تغيرات هائلة» مع تدفق اللاجئين

المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل (غيتي)
المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل (غيتي)
TT

ميركل: ألمانيا بحاجة للتعلم من أخطائها في تعاملها مع العمالة الزائرة

المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل (غيتي)
المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل (غيتي)

قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أمس (الأربعاء)، إن «ألمانيا بحاجة للتعلم من أخطائها في التعامل مع العمالة الزائرة في أعقاب فترة الحرب لتدمج اللاجئين وطالبي اللجوء من اللحظة التي يصلون فيها البلاد».
وفي العقود التي أعقبت الحرب العالمية الثانية شجعت ألمانيا الغربية آنذاك على الهجرة كسبيل للتعامل مع نقص العمالة، لكنها وصفت من وصلوا من دول مثل تركيا وإيطاليا واليونان بأنهم عمالة زائرة وكأنهم سيعودون لبلدانهم بمجرد انتهاء العمل.
وقالت ميركل إن «ألمانيا بحاجة لتبني مسلك مختلف الآن فيما تتوقع رقمًا قياسيًا من اللاجئين الجدد هذا العام قد يصل إلى 800 ألف شخص تجذبهم قوانين اللجوء المتحررة نسبيًا والمنافع السخية». وأبلغت ميركل البرلمان الألماني: «من يأتون إلينا كطالبي لجوء أو كلاجئين من الحرب يحتاجون مساعدتنا حتى يتسنى لهم الاندماج سريعًا»، مضيفة أنه سيكون من الضروري مساعدة مثل هؤلاء الأشخاص على تعلم الألمانية بسرعة والعثور على وظيفة. وقالت: «الكثير منهم سيصبحون مواطنين جددًا في بلدنا. ينبغي أن نتعلم من تجارب الستينات عندما كنا نطلب من العمال الزائرين أن يأتوا إلينا وأن نجعل الاندماج على رأس أولوياتنا».
وفي غضون ذلك رأى خبراء أن التدفق غير المسبوق لأعداد كبيرة من اللاجئين إلى ألمانيا سيحدث تغيرات اقتصادية وديموغرافية «هائلة» في بلد نسبة المسنين فيه تزداد ويرفض أن يصنف دولة للهجرة.
وقال مينهارد ميغل، الباحث في العلوم الاجتماعية، في حديث لقناة «آي آر دي» العامة إن ذلك سيؤدي إلى «نفقات مالية وتغيير كبير في المجتمع. من الصعب التكهن ما إذا سيفضي ذلك إلى رفض أو إلى تقدم».
وأضاف أنه لن يكون أمام الألمان الذين يريدون «التمسك بالعالم الذي يعرفونه» من خيار آخر سوى «أن يأخذوا هذه التغيرات في الاعتبار ويتوقعوا أن يعانوا منها».
من جهته، يتحدث هايو فونكي، خبير الشؤون السياسية في جامعة برلين الحرة، عن «تحد كبير». وصرح لوكالة الصحافة الفرنسية أن «التغيرات ضرورية» في عدة قطاعات من البنى التحتية للاستقبال إلى المدارس، مرورًا بمعايير قبول المهاجرين أو عملية التدريب.
ويشدد كثيرون على الطابع الاستثنائي لهذه الظاهرة. ويقول ميغل: «لم نشهد أبدًا مثل هذه الأوضاع في أوروبا (...) وسنضطر إلى الاختبار». وأقام مقارنة مع فترة ما بعد الحرب عندما اضطر 12 مليون ألماني طردوا من أوروبا الشرقية، إلى العودة إلى بلد مدمر لم يعيشوا فيه أبدًا.
وتابع أن «جهودًا كبيرة بذلت لدمجهم. والأمر الذي بسط الأمور هو أنهم كانوا من نفس الثقافة ويتكلمون اللغة نفسها»، وهذا لا ينطبق على اللاجئين الآتين من سوريا أو العراق الذين لا يتكلمون الألمانية.
لكن، في بلد نسبة المسنين فيه تزداد، قد يساهم التدفق الحالي للاجئين جزئيًا في معالجة التراجع الديموغرافي في ألمانيا التي بحسب المفوضية الأوروبية سيبلغ عدد سكانها 70 مليونًا بحلول عام 2060 وسيواجه نظام التقاعد صعوبات نتيجة لذلك.
ومساهمة اللاجئين ستكون أساسية في سوق العمل لأول اقتصاد في أوروبا الذي يفتقر إلى اليد العاملة. وقال أوركان كوسمين، الإخصائي في شؤون الهجرة في مؤسسة برتلسمان، إن «الاندماج في ألمانيا نجح دائمًا في سوق العمل»، ومن هذه الناحية للبلاد «أداء جيد». ويرى العدد الأكبر من الإخصائيين أنه من الصعب توقع التغيرات الثقافية والاجتماعية والدينية حتى وإن لم تكن «تهدد المجتمع الألماني» بأي حال من الأحوال بحسب فونكي.
وقال كوسمين إنه من غير المعروف عدد المسلمين بين هؤلاء المهاجرين الذين أتى عدد كبير منهم من الشرق الأوسط ولا درجة تشددهم. وأضاف الباحث أن أربعة ملايين مسلم، خصوصًا من أصل تركي يعيشون في ألمانيا.
ورأى أن مساهمتهم الديموغرافية «لن تغير الطابع الأساسي» لألمانيا حيث 20 في المائة من السكان من أصول أجنبية، التي نجحت في استيعاب، دون مشكلات منذ الحرب، «موجات عدة من المهاجرين أو اللاجئين» (من تركيا ويوغوسلافيا السابقة وإيران...). وتابع كوسمين أن البلاد «تغيرت» منذ سنوات. وأوضح أن «ألمانيا التي كانت تقول قبل 10 سنوات لسنا بلد هجرة أضحت بلدًا يقول لدينا القوة لنكون كذلك. وهذا هو التغيير». وتدفق اللاجئين يأتي في خضم نقاش وطني حول الهجرة: هل يجب إصدار قانون حول هذا الملف؟
ويدعو حلفاء ميركل في الحكومة من الحزب الاشتراكي - الديمقراطي، لأن تسهل وصول اللاجئين إلى سوق العمل وتجعل من ألمانيا بلدًا مفتوحًا رسميًا أمام الهجرة. لكن الكثير من المحافظين يرفضون أو يريدون على العكس فرض رقابة أشد على الهجرة.



اعتقال العشرات خلال مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين في لندن

ناشطون مؤيدون للفلسطينيين يتظاهرون في وايت هول بلندن (إ.ب.أ)
ناشطون مؤيدون للفلسطينيين يتظاهرون في وايت هول بلندن (إ.ب.أ)
TT

اعتقال العشرات خلال مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين في لندن

ناشطون مؤيدون للفلسطينيين يتظاهرون في وايت هول بلندن (إ.ب.أ)
ناشطون مؤيدون للفلسطينيين يتظاهرون في وايت هول بلندن (إ.ب.أ)

تجمَّع آلاف المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين في وسط لندن، السبت، في مظاهرة اعتُقل خلالها أكثر من 70 شخصاً.

وأعلنت الشرطة في بيان أن «هذا أكبر عدد من الاعتقالات التي شهدناها» منذ بدء المسيرات المؤيدة للفلسطينيين في لندن، في أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

متظاهر يحمل لافتة خلف خط الشرطة في وايت هول وسط لندن بمظاهرة من أجل فلسطين (أ.ف.ب)

وقالت صوفي مايسن، وهي امرأة تبلغ 50 عاماً من لندن، اعتادت المشاركة في الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في العاصمة البريطانية لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نريد أن نكون متفائلين» بشأن اتفاق الهدنة، و«علينا الخروج إلى الشوارع للتأكد من صمود وقف إطلاق النار».

متظاهرون يتجمعون في وايت هول وسط لندن بمظاهرة أمس نظمتها حملة التضامن مع فلسطين (أ.ف.ب)

وتشمل الهدنة المقترحة إطلاق سراح رهائن إسرائيليين محتجزين لدى «حماس» ومعتقلين فلسطينيين تحتجزهم إسرائيل، والانسحاب الإسرائيلي من مناطق سكنية مكتظة في غزة، وزيادة المساعدات الإنسانية.

وتحولت المسيرة إلى تجمع ثابت في وايت هول، الشارع الرئيسي في حي يضم مقار أبرز الوزارات، بعد أن رفضت الشرطة المسار الذي

اقترحته «حملة التضامن مع فلسطين» Palestine Solidarity Campaign والذي كان يمر بمحاذاة كنيس يهودي.

متظاهرون يحملون لافتات وأعلاماً يتجمعون في وايت هول وسط لندن بمظاهرة من أجل فلسطين (أ.ف.ب)

وأعلنت الشرطة التي نشرت عناصرها بأعداد كبيرة، على منصة «إكس» أنها اعتقلت في نهاية فترة الظهيرة «ما بين 20 و30 متظاهراً» تخطوا النطاق المسموح به، وذلك بعيد إعلانها توقيف 7 متظاهرين آخرين.

ورفع المشاركون لافتات كُتب عليها «أوقفوا تسليح إسرائيل»، و«أوقفوا المذبحة في غزة». وهتف البعض: «من النهر إلى البحر ستتحرر فلسطين».

لافتة تطالب بوقف تسليح إسرائيل خلال تظاهرة في لندن (رويترز)

وقال بن، وهو نقابي يبلغ 36 عاماً رفض كشف اسم عائلته: «علينا الضغط من أجل احترام وقف إطلاق النار هذا»، ومن أجل إيصال المساعدات الدولية إلى غزة. وبالنسبة إلى الطالبة أنيسة قوشر التي أتت مع والدتها، فإن وقف إطلاق النار «جاء متأخراً وليس كافياً». وفي حين تأمل أن «يوفر هدنة مؤقتة»، تبدي اعتقادها بأنه «يتعين القيام بالكثير»، مشيرة إلى تحدي إعادة إعمار غزة.

متظاهر يرفع لافتة عليها عبارة «فلسطين حرة» في وايت هول وسط لندن بمظاهرة أمس نظمتها حملة التضامن مع فلسطين (أ.ف.ب)

وقالت سونيا هاديا (28 عاماً) إن إدخال مزيد من المساعدات الإنسانية يشكل «انتصاراً»؛ لكن «لا ينبغي أن يكون ذلك أمراً يتطلب تصريحاً؛ بل يجب أن يكون حقاً».

الممثل خالد عبد الله يتحدث خلال مظاهرة لدعم فلسطينيي غزة خلال تظاهرة في لندن (رويترز)

وفي مكان غير بعيد من التجمع، أقيمت مظاهرة مضادة جمعت نحو مائة شخص يحملون الأعلام الإسرائيلية.

وقُتل ما لا يقل عن 46899 شخصاً، معظمهم مدنيون، في الهجوم الإسرائيلي على غزة بعد هجوم السابع من أكتوبر، وفق بيانات وزارة الصحة في غزة. وحسب الأمم المتحدة، تسببت الحرب في دمار «غير مسبوق في التاريخ الحديث» بالقطاع الفلسطيني المحاصر.