خامنئي يأمر بتشديد الرقابة على الإنترنت في إيران

الأجهزة الأمنية تتجاوز القانون وترى نشاط الأشخاص على الإنترنت في مجال عملها

الرئيس الإيراني حسن روحاني لدى استقبال رسمي لنظيره القرغيزي المزبيك اتمباييف في طهران أمس (أ.ب)
الرئيس الإيراني حسن روحاني لدى استقبال رسمي لنظيره القرغيزي المزبيك اتمباييف في طهران أمس (أ.ب)
TT

خامنئي يأمر بتشديد الرقابة على الإنترنت في إيران

الرئيس الإيراني حسن روحاني لدى استقبال رسمي لنظيره القرغيزي المزبيك اتمباييف في طهران أمس (أ.ب)
الرئيس الإيراني حسن روحاني لدى استقبال رسمي لنظيره القرغيزي المزبيك اتمباييف في طهران أمس (أ.ب)

طالب المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي كبار المسؤولين في الحكومة، والأجهزة الأمنية، والمؤسسات التابعة للعضوية في «المجلس الأعلى للفضاء المجازي»، المكلف بالرقابة والإشراف على شبكة الإنترنت في إيران، بوضع سياسات شاملة للرقابة على الإنترنت، معتبرا «الفضاء المجازي» من أبرز العلامات المؤثرة في مختلف المجالات السياسية والأمنية والدفاعية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، على الصعيدين الداخلي والخارجي، وأشار إلى مرور ثلاثة أعوام من إنشاء المجلس الأعلى للفضاء الإلكتروني، وأوضح أن المجلس والمركز التابع له يعرف كونه نقطة محورية في مواجهة الأضرار والتهديدات الناجمة عن التطورات السريعة في هذا المجال (الإنترنت).
وقال الدكتور هادي قائمي رئيس «الحملة الدولية لحقوق الإنسان في إيران»، المعنية بحرية التعبير والإنترنت لـ«الشرق الأوسط» أن «انتخابات المجلس الأعلى للفضاء المجازي من قبل المرشد الأعلى في إيران يعني تطبيق آرائه الصارمة في قرارات هذا المجلس والقيود المتعلقة بالإنترنت تأتي في الواقع من هذه التعيينات».
وفي إشارة إلى تباين المواقف بين المرشد الأعلى الأجهزة التابعة له من جهة، والرئيس روحاني وإدارته من جهة أخرى، قال قائمي إنه «في إيران الآن مناخ مزدوج، من جهة حكومة روحاني التي تحاول أن توسع نطاق الإنترنت، وبالمقابل، الأجهزة الأمنية والرقابية التي تستخدم قوتها ليس على صعيد فرض القيود على الإنترنت وحجب المواقع فحسب، بل حتى في قضايا مثل اختراق وتهديد أمن مستخدمي الإنترنت بصورة منظمة، يمكننا لمس الازدواجية في سياسة الحكومة، مما يؤجج الخلط السياسي في الموضوع».
وبشأن القلق المتزايد لدى منظمات حقوق الإنسان تجاه المخاطر التي تهدد المستخدمين في إيران، قال رئيس «الحملة الدولية لحقوق الإنسان في إيران» إن «الخطر الأساسي الموجه للمستخدمين الإيرانيين هو انتهاك الخصوصية وعدم احترامها، لأن هناك مؤسسات مثل الأجهزة الأمنية تتجاوز القانون وترى نشاط الأشخاص على الإنترنت في مجال عملها، وعبر تجهيزها بأحدث التقنيات تسعى ليس لفرض الرقابة فحسب، بل حتى السيطرة والتدخل في استخدام الآخرين».
ووفقا لمرسوم إداري نشره موقع خامنئي الإلكتروني، فإن المجلس الأعلى للفضاء المجازي مكلف بالرقابة ومتابعة شؤون الإنترنت و«الفضاء الإلكتروني» في «مواجهة ذكية وقوية» لمواكبة التطورات والتحديات في عالم الإنترنت، ويشير المرسوم إلى أن المهمة الرئيسية للمجلس «رسم السياسات والإدارة الشاملة والتخطيط واتخاذ القرارات المناسبة والرقابة والرصد اليومي والفعال» للإنترنت في إيران، كما شدد خامنئي على مهام إضافية كلف بها المجلس الجديد.
واختار خامنئي أعضاء المجلس الجديد، وشملت القائمة الرئيس الجمهورية ورئيس البرلمان ورئيس السلطة القضائية وقائد الحرس الثوري وقائد الشرطة ورئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون والأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي والمدعي العام الإيراني ووزراء المخابرات والاتصالات والثقافة ووزير العلوم ووزير التعليم ورئيس اللجنة الثقافية في البرلمان الإيراني، ورئيس منظمة التبليغ الإسلامي، وكلا من سعيد جليلي وعزت الله ضرغامي رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون ممثلين عن المرشد في المجلس.
خامنئي شدد على أن «المهمة الرئيسية (للمجلس) رسم السياسات والإدارة الشاملة والتخطيط واتخاذ التدابير اللازمة بالوقت المناسب، فضلا عن الإشراف والرصد اليومي والفعال في هذا المجال، لذلك نظرًا لسرعة للتطورات السريعة والمعقدة في هذا المجال من جهة والاحتياجات الواقعية والمتراكمة في البلد من جهة أخرى، يجب أن يستعد المجلس للمهمة ثقيلة في السنوات الأربع المقبلة».
المرشد الأعلى نوه بأهمية عمل المجلس منذ تأسيسه معلنا نهاية عمل اللجان المشابهة للمجلس من أجل «تثبيت المكانة المحورية والمركزية للمجلس الأعلى للفضاء الإلكتروني»، وضم جميع اللجان المعنية بالرقابة على الإنترنت إلى المجلس الأعلى وتعتبر الشرطة الإلكترونية (فتا) والجيش الإلكتروني والحرس الثوري والسلطة القضائية من أهم الأجهزة الحكومية التي تفرض الرقابة المشددة على الإنترنت في إيران.
وقد سبق أن حذرت «الحملة الدولية لحقوق الإنسان في إيران»، الشهر الماضي، برامج وتطبيقات التواصل الاجتماعي من التعاون مع السلطات الإيرانية في تسريب البيانات الخاصة لمستخدمي تلك البرامج في إيران، مما يؤدي إلى تعرض سلامة المستخدمين للخطر، وأفادت التقارير أخيرا بأن إيران تمكنت من الضغط على تطبيق «تليجرام» في فرض بعض القيود وتحديد المستخدمين في إيران.
وقال مصدر إيراني مطلع، إن «قيود تطبيق (تليجرام) جاءت نتيجة ضغط المسؤولين الإيرانيين على شركة (تليجرام)». وأضاف المصدر أن شركة «تليجرام» تنوي إطلاق سيرفر خاص بالشركة داخل إيران.
وفي تقرير حمل عنوان «الإنترنت في السلاسل: الرقابة الخفية والمتزايدة على المستخدمين في إيران وتغيير أساليب الرقابة الإلكترونية» تناول المشاريع والسياسات والإجراءات التي تنتهك حقوق المواطنين الإيرانيين في الوصول إلى المعلومة وحرية التعبير وتنتهك الخصوصية.
من جانبه، قال هادي قائمي رئيس «حملة حقوق الإنسان في إيران» بعد نشر التقرير إن «الاستثمار الكبير للحكومة الإيرانية في مشروع الإنترنت الوطني يظهر قلقًا متزايدًا من الحكومة الإيرانية من أن زيادة مستخدمي الإنترنت يؤدي إلى انفلات الرقابة على الحركات الاجتماعية والثقافية في البلد».
قائمي أضاف: «التنوع في إيران يتجلى في شبكات التواصل الاجتماعي والإنترنت وذلك يهدد بشكل أساسي المعايير والمبادئ الصارمة والصعبة المفروضة المرفوضة منذ عقود على المواطن من الحكومة والمؤسسات الإعلامية التابعة لها. أغلب تلك المعايير والقيم لا تظهر الإرادة الحقيقية واهتمامات المواطنين الإيرانيين. من أجل ذلك الإنترنت يرعب تلك المؤسسات الحكومية التي تتدخل بشكل كبير في حياة المواطنين».
بدورها، تعتبر «الحملة الدولية لحقوق الإنسان في إيران» الإنترنت ميدان مواجهة مباشرة بين المواطن الإيراني الذي يريد حرية التعبير والتواصل مع العالم الحر والمسؤولين الإيرانيين الذين يحاولون منع تدفق المعلومة إلى داخل البلد، كما تخشى الحملة من غياب الإطار الحقوقي للدفاع عن خصوصية الأشخاص، معتبرة إطلاق شبكة الإنترنت الوطنية في إيران نافذة القوات الأمنية للوصول إلى بيانات المستخدمين.
يشار إلى أن «الحملة الدولية لحقوق الإنسان في إيران» التي تتخذ من نيويورك مقرا لها، منظمة غير سياسية وغير ربحية توثق انتهاكات حقوق الإنسان عبر «مصادر رسمية وموثوقة»، وفقا للموقع الإعلامي للحملة، كما تعمل من أجل تحسين أوضاع حقوق الإنسان في إيران وضمان الكرامة الإنسانية وحقوق الشعب ومساءلة المسؤولين والضغط عليهم للعمل بواجبات داخلية ودولية.



تركيا: المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تعطي أولوية لنظر احتجاز إمام أوغلو

متظاهرون يرفعون صورة لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو مطالبين بإطلاق سراحه (حزب الشعب الجمهوري - إكس)
متظاهرون يرفعون صورة لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو مطالبين بإطلاق سراحه (حزب الشعب الجمهوري - إكس)
TT

تركيا: المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تعطي أولوية لنظر احتجاز إمام أوغلو

متظاهرون يرفعون صورة لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو مطالبين بإطلاق سراحه (حزب الشعب الجمهوري - إكس)
متظاهرون يرفعون صورة لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو مطالبين بإطلاق سراحه (حزب الشعب الجمهوري - إكس)

قررت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إعطاء أولوية لمراجعة قضية احتجاز رئيس بلدية إسطنبول المعارض أكرم إمام أوغلو. كما قرّرت عقد جلسة الاستماع بشأن طلب رجل الأعمال البارز، عثمان كافالا، المسجون منذ 8 سنوات، للإفراج عنه.

وقال محمد بهلون، محامي إمام أوغلو: «تلقينا إخطاراً رسمياً بأن طلبنا المقدم إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بشأن الاحتجاز غير المبرر لموكلنا، أكرم إمام أوغلو، سيُنظر فيه على وجه السرعة».

وأضاف بهلون عبر حسابه في «إكس»، الجمعة: «يُعد قرار المحكمة الأوروبية بإعطاء الأولوية للنظر في الطلب، المتعلق بإمام أوغلو، أمراً نادراً في الطلبات المقدمة من تركيا حتى الآن».

«حالة نادرة»

واعتُقل إمام أوغلو، الذي ينظر إليه على أنه أقوى منافس للرئيس التركي رجب طيب إردوغان على الرئاسة والمرشح عن حزب «الشعب الجمهوري» أكبر أحزاب المعارضة، في الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2028، في 19 مارس (آذار) الماضي لاتهامات تتعلق بشبهات فساد في بلدية إسطنبول.

وأودع إمام أوغلو، الذي فجّر اعتقاله احتجاجات شعبية غير مسبوقة في تركيا منذ احتجاجات «غيزي بارك» عام 2013، إلى سجن سيليفري منذ 23 مارس، في إطار تحقيقات تتعلق بشبهات الفساد والرشوة والمخالفات في المناقصات.

اشتباكات بين الشرطة ومحتجين على اعتقال أكرم إمام أوغلو في إسطنبول في مارس الماضي (رويترز)

ويشمل التحقيق، الذي بدأ مع اعتقاله في 19 مارس، التي تصفها المعارضة بأنها عملية سياسية تستهدف منع إمام أوغلو من منافسة إردوغان، 122 مشتبهاً به. كما تضُمّ لائحة الاتهام، التي صدرت بعد 237 يوماً من الاعتقالات في 3900 صفحة، 402 شخص كمشتبه بهم، وشملت العديد من التهم المالية، بالإضافة إلى 17 تهمة بينها «التلوث البيئي المتعمد».

ويطالب الادعاء العام بسجن رئيس بلدية إسطنبول الكبرى لمدة تتراوح بين 828 و2352 عاماً، بوصفه «مؤسس وزعيم منظمة إمام أوغلو الإجرامية». وستبدأ المحاكمة نظر القضية في 9 مارس المقبل، أمام الدائرة الـ40 لمحكمة إسطنبول الجنائية العليا.

قضية عثمان كافالا

بالتوازي، أعلنت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن جلسة الاستماع بشأن الطلب الثاني لرجل الأعمال الناشط البارز في مجال المجتمع المدني، عثمان كافالا، المسجون منذ عام 2017، ستُعقد في 25 مارس المقبل.

وأحالت المحكمة طلب كافالا، المتعلق باحتجازه والسجن المؤبد المشدد، إلى الدائرة الكبرى في 16 ديسمبر (كانون الأول) الحالي. ودعت الدائرة الأطراف إلى تقديم آرائهم الخطية بحلول 26 يناير (كانون الثاني) المقبل.

متظاهر يرفع صورة للناشط عثمان كافالا خلال مسيرة في إسطنبول في الذكرى الثامنة لاعتقاله (أ.ف.ب)

ولكي تتمكن حكومة تركيا أو أي أطراف ثالثة من المشاركة في جلسة الاستماع، يجب عليها تقديم طلب للحصول على إذن بحلول 29 يناير. وفي حال الموافقة على هذا الإذن، يجب تقديم الآراء الخطية إلى المحكمة في موعد أقصاه 12 فبراير (شباط).

وتنظر الدائرة الكبرى في الطلبات التي تتضمن مسائل جوهرية تتعلق بتطبيق وتفسير الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.

ويتعلق الطلب الثاني، المُقدم في 18 يناير 2024، باستمرار احتجاز عثمان كافالا رغم قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بوقوع انتهاك لحقوقه، والمحاكمة التي أسفرت عن الحكم عليه بالسجن المؤبد المشدد.

وذكرت المحكمة الأوروبية في قرارها الصادر في 10 ديسمبر 2019 أن اعتقال كافالا واحتجازه كانا يهدفان إلى إسكاته وتثبيط عزيمة المدافعين الآخرين عن حقوق الإنسان.

إجراءات ضد تركيا

دعت المفوضية الأوروبية الحكومة التركية إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة للإفراج الفوري عن كافالا، وباشرت في عام 2021 إجراءات قانونية ضد أنقرة لعدم تنفيذها قرار الإفراج عنه.

الشرطة التركية تفرق متظاهرين خلال احتجاجات «غيزي بارك» في عام 2013 بخراطيم المياه (أرشيفية)

واحتجز كافالا في 18 أكتوبر (تشرين الأول) 2017، وتم توقيفه في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني)، بتهمة تنظيم أو تمويل احتجاجات حديقة «غيزي بارك» في إسطنبول عام 2013، ومحاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو (تموز) 2016.

ومنذ ذلك الحين، أصدرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أحكاماً تنص على أن احتجازه يُعد انتهاكاً لحقوقه، وأنه يجب الإفراج عنه فوراً. وفي أبريل (نيسان) 2022، حُكم على كافالا بالسجن المؤبد المشدد بتهمة «محاولة قلب نظام الحكم» في قضية «غيزي بارك»، وأيّدت محكمة النقض الحكم في سبتمبر (أيلول) 2023.


واشنطن تبحث عن إيراني خطط لهجمات «عابرة للحدود»

ثلاث صور مُدمجة في تعميم نشره مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي للإيراني سعيد توكلي (إكس)
ثلاث صور مُدمجة في تعميم نشره مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي للإيراني سعيد توكلي (إكس)
TT

واشنطن تبحث عن إيراني خطط لهجمات «عابرة للحدود»

ثلاث صور مُدمجة في تعميم نشره مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي للإيراني سعيد توكلي (إكس)
ثلاث صور مُدمجة في تعميم نشره مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي للإيراني سعيد توكلي (إكس)

أعلنت السلطات الأميركية تكثيف جهودها لتعقّب مسؤول بارز في «الحرس الثوري» الإيراني، في إطار تحقيق فيدرالي يتناول ما تصفه واشنطن بأنشطة هجومية وتجسسية عابرة للحدود.

وأفاد مكتب التحقيقات الفيدرالي «إف بي آي» بأنه يبحث عن مسؤول رفيع في «قوة القدس»، الذراع الخارجية لـ«الحرس الثوري»؛ للاشتباه بتورطه في توجيه وإدارة عمليات استهدفت مسؤولين أميركيين وأوروبيين حاليين وسابقين، في تطورٍ يعيد إلى الواجهة ملف المواجهة المفتوحة بين طهران والغرب، والذي طالما حذّرت منه الولايات المتحدة وحلفاؤها.

وكشف المكتب، في بيان صحافي، أن الشخص الذي كان يُعرَف سابقاً باسمه الحركي سردار عمار هو في الحقيقة سعيد توكلي، داعياً الجمهور إلى المساعدة في تقديم أي معلومات قد تسهم في مسار التحقيق، الذي تتولاه دائرة المكتب بواشنطن العاصمة.

ووفق الرواية الأميركية، فإن توكلي مطلوب للاستجواب، على خلفية شبهات تتعلق بإدارة عمليات استخباراتية سرية وعمليات «قاتلة» طالت معارضين إيرانيين وصحافيين، إضافة إلى مواطنين إسرائيليين ومسؤولين حاليين وسابقين بالحكومة الأميركية، سواء داخل الولايات المتحدة أم في عدد من الدول الأوروبية.

وفي محاولةٍ لتوسيع نطاق البحث، نشر مكتب التحقيقات الفيدرالي أوصافاً جسدية لتوكلي، مشيراً إلى أن شعره رمادي أو أبيض، وعيناه بُنيتان، ويتحدث اللغة الفارسية، داعياً أي شخص يمتلك معلومات عنه إلى التواصل مع أقرب فرع للمكتب أو مع سفارة أو قنصلية أميركية.

صورة جرى توزيعها 5 ديسمبر 2025 من قِبل «الحرس الثوري» الإيراني تُظهِر صاروخاً يتم إطلاقه أثناء تدريب عسكري بالمياه قبالة ساحل جنوب إيران (إ.ب.أ)

شبكة عابرة للحدود

وتقول السلطات الأميركية إن توكلي يتولى قيادة وحدة تُعرف باسم 11000 داخل «الحرس الثوري» الإيراني، وهي وحدة يُعتقد أنها لعبت دوراً محورياً في إدارة شبكة عملياتية مرتبطة بمحاولات هجوم في دول عدة؛ من بينها أستراليا واليونان وألمانيا والمكسيك.

وتنسجم هذه الاتهامات مع ما دأبت واشنطن على تأكيده بشأن اعتماد طهران، عبر «فيلق القدس»، على شبكات سرية تعمل خارج حدودها لتنفيذ عمليات ضغط أمني وسياسي ضد خصومها.

وكان جهاز الموساد الإسرائيلي قد أعلن، في أكتوبر (تشرين الأول) 2025، أن هذه الشبكة حاولت تنفيذ سلسلة هجمات، خلال عاميْ 2024 و2025، زاعماً إحباط عدد منها. ونقل مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن «الموساد» أن أنشطة الشبكة أدت، في إحدى نتائجها، إلى طرد السفير الإيراني من أستراليا؛ في خطوة عكست حجم التوتر بين كانبيرا وطهران، على خلفية تلك الاتهامات.

في السياق نفسه، كانت منظمة الاستخبارات الأمنية الأسترالية قد اتهمت، في أغسطس (آب) 2025، «الحرس الثوري الإيراني» بتوجيه ما لا يقل عن هجوميْ حرق متعمَّد ذويْ طابع مُعادٍ للسامية.

وذكرت أن أحد الهجومين استهدف كنيس «أداس إسرائيل» في ملبورن، في 6 ديسمبر (كانون الأول) 2024، في حين طال الآخر مطعم «لويس كونتيننتال كيتشن» في سيدني بتاريخ 20 أكتوبر 2024، وهي وقائع أثارت قلقاً واسعاً داخل الأوساط السياسية والأمنية الأسترالية.

تحذيرات متراكمة

لا يأتي هذا التطور بمعزل عن سلسلة تحذيرات أطلقتها الإدارة الأميركية، خلال السنوات الأخيرة، بشأن محاولات إيرانية لتنفيذ عمليات خطف واغتيال داخل الأراضي الأميركية نفسها، فيما تعدُّه واشنطن تصعيداً غير مسبوق في أساليب المواجهة.

ففي أكتوبر الماضي، أعلن مكتب الادعاء العام بالمنطقة الجنوبية من نيويورك توجيه اتهامات إلى ثمانية أشخاص، بينهم مسؤول عسكري إيراني، بزعم ارتباطهم بشبكة سعت إلى قتل مواطن أميركي من أصل إيراني عبر استئجار «مجموعة إجرامية» من أوروبا الشرقية لاغتيال صحافي.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ذهبت وزارة العدل الأميركية أبعد من ذلك، حين أعلنت أن ثلاثة أميركيين عُرضت مكافآت مالية مقابل اغتيالهم من قِبل مسؤول في «الحرس الثوري الإيراني»، وكان من بينهم دونالد ترمب، خلال حملته الانتخابية الرئاسية.

وفي تعليقٍ عكس نبرة التشدد الأميركية، قال وزير العدل الأميركي ميريك غارلاند إن «هناك قلة من الجهات في العالم تشكل تهديداً خطيراً للأمن القومي للولايات المتحدة بقدر ما تُشكله إيران».


الأميركيون يشعرون بأن نتنياهو نادم على قبول خطة ترمب

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يشير بيده بجانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مطار بن غوريون الدولي خلال زيارته إسرائيل 13 أكتوبر 2025 (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يشير بيده بجانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مطار بن غوريون الدولي خلال زيارته إسرائيل 13 أكتوبر 2025 (رويترز)
TT

الأميركيون يشعرون بأن نتنياهو نادم على قبول خطة ترمب

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يشير بيده بجانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مطار بن غوريون الدولي خلال زيارته إسرائيل 13 أكتوبر 2025 (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يشير بيده بجانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مطار بن غوريون الدولي خلال زيارته إسرائيل 13 أكتوبر 2025 (رويترز)

في الوقت الذي يحظى فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بأكبر دعم سياسي وعسكري واقتصادي غير مسبوق من الولايات المتحدة، عبَّر مسؤولون أميركيون عن قلقهم من قدومه للقاء الرئيس دونالد ترمب في ميامي، حاملاً مطالب تفضي إلى التراجع عن خطة وقف الحرب.

وتحدثوا عن شعورهم بأنه يشعر بالندم على قبوله الخطة ويرغب في العودة إلى استئناف الحرب.

وحسب «القناة 12» للتلفزيون الإسرائيلي، قالت مصادر في واشنطن، إنه في وقت يسعى فيه البيت الأبيض إلى الإعلان، منتصف الشهر المقبل، عن تأسيس «مجلس السلام» وتشكيل حكومة تكنوقراط فلسطينية وقوة الاستقرار الدولية في القطاع، والتقدم في خطة الرئيس ترمب للسلام الشامل، يعود نتنياهو إلى أفكار ومقترحات تهدد بانهيار الخطة.

الرئيس الأميركي دونال دترمب يستقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض 4 فبراير 2025 (أرشيفية - إ.ب.أ)

وذكرت هذه المصادر للقناة الإسرائيلية أن وزير الدفاع الأميركي، بيتر بيريان هيغسيث، ووزير الخارجية، مارك روبيو، والمستشارين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، «فقدوا ثقتهم بنتنياهو، وترمب هو الوحيد الذي لا يزال يحب نتنياهو. ولكن ترمب يريد ويصرّ على رؤية تقدم أسرع في اتفاق غزة مما هو يتقدم الآن»، ويريد أن يعقد اجتماع «مجلس السلام» برئاسته، خلال المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، في الأسبوع الأخير من يناير (كانون الثاني) المقبل، ولا يريد عراقيل إسرائيلية لخطته.

وقال مسؤول أميركي للقناة إن «الشعور السائد منذ فترة هو كأن الإسرائيليين نادمون على الاتفاق في غزة».

وفي تل أبيب، يقول اللواء (احتياط) إسرائيل زيف، الرئيس الأسبق لقسم العمليات في رئاسة أركان الجيش الإسرائيلي، إن الرؤية لدى حكومة نتنياهو هي أن الحرب لم تنتهِ فعلياً، بل هي أشبه بهدنة مؤقتة، وفي الوقت نفسه، تُستخدم التهديدات ذريعةً لسياسة أمنية قوية. ويؤكد أنه «على الرغم من انتهاء الحرب في لبنان وسوريا قبل عام، وفي غزة قبل نحو ثلاثة أشهر، فإن الحكومة الإسرائيلية لم تناقش أو تتخذ أي قرار رسمي بشأن إنهاء الحرب، ناهيك عن أنها لم تعترف حتى بشكل كامل بانتهاء الحرب. وثمن عدم إنهاء الحرب باهظ للغاية، لكن هذه الحكومة تُفضّل تبديد ضباب المعركة والتخبط، بل وحتى نقض جميع اتفاقيات وقف إطلاق النار المفروضة عليها على جميع الجبهات. ولا تُبدي أي اهتمام بالاعتراف بنهاية الحرب. بل على العكس، فهي ترغب سياسياً في العودة إلى الحرب بأسرع وقت ممكن؛ وذلك لأسباب داخلية محضة، مثل إزالة مسألة لجنة التحقيق الرسمية من على الطاولة، واختلال وظائفها، والفشل في إعادة تأهيل الشمال، والإهمال الذي تعاني منه إسرائيل جراء الحرب التي تتحمل مسؤوليتها، وتزايد عزلتها الدولية. وفي هذا يتسبب نتنياهو بالإحراج الشديد للرئيس ترمب، الذي وصف بأنه الأفضل لإسرائيل في التاريخ».

ترمب يعرض النسخة التي وقَّع عليها لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة بمدينة شرم الشيخ المصرية 13 أكتوبر 2025 (أرشيفية - أ.ف.ب)

إزاء هذا الوضع، تواصل الإدارة الأميركية التقدم في الإعداد لتطبيق خطة ترمب. ومن خلال الاجتماع الذي عقده ويتكوف مع رئيس وزراء قطر ورئيس المخابرات المصرية ووزير الخارجية التركي، في ميامي، يوم الجمعة الماضي، تبين أن واشنطن تطالب الجيش الإسرائيلي أن يحترم اتفاق وقف إطلاق النار والامتناع عن استهداف المدنيين الغزيين.

وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، إنه تقرر خلال اجتماع ميامي أن تشرف حكومة التكنوقراط الفلسطينية على نزع سلاح غزة، حسب ثلاثة مصادر في البيت الأبيض، وذلك من خلال إقناع «حماس» وتنظيمات مسلحة أخرى، بأن الحكومة الفلسطينية الجديدة هي المسؤولة الوحيدة عن القانون والنظام والمخولة استخدام السلاح. ونقلت الصحيفة عن مسؤول في البيت الأبيض قوله إن نزع السلاح سيتم على مراحل، وسيكون التركيز في البداية على السلاح الثقيل، مثل الصواريخ والقذائف الصاروخية، ولاحقاً سيتم نزع أسلحة خفيفة، وأن هذه العملية ستشمل الميليشيات التي تدعمها وتسلحها إسرائيل، وأن بإمكان الحكومة الفلسطينية طلب مساعدة القوة الدولية.

كتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

وأشارت «القناة 12» إلى أن نتنياهو «متشكك حيال خطة نزع السلاح وتشكيلة حكومة التكنوقراط والقوة الدولية، وكذلك حيال أدوار تركية وقطرية في غزة»، ونقلت عن مسؤول إسرائيلي قوله إن «لا ننظر إلى نتائج اللقاء في ميامي على أنه إيجابي».

وقال مسؤولون في البيت الأبيض إنه يتوقع أن يطرح ترمب أمام نتنياهو الوضع في الضفة الغربية والتخوف من انهيار السلطة الفلسطينية، وأن إدارة ترمب تريد دفع إصلاح في السلطة الفلسطينية «لكن هذا لن ينجح إذا استمرت إسرائيل في خنقها». وأضافوا أن إدارة ترمب تريد أن تنفذ إسرائيل خطوات للجم عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين، وأن تحرر مليارات الدولارات من مستحقات المقاصة التي تحتجزها، وأن «تتوصل إلى تفاهمات معينة مع الولايات المتحدة حول قضية المستوطنات».

وعلى الرغم من هذه الرسائل السلبية، ذكرت مصادر في تل أبيب أن نتنياهو ينوي إرضاء ترمب بقبول دور تركي في القوات الدولية في غزة، بشرط أن توافق أنقرة على تنسيق أمني مباشر معها.