مهرجان فينسيا الدولي للسينما، جوني دب لـ «الشرق الأوسط»: أختار ما أراه مناسبًا حتى ولو لم يحرز نجاحا تجاريا

الممثل والمنتج الأميركي في «قداس أسود» يقتل بلا رحمة ويورط الجميع معه

جوني دب وزوجته الممثلة الأميركية أمبر هيرد حضرا العرض الأول لفيلم «قداس أسود} في مهرجان فينسيا الدولي للسينما (إ.ب.أ)،  لقطة من «قداس أسود»: دَب وجويل إدغرتون
جوني دب وزوجته الممثلة الأميركية أمبر هيرد حضرا العرض الأول لفيلم «قداس أسود} في مهرجان فينسيا الدولي للسينما (إ.ب.أ)، لقطة من «قداس أسود»: دَب وجويل إدغرتون
TT

مهرجان فينسيا الدولي للسينما، جوني دب لـ «الشرق الأوسط»: أختار ما أراه مناسبًا حتى ولو لم يحرز نجاحا تجاريا

جوني دب وزوجته الممثلة الأميركية أمبر هيرد حضرا العرض الأول لفيلم «قداس أسود} في مهرجان فينسيا الدولي للسينما (إ.ب.أ)،  لقطة من «قداس أسود»: دَب وجويل إدغرتون
جوني دب وزوجته الممثلة الأميركية أمبر هيرد حضرا العرض الأول لفيلم «قداس أسود} في مهرجان فينسيا الدولي للسينما (إ.ب.أ)، لقطة من «قداس أسود»: دَب وجويل إدغرتون

{كيف حالك؟ أنا مسرور لرؤيتك}.
قال جوني دَب عندما تصافحنا بحيوية مفاجئة بعد مؤتمر صحافي طويل أنهكته فيه أسئلة من نوع: «لماذا لم تحضر كلبيك إلى المهرجان؟». يقول وهو يجلس في مطعم في إحدى تلك الجزر المنتشرة في منطقة فينسيا: «قلت لها ما خطر لي. رددت: لقد قتلتهما وأكلتهما وذلك تبعًا لنصيحة رجل أسترالي ضخم الجثة».
ضحك مستمتعًا وأضاف: «لا بد أنها فوجئت بهذه السخرية لكن السؤال كان سخيفا».
جوني دَب موجود هنا بمناسبة عرض فيلمه الجديد «قداس أسود» من إخراج سكوت كوبر في ثالث عمل له بعيدًا عن التمثيل بعد «قلب مجنون» و«بعيدًا عن الأتون» Out of the Furnace، وهو يختلف عنهما، من حيث كونه فيلمًا أكبر حجمًا.

يروي «قداس أسود»، الذي تنطلق أحداثه في مدينة بوسطن سنة 1975 وتنتهي بعد عشر سنوات، قصة واقعية حول شخصية رئيس عصابة اسمه وايتي بولغر (جوني دَب) لعب على حبال الجريمة والبوليس بلا هوادة مورّطًا كل من حوله حتى وإن كان بعضهم (مثل أخيه بل ويؤديه بندكيت كمبرباتش) يحاول أن ينأى بنفسه عنه. بِل هو النقيض ولو أن الفيلم لا يملك الوقت لمنحه حضورًا كافيًا ولا يكترث، عن صواب، لإظهار تعارض مواقفهما حيال القانون بعد أن أشار إلى ذلك بلقطات ومشاهد قصيرة.
المتورط الأكبر هو تحري «إف بي آي» جون (جويل إدغرتون) الذي اعتقد أنه إذا ما استمال وايتي ليصبح مخبرًا يرشده إلى كيفية التخلص من عصابات بوسطن الأخرى، بذلك يبرز جون أمام رؤسائه من جهة، ويتيح لوايتي ممارسة ما يريد ممارسته من ناحية أخرى. لكن جون يسقط في الفخ ويصبح، وأحد زملائه (ديفيد هاربور)، متعاونين مع وايتي أكثر مما يجب. بكلمات أخرى، يطغى عنصر المال الذي أخذ وايتي يغدقه على جون وبدأت رائحة التسويات تستوي على نار تحقيقات «إف بي آي». أو كما يصرخ أحد المحققين في وجه جون: «كيف حدث أنه لا توجد جريمة في بوسطن إلا وكان وايتي وراءها، من دون أن يلقى القبض عليه حتى الآن؟».
ما آل إليه كل شخصية من هذه الشخصيات مذكور في عناوين نهاية الفيلم، لكن الكثير من الشخصيات الأخرى تُقتل إما على يدي رجال وايتي أو على يديه نفسه. وأكثر عمليات القتل عنفًا هي تلك التي يرتكبها بنفسه، وتشمل الخنق وإطلاق النار، ما عدا الضرب الدموي المبرح. وايتي متمتع بتلك التغطية التي وصلت إليه مثل هدية من السماء، بات قادرًا على أن ينفّذ جرائمه كما يشاء. «إف بي آي» يحتاج إليه، هذا إلى أن تدرك ما قادتها إليه خطة تحريها جون وفساده، مما أدّى إلى سجنه لاحقًا.

* الخيط الدقيق
ليس «قداس أسود» فيلمًا للجميع لكن أولئك الذين فوجئوا بجوني دَب ينقل الأداء العابث الذي مارسه في سلسلة «قراصنة الكاريبي» إلى بعض أفلامه الأخرى، مثل «ذا لون رانجر» و«روم داياري» The Rum Diary سيجدونه مختلفًا تمامًا مع جهد في مكانه للخروج من النمط السابق بحثًا عن أداء جديد في فيلم يختلف عن أعماله السابقة وفي شخصية رجل مجرم وعنيف لا يرحم.
في أحيان كثيرة تستطيع أن تطالع أسلوب مارتن سكورسيزي في «أصحاب جيدون» Goodfellas، وتشاهد كيف يبني المخرج سكوت على بعض أسس فرنسيس فورد كوبولا في «العراب»، وكيف يعالج موضوع العلاقة بين السلطة والجريمة، على غرار ما فعل المخرج سيدني لوميت في أكثر من فيلم («سربيكو»، «أمير المدينة» من بينها).
جوني دَب يكشف عن جانب أسود من الأداء لم ينفّذه منذ أن أدى تحت إدارة تيم بيرتون دور «سويني تود» (2007) الذي أدّى فيه شخصية حقيقية أخرى هي شخصية الحلاق البريطاني في أواخر القرن التاسع عشر الذي كان يقتل زبائنه ويرميهم إلى غرفة تحت الأرض لفرمهم وبيع لحومهم.
هذا الجانب المظلم يحتاج إلى تفسير منه، وهو ما سعى إليه السؤال الأول:
* هذا دور شديد العنف ويكشف عن جانب منك رأيناه في بعض الأفلام، لكن مع جانب من السخرية التي لا نجدها هنا. أذكر مثالاً «سويني تود».
- السخرية التي تذكرها تعود إلى التقاء وجهتي نظر، المخرج تيم بيرتون، وأنا حول الكيفية التي نستطيع فيها تقديم شخصية سويني على هذا النحو. لكن شخصيتي هنا تنتمي إلى فيلم مختلف تمامًا. سكوت ترك لي حرية كيف أمثلها، لكنه كان حريصًا منذ البداية على التعبير عن أنه يريد مني أن أعكس شخصية وايتلي بقسوتها. إنه (وايتلي) بلا ريب شخصية عنيفة وهو لا يقيم وزنا لأي إنسان أو قيمة إنسانية. هذا وضع يختلف إذن عن وضع «سويني تود» أو أي فيلم آخر مثلته مع تيم بيرتون.
طبعًا. ليس هناك من مشاريع جديدة بينك وبين تيم.
لا أعتقد.
* في هذا الفيلم تقترب من زوجة موظف «إف بي آي» جون، وتهددها بطريقتك التي تثير الخوف، وتمزج لطفًا مصطنعًا بقسوة التهديد وجديته. ماذا تفعل لكي تنجز هذا المستوى من الأداء؟ هل تتمرّن عليه؟
- صوّرنا هذا المشهد في أحد أيام الأسبوع الأخير من التصوير. لذلك كان كل شيء لدي جاهزا للقيام بهذا المشهد على هذا النحو. أقصد أنني كنت وجدت الخيط الدقيق للشخصية التي ألعبها، وعندما تفعل ذلك كممثل، تتوالى المشاهد التي تقوم بها كوحدة مجتمعة.
* لأجل أن يأتي الأداء متحدًا مع بعضه.
- بالطبع. ليس واردًا التراجع عن الشخصية أو إظهار جانب ما منفصلاً عن الجواب الأخرى. لو كنت في ذلك المشهد لطيفًا فقط، لبدا ذلك غريبًا.

* إلى تورنتو
* ماذا قرأت عن وايتي بولجر ساعدك على إتقان دورك؟
- تم اقتباس الفيلم عن كتاب لجيرارد أونيل ودِك لير، لكن المناسبة كانت متاحة للبحث عن مقالات ووثائق وكتب أخرى. لا أستطيع أن أقول إنها كانت جميعًا ضرورية، لكن ساعدتني في رسم صورة ذهنية عن الرجل. الآن، هناك تشخيص وهناك تشخيص. يمكنك أن تقوم بنقل صورة مجسدة كاملة كما هناك إمكانية تحريفها على ما تتفق والمخرج عليه. سكوت (المخرج سكوت كوبر) وأنا قررنا الالتزام بالصورة القريبة. طبعًا مهما كانت قريبة لن تكون هي الصورة ذاتها.
* هل توافق على أن بعض أفلامك الأخيرة بدا أقل إثارة للاهتمام من أفلام أخرى سابقة لك؟
- لا أدري. لا يعرف الممثل ذلك إلا من بعد انتهاء الفيلم (يضحك). أؤكد لك أن كل شيء كان ورديًا قبل وخلال التصوير، لكن الفيلم في النهاية يواجه رهان الجمهور. لا أعتقد أن الخطأ يكمن في الأفلام أو في الاختيارات بحد ذاتها، بل في حالة غامضة ناتجة عن لقاء الفيلم مع جمهوره. أحيانا ما يكون اللقاء عاصفًا وناجحًا وأحيانا ما يكون هادئًا. أختار ما أراه مناسبًا ولو أنني في بعض الأحيان أدرك أن نجاحه التجاري لن يكون كبيرًا.
* ليس أفلامك فقط التي لم تلقَ نجاحًا عند عرضها، هناك ممثلون في الصف الأول مثلك غفل الجمهور عنهم. هل تعتقد أن تأثير المؤثرات طغى على تأثير الممثل؟
- هذا يمكن أن يكون صحيحًا تمامًا. قد تكون هذه هي القضية.
* قلت ذات مرّة إن عملك في السينما جاء بلا تخطيط. بدأت موسيقيًا ثم وجدت نفسك في الأفلام.
- هذا ما قلته قبل قليل في المؤتمر الصحافي. ألم تكن هناك؟
* لا أحضر المؤتمرات الصحافية.
- هذا ما قلته عندما سُئِلت عن كيف أنظر إلى حياتي المهنية اليوم. لقد مثلت في الكثير من الأفلام.
* نحو خمسين فيلم.
- هذا صحيح. واستمتعت كثيرًا بالتمثيل. لكني في الحقيقة لم أنطلق كممثل. قد تعلم ذلك. انطلقت كموسيقار ثم وجدت نفسي في التلفزيون ومنه إلى السينما.
* ما توقعاتك بالنسبة لهذا الفيلم؟
- أنا سعيد به وسعيد بأنه شهد عرضه العالمي الأول هنا. سننطلق إلى تورنتو (الأحد) لأن الفيلم سيعرض هناك أيضًا.
* هل تفضل مهرجانًا فنيًا مثل فينسيا أو مهرجانًا شاملاً مثل تورنتو؟
- كل واحد في اعتقادي يكمل الآخر. ألا توافق؟ فينسيا مهرجان قديم له صيت جيد جدًا لأنه يستقبل الأفلام الفنية ويصر على اختياراته هذه. تورنتو هو المهرجان الذي يحتاج إليه الفيلم لكي ينتشر. «قداس أسود» هو فيلم جيد لذلك هو هنا وفيلم يطمح لجمهور كبير واعتقد أنه سيجده ولذلك سيكون في تورنتو.
* أعرف أن عليك الانطلاق لمقابلة أخرى، لكن دعني أسألك سريعًا: من تحب من الممثلين الأوائل؟ بمن تأثرت؟
- لا أعرف إذا تأثرت.. ربما. لكن جون باريمور ومارلون براندو من بين أحب الممثلين إلى نفسي.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.