الخارجية الأميركية: مواجهة أنشطة إيران على رأس أجندة المباحثات بين الرياض وواشنطن

مسؤول أميركي: نعمل لتحقيق انتقال سياسي في سوريا بعيدًا عن بشار الأسد

المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إرنست (إ.ب)
المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إرنست (إ.ب)
TT

الخارجية الأميركية: مواجهة أنشطة إيران على رأس أجندة المباحثات بين الرياض وواشنطن

المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إرنست (إ.ب)
المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إرنست (إ.ب)

تترقب الدوائر السياسية الأميركية والعربية الزيارة الرسمية الأولى لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، الذي وصل إلى العاصمة الأميركية مساء أمس ويلتقي الرئيس الأميركي باراك أوباما، اليوم الجمعة، إذ يشهد البيت الأبيض قمة أميركية سعودية هامة بعدها يقيم الرئيس أوباما مأدبة غداء على شرف الملك سلمان والوفد المرافق.
وأشار المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إرنست إلى أهمية زيارة الملك سلمان لواشنطن باعتبارها أول زيارة بعد توليه العرش، مؤكدا عمق الشراكة الاستراتيجية التي تربط بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية. وتفرض عدة قضايا نفسها على أجندة مباحثات الزعيمين تتعلق بالأوضاع في منطقة الشرق الأوسط ومدى تقارب الرؤيتين السعودية والأميركية في كيفية التعامل مع تلك القضايا. ومن المتوقع أن تحتل الأزمة السورية جانبا من المناقشات بين الزعيمين وكيفية وضع حل سياسي لها يتضمن رحيل الرئيس السوري بشار الأسد عن الحكم وفقا للرؤية السعودية، وهي الرؤية التي تتشابه وتتطابق مع الرؤية الأميركية في اعتبار الأسد جزءا من المشكلة وليس جزءا من الحل.
ومن المرجح أن تتطرق المحادثات إلى الأوضاع في اليمن وفي البحرين والعراق ولبنان ومصر، إضافة إلى جهود مكافحة الإرهاب والتنظيمات المتطرفة مثل تنظيم داعش في سوريا والعراق وتنظيم القاعدة في اليمن. وستكون إيران في صميم المحادثات السعودية الأميركية مع حرص إدارة الرئيس أوباما على حصد التأييد داخل الكونغرس لصالح الاتفاق النووي الذي تم توقيعه بين القوى الدولية وإيران الشهر الماضي.
وتشترك المملكة العربية السعودية مع دول الخليج في بواعث قلق حقيقية بشأن رفع العقوبات عن إيران، وترى أن الأمر لا يتعلق فقط بطموحات إيران النووية، وإنما يتعلق بشكل أكبر بالسياسات الإيرانية في المنطقة وتدخلها لزعزعة الاستقرار في كثير من دول المنطقة والتحريض الطائفي الذي تقوم به في كل من العراق وسوريا ولبنان والبحرين واليمن. وهنا يأتي دور إدارة أوباما في تأكيد تصريحاتها بحماية حلفاء واشنطن والوقوف في وجه التدخل الإيراني في المنطقة ودعم طهران للإرهاب، وما يمكن أن توفره واشنطن للرياض من أسلحة متطورة وتدريب ومعلومات استخباراتية لمواجهة إيران ومحاولاتها فرض النفوذ والهيمنة على المنطقة العربية.
وتترقب الأوساط الأميركية تفاصيل المحادثات بين الملك سلمان والرئيس أوباما حول الملف النووي الإيراني، خصوصا أن تلك المحادثات تأتي قبل أقل من أسبوعين من تصويت الكونغرس على الاتفاق (سيقوم الكونغرس بالتصويت في السابع عشر من سبتمبر «أيلول» الحالي)، وسيكون على إدارة أوباما أن تقدم التفسيرات الكافية لوقوفها بجانب الصفقة ووصفها بالصفقة الجيدة.
وتدرك كل من واشنطن والرياض أهمية العلاقات الاستراتيجية الثنائية بين البلدين، التي امتدت على مدى عقود طويلة. وتثمن واشنطن دور المملكة العربية السعودية في المنطقة باعتبارها دولة ذات فكر سياسي يحقق التوازن ويتسم بالمصداقية ومواجهة التحديات. وقد أثبتت المملكة السعودية دورها الفعال في مكافحة الإرهاب وأعلنت الأسبوع الماضي اعتقال أحمد المغسل العقل المدبر وراء هجمات الخبر التي راح ضحيتها 19 من القوات الأميركية عام 1996.
وتاريخ التعاون الأمني والاستخباراتي بين البلدين مثمر ومتين، وأشاد به كثير من المسؤولين الأميركيين وعلى رأسهم وزير الخارجية جون كيري في إحدى جلسات الاستماع بالكونغرس، مشيرا إلى دور المملكة في تقديم معلومات هامة أدت إلى إحباط كثير من المخططات الإرهابية. ويلعب الاقتصاد دورا محوريا أيضًا في العلاقة بين البلدين، فالمملكة العربية السعودية قوة اقتصادية ذات تأثير قوي في أسواق النفط العالمية وعضو فاعل في منظمة الأوبك، كما تعد المملكة العربية السعودية عضوا في مجموعة العشرين التي تضم أقوى الاقتصادات في العالم. وتجاريا واستثماريا تملك الشركات الأميركية استثمارات ضخمة في المملكة، كما تملك الرياض استثمارات وودائع مالية كبيرة في الولايات المتحدة. وفي ما يتعلق بالمجال التعليمي فقد بلغ عدد الطلبة السعوديين المبتعثين للدراسة في الولايات المتحدة أكثر من 120 ألف طالب.
ويشير مسؤول كبير بالبيت الأبيض لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الولايات المتحدة تقدر أهمية دور المملكة العربية السعودية في مواجهة التحديات في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وتسعى إدارة أوباما إلى درجة من التوافق الاستراتيجي بشأن القضايا الرئيسية مع الرياض.
وتقول دينا بدوي المتحدثة باسم الخارجية الأميركية إن محادثات الملك سلمان والرئيس أوباما ستركز على مجموعة من القضايا وعلى كيفية تعزيز الشراكة الثنائية، بما في ذلك الجهود الأمنية المشتركة ومكافحة الإرهاب. وأضافت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» أن التركيز سيكون على الموضوعات الإقليمية، بما في ذلك الصراع في اليمن وسوريا، والخطوات التي يمكن اتخاذها لمواجهة نشاطات إيران لزعزعة الاستقرار.
ويقول مسؤول كبير بالخارجية الأميركية (رفض نشر اسمه) إن الأزمة السورية ستكون على جدول محادثات الملك سلمان والرئيس أوباما، مؤكدا أن الموقف الأميركي من نظام بشار الأسد لم يتغير، وقال: «موقفنا لم يتغير، وقلنا إن الأسد ونظامه لا يمكن أن يكون جزءا من مستقبل سوريا، فقد قام الأسد لأكثر من أربع سنوات بمواجهة الدعوات - التي بدأت سلمية – من أجل الحرية والكرامة بكل وحشية، وقام بتدمير البلد، وقلنا من فترة طويلة إن الأسد فقدَ كل شرعية ولا يزال موقفنا أنه يجب أن يتنحى».
وحول الجهود التي تقوم بها واشنطن لتحقيق رحيل الأسد، قال المسؤول الأميركي: «نحن نواصل العمل مع شركائنا لتحقيق انتقال سياسي حقيقي عبر التفاوض بعيدا عن الأسد بشكل يؤدي إلى تشكيل حكومة شاملة يمكنها تحقيق تطلعات السوريين من أجل الحرية والكرامة وأيضًا تحقيق هزيمة فعالة للمتطرفين».
أما عن كيفية تحقيق هذه الغاية قال المسؤول الأميركي إن اجتماعات وزبر الخارجية جون كيري مع نظيره الروسي ونظيره السعودي في الدوحة وكوالالمبور، وكذلك لقاءات المبعوث الأميركي لسوريا مايكل رانتي مع كبار المسؤولين الروس والسعوديين تهدف إلى مواصلة النقاشات حول العمل نحو انتقال سياسي حقيقي ووضع حد للأزمة في سوريا واستمرار المشاورات مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا ستيفان دي ميستورا لمناقشة كيفية تهيئة الظروف لمفاوضات مثمرة.
وفي ما يتعلق بدور إيران المزعزع للاستقرار في المنطقة قال المسؤول بالخارجية الأميركية: «الولايات المتحدة ودول الخليج تعارض نشاطات إيران لزعزعة الاستقرار، وسوف تتعاون واشنطن مع دول مجلس التعاون الخليجي في مواجهة تلك النشاطات، والمشاورات مستمرة حول كيفية تعزيز الهيكل الأمني في المنطقة، وكجزء من هذا الجهد فإن الولايات المتحدة تعمل في شراكة مع دول مجلس التعاون الخليجي لبناء قدرتها على الدفاع عن نفسها ضد العدوان الخارجي، بما في ذلك الدفاع الجوي والصاروخي والنقل البحري والأمن الإلكتروني (السيبراني)، وتقوم دول مجلس التعاون الخليجي بخطوات لزيادة وتحسين دمج القدرات المشتركة العسكرية في ما بينها».
وأكد المسؤول بالخارجية الأميركية مواصلة واشنطن تقديم الدعم اللوجيستي والاستخباراتي للعملية العسكرية التي تقودها المملكة العربية السعودية في اليمن، وقال: «كما قلنا من فترة طويلة إن أي حل في اليمن يجب أن يكون حلا سياسيا، وسوف نستمر في دعم عملية الانتقال السياسي التي تقودها الأمم المتحدة والمبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن، ونحث جميع الأطراف على وقف تصعيد الأعمال العدائية والعودة إلى عملية الانتقال السياسي التي قررها مجلس التعاون الخليجي ونتائج الحوار الوطني».



مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
TT

مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)

أكد نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي، أن إيران والسعودية تعتزمان إرساء السلام وديمومة الهدوء في منطقة متنامية ومستقرّة، مضيفاً أن ذلك يتطلب «استمرار التعاون الثنائي والإقليمي وتعزيزه، مستهدفين تذليل التهديدات الحالية».

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على هامش زيارته إلى السعودية التي تخلّلها بحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتطويرها في شتى المجالات، بالإضافة إلى مناقشة المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، خلال لقاء، الاثنين، مع وليد الخريجي، نائب وزير الخارجية السعودي، قال روانجي: «الإجراءات الإيرانية - السعودية تتوّج نموذجاً ناجحاً للتعاون الثنائي ومتعدد الأطراف دوليّاً في إطار التنمية والسلام والأمن الإقليمي والدولي»، مشدّداً على استمرار البلدين في تنمية التعاون في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والقنصلية؛ بناءً على الأواصر التاريخية والثقافية ومبدأ حسن الجوار، على حد وصفه.

الجولة الثانية من المشاورات الثلاثية عُقدت في الرياض الثلاثاء (واس)

والثلاثاء، رحبت السعودية وإيران «بالدور الإيجابي المستمر لجمهورية الصين الشعبية وأهمية دعمها ومتابعتها لتنفيذ (اتفاق بكين)»، وفقاً لبيان صادر عن الخارجية السعودية، أعقب الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في العاصمة السعودية الرياض.

وأشار نائب وزير الخارجية الإيراني إلى أن الطرفين «تبادلا آراءً مختلفة لانطلاقة جادة وعملية للتعاون المشترك»، ووصف اجتماع اللجنة الثلاثية في الرياض، بأنه «وفَّر فرصة قيّمة» علاقات متواصلة وإيجابية بين إيران والسعودية والصين.

روانجي الذي شغل سابقاً منصب سفير إيران لدى الأمم المتحدة، وعضو فريق التفاوض النووي الإيراني مع مجموعة «5+1»، اعتبر أن أجواء الاجتماعات كانت «ودّية وشفافة»، وزاد أن الدول الثلاث تبادلت الآراء والموضوعات ذات الاهتمام المشترك وأكّدت على استمرار هذه المسيرة «الإيجابية والاستشرافية» وكشف عن لقاءات «بنّاءة وودية» أجراها الوفد الإيراني مع مضيفه السعودي ومع الجانب الصيني، استُعرضت خلالها مواضيع تعزيز التعاون الثنائي، والثلاثي إلى جانب النظر في العلاقات طوال العام الماضي.

الجولة الأولى من الاجتماعات التي عُقدت في بكين العام الماضي (واس)

وجدّد الجانبان، السعودي والإيراني، بُعيد انعقاد الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في الرياض، الخميس، برئاسة نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي، ومشاركة الوفد الصيني برئاسة نائب وزير الخارجية الصيني دنغ لي، والوفد الإيراني برئاسة نائب وزير خارجية إيران للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي؛ التزامهما بتنفيذ «اتفاق بكين» ببنوده كافة، واستمرار سعيهما لتعزيز علاقات حسن الجوار بين بلديهما من خلال الالتزام بميثاق الأمم المتحدة وميثاق منظمة التعاون الإسلامي والقانون الدولي، بما في ذلك احترام سيادة الدول واستقلالها وأمنها.

من جانبها، أعلنت الصين استعدادها للاستمرار في دعم وتشجيع الخطوات التي اتخذتها السعودية وإيران، نحو تطوير علاقتهما في مختلف المجالات.

ولي العهد السعودي والنائب الأول للرئيس الإيراني خلال لقاء في الرياض الشهر الحالي (واس)

ورحّبت الدول الثلاث بالتقدم المستمر في العلاقات السعودية - الإيرانية وما يوفره من فرص للتواصل المباشر بين البلدين على المستويات والقطاعات كافة، مشيرةً إلى الأهمية الكبرى لهذه الاتصالات والاجتماعات والزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين في البلدين، خصوصاً في ظل التوترات والتصعيد الحالي في المنطقة؛ ما يهدد أمن المنطقة والعالم.

كما رحّب المشاركون بالتقدم الذي شهدته الخدمات القنصلية بين البلدين، التي مكّنت أكثر من 87 ألف حاج إيراني من أداء فريضة الحج، وأكثر من 52 ألف إيراني من أداء مناسك العمرة بكل يسر وأمن خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي.

ورحّبت الدول الثلاث بعقد الاجتماع الأول للجنة الإعلامية السعودية - الإيرانية المشتركة، وتوقيع مذكرة تفاهم بين معهد الأمير سعود الفيصل للدراسات الدبلوماسية ومعهد الدراسات السياسية والدولية، التابع لوزارة الخارجية الإيرانية.

كما أعرب البلدان عن استعدادهما لتوقيع اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي (DTAA)، وتتطلع الدول الثلاث إلى توسيع التعاون فيما بينهما في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصادية والسياسية.

ودعت الدول الثلاث إلى وقف فوري للعدوان الإسرائيلي في كلٍ من فلسطين ولبنان، وتدين الهجوم الإسرائيلي وانتهاكه سيادة الأراضي الإيرانية وسلامتها، كما دعت إلى استمرار تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى فلسطين ولبنان، محذرة من أن استمرار دائرة العنف والتصعيد يشكل تهديداً خطيراً لأمن المنطقة والعالم، بالإضافة إلى الأمن البحري.

وفي الملف اليمني، أكدت الدول الثلاث من جديد دعمها الحل السياسي الشامل في اليمن بما يتوافق مع المبادئ المعترف بها دولياً تحت رعاية الأمم المتحدة.

وكانت أعمال «الاجتماع الأول للجنة الثلاثية المشتركة السعودية - الصينية - الإيرانية»، اختتمت أعمالها في العاصمة الصينية بكّين، ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، وأكد خلاله المجتمعون على استمرار عقد اجتماعات اللجنة الثلاثية المشتركة، وعلى مدى الأشهر الماضية، خطت السعودية وإيران خطوات نحو تطوير العلاقات وتنفيذ «اتفاق بكين»، بإعادة فتح سفارتيهما في كلا البلدين، والاتفاق على تعزيز التعاون في كل المجالات، لا سيما الأمنية والاقتصادية.

وأعادت إيران في 6 يونيو (حزيران) الماضي، فتح أبواب سفارتها في الرياض بعد 7 أعوام على توقف نشاطها، وقال علي رضا بيغدلي، نائب وزير الخارجية للشؤون القنصلية (حينها): «نعدّ هذا اليوم مهماً في تاريخ العلاقات السعودية - الإيرانية، ونثق بأن التعاون سيعود إلى ذروته»، مضيفاً: «بعودة العلاقات بين إيران والسعودية، سنشهد صفحة جديدة في العلاقات الثنائية والإقليمية نحو مزيد من التعاون والتقارب من أجل الوصول إلى الاستقرار والازدهار والتنمية».