لأول مرة في تاريخ غواتيمالا.. البرلمان يقرر رفع الحصانة عن الرئيس

القضاء يمنع بيريز من مغادرة البلاد.. ومدعي الأمة يطالبه بالاستقالة

آلاف المواطنين خرجوا أمس إلى شوارع غواتيمالا العاصمة احتفالا برفع الحصانة عن رئيس البلاد (أ.ب)
آلاف المواطنين خرجوا أمس إلى شوارع غواتيمالا العاصمة احتفالا برفع الحصانة عن رئيس البلاد (أ.ب)
TT

لأول مرة في تاريخ غواتيمالا.. البرلمان يقرر رفع الحصانة عن الرئيس

آلاف المواطنين خرجوا أمس إلى شوارع غواتيمالا العاصمة احتفالا برفع الحصانة عن رئيس البلاد (أ.ب)
آلاف المواطنين خرجوا أمس إلى شوارع غواتيمالا العاصمة احتفالا برفع الحصانة عن رئيس البلاد (أ.ب)

احتفلت حشود عامة في غواتيمالا أمس برفع الحصانة عن الرئيس أوتو بيريز الذي أصبح ملاحقا بتهمة الفساد، فيما تشهد البلاد أجواء غير مسبوقة من الاحتجاج الشعبي.
وما إن أعلنت موافقة البرلمان على القرار التاريخي بتجريد الرئيس المحافظ من الحماية القضائية، التي يتمتع بها، بإجماع 132 نائبا حضروا الجلسة من أصل 158 أعضاء البرلمان، حتى هرع مئات ليتجمعوا أمام المبنى. وعلى عزف الأبواق ووقع المفرقعات، توجه المتظاهرون، الذين بدا عليهم السرور إلى الساحة المركزية في مدينة غواتيمالا، رغم الأمطار الاستوائية الغزيرة.
وقال موريل فياتوريو، الموظف المتقاعد الذي كان وسط حشد يرفع أعلام البلاد إنه «انتصار لشعب غواتيمالا في مواجهة الفوضى التي تسود البلاد».
وتعد هذه هي المرة الأولى في تاريخ غواتيمالا التي يفقد فيها الرئيس حصانته القضائية، مما يمهد لملاحقات ضده. وخلال تلك الفترة يمكنه البقاء في منصبه ما لم يقرر قاض توقيفه مؤقتا.
وبعد رفع الحصانة عنه، قرر القضاء منعه من مغادرة البلاد، حيث قالت النيابة العامة في تغريدة على تويتر إنها «طلبت منع الرئيس أوتو بيريز مولينا من مغادرة البلاد، وقد وافق القاضي ميغيل أنخيل غالفيز على ذلك».
لكن النائبة العامة تيلما الدانا أكدت لمحطة تلفزيون محلية إنه «ما زالت هناك إمكانية إن يغادر البلاد»، مشيرة إلى أن بيريز أصبح «مواطنا عاديا في النظام القضائي، وإن كان يواصل ممارسة مهامه الرئاسية».
وجاء هذا القرار بينما تشهد غواتيمالا تعبئة شعبية غير مسبوقة، وذلك قبل أيام فقط من الانتخابات العامة المقررة الأحد المقبل، ولم يترشح الرئيس الذي تنتهي ولايته في 14 من يناير (كانون الثاني) 2016 فيها لأن الدستور لا يسمح له بأكثر من ولاية واحدة.
ومنذ كشف فضيحة فساد الرئيس في أبريل (نيسان) الماضي، شهدت مدن غواتيمالا مظاهرات سلمية كل أسبوع، وبهذا الخصوص قال ماريو تاراسينا النائب عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي إن «شعب غواتيمالا وبعد أربعة أشهر من النضال يستعيد الأمل، ويرى البرلمان يتحرك أخيرا، ويفتح الطريق أمام إجراءات ضد الرئيس الذي لم يصغ للشعب».
وبيريز (64 عاما) جنرال متقاعد يحكم البلاد منذ 2012. وهو متهم من قبل النيابة العامة ولجنة تابعة للأمم المتحدة لمكافحة الإفلات من العقاب، بقيادة نظام فساد داخل جهاز الجمارك، كان يسمح للموظفين بإعفاء بعض الواردات من الرسوم مقابل حصولهم على رشى. فيما ما تزال روكسانا بالديتي، النائبة السابقة للرئيس، قيد التوقيف المؤقت في إطار هذه القضية.
وكان طلب سابق برفع الحصانة عن الرئيس قبل إعلان اتهامات النيابة واللجنة أخفق في منتصف أغسطس (آب) الماضي لأنه لم يحصل على العدد اللازم من الأصوات. لكن في مواجهة الغضب المتصاعد، دعم عدد من النواب المرشحين في الانتخابات التي ستجرى الأحد، الإجراء هذه المرة.
ونفى خورغي أورتيغا، الناطق باسم الرئيس، إمكانية استقالته رغم الدعوات الكثيرة التي أطلقتها مؤسسات حكومية عدة، أبرزها محطة التفتيش المالي، وكذلك هيئة أرباب العمل، وقال إن «الرئيس كان واضحا جدا عندما قال إنه سيواجه الإجراءات» القضائية من دون أن يغادر منصبه.
ويطالب المتظاهرون أيضا بإرجاء الانتخابات على أمل إصلاح النظام السياسي بأكمله للقضاء على الفساد المستشري فيه. وفي هذا الشأن قال المدرس خورخي سالغيرو «نحن في فترة أزمة، لكن بمعزل عن ذلك إنه تحذير للحكومة المقبلة لنقول لها إننا لسنا نائمين، وإننا مستعدون دائما».
وبعيد إصدار البرلمان قراره التاريخي بتجريد الرئيس من حصانته وفتح الباب أمام محاكمته بتهمة الفساد، منع القضاء في غواتيمالا الرئيس بيريز من مغادرة البلاد، وذلك في سابقة من نوعها في تاريخ هذا البلد.
أما مكتب مدعي الأمة فقد أوصى أمس باستقالة الرئيس، إذ قالت هذه الهيئة، التي تعتبر الممثل القانوني للدولة في المسائل الإدارية، إنها «توصي بأن يقدم الرئيس الدستوري لجمهورية غواتيمالا استقالته حتى لا يجد نفسه في وضع يستحيل عليه الحكم فيه وقد يؤدي إلى زعزعة استقرار الأمة».
وأضاف مكتب مدعي الأمة أنه يتوجب على بيريز أن يتخلى عن الرئاسة في مواجهة الحوادث الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والقانونية الأخيرة التي تمر بها البلاد.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.