بدون إضاءة ولا ماكياج ولا حتى رجال مرافقة، نزل عدد من الفنانين إلى وسط بيروت للمشاركة في تظاهرة «طلعت ريحتكم». فهذه الحركة العفوية كما يسميها منظموها، جذبت بشكل أو بآخر نجوم الفن في لبنان، من مطربين وممثلين ومقدمي برامج وإعلاميين، للمشاركة فيها بشكل عفوي دون دعوة يتلقونها أو نداء خاص يستهدفهم من القيمين عليها.
والمعروف أن التظاهرة المذكورة بدأت تحرّكاتها الشعبيّة منذ الأسبوع المنصرم، إثر تفاقم مشكلة النفايات في لبنان وتكدسّها على الطرقات لمدة تجاوزت الشهر والنصف، دون إيجاد أي حلّ جذري لها من قبل الوزارات المعنية في ذلك. وحملت شعارات عدة أهمها الدعوة إلى وقف الفساد المستشري في البلاد، وتغيير الطاقم السياسي الموجود على الساحة منذ سنوات طويلة.
فنانون أمثال وليد توفيق وأحمد دوغان وزين العمر وملحم زين ومعين شريف وميكاييلا ونورهان وإيوان، إضافة إلى ممثلين ومخرجين وإعلاميين كرفعت طربية وميشال أبو سليمان وإيلي أيوب وعادل سرحان وطوني عيسى ونيشان ديرهاروتونيان، شمّروا عن زنودهم منذ اللحظات الأولى لانطلاقة هذه التظاهرة، وانضموا إلى بقية الناس المشاركين فيها. فنزلوا إلى وسط بيروت وبالتحديد إلى ساحتي الشهداء ورياض الصلح، يصرخون ويرددون نفس المطالب التي ينادي بها بقية المواطنين اللبنانيين.
وشكّل كلّ من معين شريف وزين العمر الحربة الأساسية لأهل الفن في هذا الإطار، بحيث وقفا في الصفوف الأمامية من التظاهرة، وأكلا نصيبهما من الضرب حينا والمياه المتدفقّة من خراطيم آليات قوى الأمن حينا آخر، بهدف تفريق المتظاهرين الذين حاول بعض المشاركين فيها، إزالة الأسلاك المعدنية الشائكة الفاصلة ما بينهم وبين مبنى السرايا الحكومي الواقع هناك.
حمل معين شريف على الأكف وقد تبنّى إطلاق حركة جديدة من ضمن التظاهرة تحت عنوان «طفح الكيل». فيما أغمي على الفنان زين العمر وهو يصرخ مساندا حركات أخرى، ك«كفى» و«بدنا نحاسبكم» اللتين تدعوان أيضا لوضع حدّ لواقع اجتماعي مزر تسبّب به إهمال المسؤولين لمطالب مواطنيهم. وذلك بعد تعرّضه لدخان انفجار قنبلة «مولوتوف» المسيلة للدموع بالقرب منه.
وبين عشية وضحاها حقق كلّ من معين شريف وزين العمر، نجومية من نوع آخر، إذ كانت لهما إطلالات عدة في برامج حوارية سياسية، عادة ما تستقطب نسبة لا يستهان بها من مشاهدي التلفزيونات اللبنانية، كبرنامج «كلام الناس» و«الأسبوع في ساعة» و«بموضوعية»، التي تعرضها قنوات الـ«إل بي سي» و«الجديد» و«إم تي في».
ولم يغب فنانون وإعلاميون آخرون عن تلك البرامج، كالممثل رفعت طربية والإعلامية جيزيل خوري والمقدّم وسام بريدي والفنان غسان صليبا، الذي تمسّك بكلمات أغنيته الشهيرة «لمعت أبواق الثورة»، لتكون عنوانا لهذه التظاهرات والتحركات الشعبية.
ومن غاب شخصيا من أهل الفن عن المشاركة في هذه التظاهرات على الأرض، لجأ إلى مواقع التواصل الاجتماعي للتعبير عن مساندته لهذه الحركات الشعبية.
فالفنان راغب علامة الذي كان موجودا خارج بيروت أثناء قيام أول تجمّع لـ«طلعت ريحتكم» على الأرض، غرّد عبر حسابه الخاص على موقع «تويتر» الإلكتروني يقول: «أنا مع كلّ تحرّك للمطالب المحقّة للشعب اللبناني.كما أني ضدّ تحويله إلى تحرّك سياسي فكل الأفرقاء السياسيين دون استثناء مسؤولون عن هذا القرف».
أما عاصي الحلاني فغرّد بدوره، مشيرًا إلى تضامنه مع المعتصمين في وسط بيروت، واصفًا ما يجري بـ«المسخرة»، مؤكدًا أنه سعيد بهذا المشهد الذي جمع كل المواطنين اللبنانيين من مختلف الطوائف في ساحة واحدة حاملين العلم اللبناني فقط.
الفنانة نجوى كرم من ناحيتها اكتفت بإعادة نشر أغنيتها «كلمة حق»، عبر صفحتها على «تويتر» أيضا وقد كتبت معلّقة: «نحنا الدولة ونحنا الصوت طلعت ريحتكم».
أما سيرين عبد النور فغرّدت بدورها معلّقة: «والله حرام عيب طلعت ريحتكم»، فيما تفاعل الممثل يوسف الخال مع المعتصمين على طريقته، إذ غرّد على حسابه على موقع «تويتر» يقول: «لن أدفع ميكانيك قبل تصليح الطرقات ولن أدفع ضريبة القيمة المضافة، ولن أصرّح للمالية قبل معرفة السارق، ولن أدفع للكهرباء غير الموجودة ولن ألتزم بنظام سارق».
ومن الفنانات اللاتي علّقن على التظاهرة عبر تغريداتهن على موقع «تويتر»، إليسا التي كتبت تقول: «من المحزن أن تشاهد تظاهرة نبيلة يقودها أناس مثقفون تتحول بقدرة قادر إلى أعمال شغب وبربرية.. قلبي يعتصر ألمًا».
أما الفنانة هيفاء وهبي اكتفت بنشر صورة كتب عليها مقولة للإمام علي بن أبي طالب تقول: «حين سكت أهل الحق عن الباطل توهّم أهل الباطل أنهم على حق»، وأرفقتها بمانشيت «طلعت ريحكتم».
والمعروف أن من بين منظمي حملة «طلعت ريحتكم» الممثلة والمخرجة اللبنانية فرح الشاعر، التي عانت الأمرين من مقصّ رقابة الأمن العام عندما منع عرض فيلمها السينمائي القصير «وهبتك المتعة».
وفي تحليل للاختصاصي الاجتماعي الدكتور عبدو قاعي، حول ظاهرة مشاركة بعض أهل الفن في هذا الحراك الشعبي قال: «الفنان بشكل عام هو شخص يتمتّع بحسّ مرهف، فبأغانيه أو بأدائه يجذب شريحة لا يستهان بها من الناس التي تحبّه أو تعشق صوته. وفي تظاهرة (طلعت ريحتكم) وحسب إحصاءات قمت بها مسبقا، هناك 7 في المائة من اللبنانيين فقط غير منوطين بحزب أو تابعين لفكر سياسي أو طائفي. فهؤلاء هم الذين شكّلوا الشرارة الأولى لهذا الحراك والتحق بهم الآخرون. وأهل الفن الذين رأيناهم إلى جانب المعتصمين، ينتمون إلى نفس هذه الفئة اللبنانية الصرفة التي أتحدث عنها والتي لا يهمّها لون اللبناني بل هويّته». وعن التأثير الذي يحققه الفنان عامة على الناس في هذا الإطار قال: «هو يلمس مباشرة إحساس المتظاهر ويحفّزه على التمسّك بمطالبه المحقّة وكأنه واحد منهم. فالفنان يتمتع بقوة تأثيرية على ناس تشبه إلى حدّ كبير تلك التي يملكها أهل السياسة ولكن الفرق أن الفنان يطال فيها إحساس الشخص الآخر فيما السياسي يلمس معتقداته وأفكاره».
بعض الفنانين اعتمدوا أساليب مختلفة للتعبير عن تضامنهم مع حملة «طلعت ريحتكم»، فمنهم من قام بتسجيل أغنية تدور كلماتها حول واقع هذا الحراك، كالفنان علاء زلزلي الذي أطلق أغنية بعنوان «طلعت ريحتكم خلص»، ويقول فيها: «طلعت ريحتكم خلص وقرفنا منكم خلص جوعتونا وبهدلتونا ما رح نرحمكم خلص». فيما غنّى شادي فرح في الموضوع نفسه يقول: «طلعت ريحتكم حلوا عنا طلعت ريحتكم خلونا نتّهنا». وفي مقابل هذه الأغاني الخفيفة والتي حصدت نجومية مؤقتة قطفها أصحابها لفترة قصيرة، فإن فنانين شباب عمدوا إلى التعبير عن انضوائهم تحت راية «طلعت ريحتكم» بطريقة ساخرة، كالمغنية جوي فياض التي عدّلت في صورة فوتوغرافية التقطتها لتمثال ساحة الشهداء، لتظهر أحدهم يمسك أنفه بأصابع يده لمنع تسلّل رائحة النفايات إليه.
8:2 دقيقة
الفنانون ينضمون إلى مظاهرات «طلعت ريحتكم»
https://aawsat.com/home/article/443286/%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%86%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86-%D9%8A%D9%86%D8%B6%D9%85%D9%88%D9%86-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D9%85%D8%B8%D8%A7%D9%87%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%C2%AB%D8%B7%D9%84%D8%B9%D8%AA-%D8%B1%D9%8A%D8%AD%D8%AA%D9%83%D9%85%C2%BB
الفنانون ينضمون إلى مظاهرات «طلعت ريحتكم»
معين شريف يطلق حملة «طفح الكيل» وزين العمر يقول «كفى» وغسان صليبا يلمّع «أبواق الثورة»
الفنانون ينضمون إلى مظاهرات «طلعت ريحتكم»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة