قبل أسابيع من الانتخابات التمهيدية.. الشتائم تتحول إلى سلاح فعال للجمهوريين في أميركا

أوباما وُصف بأنه «داعم للإرهاب».. وجيب بوش بـ«الكارثة»

أميركي يقف أمام صورة تهكمية رسمها معارضون للمرشح دونالد ترامب بنيويورك أمس احتجاجا على سياسته المناهضة للأجانب (أ.ف.ب)
أميركي يقف أمام صورة تهكمية رسمها معارضون للمرشح دونالد ترامب بنيويورك أمس احتجاجا على سياسته المناهضة للأجانب (أ.ف.ب)
TT

قبل أسابيع من الانتخابات التمهيدية.. الشتائم تتحول إلى سلاح فعال للجمهوريين في أميركا

أميركي يقف أمام صورة تهكمية رسمها معارضون للمرشح دونالد ترامب بنيويورك أمس احتجاجا على سياسته المناهضة للأجانب (أ.ف.ب)
أميركي يقف أمام صورة تهكمية رسمها معارضون للمرشح دونالد ترامب بنيويورك أمس احتجاجا على سياسته المناهضة للأجانب (أ.ف.ب)

قبل خمسة أشهر من الانتخابات التمهيدية التي تسبق الانتخابات الرئاسية الأميركية في 2016، تحول السباق نحو البيت الأبيض إلى مباراة في الشتائم لدى الفريق الجمهوري، بزعامة دونالد ترامب البارع في التنكيل بخصومه واحدا بعد الآخر.
فالملياردير الصاخب يصف الحاكم السابق لفلوريدا جيب بوش بأنه «كارثة»، ويقترح إخضاع الحاكم السابق لتكساس ريك بيري «لاختبار الذكاء»، ويعتبر المسؤولين الأميركيين الحاليين مجرد «أغبياء».
ويوجه ترامب، الذي يخوض السباق متصدرا استطلاعات الرأي، انتقاداته إلى منافسيه الـ16 الجمهوريين، وإلى المكسيك التي يقول إنها ترسل موجات من «المجرمين» إلى الولايات المتحدة. وخلال حملته لم يبق أحد بمنأى عن تأنيبه، فقد طرد الثلاثاء الماضي من مؤتمر صحافي أسهب خلاله في توجيه كلام لاذع إلى خصومه، مقدم برامج شهير يحمل الجنسية الأميركية والمكسيكية، وطلب منه أن «يعود إلى يونيفيجن»، باعتبارها المحطة الأولى في الشبكات الأميركية - اللاتينية داخل الولايات المتحدة.
وفي هذا السباق المحموم الذي يبرز ويتألق فيه كل من يحدث أكبر قدر من الصخب والضجيج، باتت العبارات الصادمة العلامة التجارية لبداية هذه الحملة الصيفية، وهذا ما تجلى واضحا في تصريحات مايك هوكابي، الذي اعتبر أن الاتفاق حول الملف النووي الإيراني يقرب الإسرائيليين من «باب المحرقة»، وفي تصريحات تيد كروز السيناتور عن تكساس، الذي اعتبر أن الرئيس باراك أوباما يدعم الإرهاب.
وفي هذا الصدد، قال الجمهوري روكي شافيز «أعتقد أن الكياسة المفقودة لدى دونالد ترامب تسيء إلى العملية السياسية»، مضيفا في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية أنه «من الضروري الانصراف إلى مناقشة مسائل مهمة، ولا أحد يستفيد من خفض مستوى النقاش عبر توجيه الشتائم إلى الناس».
من جانبها، قالت ريتا كيرك، مديرة مركز «ماغواير» للأخلاق والمسؤولة العامة في جامعة «ساذرن ميتوديست يونيفرسيتي»: «لم نشهد من قبل شخصا مثل دونالد ترامب، يعتمد السخرية بهذه الطريقة التي تتسم بهذا القدر من الجموح وقلة اللباقة»، مضيفة أن دونالد ترامب «المتبجح»، الذي قدم خلال 14 موسما برنامج «المبتدئ» الذائع الصيت «يمارس السياسة كما لو أنه يمارس تلفزيون الواقع»، فيما دعت اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري، التي أقلقها هذا التراجع في مستوى الخطاب السياسي، إلى «وقفه»، لكنه «لم يزدد إلا سوءا».
وأوضحت كيرك أن التصريحات اللاذعة تؤثر كثيرا في الأميركيين «غير الراضين» عن النظام السياسي والاقتصادي، فـ«الدونالد (كما يسمونه) بارع في الاستفادة من ورقة المرشح الصريح، البعيد عن صورة المسؤول التقليدي، لكن ملاحظاته الحادة التي تنم عن كراهية للنساء أحيانا، تثير الاستياء والغضب».
من جانبه، يقول المحلل جورج لاكوف، أستاذ اللسانيات في جامعة بيركلي في كاليفورنيا، إنه «يعرف دور المنافسة في أميركا.. فالربح يعزز السلطة ويوحي بالاحترام، وهذه قيمة أساسية لدى التيار المحافظ»، مضيفا أنه يعتقد أن دونالد ترامب «يقول عندما ينتقد خصومه: لا تكن الشخص الودود، بل كن الشخص الرابح، الشخص الذي يقرر.. وهذا ما تريده القاعدة الانتخابية الجمهورية».
وفي ظل هذا الوضع، يصمد عدد قليل من المرشحين أمام المزايدات، على غرار السيناتور ماركو روبيو، الذي ينأى بنفسه عن المهاترات، حيث قال لشبكة «إن بي سي» إنه «إذا ما أردت التعليق على كل ما يقول، ستستهلك هذه الأمور حملتي بكاملها». إلا أن القسم الأكبر منهم يختار السير على منوال رجل الأعمال ذي الحضور القوي، وكمثال على ذلك فقد اعتبره السيناتور ليندسي غراهام «أحمق بامتياز».
ومنذ دخوله الصاخب في السباق إلى البيت الأبيض، لا يكف دونالد ترامب عن استهداف جيب بوش، الذي يعد أحد أبرز خصومه الجمهوريين. وقد تهرب نجل وشقيق الرئيسين بوش السابقين، مرة أخرى الأربعاء، لدى سؤاله عن دونالد ترامب، من الإجابة بقوله «هل يتعين علينا فعلا التحدث عن هذا الرجل؟». أما روكي شافيز، المقاتل السابق في مشاة البحرية الأميركية، فقد علق على تعليقات ترامب الجريئة بقوله: «إذا ما تعاركت مع خنزير يحصل أمران: الأول توسخ نفسك، والثاني يفرح الخنزير».



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.